18-05-2024 07:19 AM بتوقيت القدس المحتلة

«المحكمة الخاصة بلبنان» تحاكم «الجديد» على «النيّات»

«المحكمة الخاصة بلبنان» تحاكم «الجديد» على «النيّات»

وخارج إطار التصاريح التمهيدية لطرفي القضية، جاء كلام الزميلة الخيّاط عن مسؤولية الصحافة والإعلام «في البحث عن حقيقة دمرت بلدنا»، ليعيد التأكيد أمام المحكمة، على دور الإعلام كسلطة رقابيّة أساسيّة، لا يمكن تجاوزها

أظهرت وقائع اليوم الأول لمحاكمة الزميلة كرمى الخيّاط وشركة تلفزيون «الجديد»، بأنّ العناصر الجرمية التي تنطوي عليها تهْمتا «التحقير وعرقلة سير العدالة»، ليست من القوّة بما يسمح بإطلاق اتهام مماثل قبل «المحكمة الخاصة بلبنان».

حكمت عبيد/ جريدة السفير

«المحكمة الخاصة بلبنان» تحاكم «الجديد» على «النيّات»باعتراف ممثل «المحكمة» في ادِّعائها على الخيّاط و»الجديد»، المحامي كينيث سكوت، فإن فحوى الشهادات تثبت «أن نيّة الجديد هي تقويض ثقة الرأي العام بالمحكمة بما في ذلك قدرتها على حماية الشهود والتدخل في سير العدالة».

إن استناد «الادِّعاء» على «النية» وحدها، يُظهر أنّ قرار رئيس المحكمة السابق القاضي دايفد باراغوانث بالادِّعاء على الخيّاط والزميل إبراهيم الأمين وعلى شركتي «الجديد» و»الأخبار»، يتجاوز هذه الواقعة بحدّ ذاتها، ويمثل رغبة المحكمة في تحويل هذه الفرصة إلى مناسبة «لرفع العصا الغليظة» على الإعلام بشكل عام، كي لا يتجرأ في مرحلة بدء المحاكمات على نشر أي وثيقة أو أي معلومات من شأنها المس في صدقيّة المحكمة، وبالتحديد صدقيّة الادِّعاء.

وباعتراف سكوت أيضاً، من خلال شاهده الأول، المحقق لدى مكتب المدعي العام جون ألين كومو، فإنّ المدعي العام هو من بادر إلى لاتصال بالشهود المزعومين، ممن تناولتهم الحلقات التلفزيوينّة الخمس التي بثتها «الجديد» (في 6 و7 و9 و10 آب من العام 2012)، ولم يتصل أي من الشهود بالمحكمة ليبلغها عن خوف أو اعتراض أو عن «خطر تعرضوا له أو أن أرزاقهم قد تضررت»، كما أوحى سكوت في تصريحه التمهيدي.

وباعتراف المحامي سكوت فإنّ تلفزيون «الجديد» قام بتحويل صور وجوه الشهود المزعومين، وإن «بالحدّ الأدنى»، كما «استخدم صورة ظليّة أعدت على الكمبيوتر، وهذا دليل إضافي على «النية» الحسنة «للجديد». وبالتالي فإن الادِّعاء، وبحسب محامي الدفاع كريم خان، «لن يتمكن من إثبات النية الجرمية من دون أي شك لعرقلة سير العدالة». وسأل خان: «لماذا لم تبث «الجديد» أياً من الأسماء، ولماذا جرى تحويل الوجوه... بالطبع، كان ذلك لحماية الشهود قبل أن تتسلم المحطة قرار المحكمة بالامتناع عن البث».

وخارج إطار التصاريح التمهيدية لطرفي القضية، جاء كلام الزميلة الخيّاط عن مسؤولية الصحافة والإعلام «في البحث عن حقيقة دمرت بلدنا»، ليعيد التأكيد أمام المحكمة، على دور الإعلام كسلطة رقابيّة أساسيّة، لا يمكن تجاوزها أو تقويضها تحت عناوين «الضوابط والحماية المشروعة لمصالح المجتمع الأخرى»، بحسب سكوت.

