ما إن أُعلن عن تشكــيل الحكومة وتوقيع اتفاق ائتلافي مع آخر الشركاء الائتلافيين المحتملين، حتى انفجرت الصراعــات داخل حزب «الليكود»
حلمي موسى
ما إن أُعلن عن تشكــيل الحكومة وتوقيع اتفاق ائتلافي مع آخر الشركاء الائتلافيين المحتملين، حتى انفجرت الصراعــات داخل حزب «الليكود»، وبلغ الأمر حــد تهديد أحــد أعضاء الحزب بالتصويت ضد الحكــومة إذا لم يُعــيّن وزيــراً، ولكن بالرغم من ذلك، تتجه الأنظــار إلى الطــريقة التي سيتــعامل بها رئيس الوزراء الاســرائيلي بنيامــين نتنــياهو مع وزراء حزب «البيت اليهودي» في ظل الشك الكبير الموجود بين الطرفين.
ومن الواضح، وفق الكثير من التقديرات، أن ما يعلنه نتنياهو من فوز في الانتخابات كان عملياً أسوأ من هزيمة، فالجميع يرون أن رئيس الحكومة اضطر لاستجداء شركائه الائتلافيين من أجل تشكيل حكومته، وأن ذروة بؤسه كانت في التعاطي مع «البيت اليهودي»، الذي أجبره على تقديم تنازلات وزارية وتنظيمية وقانونية.
ونشرت صحف إسرائيلية عدة تقارير ورسومات تبين نتنياهو كشخص مهان ومتعب بعد أن تلقى الكثير من الدروس والضربات، ومن البديهي أن الدرس الأكبر الذي تلقاه نتنياهو أتى من زعيم «إسرائيل بيتنا» أفيغدور ليبرمان، الذي رفض المشاركة في حكومة نتنياهو رغم نيله وزارتي الخارجية والزراعة بست مقاعد فقط.
ويرى معلقون أن ليبرمان وجه درساً ليس فقط لنتنياهو و»الليكود» بل أيضا للمعسكر الصهيوني، مظهراً أهمية وجدوى التمسك بالمبادئ.
في جميع الأحوال، يبدو جلياً أن هذ الحكومة تشكلت فقط من أجل إثبات قدرة نتنياهو على تشكيل حكومة أكثر مما تشكلت من أجل تحقيق برنامج مهما يكن، فالتناقضات الحادة بين أطراف هذه الحكومة وما نالته بعض هذه الأطراف من حق «فيتو» على سياسات داخلية وخارجية معينة، تثبت أن حكومة نتنياهو هي كحكومة الفراغ، فلا هي قادرة على إقرار سياسة ولا هي قادرة على تنفيذها بسبب الضعف البنيوي فيها.
ولكن معلقين يعتقدون أن نتنياهو مضطر لأن يعرض الحكومة ويبين أنها نجاح له، بالرغم من أنها إعلان فشل. وهو فشل بالمقارنة مع الحكومة السابقة التي عمد إلى التخلص منها من أجل جلب حكومة أكثر راحة له، وهي أيضا عنوان فشل بسبب تناسبها مع شعاراته الانتخابية التي لا يجد حاليا من يعيقه عن تنفيذها، لكنه في الوقت نفسه عاجز عن إقرارها.
ويؤمن معلقون بأن نتنياهو، قبل أن يعرض حكومته، يعمل حاليا على العثور على سبل للتخلص منها، فحكومة تحوي في نظره نفتالي بينت وأييلت شاكيد ـ وخصوصا في مناصب عمل بجهد من أجل إبعادهم عنها - تعتبر حكومة غير مرغوب فيها، لكن البدائل حالياً، وقبل إقرار الحكومة معدومة. ويبدو أن البدائل بعد تشكيل الحكومة، يمكن أن تكون أيضا صعبة وقد تكون مستحيلة، فلا أحد يريد إنقاذ نتنياهو الذي يبدو كساحر مات الأرنب في قبعته ولم يعد قادرا على فعل شيء جوهري.
