لم يكف الجدل الذي صاحب عرض فيلم "الوهراني" بالجزائر، ليأتي مشاركته هذه المرة في مهرجان "أشدود المتوسطي" ليخلق صدمة ويفجر غضب المثقفين والفنانين الجزائريين، الذين اعتبروا مشاركته سقطة لا تغتفر مساهمة في كسر المقاطعة عن ال
يبدو أن الساحة الفنية المغاربية هذه الأيام تشكل صداعا كبيرا للمثقفين والفنيين، فبعد الضجة التي أثارها الفيلم المغربي "الزين اللي فيك" والقرار الأخير الذي اتخذ في حقه بمنعه من العرض في بلاد الملك محمد السادس، جاء الدور هذه المرة على الفيلم الجزائري "الوهراني" للمخرج والممثل إلياس سالم، لمشاركته في العاشر من شهر يونيو/ حزيران المقبل في مهرجان "أشدود المتوسطي" الذي يقام في دولة الكيان الإسرائيلي المحتل.
فلم يكف الجدل الذي صاحب عرض فيلم "الوهراني" شهر نوفمبر/تشرين ثاني بالجزائر، ليأتي مشاركته هذه المرة في مهرجان "أشدود المتوسطي" ليخلق صدمة ويفجر غضب المثقفين والفنانين الجزائريين، الذين اعتبروا مشاركته سقطة لا تغتفر ومساهمة في كسر المقاطعة عن الاحتلال.
وكأول رد فعل رسمي أعلن مدير الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي التابعة لوزارة الثقافة، نزيه بن رمضان، في حديث لـ CNN بالعربية، والتي مولت وأنتجت الفيلم بتعاون فرنسي عن غضب وكالته الشديد لهذا التصرف من المخرج إلياس سالم، موضحا :"نحن نعرب عن استيائنا وندين بشدة النهج المتبع من خلال مشاركة فيلم "الوهراني" في المهرجان، الذي يتعارض كلية مع الموقف السياسي للجزائر."
وأضاف نزيه بن رمضان :"صحيح أن الشركة التي أنتجنا معها الفيلم هي فرنسية "درامسالا" وتملك حصة الأغلبية في التمويل كما تملك أيضا الصلاحيات وحقوق التوزيع، لكن هذا لا يخول لها التصرف كما تشاء، بل لم يحترم المنتج مهنية العمل من خلال اعلامنا واستشارتنا في الأمر لتفادي أي انزلاق".
وبخصوص ما نشره المخرج الياس سالم على حسابه الخاص عبر شبكة التواصل الاجتماعي "فايس بوك"، الذي عبر عن سعادته بمشاركة فيلمه في المهرجان، أوضح نزيه بن رمضان قائلا " يتعين على المخرج ومنتج الفيلم تقديم توضيحات للرأي العام الوطني".
هذا وقالت بعض التقارير إن منتجة الفيلم الفرنسية "إيزابيل مادلين" هي صاحبة فكرة عرضه في المهرجان الإسرائيلي، بينما برّر المخرج إلياس سالم مشاركته على حسابه الخاص في "الفيسبوك" بأن "الجهات المشرفة على المهرجان معادية للصهيونية"، وهو الكلام الذي أثار استغراب كثير من المثقفين الجزائريين، الملتزمين بموقفهم الواضح ضد كافة أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني المحتل.
يشار أن أحداث قصة العمل السينمائي "الوهراني" (إسم الوهراني يطلق على أي شخص يقطن في مدينة وهران) الذي يمتد لأكثر من ساعتين من العرض، تدور بالجزائر في السنوات الأولى للإستقلال وذلك عبر ثلاث شخصيات تعرفت على بعضها البعض في فترة الثورة ويعايشون كل بطريقته فترة ما بعد حرب التحرير الجزائرية. وتحمل كل شخصية في أعماقها أسرارا ثقيلة وتعيش لحظات من الشك والأكاذيب والتنازلات وخيبات الأمل. وإلياس سالم الذي يمثل شخصية "جعفر" في الفيلم تحمل نظرة نقدية للمجتمع الجزائري ويثير من خلال فيلمه موضوعات حول حرب التحرير والهوية الوطنية والتعريب والسنوات الأولى من الاستقلال وغيرها.
وقد صاحب عرض فيلم "الوهراني" داخل الجزائر جدل حاد، إذ اعتبره عدد من النقاد والمتحمسين انجازاً للسينما الجزائرية بعد سنين عجاف، فيما اتهمه آخرون بتشويه صور المجاهدين الذين شاركوا في حرب التحرير الجزائرية، حيث أثار غضب العديد من المناضلين الذين شاركوا في الثورة، إذ اعترضوا على طريقة تصويرهم كـ"ماجنين منحلّين"، تلك الصورة التي رجّحها بعضهم كسبب رئيسي دفع المهرجان الصهيوني لاجتذابه وعرضه.
وبالنسبة للفنانين ورؤيتهم لمشاركة فيلم "الوهراني" في مهرجان "أشدود المتوسطي" في فلسطين المحتلة، عبّر الممثل الجزائري عثمان عريوات وصاحب العديد من الأفلام التاريخية والهزلية الجزائرية عن رأيه : "إن كان فيلم "الوهراني" جزائرياً فعلاً فإنني أجهل سبب مشاركته في مهرجان إسرائيلي داخل فلسطين المحتلة".
الانتقاد لم يقتصر فقط على النقاد والفنانين بل امتد إلى السياسيين بدليل أن رئيس حركة مجتمع السلم، عبد الرزاق مقري عبر في اتصال مع CNN بالعربية بالقول :"إن مجرد مشاركة فيلم "الوهراني" في مهرجان الجزائر تقاطع بلاده لمؤشر على اختراق صهيوني للجزائر ودفع نحو التطبيع مع الكيان المحتل".
يذكر أن المخرج إلياس سالم كان قد نال العديد من الجوائز على غرار جائزة "لو فالوا" لأحسن ممثل عن دور جعفر، وذلك في مهرجان الفيلم الفرنكوفوني بأنغولام (فرنسا) وجائزة أحسن مخرج عربي في المهرجان الثامن للفيلم بأبو ظبي والذي اختتمت فعالياته في أول نوفمبر الماضي.