إن مصالح لبنان ومجتمعه تكمن في الدور الذي رسمته لنفسها محطة «الجديد»... «دورنا مساءلة السلطات واستقصاء دهاليز الفساد، الكشف عنها وحماية الحق والمال العام، هذا تحديداً ما نمارسه نحن في قناة «الجديد» مع جميع الأحزاب والسلطات السياسية والدوائر الرسمية في بلدنا»، كما قالت الخيّاط في مداخلة خلال جلسة الأمس (النص الكامل على الموقع الالكتروني).

وكان القاضي الناظر بالقضية نيكولا لتييري استهّل الجلسة بقرار شفهي منع «الادِّعاء» من طرح أسئلة على الشاهد لم يكن قد سلّم الدفاع الوثائق المتصلة بها. ثم عرض المحامي سكوت لقضيته، واصفاً تقويض قدرة المحكمة على جمع الأدلة وتقديمها «بالخطر الحقيقي». وأضاف: «لو امتنع الشهود عن المجيء إلى هذه المحكمة فهل يعني ذلك أن المحكمة انتهت ولا يعود لها وجود ويمكنك أن تعود (حضرة القاضي) أنت إلى ديارك وأنا أعود إلى دياري». وأشار سكوت إلى استخدام الجديد الكاميرات السريّة وبعض عمليات الاستدراج خلال إعدادها الحلقات التلفزيونيّة. وأشار إلى تجاهل «الجديد» لقرار الامتناع الصادر عن قاضي الإجراءات التمهيدية دانيال فرانسين.

«المحكمة الخاصة بلبنان» تحاكم «الجديد» على «النيّات»من جهته قال المحامي خان إن «الادِّعاء لم يدَّع أنَّ هناك شهوداً فعليين خاضعين لتدابير حماية، بموجب قرار صادر عن المحكمة قد عرقلوا سير العدالة»، وأضاف: «القول إنه بسبب صحافي أو هيئة عامة تقوّض الثقة بنظام قانوني، هذا تصريح تافه». وأكد أنّ «ما من نية جرمية، والجميع يؤمن ببراءة «الجديد» والخيّاط التي أتت طوعاً إلى قاعة هذه المحكمة، وهي المتهمة الأولى في تاريخ هذه المحكمة، للمثول هنا وللتعاون ولإثبات عدم مسؤوليتها، وهذا دليل بحدّ ذاته».

بدورها، وفي سياق المداخلة التمهيدية للدفاع، ألقت الخيّاط كلمة تناولت فيها دور الإعلام الاستقصائي والظروف الأمنية والاقتصادية التي يمر فيها لبنان، إذ أنّ «ثلاثين في المئة من شعبنا يعيش تحت خط الفقر... ولأن نصف مليار دولار منحت لهذه المحكمة من أموال الشعب اللبناني، فيما جيشنا الذي يستشهد يومياً، لم يحظَ بمجد هذا المال ويعيش على هبات طويلة الوعد».

وبعد المداخلات التمهيدية، استُدعي الشاهد الأول كومو الذي أكد انه اتصل بالشهود بناء لتعليمات مكتب المدعي العام بعد بث الشريط الترويجي للحلقات المعدة. ولدى سؤال سكوت عن ردة فعل الشهود، اعترض المحامي خان لأن ذلك يتناقض مع قرار القاضي لتييري «بمنع الأسئلة المتصلة بمرحلة ما بعد البثّ، لعدم وجود الأدلة والوثائق لدى فريق الدفاع».

وقد جرى تعليق الجلسة ومن ثم تحويلها إلى جلسة «صامتة»، على تستكمل المحكمة جلسات المحاكمة صباح اليوم. وتزامن إدلاء كرمى الخيّاط بكلماتها أمام المحكمة، مع جملة دعم واسعة لها ولقناة «الجديد» على مواقع التواصل عبر وسم «قضاء على مين».