الرجل الذي من المفترض ان يحكم بلد الحرب الاهلية اليمن لا يستطيع حتى التحكم بنظارته
الرجل الذي من المفترض ان يحكم بلد الحرب الاهلية اليمن لا يستطيع حتى التحكم بنظارته. فخلال توجه الرئيس عبد ربه هادي الى شعبه في ليلة الاربعاء كان إطار نظارته منحرفا على أنفه. في كلمته شكر هادي "اخوته العرب و المسلمين" للعملية العسكرية ضد الحوثيين الثوار المتمردين في اليمن.
بشكل مفاجئ أعلنت المملكة العربية السعودية نهاية عمليّة "عاصفة الحزم" بناءا على طلب هادي, حسب زعمهم. الغارات الجوية على أهداف في اليمن تم ايقافها, الا ان قوات التحالف ستستمر باجراء "عمليات ضد الارهاب" على مليشيا الحوثيين, نقلا عن أحمد عسيري المتحدث باسم التحالف العسكري الذي تقوده السعودية.
البيت الحاكم في الرياض يدعي أن الهجوم ضد الحوثيين قد حقق أهدافه. لكن الحقيقة تبدو مختلفة: بالرغم من القصف الكثير الا ان الثوار/ المتمردين بالكاد خسروا جزء من أماكن سيطرتهم, فما زالوا يسيطرون على العاصمة صنعاء و أجزاء كبيرة من البلاد. في الحقيقة مازال الرئيس المخلوع جالسا في المنفى في السعودية ومن هناك أيضا أصدر خطابه في الليل.
لقد نجح الجيش السعودي حتى الان في تدمير تراسانات الاسلحة فقط التي استوالى عليها الحوثيون كمستودع الصواريخ في صنعاء على سبيل المثال. الان تحاول الرياض الترويج لهذا و كأنه نجاح لعمليتهم, فكما قال المتحدث الرسمي العسيري: "تحققت هذه الاهداف من خلال التخطيط الجيد و التنفيذ الدقيق جدا و الشجاعة لدى طيارينا و القوات البحرية". هذا الادعاء لا يتفق ايضا مع الواقع حيث ان خطوات السعودية في الاسابيع الماضية اتسمت بالكثير من الفوضى.
أ- في البداية تم إعلان مشاركة عشر دول في هذا التحالف ضد الحوثيين, و لكن بعد ذلك خرجت بعض الدول و ترددت او اقتصرت مشاركتها بصورة شكلية فقط كباكستان و السودان و المغرب.
ب- الاعلان من السعودية و مصر لغزو بري وشيك و لكنه لم يتم بعد ذلك.
ج- ساعات قليلة قبل إعلان انهاء العملية العسكرية وجه الملك سلمان لتجهيز و تعبئة الحرس الوطني.
أضافة الى ذلك لا يمكن الحديث عن الدقة في العمليات أبدا: فبناء على معلومات منظمة الصحة العالمية تسببت الغارات الجوية بقتل اكثر من 900 مدني و جرح اكثر من 3500. إن القوات الجوية السعودية قامت بقصف مخيمات اللاجئين و المستودع الغذائي للمؤسسة أوكسفام الخيرية وقد قتلت فقط في يوم الاثنين في صنعاء 25 مدنيا. لذلك يفترض ان الولايات المتحدة الامريكية قامت بالضغط على الرياض لانهاء الضربات الجوية, فقد قال مسؤول حكومي لصحيفة "النيويورك تايمز" أن "الأضرار الجانبية كبيرة جدا".
في وئام نادر رحبت كلا من الولايات المتحدة الامريكية وايران بنهاية الهجوم, فقد قالت المتحدثة باسم الخارجية الايرانية مرضية أفخم "لقد أكدنا مرارا انه لا يوجد حل عسكري للأزمة في اليمن"، لذلك فإن إعلان وقف العمليات من السعودية فهو خطوة في الاتجاه الصحيح.
نائب الرئيس بحاح ربما يستلم زمام الامور
قبل بضع ساعات سابقاً أعلن ممثل وزير الخارجية الايرانية حسين امير عبد اللهيان وقف اطلاق النار في اليمن، هذا يقود الى التكهن بأن السعودية و ايران, التي تدعم المليشيا الحوثية يتفاوضون على تسوية للصراع على السلطة في اليمن. قد يكون ترك هادي لمنصبه نهائيا و تسليمه منصبه لخالد بحاح تسوية محتملة، فصاحب الخمسين عاما يعتبر سياسي يمكن أن يقبل به الحوثيون على رأس الدولة. في الاسبوع الماضي فقط تم تعيينه نائبا لهادي, هذا يشير الى أن السعودية تجهز لتسليم السلطة الى بحاح، لكن حتى مع ذلك فلن تنتهي الأزمة المستديمة في اليمن فمنذ دخول الحوثيين في سبتمبر 2014 الى صنعاء حاولت الامم المتحدة مرارا توزيع السلطة ولكن دون جدوى. السعودية تعتبر المتمردين, الذين يمثلون ثلث المجتمع اليمني, دائما على انهم إرهابيون, و على انه يتم التحكم بهم من العدو اللدود ايران. من غير المحتمل ان تقبل الرياض بحكومة في صنعاء يكون للحوثيين دورا و تأثيرا كبيرا فيها.
إن الحوثيين يعتبرون طرفا واحدا من عدة أطراف في حرب اليمن الاهلية. فحضرموت المحافظة الاكبر في البلاد تقع تقريبا تحت سيطرة الارهابيين "القاعدة في جزيرة العرب" و بعض القبائل الموالين لها، هؤلاء استفادوا من الغارات السعودية و يسيطرون حاليا على المئات من الكيلومترات من سواحل خليج عدن، هؤلاء الجهاديين سيواصلون القتال من اجل نظام اسلامي, بغض النظر عمن سيحكم قريبا في صنعاء.
الخلاصة، فشلت العملية العسكرية "عاصفة الحزم" في تحقيق اهدافها, فبعد اربعة اسابيع من الحرب ومئات القتلى تريد السعودية الان حل سياسي للصراع على السلطة في اليمن. هذا أمر صعب لأسباب عدة: لأن الرياض مرغمة للتقارب مع العدو اللدود ايران, كما أن تنظيم القاعدة على وجه الخصوص قد استفاد من هذه الهجمات.
موقع المنار غير مسؤول عن النص وهو يعبّر عن وجهة نظر كاتبه