22-11-2024 08:06 PM بتوقيت القدس المحتلة

"حي نقم".. شاهد على وحشية العدوان السعودي الأميركي على #اليمن

الى قلب حي النقم الشعبي توجه الفريق ظهيرة اليوم الثاني للتفجيرات العدوانية، التي تركت الكثير من القصص، بعضها لا نستطيع أن نعلم عنها شيئاً لأنها اصبحت سراً من أسرار الجثث التي ترقد في ثلاجة الموتى

تحت قدمي جبل نقم تقع الكثير من الأحياء الشعبية التي عاش معظمها هول التفجيرات الوحشية التي وصل امتدادها الى معظم احياء العاصمة. الى قلب ذلك الحي الشعبي توجه الفريق ظهيرة اليوم الثاني للتفجيرات العدوانية، التي تركت الكثير من القصص، بعضها لا نستطيع أن نعلم عنها شيئاً لأنها اصبحت سراً من أسرار الجثث التي ترقد في ثلاجة الموتى.

تتبعنا خيط الدماء الذي يحكي عن الجرحى، وعن الرعب الذي طال السكان، الرعب نفسه الذي أعقب انفجار عطان في ٢٠ نيسان/ابريل.

الجبل الذي عاش في ظله ابناء حي نقم حارة السد، كان رحيما بساكنيه، حيث دفع عنهم الحمم والشظايا التي كانت تندفع بقوة هائلة الى مناطق ابعد كشارع الرقاص، تونس وغيرها. لكن الرعب الذي خلفته الأسلحة الفتاكة من صواريخ وقنابل القيت بحقد بالغ على تلك المنطقة، ذلك الرعب، لم يعشه احد كما فعل سكان نقم.

من السور المحادي لحديقة برلين صعدنا باتجاه حارة السد. يقول ساكنوها إنها تضم ٦٠٠ الى ٧٠٠ بيت وأن أصغر أسرة فيه تتكون من تسعة افراد.

في تلك الحارة، لا تزال قصص الرعب متناثرة كتناثر شظايا الزجاج في كل بيت، والقلوب التي كانت كلها تبكي وتبحث عن طريقة للخروج من جهنم التي اشعلها العدوان بأسلحته. الجميع تبرع لينقل صورة عن الفجيعة التي عمّت الحي ،كيف امطرت السماء نيران واحجار وشاركتها البيوت بنوافذها و ابوابها وجدرانها بالسقوط. شاهد عيان روى كيف أنه شاهد الصواريخ الأولى التي استهدفت الحي، وكيف تناثرت وبدأ الناس بالخروج  خوفا، وعن الطائرة التي كانت تطير على علو منخفض.

لم يتحدث الشاهد عن نفسه كثيرا، لكنه كان متأثرا بما أصاب النساء والأطفال من رعب، ومتسائلا: كيف يمكن لمسلم أن يقتل بهذه القسوة اشخاصا لا ذنب لهم؟ يقول الشاهد "لو أن الذي أطلق الصاروخ سمع بكاء النساء وصراخ الأطفال وخوف الشيوخ، لو أنه رأى أحد رجال الحي الذي مات جراء ارتفاع الضغط عنده، لو رأى اولئك كلهم لربما رقّ قلبه وعاتبه دينه، ومنعه قرآنه من أن يفعل بنا ما فعله".

تركنا هذا الشاهد وهو ما زال يستشعر الغضب والعتب والرعب، لنقابل شاهدا آخر حدثنا أنه كان خارج صنعاء وأن زوجته واطفاله الثلاثة كانوا في المنزل، "حين سمعوا الضربة الأولى التي اهتزت لها الدنيا، ولم يستوعبوا ما حصل حتى سقط الصاروخ الثاني وكانت الضربة أشد من الاولى وبدأت البيوت بالارتجاج والتساقط ولف الذعر الجميع وبدأوا بالخروج من بيوتهم بحثا عن النجاة لكن الغبار و النيران المشتعلة والركام والشظايا جعلت النزوح صعب".

من جهته، يتحدث شاهد آخر عن اطفال اخيه الثلاثة: ميلاف (٩سنوات) ،محمد (٧ سنوات)،جانيت (4 سنوات). يقول "كنا نصرخ من الخوف انا وأخواتي وزوجة اخي والأطفال الصغار، ومع الصاروخ الثاني بدأ كل شيء يطير من حولنا وشعرنا اننا سنصاب بالأذى". يتابع الشاهد "هربنا الى منزل جدتي، وهناك حصل انفجار مدوي، على اثره دخل ضوء احمر، فهربنا مجددا مع الأولاد الى خارج الحي، وكان جميع سكان الحي يخرجون".

