مع بدء تطبيق قانون السير الجديد في لبنان ثمة هواجس تجتاح تفكير اللبنانيين، منها ارتفاع قيمة الغرامات التي لم تعرفها الدول الأوروبية حتى، فضلا عن حجم المخالفات الكبير المنصوصة في القانون
مع بدء تطبيق قانون السير الجديد في لبنان ثمة هواجس تجتاح تفكير اللبنانيين، منها ارتفاع قيمة الغرامات التي لم تعرفها الدول الأوروبية حتى، فضلا عن حجم المخالفات الكبير المنصوصة في القانون التي تجعل جميع اللبنانيين دون استثناء في المصيدة.
في الفئة الخامسة من المخالفات في القانون قد تجد نفسك في السجن من شهر إلى سنتين بالإضافة إلى غرامات وحجز وسحب النقاط، السؤال هو هل جهّزت الدولة سجونها لاستقبال المخالفين ؟
كيف سيستقبلون السائقين بالسجون البائسة ؟
ووضع السجون في لبنان أقل ما يقال فيه إنه يتأرجح بين السيئ والسيئ جدا واللاإنساني كما أنها تنتج مجموعة من الغاضبين الذين يخرجون إلى المجتمع لكي ينتقموا ،وماذا ستفعل الدولة في موضوع الإكتظاظ الشديد "الخانق" لجميع السجون التابعة لوزارة الداخلية ؟
68% من المجموع العام للمساجين في لبنان هم بالواقع من الأشخاص الموقوفين احتياطيا، المودعين في السجون لمدد متوسطة وطويلة ريثما تنتهي محاكمتهم، مما يؤشر الى خلل في عمل المحاكم، ان لجهة البطئ في المحاكمات، او لجهة استعمال مفرط، او حتى المخالف للقانون في بعض الأحيان، لحق التوقيف الإحتياطي فماذا ستفعل الدولة حيال هذا الأمر ؟ هل ستوقف السائقين احتياطيا ريثما تتحرك المحاكم؟
والسؤال الأبرز هل سيعود قسم من الغرامات المالية للمخالفات لإصلاح السجون نفسها وتطويرها ؟ هذا السؤال نعرف جوابه وهو طبعا لا فبحسب رئيس شعبة العلاقات العامة في قوى الأمن الداخلي الكولونيل جوزيف مسلم فإنه يقول إن "20 % من هذه الاموال تذهب الى مؤسسة قوى الامن الداخلي ككل و 20% ايضا تذهب الى صندوق البلديات والباقي يذهب الى موازنة الدولة".
ماذا عن حالة الطرقات ؟
رادارات السرعة تعمل 24/24 في كافة الاراضي اللبنانية وهي موجودة في نقاط غير ثابتة ومخفية بهدف اصطياد عدد اكبر من المخالفين على الطرقات، فهل تعمل أجهزة صيانة الطرقات لمدة ساعة في اليوم ؟ هل أنجزت البنية التحتية والفوقية؟ أين جسور المشاة ؟
والكل يعرف أن طرق لبنان لا تزال تعاني من نقص في معايير السلامة الاساسية، حيث تنتشر الحفر الصغيرة والكبيرة في عدد كبير من الطرق الفرعية والرئيسية، وتغيب عن غالبيتها الخطوط التي تحدد مسار السير فببعض الطرقات الجورة أكبر من السيارة !!
أما الإنارة فموضوع آخر فغياب الإنارة يجعلها متاهات غامضة تسبب الكثير من الحوادث على الطرقات خاصة على الأوتوسترادات الرئيسية فأين الإشارات الضوئية التحذيرية ؟ والمواطن يصل بالسلامة إلى منزله بعناية ربانية وبحظ وافر.
وعن الإزدحام فالطرق ضاقت على عدد السيارات، واصبح الازدحام المروري محطة يومية تمتد من الصباح وحتى المساء.
ومن مخاوف المواطن أيضا من القانون الجديد أنه يعطي صلاحية للشرطي أن يختار أي مخالفة تعجبه ويفرضها على المواطن حتى ولو كانت السيارة جديدة وعلى باب الشركة على سبيل المثال يوجد غبار تحت الماسحة الخ ..عدم وجود مثلث التحذير، تكرار استعمال المنبه، إخراج اليد من السيارة الخ ..
