21-11-2024 07:49 PM بتوقيت القدس المحتلة

خطاب السيد حسن نصر الله في عيد التحرير في النبطية 24-5-2015

خطاب السيد حسن نصر الله في عيد التحرير في النبطية 24-5-2015

كلمة سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في خطاب عيد المقاومة والتحرير في النبطية 24-5-2015.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا خاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبد الله وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الأخيار المنتجبين، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين. إخواني وأخواتي، السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.

إنني في البداية أرحب بكم في هذا الحضور الكريم والمبارك والكبير وأشكركم على جهدكم وتعبكم وجلوسكم في هذا المكان تحت الشمس في هذه المدينة المباركة في مدينة النبطية في ساحة عاشوراء، ونحن نعرف كل ما تمثّله هذه المدينة المجاهدة وهذه الساحة من قيم ومعان وحضور وتاريخ وفعل مباشر في المقاومة منذ أيامها الأولى. ولكن اسمحوا لي قبل البداية والدخول إلى موضوع الخطاب في هذا العيد العظيم الوطني الكبير أن أتوجه باسمكم بأسمى آيات العزاء والمواساة إلى أهلنا الطيبين المظلومين في بلدة القديح في القطيف على ما أصابهم نتيجة العمل الوحشي الهمجي الذي استهدف المصلين في مسجد الإمام علي عليه السلام، نعزّيهم بشهدائهم ونسأل الله تعالى لجرحاهم الشفاء والعافية كما نسأل الله تعالى لهم جميعاً أن يحميهم ويحرسهم بعينه التي لا تنام ويعينهم على مواجهة هذا الخطرالمحدق ويمكّنهم من ذلك.

أيها الإخوة والأخوات هذه أيام عيد انتصاركم أنتم، انتصار الدم على السيف، أبارك لكم جميعاً هذا العيد ولكل اللبنانيين والعرب والمسلمين وأحرار العالم، وأبارك لكم أيضاً كل هذه الأعياد المتزامنة مع عيد الانتصار في عامنا هذا، في شهر شعبان المبارك ذكرى ولادة سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين بن علي عليهما السلام الذي ما زال يستنهض الهمم، ذكرى ولادة الإمام علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام الأسير الذي لم تسقطه قيود السجان، ولادة أبي فضل العباس بن علي عليه السلام الذي لم تُقعده الجراح عن مواصلة المعركة حتى الشهادة المنتصرة، وفي آتي الأيام ولادة الإمام المهدي عليه السلام الأمل الآتي ووعد الله الذي سيتحقق إن شاء الله، أتوجه بالتحية في بداية الكلمة إلى كل الذين بفضلهم بعد الله تعالى كان هذا العيد وكان هذا الانتصار إلى كل الشهداء وعوائل الشهداء، إلى كل الجرحى وعوائل الجرحى، إلى كل الأسرى وعوائل الأسرى إلى كل المقاومين وعوائل المقاومين، إلى كل أهلنا وشعبنا الذين صمدوا وثبتوا وتحمّلوا التهجير والقصف والتدمير على مدى سنوات طوال، إلى كل الذين أسسوا وقادوا هذه المسيرة، من سماحة الإمام القائد المغيب السيد موسى الصدر أعاده الله بخير وأخويه ورفيقيه، إلى سيد شهداء لمقاومة الإسلامية السيد عباس الموسوي، إلى شيخ شهدائها الشيخ راغب حرب، إلى الشهيد القائد عماد مغنية، إلى كل الذين أيّدوا ودعموا وساندوا هذه المقاومة بقول أو فعل أو مال أوسلاح أو عتاد أو كلمة أو حتى دعاء، وإلى الصديقين الوفيين الكبيرين، إلى الجمهورية الإسلامية في إيران قيادةً وحكومة وشعباً، وإلى الجمهورية العربية السورية قيادةً وحكومةً وشعباً.

أيها الإخوة والأخوات، أود في البداية أن أتحدث عن تلك المرحلة، أولاً لنستفيد من تلك التجربة، لأن ما نشهده في هذه الأيام هو تاريخ يعيد نفسه ولكن بعناوين وأسماء مختلفة، وأيضاً لنضع أمام الأجيال التي لم تواكب تلك المرحلة، يعني الشباب والصبايا الذين ولدوا بالنصف الثاني من الثمانينات والتسعينات والألفين إلى اليوم ليعرفوا أيضاً ماذا حصل وليستفيدوا وهم يتحملون الآن معنا مسؤوليات مواجهة التحديات القائمة.