يذكر الشاهد أن ميلاف ابنة اخيه "تحملت أضعاف ما ينبغي لطفلة في عمرها أن تتحمله، فقد كبرت سنوات في يوم واحد". أما شاهد آخر فيتحدث عن ابنته قائلاً إنها "بسبب الرعب الذي عاشه الحي أصيبت بالجنون، وأنه قام بربطها خشية أن تفر".

أمام بوابة مدرسة غمدان كان علي محسن صالح الضالعي، أحد سكان المدينة، يردد هنا ابني ، لم نجد إلا بقايا دم فاقتربنا نسأل العم علي عن الأمر. كان الرجل حزيناً وهو يحدثنا عن عبدالرحمن الذي كان طالبا في الصف التاسع ولم يبلغ السادسة عشر من عمره، "كان هاربا من البيت مع امه واخواته، بعد أن بدأت السماء تمطر نيرانا وقنابل،أصيب بشظية في رجليه أمام بوابة المدرسة التي يدرس فيها، لكن اصابته في رجله اليمنى كانت بالغة مما أدى الى بترها".

يتابع الرجل "أصيبت والدته بالشظايا في رجليها وذهبت بهم الى مستشفى الثورة، حيث لم يتم قبولهم لأن كثرة الحالات التي كانت تصل تباعا لضحايا تفجيرات حي نقم فاقت قدرة المستشفى، فذهبت بهم الى مستشفى خاص". عاود العم علي الحديث كأنما يحدث نفسه، أنه "وهو يقطع الطريق من أمام بوابة المدرسة حيث بقايا دم ابنه باتجاه الطريق الذي جاء منه، وجد في المساء بقايا لحم متناثرة وأصابع قدم قام بدفنها".

بعد الصاروخ الأول، شهد مسجد الذكر نزوحا للنساء القريبات ظنا منهن أنه مكان آمن ولا يمكن استهدافه، لكن الصاروخ الثاني خيّب ظن الجميع وأصاب المسجد بأضرار بالغة. هذا وقد أفادتنا التقارير الأولية أن أكثر من اربعين شخصا قضوا نحبهم جراء التفجيرات التي استهدفت حي نقم، وأن هناك أكثر من ثلاثمئة جريح توزعوا على المستشفيات.

وبسبب الحصار الذي يفرضه العدوان براً وبحراً وجواً، فإن عدداً كبيراً من هؤلاء الجرحى ممن لا يمكن اسعافهم بما يحتاجونه من الدواء المناسب، مرشحون للرقود في ثلاجة الموتى.

من يزور ثلاجة الموتى يعرف أنه لا يمكن الاستمرار أكثر. من الحالات المؤثرة في العناية المركزة بقسم الجراحة في المستشفى رضوان السماوي وقيل إنه مراسل قناة السعيدة.

رضوان كان داخل شقته في الدور الثالث في شارع الرقاص، ولم يكن يخطر بباله وهو يسمع بداية الانفجار في نقم أنه هو وامه وابنة اخته سيكونون من ضحايا ذلك الانفجار. يصف الطبيب عماد النجري حالة رضوان بالسيئة ويقول  "المريض خضع لعملية بتر من أعلى قمة الرجل اليسرى، كما أنه يعاني من تهتك شبه كلي للذراع الأيمن، واذا لم تستجب ذراعه للأدوية فسيتم بترها".

غير بعيد عن رضوان، سمعنا صوت طفل  يأنّ مطالبا والده بالماء، إنه محمد عصام ناصر الذي لم يتجاوز السادسة من عمره، اصابته الشظايا في البطن مما ادّى الي تلف في الطحال.

ما بين هذا الطفل والطفلة التي جنّت والأطفال المفقودون حتى اللحظة، سجل طويل في قائمة انتهاكات بحق اطفال اليمن وانتهاكات اخرى بحق الانسان اليمني اينما كان...

تقرير انساني عن جريمة استهداف العدوان السعودي لحي نقم بعد عصر الاثنين ١١أيار/ مايو صادر عن اللجنة الوطنية لتوثيق جرائم العدوان وتنسيق جهود الاغاثة