كثرت التحليلات حول الحرب التي خاضتها السعودية ضد اليمن، فمنهم من قال أنها ورقة امريكية من أجل الضغط على إيران لتقديم التنازلات في الملف النووي، ومنهم من قال بأنها قرار سعودي
هاني قاسم
كثرت التحليلات حول الحرب التي خاضتها السعودية ضد اليمن، فمنهم من قال أنها ورقة امريكية من أجل الضغط على إيران لتقديم التنازلات في الملف النووي، ومنهم من قال بأنها قرار سعودي، التي تخاف من التمدد الايراني في اليمن، نظراً لاهميته الاقتصادية، ولانه يشكل حديقة خلفية لها, ومنهم من قال بانها حرب اسرائيلية، خاضتها السعودية بالوكالة عنها، للضغط على امريكا لمنعها من توقيع الاتفاق النووي مع ايران، خوفاً من تداعيات هذا الاتفاق، الذي سيؤسس لعلاقة اقليمية جديدة في المنطقة بين اميركا وايران، وسوف يكون لها تاثيرات ايجابية على مستوى الازمات فيها.
تنشأ العلاقات بين الدول بشكل عام على قاعدة المصالح المشتركة فيما بينها, وتتحول الى عداوة إذا ما تضاربت مصالحها.
يختلف الامر بالنسبة لايران، لان علاقاتها مع الدول الاخرى، ترتكز على الفكر الديني، الذي يزين الامور بميزان الحق والباطل وليس بميزان المصلحة.
هذا المرتكز الديني في علاقة ايران مع الاخرين،كان السبب الاساس، في دعمها لفصائل المقاومة في فلسطين ودعمها المقاومة الاسلامية في لبنان ودعمها النظام في سوريا والعراق ودعمها الشعب اليمني المستضعف، ما جلب لها العديد من المشاكل مع الدول الكبرى والدول العربية التابعة لها.
اما العلاقة التي ستنشأبين ايران و امريكا بعد الاتفاق النووي، فهي لا تعني بان ايران ستصبح حليفاً لامريكا في المنطقة، وستتقاسم النفوذ معها،على قاعدة هذا لي وهذا لك, بل ستعمل على نصرة الشعب المظلوم واستعادة ثرواته التي نهبت ومساعدة الشعب الفلسطيني لاستعادة ارضه، وهذا ما يؤشر على ان هذه العلاقة دونها صعوبات كثيرة وستتأزم من جديد، لان ايران لن تكون دولة صديقة لامريكا كما قال الامام الخامنئي.
ان المنهج الميكافيلي الذي تعمل امريكا وفقه، وقاعدته الاساس ان الغاية تبرر الوسيلة، مبني على المصالح المشتركة حيث لا اصدقاء دائمين ولا اعداء دائمين.
ومن السهل على امريكا ان تستغني عن حلفائها إذا ما اقتضت مصالحها، كما حصل في مصر بتخليها عن مبارك، وفي تونس بتخليهاعن زين العابدين بن علي.
ومن الطبيعي ان تخاف السعودية واسرائيل من التفاهم الامريكي الايراني حول الملف النووي، والذي سيكون له آثار ايجابية على مستوى الازمات في منطقة الشرق الاوسط, وقد يؤدي الى تسويات، تأخذ بعين الاعتبار الواقع الميداني الذي فرضته ايران على العالم، بصمود بشار الاسد في سوريا، وقوة حزب الله في لبنان وتمكن الحوثيين من الصمود في اليمن في وجه العدوان السعودي الامريكي، وسيطرتهم على 80% من اراضيه.
قد تقتضي مصلحة امريكا عدم الاستجابة لمصالح حليفتها السعودية كافة ، والتعاون مع ايران بسبب نفوذها المستجد في المنطقة، ولكنها لن تفرط بالعلاقة مع اسرائيل، لانها تعتبر ان امن اسرائيل هو جزء من امنها القومي، وستوفر لها الظروف كافة، من اجل ان تبقى الدولة الاقوى في المنطقة ، في مقابل دول المنطقة، بما ينسجم مع مشروعها الذي يهدف الىى اعادة رسم معالمها من جديد، واستمرار وضع يدها على ثرواتها النفطية, لتبقى صاحبة النفوذ الاكبر في العالم.
اعلنت ايران انها مستعدة للتعاون مع الدول الكبرى لمعالجة ازمات المنطقة بعد الاتفاق النووي، ولكنها تدرك ان المشكلة الاساس مع امريكا هي في تبنيها للكيان الصهيوني المحتل لفلسطين, وان عدم عودة الشعب الفلسطيني اليها، سيبقي المنطقة على نار حامية وان حاول المتآمرون والمتخاذلون من الزعماء العرب طمرها في التراب.
موقع المنار غير مسؤول عن النص وهو يعبّر عن وجهة نظر كاتبه