ويجد رئيس الحكومة الاسرائيلي نفسه مضطرا لمواصلة الصدام مع أميركا ومع الفلسطينيين، وعاجزا عن بناء تحالفات جوهرية في الإقليم، وبعيدا عن نيل الرضى من الأسرة الدولية، وهو يعرف أيضا أن هناك احتمالات لانفجار الوضع الإقليمي جزئيا أو كليا، وأن سوء العلاقات مع أميركا والاتحاد الأوروبي أمر غير مريح البتة. وفي كل الأحوال يعلم نتنياهو أن هامش حرية عمله السياسي يضيق مع مرور الوقت، وما تركيز الرئيس الأميركي باراك أوباما على موضوعي إيران وحل الدولتين إلا مجرد عنوان عما هو قادم.
ولكن نتنياهو الذي تحدى أميركا يؤمن بقدرته أيضا على تحدي الأسرة الدولية. لكن هذا الإيمان لا يسري كثيرا على تحدي خصومه الداخليين، فقد برهن أن قدرته في مواجهة أوباما أعظم من قدرته على مواجهة بينت أو ليبرمان، ومن الجائز أيضا أن قدرته على تحدي خصومه داخل «الليكود» أقل من قدرته على تحدي خصومه خارجه.
وهنا، يبدو أن مساعيه لإغراء «المعسكر الصهيوني» لدخول حكومته، خلافاً لتعهداته السابقة، فشلت، على الأقل حتى الآن، وقد أعلن اسحق هرتسوغ أن على نتنياهو أن يعيد التكليف بتشكيل حكومة إلى الرئيس الإسرائيلي لتكليف شخص آخر بتشكيل حكومة أقدر على مواجهة المخاطر والتحديات.
وانطلق هرتسوغ من التهديد الذي أطلقه النائب عن «الليكود» أيوب قرا، لنتنياهو بأنه لن يؤيد الحكومة إذا لم يعين وزيراً. ويبدو أن هرتسوغ يتطلع لإسقاط نتنياهو أو لإجباره على الاعتراف به شريكاً في «حكومة وحدة وطنية» تدار بالتناوب بينهما. وقد بدأ هرتسوغ مشاوراته بهذا الشأن، خصوصاً مع «هناك مستقبل» بزعامة يائير لبيد وبهدف منع نتنياهو من توسيع حكومته لاحقا.
ومن المعروف أن نتنياهو ينوي قبل عرض حكومته على الكنيست تعديل القانون بما يسمح بتوسيع الحكومة لإدخال أكبر عدد من الوزراء إليها، وهو يعتقد أن توزير الغاضبين كفيل بتوفير مساحة هدوء واستقرار لحكومته، لكن الوضع لا يبدو كذلك لأن المطلوب في النهاية قرارات من الحكومة في شؤون اقتصادية واجتماعية وسياسية وجميعها موضع خلاف.
وحكومة نتنياهو وفق «هآرتس» حكومة سيئة لكنها وفق ناحوم بارنيع في «يديعوت» حكومة «مؤقتة». واعتبر بارنيع أن نتنياهو وشريكه في «البيت اليهودي» نفتالي بينت أدارا المفاوضات بطريقة «الروليت الروسية»، وفي نظره «حمل كل واحد منهما مسدساً مشحوناً أمام رأسه. بينت خاطر في أن يتهم بعرقلة إقامة حكومة يمينية وبشق الطريق لإقامة حكومة برئاسة هرتسوغ؛ نتنياهو خاطر بإعادة التفويض الى الرئيس. في حزب البيت اليهودي عملوا على خطة بديلة: اذا لم يتوصلوا الى اتفاق مع نتنياهو، فسيقترحون على الرئيس تكليف عضو كنيست ليكودي آخر بتشكيل الحكومة... ولم تكن لدى نتنياهو خطة بديلة».
وخلص بارنيع إلى أنه «بانعدام البديل، استسلم نتنياهو. ابتلع كل الأقراص المريرة التي أعدّها له بينت، وعلى رأسها تعيين آييلت شكيد وزيرة للعدل. لقد كان هذا انتصارا بالضربة القاضية، مارس تركي».
http://assafir.com/Article/418588
موقع المنار غير مسؤول عن النص وهو يعبّر عن وجهة نظر كاتبه