أولاً: عندما حصل الاجتياح عام اثنين وثمانين اختلف اللبنانيون في الفهم والتشخيص:

جزء من اللبنانيين – "بدنا نحكي الأمور كما هي بدون أسماء للاستذكار والاستعبار وأخذ العبرة" – بعض اللبنانيين كان لديهم منذ البداية فهم واضح وتشخيص صحيح للخطر الإسرائيلي، للمشروع الصهيوني، لأهداف الاجتياح عام 1982، لم يصدقوا ما كان يقال هنا وهناك فيما يتعلق بهذه الأهداف. ولكن للأسف الشديد كان هناك لبنانيون آخرون على موجة مختلفة، على أقسام وأنواع. كان بعض اللبنانيين بالعكس يراهنون على الاجتياح الاسرائيلي، يعلقون عليه الآمال، يتعاونون معه أمنياً وعسكرياً، يدخلون معه إلى مناطق لاحتلالها، ينصبون الحواجز، يشاركون في الاعتقالات، وكانوا في الحقيقة جزءاً من مشروع واحد، وبعض هؤلاء أكمل هذه المساعدة للعدو الاسرائيلي في الشريط الحدودي حتى إلى يوم 25 أيار ألفين. هذا بعض، بعض آخر لم يرَ في اجتياح العدو أي مشكلة، ولكنه كان يتعاطى ويتعاطف ويتفهم ولكن لم يتعاون. هناك صنف آخر كان يعتبر أنه لا مشكلة لكنه لا يتعاطف ولا يتعاون، هناك صنف آخر كان خالي الذهن، على الحياد بالمطلق، لا يعنيه لا فهم المخاطر ولا عدم فهم المخاطر، لا الموقف، ولا الأداء، ولا الحاضر، ولا المستقبل، "داير على مشاكله الشخصية حتى يحلها".

لكن كان هناك صنف آخر هو الذي أخذ خياراً واضحاً، كان لديه فهم للمخاطر والأهداف وأبعاد الاجتياح والمشروع، ورتّب على هذا الفهم موقفاً وكانت لديه الإرادة، وترجم كل هذا في الفعل الميداني المقاوم وعلى كل صعيد. طبعاً كان هناك ناس يشاركون المقاومة في فهمها وفي تشخيصها ولكنهم لم يحركوا ساكناً لأنهم كانوا مقتنعين بعجزهم وبعدم القدرة على التغيير، وإن ما كُتب قد كُتب. أما الذين آمنوا بالمقاومة وسلكوا طريقها ومارسوها قولاً وفعلاً، كان لديهم أيضاً الإيمان بالقدرة على صنع النصر وإلحاق الهزيمة، وأن ما يجري ليس مكتوباً حتمياً، وإنما النتائج مرهونة بإرادة الرجال.

من هنا انطلقت المقاومة، من بيروت العاصمة، إلى الضاحية والضواحي، إلى جبل لبنان، إلى صيدا، إلى كل الجنوب والبقاع الغربي وراشيا وتواصلت.

النقطة الثانية: منذ انطلاقة المقاومة أيضاً انقسم اللبنانيون في الموقف السياسي والإعلامي، يعني ما يعبرون عنه من مواقف، أو ما تقوم به وسائل الإعلام على تنوّعها في التعبير عن هذا الموقف، تبعاً للانقسام الأول أيضاً.

الآن أتمنى أن تستحضروا الذي يحصل الآن، كان البعض يتحدث عن الاسرائيلي كصديق، الاسرائيلي كحليف، بل كان ينظر إليه ويتحدث عنه كمنقذ، كان البعض دائما عندما يريد أن يتحدث عن اعتداءات الإسرائيلي على اللبنانيين وعلى المخيمات الفلسطينية وعلى الجميع، كان يتحدث عن حجج ويبرر للعدوان الاسرائيلي ويحمّل المقاومة المسؤولية ويعتبر أن ما يقوم به الإسرائيلي "المسكين المظلوم" بين هلالين، هو مجرد ردود أفعال على اعتداءات المقاومة، لا تقوموا بعمليات لا يحصل رد فعل اسرائيلي، بعض المواقف السياسية والإعلامية منذ اليوم الأول كانت توهن بالمقاومة وخيارها وطريقها وعدم جدواها وتوهين إنجازاتها المتراكمة التي كان يعترف بها الأعداء الصهاينة أنفسهم، ولكن بعض الداخل كان يكابر وأيضاً يضخّم خسائرها وتبعات أعمالها وجهادها.

كان هناك من يتهم المقاومة بوطنيتها ويقدمها كمرتزقة لسوريا أو لإيران، هناك دائماً كان من يغطي جيش انطوان لحد والعملاء، ويتعاطف معه ويدافع عنهم. ولكن في المقابل أيضاً كان هناك من يؤيدها سياسياً وإعلامياً وشعبياً وراهن عليها ودافع عنها ودفع بها إلى الأمام إلى يوم الإنتصار، هذا كان المشهد السياسي والإعلامي منذ حزيران 82 إلى أيار