برغم ارتدادات «عاصفة الحزم»، فإن تلك العاصفة قد وضعت أوزارها، وأما الحديث عن النتائج بميزان الربح والخسارة فهذا ما ستبيّنه الأيام المقبلة.. الكلام لسفير دولة كبرى معنية بالشأن اليمني
لا تأكيد ديبلوماسياً لانتصار «عاصفة الحزم»
نبيل هيثم
برغم ارتدادات «عاصفة الحزم»، فإن تلك العاصفة قد وضعت أوزارها، وأما الحديث عن النتائج بميزان الربح والخسارة فهذا ما ستبيّنه الأيام المقبلة.. الكلام لسفير دولة كبرى معنية بالشأن اليمني.
يفضل السفير المذكور ألا يبوح بتقييمه الشخصي «فلنترك نتائج الحرب تظهر وحدها». ولكنه في كلامه المختار بعناية يتقصّد القول: «ربما هناك من أخطأ التقدير وبالغ في الخطأ، لذلك من السابق لأوانه الحديث عن انتصار. ثم هناك فرق كبير بين الانتصار الإعلامي والانتصار الحقيقي الذي له وهجه ومرتكزاته وعناصره ومكوناته ومتمماته التي تجعله أمرا ظاهرا وبيّنا غير قابل للنفي ومعترفا به حتى من قبل العدو».
«لا أرى صورة مريحة لمرحلة ما بعد الحرب السعودية على اليمن»، يقول السفير، «فكل السيناريوهات مرتبطة بالصور السوداء التي ظهّرتها تلك الحرب في القتل والتدمير، وبالمناخ الإقليمي المتوتر بالنعرات الطائفية، وبتعميق الاصطفاف السني - الشيعي، والايراني - العربي، ما يعني منطقة قائمة على قلق».
في تقييمه «العسكري» لـ «عاصفة الحزم» يعتبر السفير أنها «مستنسخة عن عمليات اسرائيلية شهدها لبنان، سواء في العام 1996 أو في العام 2006، وبالتالي لا أعرف إن كانت هذه العاصفة محل تقدير الخبراء الاستراتيجيين، أو مثارا لسخريتهم».
لم يتفاجأ السفير المذكور بإعلان السعودية وقف «عاصفة الحزم»، فثمة معطيات يملكها يفضل ألا يكشفها «هم يعرفون انه كان لا بد من هذا الوقف في نهاية المطاف فما من سبيل غير ذلك».
ما لم يقله السفير المذكور، تقول مصادر موثوقة انه توفر لبعض المراجع اللبنانية على شكل سيناريو تعود وقائعه الى أيام قليلة سبقت الإعلان السعودي عن وقف «عاصفة الحزم». وفي هذا السيناريو:
- قرر الحوثيون قبيل أيام من إعلان وقف العاصفة، الخروج من حالة «الصبر الاستراتيجي» الذي اعتمدوه منذ بداية الحرب، فعمدوا الى إعادة تجميع قواهم وتجهيزها لعمل ما في داخل الحدود اليمنية أو خارجها في الجانب السعودي.
- أرسل الايرانيون قطعا بحرية الى الساحل اليمني.
- رصد الروس الحركة الحوثية، وتعززت لديهم الخشية من ان تكون خلف تجميع القوات الحوثية، نية بشن هجوم ما في اتجاه السعودية.
- ركز الروس على الاحتمالات السلبية، واستشعروا خطرا كبيرا قد ينشأ عن مثل هذا الهجوم إن حصل.
- سارع الروس الى الاتصال بالأميركيين، فتبيّن أن الأميركيين على بيّنة من التحضيرات الحوثية، وقيام الحوثيين بهجوم بري كبير في اتجاه السعودية من ضمن الاحتمالات.
- أكد الروس للأميركيين قدرة الحوثيين على شن هجوم، وربما أصبح هذا الهجوم وشيكا، ما يعني ارتفاع مستوى الخطر، وتداعيات عمل من هذا النوع قد لا تبقى محصورة ضمن الرقعة السعودية اليمنية بل قد يشعل المنطقة برمّتها ويؤدي الى نتائج كارثية، وتحديدا في منطقة النفط.
- بعد ذلك، سارع الأميركيون الى التحرّك على ثلاثة خطوط في وقت واحد:
في الأول، إرسال قطع بحرية الى سواحل اليمن، مقرونة بالإعلان عن أن مهمة تلك القطع البحرية ليست استفزازية لإيران.
في الثاني، مسارعة وزير الخارجية الاميركية جون كيري الى الاتصال بالسعوديين ووضعهم في صورة الوضع ومخاطره، فاستشعر السعوديون الخطر ومن هنا كانت مسارعة الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز الى إعطاء الأوامر للحرس الوطني للمشاركة في «عاصفة الحزم» (ونشره على الحدود) للتصدي لأي هجوم قد يشنه الحوثيون، مع إعلان الاستنفار العام في صفوف الجيش السعودي.
في الخط الثالث، مسارعة كيري الى الاتصال بنظيره الإيراني محمد جواد ظريف، وعرض المخاطر المستجدة ربطا بالتحرّك الحوثي الوشيك، وكذلك المخاطر الكبرى التي يمكن أن تتأتى من تطور الحرب بين السعودية واليمن الى حد اشتعال المنطقة، وما يترتب على ذلك من أزمات على المستوى الإقليمي والدولي.
- أعرب الإيرانيون عن استعدادهم للمساهمة في كل ما يؤدي الى الحل السلمي في اليمن، لكن على أن يكون هناك تجاوب من قبل الجميع، بالتوازي مع وقف العمليات الحربية.
- عاد كيري واتصل بالسعوديين، وأبلغهم بموقف الإدارة الاميركية الرامي الى وقف فوري للحرب على اليمن، استجابت السعودية، وسارع البيت الأبيض الى تأكيد الحل السياسي في اليمن وبالطرق الديبلوماسية.
- أبلغ كيري الايرانيين ان السعودية قررت وقف «عاصفة الحزم». على ان أهم ما تبلغه الايرانيون من كيري هو تأكيد الدخول في عملية سياسية في اليمن، مقترحا جنيف كمكان للحوار حول اليمن، متخطيا ما ورد في قرار مجلس الأمن الدولي الذي يحدد الرياض مكانا للحوار. والأهم من ذلك، أبلغ كيري الايرانيين الموافقة (الاميركية والسعودية) على بقاء الحوثيين في الاماكن التي تمددوا اليها، بشرط ألا يتمددوا أكثر. وهذا الشرط لا يشمل المناطق التي تسيطر عليها القاعدة.
- رحب الايرانيون بوقف الحرب، ومن هنا جاء إعلان نائب وزير الخارجية الايرانية حسين أمير عبد اللهيان عن مؤشرات إيجابية للدخول في حل سياسي في اليمن.
- بعد ساعات من كلام عبد اللهيان، صدر الإعلان السعودي بوقف «العاصفة» والدخول في مرحلة «إعادة الأمل».
http://assafir.com/Article/415014
موقع المنار غير مسؤول عن النص وهو يعبّر عن وجهة نظر كاتبه