شككت صحف غربية أميركية وبريطانية عدة بالمزاعم الاميركية التي تتهم ايران بمحاولة اغتيال السفير السعودي في واشنطن عادل الجبير ووصفتها بالرواية الهوليودية.
شككت صحف غربية أميركية وبريطانية عدة بالمزاعم الاميركية التي تتهم ايران بمحاولة اغتيال السفير السعودي في واشنطن عادل الجبير ووصفتها بالرواية الهوليودية.
وأكدت مجلة "نيوزويك" عدم وجود أدلة دامغة تدين طهران، وهذه ليست المرة الأولى التي تتهم فيها بأمور لم تفعلها، والتي توجه فيها واشنطن اتهامات غير صحيحة كأسلحة الدمار الشامل في العراق.
وفيما أكدت مجلة "أتلانتيك" أنه من الصعب أن تكون لإيران مصلحة في المخطط.
واعتبرت صحيفة "لوس أنجلس تايمز" إن الاتهام إثبات آخر على ازدواجية المعايير الأميركية التي تسمح باستمرار تصرف أميركا بكامل حريتها في العراق وأفغانستان ودول أخرى، وبقتل أعدائها على أراضي الغير كأنور العولقي في اليمن وأسامة بن لادن في باكستان.
وعلقت صحيفة "الاندبندنت" البريطانية على المخطط المزعوم على لسان باتريك كوكبورن تحت عنوان "المخطط الغريب غير منسجم مع ما يعرف عن أجهزة الاستخبارات الإيرانية". يقول الكاتب إن المزاعم التي تذهب إلى أن إيران استخدمت بائع سيارات مستعملة ومتهم سابقا بتزوير شيكات لتدبير اغتيال السفير السعودي لدى واشنطن من قبل عصابة مخدرات مكسيكية لا تستقيم مع ما يعرف عن أجهزة الاستخبارات الإيرانية من حنكة ودراية عالية.
وأضاف أن إعلان وزير العدل الأميركي، إريك هولدر، وبثقة عالية عن هذا المخطط يذكرنا بادعاء وزير الخارجية الأميركي السابق كولين باول عام 2003 وأمام الأمم المتحدة بأن واشنطن كانت تملك أدلة لا تقبل التفنيد بأن صدام حسين كان يطور أسلحة الدمار الشامل. ويرى الكاتب أن المشكلة تكمن في أن الإدارة الأميركية انخرطت في مسار يقود إلى إعلان الحرب على إيران، مضيفا أنه سيكون من الصعوبة بالنسبة إلى الولايات المتحدة التراجع عن هذه المزاعم الآن.
وتابع الكاتب أن المستفيدين من هذا المخطط المزعوم لا يمكن أن تخطئهم العين ومنهم المحافظون الجدد وغلاة أنصار إسرائيل الذين طالما دعوا إلى شن حرب على إيران. وفي الشرق الأوسط هناك السعودية والبحرين والإمارات التي تجزم وبقوة بأن إيران تدعم الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية في المنطقة لكن دون أن تجد الكثيرين ممن يصدقون روايتها للأحداث في بقية العالم لكن ستجد الآن على الأرجح في واشنطن من يتعامل مع هذه المزاعم بجدية. كما ستقل الضغوط على بعض البلدان مثل البحرين للاستجابة لمطالب المحتجين فيها.
واختتم الكاتب بالقول إن خبراء الشأن الإيراني يذهبون إلى أن الحرس الثوري الإيراني ربما يضم بعض "العناصر المنفلتة" لكن ليس هناك أدلة على أن هذا الجناح موجود أو أن له صلات مع تجار المخدرات المكسيكيين.
وقالت صحيفة "فاينانشال تايمز" إن هذه المزاعم إذا لم تعالج بالطريقة الصحيحة، فإنها قد تتسبب في مشكلات جدية. واضافت الصحيفة إن المخطط المزعوم يشبه قصة بوليسية مثيرة لكن هذه المزاعم التي لا تزال في هذه المرحلة غير مؤكدة غاية في الجدية. وأضافت الصحيفة أن هذه المزاعم إذا لم تعالج بالطريقة الصحيحة، فإنها قد تتسبب في مشكلات ليس فقط داخل الولايات المتحدة ولكن في منطقة الشرق الأوسط برمتها.
