منذ أن امتنعت روسيا عن التصويت على مشروع القرار الخليجي الأخير بخصوص اليمن و المحللون السياسيون يحاولون التكهن بخلفيات ذلك الأمر. فروسيا لم تستخدم الفيتو ضد ذلك القرار ما أربك حسابات العديد من المراقبين.
بقلم: عبد الواحد ناصر البحراني
منذ أن امتنعت روسيا عن التصويت على مشروع القرار الخليجي الأخير بخصوص اليمن و المحللون السياسيون يحاولون التكهن بخلفيات ذلك الأمر. فروسيا لم تستخدم الفيتو ضد ذلك القرار ما أربك حسابات العديد من المراقبين.
لكن ما ان أعلنت السعودية عن إيقافها لعاصفة الحزم حتى بدأت الخيوط الخفية لحقيقة ما يجري في الأروقة المغلقة تتضح.
فقد تسربت أنباء عن خلافات كبيرة في داخل الأسرة المالكة في السعودية حول اليمن خاصة و أن الأمير محمد بن سلمان وزير الدفاع كان من أشد المتحمسين للخيار العسكري معتقداً أنه سيعيد للسعودية هيبتها و سيبقي اليمن تحت هيمنتها. إلا أنه اصطدم بمعارضة من عدد من الأفراد في الأسرة و بمعارضة شديدة من قبل ضباط في الحرس الوطني الذي كان يرأسه متعب ابن الملك السابق عبد الله بن عبد العزيز آل سعود.
و هذا ما يفسر الإعلان عن مشاركة الحرس الوطني في الضربات على اليمن قبيل ساعات فقط على إعلان وقف العمليات. أضف إلى ذلك ان أحمد العسيري المتحدث باسم عاصفة الحزم كان قد أعلن أيضاً قبل أيام عن انتهاء المرحلة الأولى من عاصفة الحزم و بدء المرحلة الثانية إلا أننا شهدنا توقفاً كاملاً للعملية برمتها ما يشير بشكل واضح إلى تخبط في اتخاذ القرارات و خلاف في داخل مراكز القرار في السعودية.
و تشير المعلومات إلى أن المملكة بدأت تخشى بشكل جدي حدوث أعمال تستهدف بعض حقول النفط فيها و أنها تلقت تحذيرات بذلك الشأن.
و ما زاد الطين بله ، الموقفان المصري و الباكستاني من المشاركة في عاصفة الحزم و الذي لم يدل على أي تعاون أو تحالف ، ما يشير إلى أن السعودية كانت وحيدة في اتخاذ القرار العسكري في اليمن و لم يشاركها فيه سوى الإمارات و الكويت و بشكل خجول جداً.
هذا الأمر بدا واضحاً أيضاً في الموقف الأمريكي الذي تجسد في الاتصال الذي تلقاه الملك سلمان من الرئيس باراك أوباما و الذي أوضح فيه أن واشنطن تتعهد بحماية أمن المملكة في حال تعرضها لخطر. و هذا الموقف لا يختلف عن الموقف المصري في شيء إلا أنه يشير إلى ابتعاد تلك الدول عن الهجوم على اليمن و بقاء السعودية وحيدة في الميدان.
و ازدادت الضغوط على السعودية أكثر بعد أن ارتفعت أعداد الضحايا من المدنيين الأبرياء و عدم وجود أهداف عسكرية حقيقية يمكن استهدافها سوى البنى التحتية و الخدمية للشعب اليمني.
و بدا للجميع سواء أكانوا من حلفاء السعودية أو من يعارضها أن هذه الحرب خاسرة منذ البداية لذا عمدت الدبلوماسية الروسية إلى محاولات لإنزال السعودية من على الشجرة فكانت المبادرة الإيرانية التي ارتضتها السعودية دون أن تعلن عن ذلك صراحة و لكنها استعاضت عن ذلك بقرار إيقاف العمليات.
و فجأة انقلب الموقف السعودي 180 درجة من عاصفة تدمر و تقتل إلى إعادة الأمل و ذلك بتوجه سعودي جديد يهدف أولا ً لامتصاص الغضب اليمني الكبير حتى في صفوف مؤيديها و ذلك بعد مشاهد القتل و الدمار و ثانياً لإقناع أنصار الله بالحوار مجدداً مع طرف يدعمونه و يؤيدوه ممثلاً بالرئيس اليمني عبد ربه منصور.
و قد دعا هذا الأخير الحوثيين للحوار في خطاب ألقاه عشية إعلان وقف عاصفة الحزم في إشارة واضحة بقبول السعودية بالحوار مع الاطراف التي كانت تعتبرها انقلابية و شنت الحرب ضدها.
لكن سواء أجلس اليمنيون إلى طاولة الحوار أم لا فإن الملف اليمني اليوم لم يعد تحت سيطرة السعودية فقط و إنما بدا واضحاً اليوم أن روسيا و إيران باتتا أطراًفاً مشاركة و بفعالية كبيرة فيه. و هذا ما فسر أن التوقع بإيقاف عاصفة الحزم قد جاء على لسان مساعد وزير الخارجية الإيرانية أمير حسين عبد اللهيان الذي أعلن أن عاصفة الحزم ستتوقف بعد ساعات قبل أن يتم ذلك فعلاً.
و بحسب عديد من المراقبين فإن هذا الإعلان المفاجىء بإنهاء عاصفة الحزم سيكون له آثار كبيرة على مستقبل الدور السعودي في المنطقة خاصة و أن حلفاءها لم يعودا يثقون بقدرتها على إدارة الملفات الحساسة. و سيكون على السعودية منذ هذه اللحظة أن تتحمل فاتورة باهظة لسياساتها التي قد يكون من أبرز نتائجها الإطاحة بحكم آل سعود بأكمله.
موقع المنار غير مسؤول عن النص وهو يعبّر عن وجهة نظر كاتبه