فإن كان جزء من أموال المخالفات سيذهب إلى صندوق الى مؤسسة قوى الامن الداخلي لتوزع على اللذين يعملون في قطاع السير.. هنا سيجد نفسه الشرطي امام استثمار في المخالفات لكي يجني عددا اكبر منها.
بعض الجور أكبر من السيارات.. هل التزمت الدولة بواجباتها، قبل أن تطلب من المواطن التقيد بواجباته؟
حزام أمان وتحديد النسل
أما في موضوع حزام الأمان فالقانون يفرض ان يكون هناك أحزمة امان في المقاعد الأمامية والخلفية أي 4 أحزمة فماذا سيفعل رب الأسرة الذي لديه 4 اولاد أو خمسة ويريد أن يذهب في عطلة إلى قريته مثلا هل ينقلهم على مرحتلين ؟ أو أن الدولة تقصد تحديد نسل المواطنين مثلا ؟
في موضوع صلاحية أحزمة الأمان ايضا نعرف جميعا ان عددا كبيرا من اللبنانيين لا يمكنهم امتلاك سيارات جديدة وفارهة والسيارات التي لديهم قديمة نوعا ما فماذا سيفعلون بهذا الفئة الكبيرة من الناس التي يبدو أنها ستكون الصيد الأوفر للعدد الضخم من مواد المخالفات وتفرعاتها.
المعاينة مهزلة ! ولمن تذهب أموال الميكانيك ؟
بالنسبة لمعاينة السيارات فإن رأي البعض ان هذه مهزلة لانه يمكن بكل بساطة ان يناط لشركات التأمين ان تقوم بهذه المهمة ان كانت السيارات مطابقة للمواصفات او لا، فلماذا هذه المعاناة للشعب اللبناني الذي يصطف ساعات طوال والبعض يسعى إلى الغش وتركيب دواليب وأساليب أخرى لإنجاح سياراته؟ والسؤال هنا ما نسبة تحصيل الدولة على كل معاينة لسيارة ولمن تذهب الأموال الباقية ؟
زحام وتضييع وقت
إحتكار وجشع ..
في موضوع الإحتكار فإنه مع بدء تطبيق قانون السير فقدت من الأسواق مطفأة الحريق ومثلث التحذير وعلبة الإسعافات الأولية والمواطن هنا يسأل المواطن من سيحمينا من جشع تجار الصفقات الكبيرة ، فالمطفأة مثلا ارتفع سعرها من 10 دولارات الى 30 دولارا !
مواد ضبابية
في موضوع تحديد السرعة ..كيف يمكن للمواطن أن يعرف ما هي السرعة المسموحة على الطرقات لأنه بكل بساطة لا يوجد لوحات تعلمه بذلك فهل سيضرب بالرمل ليعرف ؟ ونلاحظ وجود مادة ضبابية هي مخالفة للسيارات التي تسير دون السرعة المسموح بها وكلنا نعرف وضع الزحام فإن كانت السرعة المسموحة بها 60 كلم /س مثلا والسيارة تسير 40 كلم /س فهل ستطالها المخالفة ؟ .
من الضروري جدا تطبيق نظام سير في أي بلد من البلدان لأنه يساعد في الحفاظ على أرواح الناس ويحمي المواطن ولكن ما يحصل حاليا هو عملية اصطياد للمواطن الفقير خاصة الذي لا يملك الواسطة او النفوذ لكي تنقذه من المخالفات ولا يمكنه إجراء إتصالات تحول دون وقوع المخالفة عليه، ولو كانت اموال المخالفات تذهب إلى إصلاح وضع الطرقات كنا تفهمنا الأمر كثيرا، ولكن ان تذهب الأموال لوزارة الداخلية والقضاة ومساعدين القضاة وخزينة الدولة دون ان نعرف وجهتها فهذا أمر غير مرضي للكثير من اللبنانيين،ونذكر في الختام مقولة أنه "من أراد أن يطاع فليطلب المستطاع" .