كشفت الناطقة باسم الخارجية الإيرانية مرضية أفخم، أن محمد جواد ظريف تلقى اتصالاً هاتفياً من نظيره الأميركي جون كيري، قبيل الإعلان عن وقف عدوان «عاصفة الحزم» بساعات قليلة
حبيب فياض
كشفت الناطقة باسم الخارجية الإيرانية مرضية أفخم، أن محمد جواد ظريف تلقى اتصالاً هاتفياً من نظيره الأميركي جون كيري، قبيل الإعلان عن وقف عدوان «عاصفة الحزم» بساعات قليلة. الوزيران، بحسب أفخم، تطرّقا في الاتصال الى الحديث عن الأزمة اليمنية إلى جانب المسألة النووية.
الخبر ينطوي على دلالات فائقة الأهمية، ويفتح الباب أمام مسار تفاوضي جديد بين العدوين اللدودين، قد ينعكس انفراجات في أزمات المنطقة. إذ هي من المرات النادرة، منذ ستة وثلاثين عاماً، التي يتم فيها الإعلان رسمياً عن تواصل ثنائي ومباشر بين واشنطن وطهران خارج المسألة النووية.
قبل ذلك بأيام، برزت مؤشرات توحي بإمكان دخول العلاقات بين الجانبين مرحلة جديدة من المرونة والإيجابية. فقد وجّه ظريف رسالة الى العالم عبر صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، أعلن فيها أن «مشاركة إيران البناءة تمتدّ الى ما بعد المفاوضات النووية»، حيث دعا الولايات المتحدة وحلفاءها الى «حسم خياراتهم بين التعاون والمواجهة»، معتبراً اليمن «مدخلاً جيداً لمناقشة الأزمات التي تواجهها المنطقة». بالمقابل، كان البيت الأبيض ومجلس الأمن القومي الأميركي، قد نفيا أن تكون إيران صاحبة قرار أو وصاية على الحوثيين، برغم ما تقدمه لهم من دعم عسكري.
بدأت «عاصفة الحزم» بالإعلان عنها من واشنطن وتوقفت بالإعلان عن انتهائها من طهران. الحرب على اليمن انتهت على تقاطع يُرضي الجانبين (الإيراني والأميركي)، ويقطع الطريق على حرب شاملة لا يريدها أيّ منهما. لقد أرادت واشنطن لـ «الانتصار» السعودي أن يتحقق بالقدرة على العدوان، حتى لو انتهى من دون تحقيق أهدافه. كما أرادت طهران للحوثي أن ينتصر بالصمود في وجه العدوان وإفشاله، وليس بإلحاق الهزيمة بالمعتدي. وفي خضم ذلك، انجلى غبار «العاصفة» عن كون «أنصار الله» الرقم الصعب في المعادلة اليمنية، فيما بدت المملكة السعودية طرفاً مجهّزاً للانخراط في التسويات الإقليمية.
يبدو الأمر وكأن واشنطن أرادت أن تضع المنطقة على حافة الانفجار، لحشر طهران في الزاوية ودفعها إلى التفاوض خارج المسألة النووية. من هنا، ليس مستبعَداً أن تكون «عاصفة الحزم»، في أحد وجوهها، خريطة طريق أميركية، تسهل الانتقال من الاتفاق النووي إلى التنسيق الإقليمي مع طهران.
في إيران، الموقف النهائي مما تقدّم ليس واضحاً بعد، في ظل تباين الرؤية بين الفرقاء الفاعلين. المتشدّدون من الإصلاحيين يريدون للمفاوضات تخطي المسألة النووية وصولاً الى التطبيع مع واشنطن. المتشددون من المحافظين يرفضون أصلاً مبدأ التفاوض مع واشنطن في المسألة النووية وغيرها. فيما المعتدلون من الجانبين لم يعارضوا يوماً التفاوض حول المسألة النووية. في حين يبقى موقف الأخيرين من التفاوض خارج هذه المسألة، مبهماً بانتظار الأيام المقبلة.
هل تنجح الولايات المتحدة في وضع الإيرانيين بين خياري اضطراب المنطقة أو التعاون معها؟ وما هو موقف طهران الحقيقي من التنسيق الإقليمي مع واشنطن، وذلك بمعزل عن الهامش المتاح لديبلوماسية ظريف في التفاعل الآني مع المواقف والمستجدّات؟ الجواب، لا ريب، عند «مرشد الثورة» السيّد علي خامنئي، والذي يتوقع ظهوره قريباً لوضع النقاط على الحروف، فهو صاحب الكلمة الفصل في القرار الإيراني، علماً أنه أعلن من قبل رفضه الحوار مع واشنطن، خارج إطار المسألة النووية.
http://assafir.com/Article/415177
موقع المنار غير مسؤول عن النص وهو يعبّر عن وجهة نظر كاتبه