28-11-2024 02:37 PM بتوقيت القدس المحتلة

لويس حبيقة لموقع المنار: تصحيح الأجور واجب.. والحل الوسط متوفر

لويس حبيقة لموقع المنار:
تصحيح الأجور واجب.. والحل الوسط متوفر

كشف الخبير الاقتصادي د. لويس حبيقة عن حل وسط من شأنه إنهاء الأزمة التي نشبت بين الاتحاد العمالي العام والهيئات الاقتصادية وذلك برفع الحدّ الأدنى للأجور من 500 ألف ليرة لبنانية إلى 750 ألف.

حسين عاصي

الاضراب ليس بمصلحة أحد ولا بدّ من تفادي لعبته
الرؤساء الثلاثة دخلوا على خط الأزمة وهذا أمر جيد
السجالات الاعلامية.. "شد حبال" اللحظة الأخيرة
لزيادة واقعية للأجور تصب بخدمة الشركات والعمال
رفع الأسعار هو مبرّر لتصحيح الأجور وليس العكس
الحل الحقيقي يكمن باعتماد تصحيح سنوي للأجور

 

كشف الخبير الاقتصادي د. لويس حبيقة عن حل وسط من شأنه إنهاء الأزمة التي نشبت بين الاتحاد العمالي العام والهيئات الاقتصادية على خلفية مطلب رفع الحدّ الأدنى للأجور، مقترحاً تصحيحاً كاملاً للأجور يقوم على مبدأ اعتماد الشطور بزيادة الأجور، وذلك برفع الحدّ الأدنى للأجور من 500 ألف ليرة لبنانية إلى 750 ألف أي باعتماد زيادة خمسين في المئة على الأجر، على أن تُرفع الشطور الاضافية بنسب أقل يمكن الاتفاق عليها بسهولة.
وفي حديث خاص لموقع "المنار" الالكتروني، شدّد حبيقة على وجوب تصحيح الأجور في نهاية المطاف، معرباً عن اعتقاده بإمكان التوصل لحل للأزمة خلال الساعات القليلة المقبلة، مستبعداً أن يبقى الاضراب المقرّر يوم الأربعاء المقبل قائمأً، مشدّداً على أنّ الاضراب ليس من مصلحة أحد.
وفيما نفى وجود أيّ رابط على الاطلاق بين غلاء الأسعار والأجور، لفت إلى أنّ الحلّ المنطقي والطبيعي لقضية الأجور يقوم على تصحيح سنوي للأجور بنسبة تتراوح بين 4 و5 في المئة، مشيراً إلى أنّ هذا التصحيح معتمَد في الدول المتقدّمة وقد أثبت أهليّته.

الاتفاق إلزامي..

الدكتور لويس حبيقة أكّد لموقع المنار وجوب تصحيح الأجور، مشيراً إلى أنّ أيّ مقاربة لحلّ الأزمة الناشئة بين الاتحاد العمّالي العام والهيئات الاقتصادية لا بدّ أن تنطلق من هذه القاعدة الأساسية، معرباً عن اعتقاده بأنّ الأزمة ستُحَلّ بطريقة إيجابية في الساعات الثماني والأربعين المقبلة، وذلك لتلافي الاضراب المعلَن من قِبَل الاتحاد العمالي يوم الأربعاء المقبل. ورأى حبيقة أنّ أحداً ليس مستعداً للدخول في لعبة الاضرابات في الوقت الراهن، مشدداً على أنّ الاتفاق بين الاتحاد العمالي العام والهيئات الاقتصادية إلزامي وليس اختيارياً.
وكشف حبيقة عن حل وسط طرحه قبل أيام من شأنه إنهاء الأزمة القائمة، معرباً عن اعتقاده بأنّ الاتحاد العمالي العام قد يسير به أكثر من أرباب العمل. ولكنّه لفت إلى أنه مطمئن لكون رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي ورئيس المجلس النيابي نبيه بري دخلوا على خط الأزمة، في محاولة لايجاد حل وسط إيجابي، مشدداً على أنّ الرؤساء الثلاثة لن يسمحوا بفلتان الأوضاع.

من 500 إلى 750 ألف..

وفيما أعرب د. حبيقة عن اعتقاده بأنّ الاتحاد العمالي العام سيعلّق إضرابه في نهاية المطاف باعتبار أنّ الاضراب ليس في مصلحة أحد، لفت إلى أنّ هناك وعياً كافياً لدى الفريقين لتجنّب كل ما من شأنه تعكير صفو الاستقرار. ورأى أن السجالات الاعلامية على خلفية هذا الموضوع تأتي في سياق "شدّ حبال" ربع الساعة الأخير.
ورداً على سؤال عن طبيعة الحل الوسط الذي اقترحه، كشف حبيقة أنه يقوم على مبدأ اعتماد الشطور بزيادة الأجور، بمعنى أنّ تصحيح الأجور لا يقوم فقط على مبدأ رفع الحد الأدنى للأجور بل على تصحيح كامل للأجور. وأوضح أنّ أول 500 ألف من المعاش تخضع لـ50% زيادة، ما يعني أنّ الحد الأدنى للأجور يرتفع من 500 ألف ليرة لبنانية إلى 750 ألف، فيما تخضع ثاني 500 ألف لـ40% زيادة وثالث 500 ألف لـ30% زيادة ورابع 500 ألف لـ20% زيادة، بينما تخضع المعاشات التي تتخطى المليوني ليرة لبنانية لـ10% زيادة على أن يكون سقف الزيادة هو مليون ليرة لبنانية.
وأوضح حبيقة أنّ ما سبق يشكّل زيادة واقعية للأجور تصب في نفس الوقت في مصلحة الشركات والعمال ولا تحدث تضخما، مشيراً إلى أنه، ووفق هذه الصيغة، فإنّ من له أجر مليون ليرة شهريا يصبح مليون و450 ألف ومن يبلغ أجره مليونين يصبح مليونين و700 ألف ويمكن وضع سقف مليون ليرة مثلا للزيادة الشهرية.