ومضت الافتتاحية قائلة إن تفاصيل المخطط كشف عنها كبار أعضاء إدارة الرئيس باراك أوباما ومكتب التحقيقات الفيدرالي. وتابعت قائلة إن "السعودية وإيران تواجهان حالة عداء متجذرة بسبب الاختلافات الدينية بينهما ورغبة كل منهما في صياغة منطقة الشرق الأوسط على نحو يخدم مصالحه الخاصة"، مضيفة أن "العلاقات بينهما ساءت منذ شهر آذار/مارس الماضي عندما أرسلت السعودية قوة عسكرية إلى البحرين للمساعدة في إخماد ثورة ضد حكام البحرين".
وواصلت الصحيفة قائلة إن من غير الواضح في الوقت الراهن أن المخطط حظي بتأييد النظام الإيراني، ومن ثم فإن هناك أسبابا تدعو إلى التشكيك في فحواه ومنها أن المشاركين في المخطط لم يكونوا على درجة عالية من الكفاءة. وفي هذا الإطار، رأت الصحيفة أنه "من غير الواضح دعم القيادة الإيرانية ولا سيما مرشد الثورة آية الله علي خامنئي، لهذه المقامرة الشديدة المخاطر".
واختتمت الصحيفة بالقول إن "آخر شيء تحتاجه منطقة الشرق الأوسط المضطربة أصلا هو احتمال نشوب حرب جديدة فيها. وبالتالي فإن الولايات المتحدة وحلفاءها ينبغي أن تعتمد على فرض عقوبات جديدة تستهدف الأفراد المتورطين في هذا المخطط. ولهذا فإن أسباب التصعيد"، كما تقول الصحيفة، "لا تصمد أمام الحجج المضادة".
واثر الاتهام الاميركي، فرضت واشنطن عقوبات على شركة ماهان الإيرانية للطيران، وفرضت عقوبات اقتصادية على خمسة ايرانيين. وطالب رئيس مجلس النواب الأميركي جون بينر البيت الأبيض بتشديد العقوبات على طهران، وأشارت وزارة الحرب الأميركية الى أن الرد سيكون دبلوماسيا وليس عسكريا. وأعلن البيت الابيض، ان الرئيس الاميركي باراك اوباما اجرى محادثات هاتفية مع الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز.
بدورها وصفت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون المخطط الإيراني المزعوم بالتصعيد الخطير، داعية الى إدانة ايران دوليا. وأجرت كلينتون محادثات هاتفية مع عدد من العواصم للتحريض ضد طهران، حيث تحدثت مع نظرائها في المكسيك والسعودية والكيان الإسرائيلي. وشددت كلينتون على ضرورة تحميل ايران المسؤولية في المحاولة المزعومة لاغتيال السفير السعودي ودعت دول العالم الى المساعدة في عزل طهران وحثت على الانضمام الى واشنطن في ما اسمته ادانة هذا التهديد للسلم والأمن الدوليين.
كما أدان مجلس تعاون دول الخليج المخطط المزعوم لاغتيال السفير السعودي في واشنطن، ورأى الأمين العام للمجلس عبد اللطيف الزياني أن المحاولة المزعومة انتهاك للقوانين وللأعراف الدولية. واعتبر الزياني ان ذلك سيضر بالعلاقات بين إيران ودول مجلس التعاون بصورة كبيرة.
وفي طهران، وصف وزير الخارجية الايراني علي اكبر صالحي، المزاعم الاميركية بشأن محاولة اغتيال السفير السعودي بأنها سيناريو شيطاني يرمي الى النيل من العلاقات الايرانية السعودية وصرف الأنظار عن مشاكل الادارة الاميركية. وقد استدعت الخارجية الايرانية القائم بالأعمال في السفارة السويسرية التي ترعى المصالح الاميركية وقدمت احتجاجا شديد اللهجة على هذه الاتهامات.