23-11-2024 07:40 PM بتوقيت القدس المحتلة

عون يخاطب اللبنانيين: لا مشاركة = لا دولة

عون يخاطب اللبنانيين: لا مشاركة = لا دولة

ما ان يخبو قليلا الخلاف على التعيينات العسكرية والامنية حتى يشتعل مجددا. بات يختصر لدى الرئيس ميشال عون مشكلة النظام برمته وتقويض المشاركة الذي يعني ـ بالنسبة اليه ـ عدم جدوى وجود الدولة وانتخاب رئيس لها

 

 

 نقولا ناصيف

 

ما ان يخبو قليلا الخلاف على التعيينات العسكرية والامنية حتى يشتعل مجددا. بات يختصر لدى الرئيس ميشال عون مشكلة النظام برمته وتقويض المشاركة الذي يعني ـ بالنسبة اليه ـ عدم جدوى وجود الدولة وانتخاب رئيس لها.

يتجه الرئيس ميشال عون، في الايام القليلة المقبلة، الى تصعيد الموقف السياسي على نحو يتجاوز التعيينات العسكرية والامنية الى مجمل المشكلة التي صار يراها تكمن في المشاركة. التصعيد الجديد الوشيك سيلي اجتماعاً استثنائياً لتكتل التغيير والاصلاح، يخرج منه رئيسه ببيان اقرب الى رسالة الى الرأي العام اللبناني، يعرض فيها رؤيته الى المرحلة المقبلة التي لا تستبعد قلب الطاولة، والخوض في خيارات لا تقف عند اي خط احمر او محظور في حساب الآخرين.

في الايام المنصرمة كان عون اكثر وضوحاً في الذهاب الى خيارات قصوى، من غير الافصاح عنها. الا انها لن تتأخر في ان تكشف عن نفسها بنفسها، تبعا لمعطيات يتحدث عنها مطلعون عن قرب على موقفه:

اولاها، ان ما ادلى به وزير الخارجية جبران باسيل، ابان جولته الاحد على قرى الضنية، بدا استباقاً لمزيد مما سيدلي به عون، ويُختصر بمعادلة اضحت بالنسبة اليه فحوى مقاربته علاقاته مع الفريق الآخر في المرحلة المقبلة: إما مشاركة او لا دولة لبنانية. وهي تنطوي على كل ما يعنيه مصير حكومة الرئيس تمام سلام والاستحقاق الرئاسي وادارة سائر المؤسسات الدستورية والوطنية بما فيها الادارات العسكرية والامنية.

ثانيها، ان عون لن يضع أوراقه كلها على الطاولة. الا انها كلها بين يديه، وسيلقي بها في الوقت المناسب. وهو مبعث تفاديه في الوقت الحاضر تحديد موقفه الفعلي مما سيقدم عليه في حال اقدم وزير الدفاع سمير مقبل على تأجيل تسريح قائد الجيش العماد جان قهوجي للمرة الثانية اشهراً اضافية. خيارات تحتمل اليقين والتكهن والشكوك في آن، وكذلك الاستقالة والاعتكاف. يتصرف الرجل على انه غير مستعجل، خلافا لخوضه في ما مضى في أحداث واستحقاقات أقبل عليها بحماسة وعجلة واستعجال، فخذلته.

ثالثها، انه ينطلق في مواقفه من مطالب مسيحية بحتة يعتبرها حقة. لذا يتمسك بها، ويسعى الى اجراء اوسع تشاور من حولها مع الافرقاء المسيحيين البارزين، أخصهم في قوى 14 آذار الذين يقاسمونه الشكوى والامتعاض من سوء احترام القاعدة الدستورية في المناصفة بين المسيحيين والمسلمين، وتبعاً لذلك المشاركة الجدية والحقيقية في الحكم، اذ تجعل الجميع متساوين امام حقوقهم. لا يتردد عون في القول، في اوساطه، انه يأمل في يزايد عليه الافرقاء المسيحيون هؤلاء في ما يتذمرون منه.

رابعها، تبدو العبارة التي بات يسمعها المحيطون برئيس تكتل التغيير والاصلاح، في الآونة الاخيرة، خير معبّر عمّا باتت عليه علاقته مع الشريك السنّي. قال امام هؤلاء انه يشعر بتجنيه احياناً على الرئيس فؤاد السنيورة بازاء ما كان يعلنه، الى ان اكتشف ان الرجل ــــ خلافاً لسواه في فريقه ــــ كان يروي حقيقة موقف تيار المستقبل ودقته من بعض الاستحقاقات والملفات. مقدار ما بدا السنيورة واضحاً في المواقف التي نفّرت عون منه، اظهر الآخرون في الفريق نفسه مكرا في التعامل.

اضحت مآخذ عون على الشريك السنّي اكثر من ان تحصى في ملفات شتى. اولها انه يقف حجر عثرة في طريق تطبيق اتفاق الطائف ويستأثر بمكاسبه كأنه الوصي عليه، وآخرها التعيينات العسكرية والامنية. كان الرئيس سعد الحريري اول مَن اقترح عليه مقايضة تعيين المدير العام لقوى الامن الداخلي بتعيين قائد جديد للجيش، وتحديداً تعيين رئيس فرع المعلومات العميد عماد عثمان وقائد فوج المغاوير العميد شامل روكز في منصبين احدهما يوشك على الشغور والآخر يعدّه عون شاغراً أساساً. ثم جاء مَن يقول لعون باسم الحريري أن يتريث قليلاً وانتظار عودته من واشنطن. الى الآن بعد العودة من هناك، لا يزال رئيس تكتل التغيير والاصلاح ينتظر الجواب الموعود لوضع ذلك الاقتراح موضع التنفيذ. الا ان احداً من ذلك الفريق لا يبدو حاضرا.

خامسها، ان عون يتحضّر لخياراته الوشيكة بالتنسيق اولا مع حليفه الرئيسي حزب الله. الا ان مروحة التنسيق تشمل ـــ عبر الحليف الرئيسي ــــ حلفاء الحليف، واخصهم اولئك الذين لا يوافقونه الرأي في المواجهة المفتوحة ضد استمرار قهوجي في قيادة الجيش، كرئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجيه. وهو بذلك مطمئن الى متانة قوة الضغط الذي سيلقي به على حكومة سلام في حال امتنع مجلس الوزراء عن اجراء التعيينات العسكرية والامنية، او صار الى تأجيل تسريح قائد الجيش وسائر الضباط الكبار المرشحين له في الجيش وقوى الامن الداخلي.

سادسها، ان قلبه الطاولة لا يجعله يتحمل وزر ما قد يقع، بل يتصرّف على ان الآخرين هم المسؤولون، بما في ذلك تجميد عمل الحكومة وتعطيل جلساتها وقراراتها، وربما ابعد من ذلك، ما لم يصر الى تدارك اي خطأ يتكرر مجددا في التعامل مع التعيينات العسكرية والامنية. على ان فتيل ذلك كله وتوقيته يكمن في ما سيؤول اليه مصير المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص الذي يحال على التقاعد بعد اقل من ثلاثة اسابيع، واحتمال تجاوز مجلس الوزراء ــــ صاحب سلطة التعيين ــــ بتأجيل تسريحه إشعاراً باجراء مماثل سيطاول قهوجي ورئيس الاركان اللواء وليد سلمان في آن. وإن تبدو احالتهما على التقاعد متأخرة الى آب لسلمان، والى ايلول لقهوجي.


http://www.al-akhbar.com/node/232729

 

موقع المنار غير مسؤول عن النص وهو يعبّر عن وجهة نظر كاتبه