23-11-2024 07:29 AM بتوقيت القدس المحتلة

الأسباب الحقيقية لاستقالة كاسيزي من رئاسة المحكمة الخاصة بلبنان

الأسباب الحقيقية لاستقالة كاسيزي من رئاسة المحكمة الخاصة بلبنان

تقتضي المرحلة بعد الفيتو الروسي الصيني الاستراتيجي تغييرا في استراتيجية العمل ضد سورية كما اقتضت مرحلة ما بعد سقوط طرابلس تغييرا في استراتيجية التغطية والعمل لإسقاط النظام في دمشق


للمرة الثانية خلال أسبوعين نعود إلى تقريرنا بتاريخ 20/05/2011 الذي تحدثنا فيه عن التزام روسيا باستخدام حق الفيتو في مجلس الأمن دعما لسورية، وقد أشرنا في تقريرنا المذكور إلى المحكمة الدولية لأجل لبنان المتابعة لقضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، وقلنا يومها الكلام التالي: (ويبدو مما تقدم، ومن إصرار المسؤولين الفرنسيين على المضي بالضغط من باب مجلس الأمن على سورية رغم قناعتهم بوجود الفيتو الروسي، أن هذا التحرك يسعى لإيجاد ورقة ضغط ضد دمشق، على الأقل معنويا، فضلا عن إرسال إشارات التطمين إلى الأطراف العربية  المتحالفة حديثا مع فرنسا في قضايا المنطقة.

هذا كله يتم بينما يتم العمل على ملف المحكمة الدولية الخاصة بلبنان بخط متواز استعداداً لاستخدامه في مجلس الأمن ضد مسؤولين سوريين وإيرانيين ومسؤولين من حزب الله، على أمل إحراج روسيا وتفادي الفيتو الروسي أو الصيني، بحجة خضوع المحكمة لوصاية مجلس الأمن تحت الفصل السابع. هذا كله يبقى في حقل الضغط السياسي، كون العمل العسكري له محاذيره التي يذكرها محللون عسكريون فرنسيون ومن الطاقم القيادي العسكري الفرنسي سوف نلقي عليها الضوء قريباً).

وكانت المعطيات لدينا يومها تشير بقوة إلى عودة العمل على ملف الحريري توازيا مع عملية الذهاب إلى مجلس الأمن لاستصدار قرار ضد سورية بطريقة مشابهة لما حصل مع ليبيا، وأيضا كانت المعطيات تشير إلى أن الفرنسيين ومعهم القطريين والأتراك ومن ورائهم الولايات المتحدة يرون جدية الفيتو الروسي لذلك أعادوا الحياة لملف المحكمة الدولية لاستخدامه ضد سورية وإيران وحزب الله دفعة واحدة إذا ما سقطت مشاريعهم ضد سورية في مجلس الأمن بفعل الفيتو الروسي وهذا ما حصل تماما.

وكنا قد أشرنا في موقف الجمعة بتاريخ 11/05/2011 بعنوان (عودة حاشية محمد زهير الصديق الى باريس) أي في الجمعة التي سبقت الكلام عن حتمية الفيتو الروسي إلى معطياتنا حول عودة الحياة لملف المحكمة الدولية بمقتل الحريري. ومما أوردناه يومها: (عادت بعض الوجوه السورية التي شكلت جزءا من حاشية الصديق للظهور في باريس عبر المظاهرات التي قامت بها بعض جماعات المعارضات السورية على خلفية الأحداث الجارية في مناطق سورية.

 كما عاد هؤلاء للظهور في بعض مقاهي العاصمة الفرنسية التي كانوا يترددون دائما إليها وهي بالمناسبة تقع في الدائرتين الثامنة والسادسة عشرة قريبا من منازل خدام ورفعت الأسد وليس بعيدا عن منزل آل الحريري وإن كان سعد الحريري خرج من المنزل الذي ورثته السيدة نازك وكان ينزل في فندق قرب الشانزيليزيه). وقلنا أيضا: (والملاحظ أن عودة هؤلاء للظهور العلني في باريس، اتبع بعد فترة بعودة ظهور دانيال بلمار عبر قراره الظني المعدل الذي قدمه لدانيال فرانسين، وعودة ظهور المحكمة والحديث عنها كوسيلة ضغط قديمة جديدة ضد سورية وحلفائها .في بداية التصعيد الفرنسي  الحالي ضد سورية، حدثني صحفي فرنسي صديق عن ملف المحكمة الدولية الجاهز للاستثمار في حال تغير الحكم في سورية. هل عدنا إلى دوامة الضغوط السابقة وهمروجة المحكمة ؟ من المؤكد أننا أمام حملة ضد سورية لا تتعدى حدود التصعيد كلامي وسياسي يتوقع المراقبون هنا  في باريس أن تطول مدتها حتى أيلول المقبل التاريخ الأقصى المتوقع لسقوط نظام القذافي في ليبيا).

من هنا بالتحديد تأتي الأسباب الحقيقية لاستقالة كاسيزي، ولنا في استقالة وضاح خنفر مثالا لهذه الموجة من الاستقالات فالمرحلة بعد الفيتو الروسي الصيني الاستراتيجي تقتضي تغييرا في استراتيجية العمل ضد سورية كما اقتضت مرحلة ما بعد سقوط طرابلس تغييرا في استراتيجية التغطية والعمل لإسقاط النظام في دمشق.

أما أسباب التخلص من كاسيزي فتعود بالتحديد إلى أن الرجل أصبح ورقة محروقة ومستهلكة بفعل اتضاح علاقته الحميمة والقوية بإسرائيل، وهذا ما كشفه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرا لله في إحدى خطبه. لذلك ارتأى القيمون على الخطط المعلبة تغيير الرجل والإتيان بشخص جديد وربما في المستقبل بطاقم جديد  تسهيلا للمهمة بحيث تسقط مفاعيل الاتهامات السابقة بالصداقة والتحالف مع إسرائيل. وليس من قبيل المصادفة أن تأتي استقالة كاسيزي متزامنة مع الفيلم الهوليودي حول سعي إيران لاغتيال سفير السعودية في واشنطن طالما أن المستهدف حاليا حلف الممانعة بمجمله وإن بقيت سورية ساحة الصراع. يبقى في النهاية أن نشير إلى معطى جديد ومهم يتعلق بعلاقة قطر المباشرة في قضية شهود الزور.. نعم علاقة قطر بملف شهود الزور... و كنت أشرت لهذه العلاقة تلميحا في كتاب (صناعة شهود الزور)  ولا بد أننا سوف نشير بالتفصيل إلى هذه العلاقة في الوقت المناسب..