التصحيح السنوي للأجور.. أوتوماتيكي!

ورداً على سؤال عن المخاوف من وجود انعكاسات سلبية لزيادة الأجور على الوضع الاقتصادي العام خصوصاً أنّ الأسعار ارتفعت بشكل كبير بمجرّد أن تمّ الحديث عن تصحيح للأجور وقبل أن يُترجَم هذا التصحيح على أرض الواقع، استبعد الدكتور حبيقة هذا النوع من الانعكاسات، موضحاً أن لا علاقة بين الغلاء والأجور على الاطلاق. وقال: "فلنفترض أن هذا الربط صحيح، فهو يثبت ضرورة تصحيح الأجور دون أي تأخير أو مماطلة، إذ من غير المنطقي أن تجعل الأسعار ترتفع فيما تبقى الأجور على حالها".
وشدّد حبيقة أن لا رابط على الاطلاق بين الغلاء والأجور، مشيراً إلى أنّ الحديث عن تضخّم وما إلى ذلك لم يكن سوى حجّة للتهويل على العمّال والرأي العام، مؤكداً أنّ الأساس يبقى تصحيح الأجور بشكل كامل. وإذ رأى أنّ رفع الأسعار هو مبرّر لتصحيح الأجور وليس العكس، لفت إلى أنّ الحل ليس فقط بتصحيح الأجور الآن وتجميدها على مدى السنوات الأربع أو الخمس المقبلة، بل إنّ الحلّ الحقيقي والكامل يقضي باعتماد تصحيح سنوي للأجور يتراوح بين 4 و5% زيادة.
وشرح حبيقة أنّ التصحيح السنوي للأجور يبقى الحلّ الأفضل على المدى البعيد، إذ إنّ الشركات تستوعبه باعتباره لا يتخطى الـ5% كما أنّه في الوقت عينه يريح العمّال ولا يُشعِرهم بالغبن. ولفت إلى أنّ هذا الحل معمول به في مختلف الدول ولا سيما في أوروبا وأميركا حيث بات أوتوماتيكياً، معتبراً أنّ هذا النوع من الحلول هو الطبيعي والمنطقي بدل الدخول بين الفينة والأخرى في معارك "بلا طعم" كالتي نشهدها اليوم.

الأزمة في سطور...

ظهرت الأزمة التي يشهدها اللبنانيون في هذه الأيام حين لوّح الاتحاد العمالي العام بالاضراب إذا لم يتمّ تصحيح الأجور. ويطالب الاتحاد، كما يصرّح رئيسه غسان غصن، برفع الحد الأدنى للأجور إلى 1.250.000 ليرة، وكذلك بمطلب رفع بدلات النقل من 8 إلى 16 ألف ليرة، وتعزيز المنح المدرسية، عبر زيادتها إلى مليون ليرة لكل ولد، فضلاً عن ربط التعويضات العائلية بالحد الأدنى للأجور.
في المقابل، تعارض الهيئات الاقتصادية أي زيادة على الاجور من منطلق عدم قدرة القطاعات الاقتصادية على تحمل أي أعباء في ظل الظروف الصعبة التي تجتازها، وتشدّد على ضرورة البحث في سياسة شاملة اقتصادية واجتماعية تأخذ في الاعتبار مصالح كل الافرقاء والقدرة المالية للدولة وتؤمن شبكة امان اجتماعي على المديين المتوسط والطويل الاجل وتساهم في زيادة القدرة الشرائية للمواطنين وتزيد الانتاجية وتأمين فرص عمل جديدة بدلا من اضطرار العديد من المؤسسات إلى صرف قسم من عمالها أو إقفال أبواب البعض منها.
وفيما تكثّفت اللقاءات السياسية في الساعات الأخيرة وسُجّل لقاء جمع رئيس الاتحاد العمالي العام مع وفد الهيئات الاقتصادية ولم يفضِ إلى نتيجة، برزت مواقف سياسية حاولت تقريب وجهات النظر، وهو ما أكده رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان الذي شدّد على أهمية الحوار الجدي والعقلاني بين المعنيين بما يحفظ مصالح طرفي الانتاج، وأعرب عن اعتقاده بأن الحل لموضوع زيادة الرواتب والاجور الذي يطرحه الاتحاد العمالي العام يكون بالحوار الجدي توصلا الى صوغ بنود سياسة اجتماعية شاملة تقدم رزمة اصلاحات اقتصادية واجتماعية تحقق مصالح الجميع. وفيما اكتفى رئيس المجلس النيابي نبيه بري بالقول "إن شاء الله خيراً"، أكد رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي "أن الاهتمام الحقيقي بالشأن الاجتماعي لا يعني فقط زيادة الأجور والتقديمات الإجتماعية والصحية أو رفع الحد الادنى للاجور فقط، بل اطلاق المشاريع والبرامج التي تحمي أي زيادة على الاجر من ان تتآكل وتذهب سدى، وتعزز الانتماء الوطني وتجّذر المواطن بارضه، وهذا ما ننوي فعله، بالتزامن مع الجهد المبذول لتصحيح الاجور".