للمرة الأولى، يكشف حزب الله عن قصة أحد مقاتليه الأوائل في فيلم سينمائي. واللافت اعتماد مقاربة انسانية خالصة في تقديم القصة، من خلال التركيز على معاناة عائلة كلاكش التي تتعرض للكثير من المصاعب نتيجة كتمانها سر تنفيذ ابنها ع
يصعب في العادة على التنظيمات والجماعات العقائدية انتاج رسائل إعلامية بعيدة عن الخطاب المباشر، لأسباب تتعلق بتركيبة هذه الجماعات وطبيعتها وأهدافها. وبما ان هذه الرسائل تبتعد عن مفهوم الصناعة الاعلامية ولا تتوخى الربح المادي (باستثناء داعش التي باتت تربط بعض قنواتها على يوتيوب بمنصة الاعلانات على يوتيوب!) بقدر ما تهدف الى التعبئة العامة، فإن الحديث عن مهنية وسائل إعلام هذه الجماعات يظل محل تشكيك مهني بطبيعة الحال حتى و إن ثبت العكس.
غير أن البُعد الانساني في توجيه الرسائل الاعلامية يبقى دوما الأسلوب الأنجع في ضمان وصولها الى الاخر المختلف فكريا وسياسيا مع الجهة المنتجة.
من هنا يمكن لنا مقاربة العمل السينمائي الجديد الذي بدأ عرضه في الصالات اللبنانية تحت عنوان "السر المدفون"، وهو عمل موجه بامتياز غير أنه يحمل في طياته الكثير من المشاهد الانسانية التي لا يمكن لأي مشاهد مهما كانت توجههاته اغفالها.
للمرة الأولى، يكشف حزب الله عن قصة أحد مقاتليه الأوائل (عامر كلاكش) في فيلم سينمائي. واللافت في هذا الفيلم اعتماد مقاربة انسانية خالصة في تقديم القصة، من خلال التركيز على معاناة عائلة كلاكش التي تتعرض للكثير من المصاعب نتيجة كتمانها سر تنفيذ ابنها عملية ضد الاحتلال الاسرائيلي لجنوب لبنان في العام 1985.
وهكذا يدور الفيلم حول الأم التي احتفظت بالسر وأخفته عن زوجها وأولادها طيلة 15 عاما، في مسار درامي متصاعد بموازاة مسار ثانوي يروي قصة عامر الذي يقوم بتفجير نفسه في موكب اسرائيلي عند الحدود مع فلسطين، وتحاول اسرائيل جاهدة معرفة هويته دون طائل.
ويُسجل للعمل الذي يضم نخبة من الممثلين اللبنانيين ككارمن لبس وعمار شلق ويوسف حداد وباسم مغنية عدم غرقه في الحوار البعيد عن البيئة اللبنانية، علما ان هذه احدى ابرز نقاط ضعف الأفلام اللبنانية. وكذلك الحال بالنسبة للاخراج الذي نجح الى حد بعيد في تقديم البيئة الجنوبية اللبنانية كما هي في الواقع، من دون مبالغات او تحوير.
ولئن كان العمل لا يخلو من الهفوات في الشكل والمضمون كحال جميع الأعمال السينمائية، غير أنه في المحصلة يقدم مادة سينمائية جيدة لم يعهدها الجمهور اللبناني من قبل.