25-11-2024 08:59 AM بتوقيت القدس المحتلة

لبنان... سباق بين النفط والطاقة البديلة

لبنان... سباق بين النفط والطاقة البديلة

يبدو أن عبارة "لبنان بلد الثروات الطبيعية" لم تعد مجرد "حلم"، يراود أبناء بلد الارز الذين لطالما تذمروا من افتقارهم الى الموارد النفطية والغازية.

Energyفي ظلّ سخونة الحديث عن ملف النفط والغاز في لبنان، وما يرافقه من انعكاسات على صعيد انعاش الوضع الاقتصادي والمالي في البلد، ورفع مداخيل الدولة وخفض كلفة الانتاج في مختلف القطاعات الانتاجية كالكهرباء والصناعة والزراعة والنقل، تبرز من جديد قضية الطاقة البديلة، بخاصة وأن دولاً كثيرة بدأت تعتمد عليها لأسباب عديدة، منها البيئية ومنها الاقتصادية.أين لبنان اليوم من استخدام الطاقة المتجددة؟ أي مستقبل ثوري ينتظر اللبنانيين؟ هل هو قطاع الطاقة البديلة أم قطاع الطاقة التقليدية؟


إيفون صعيبي 

                                                                           
لا نزال حتى الساعة على أبواب رحلة طويلة لم تبدأ بعد. غير انه عندما يتم اعلان بدء استخراج النفط، ستترتب انعكاسات ايجابية على صعيد الاقتصاد الوطني بالدرجة الاولى، كما وعلى المالية العامة، وسيختلف تصنيف لبنان ليصبح دولة غنية تملك احتياطات نفطية.


الى جانب ايفاء الدين العام وتنمية القطاعات كافة، سيتم خلق فرص عمل كثيرة، الامر الذي سيؤدي في نهاية المطاف الى تقليص نسب البطالة وزيادة الاستهلاك، وبالتالي تحريك وتنشيط العجلة الاقتصادية، وبالطبع، سوف يساهم في حل مشكلة الكهرباء.


وتتمثل ابرز الانعكاسات الاقتصادية الايجابية، بتغير صورة لبنان الخارجية حيث سيدرج ضمن لائحة الدول النفطية، وهذا ما سيعزز ثقة المستثمرين به، اضافة الى تمتعه بدور اقليمي واستراتيجي فعّال في المنطقة.


غموض


في المقابل، يرى عدد من الخبراء، وفي مقدمتهم الدكتور مروان اسكندر "أن اللبنانيين يسارعون الى توقع أمور من الممكن ألا تتحقق في المستقبل القريب. فبالرغم من ان الدراسات والمسوحات التي أجريت، تشير الى وجود مخزون من الغاز والنفط في بحر لبنان، الا اننا لا نزال نجهل كلفة الانتاج وسعر المنتج ونسب توزيع الحصص، وما اذا كانت هذه المواد النفطية صالحة للاستخدام أم لا. لذلك من الاجدى السعي للحصول على مصادر طاقة بديلة، نظراً لاستغراق عملية استخراج النفط وتسويقه وبيعه ما لا يقل عن ثماني سنوات من تاريخ بدء العمل".

يضيف اسكندر: "من المتوقع ان تزداد قيمة الدين العام نهاية العام الحالي، 5 مليارات دولار اضافية بحسب وزارة المال، لتصبح القيمة الاجمالية حوالى 72 مليار. كيف اذا يتم التأكد من ان الثروات المفترضة تغطي 100 مليار دين العام قبل الغوص بالحديث عن الارباح والتصدير؟"


حتى الآن لا يزال اللبنانيون يجهلون الكمية الحقيقية للنفط والغاز في البحر، وهذا يؤدي حتماً الى عدم إمكانية تحديد ما إذا كان الغاز الموجود يتمتع بمستوى تنافسي في السوق المحلية والعالمية أم لا.


في الانتظار


بانتظار ان يتحقق هذا الحلم، يعتبر كثيرون أن لا بدّ من الاستفادة من الطاقة المتجددة التي يتمتع لبنان بكمّ هائل منها، والتي إذا استُغلّت بطريقة علمية ومدروسة، ستوفر الكثير على خزينة الدولة، إضافة الى تخفيف عجز مؤسسة كهرباء لبنان.


من جهة أخرى، فإنّ الطاقات البديلة مصدر صديق للبيئة، على عكس المشتقات النفطية التي كلما أفرط في استخدامها، ازدادت الأضرار البيئية، وازدادت معها الانعكاسات السلبية على الصحة، وحكماً فواتير الاستشفاء.


يُعتبر لبنان من البلدان المؤهلة لبناء محطات طاقة ذات قدرة انتاجية مرتفعة في مناطق مختلفة، لكن العائق الأهم يكمن في الكلفة المرتفعة لأنظمة الطاقة البديلة وغياب التمويل اللازم.


تكامل لا تعارض


بدأ عدد من دول منطقة الشرق الأوسط، الاعتماد على الطاقة الشمسية لدعم القطاع الكهربائي، في ظل ارتفاع أسعار الطاقات غير المتجددة وتلاعب أسعار النفط. في حين لا يزال لبنان متأخراً على هذا الصعيد، رغم امتلاكه ثروة شمسية وافرة تمتد معظم أيام السنة، ناهيك عن الثروة المائية التي لا يُستفاد منها.


عن هذا الموضوع، يشير بيار الخوري المدير العام للمركز اللبناني لحفظ الطاقة إلى أن "موضوع الطاقة المتجددة ليس جديداً، فقد بدأ العمل على المشاريع منذ حوالى 10 سنوات، الا ان التنفيذ الفعلي بدأ منذ ثلاث سنوات، عندما قرر مصرف لبنان تمويل المشروع، وحدّدت سنة 2020 هدفاً استراتيجياً لتعميم السخانات بالطاقة الشمسية في كل لبنان".

يشرح الخوري: "إن الطاقات المتجددة تسهم في 12% من إجمالي الانتاج الكهربائي، من هذا المنطلق فإن قطاع الطاقات المتجددة يكمّل قطاع النفط والغاز، لذلك تعمل الوزارة على تطوير القطاعين بشكل متوازٍ. فلبنان سيستفيد بنسبة 12% من الطاقات المتجددة مع حلول عام 2020 فيما تبقى 88% للطاقة التقليدية النفطية. وفقاً لهذه المعطيات يمكن القول إن قطاع الطاقة المستدامة والتقليدية يتكاملان من أجل مستقبل مزدهر".


ويتابع: "إن قدرة لبنان الطاقوية الفعلية تتخطى 20% غير ان نسبة الاستهلاك لا تتعدى 12%، وذلك بسبب التحديات الادارية والمالية والتقنية والسياسية فمجلس الوزراء عام 2009 هو الذي اشترط ان تكون النسبة 12% غير ان لبنان اليوم بحاجة لزيادة هذه النسبة بخاصة أن الامكانيات في هذا المجال لا سيما على صعيد الكهرباء والصناعة هائلة، لكن ما ينقص هو القرار السياسي وخطط التمويل".


يبدو أن عبارة "لبنان بلد الثروات الطبيعية" لم تعد مجرد "حلم"، يراود أبناء بلد الارز الذين لطالما تذمروا من افتقارهم الى الموارد النفطية والغازية. لقد دخل لبنان مرحلة جديدة، لكن يبقى السؤال كيف سيكون شكلها النهائي؟