القلق «الإسرائيلي» يتمحور حول ما يمكن أن يحصل في الايام المقبلة على مستوى المواجهة مع المقاومة.
محمد حمية- البناء
بعدما تحوّلت القلمون ذات الموقع الاستراتيجي إلى شوكة في خاصرة العاصمة السورية، ومصدراً لتهديد لبنان وأمن المقاومة، كان القرار بالقضاء على المسلحين في هذه المنطقة بأسرع وقت ممكن. ومع مرور شهر على انطلاق المعارك، فإن ما حصل إنجاز عسكري مهم جداً على مساحة كبيرة جداً في القلمون بأقصر وقت وأقل خسائر، وتحقّق عدد من الاهداف. هكذا يقيّم الخبراء العسكرييون المعركة، لكنهم يؤكدون أنه يجب أن تستكمل في منطقتي جرود عرسال والزبداني، ويتخوفون من أن انطلاق معركة الزبداني سيؤدّي إلى تسلل المسلحين إلى جرود عرسال وانضمامهم إلى المسلحين الموجودين فيها، وإما التوجّه جنوباً في المنطقة الممتدة من دير العشائر إلى منطقة البقاع الغربي.
إنجازات القلمون أعادت عرسال وجرودها إلى الواجهة الامنية مجدداً، وسط الحديث عن معركة قادمة ستشهدها الجرود والبلدة، فيما يبقى احتمال أن يشن المسلحون هجوماً على عرسال ومواقع الجيش احتمالاً كبيراً، مع وجود مخيم النازحين السوريين الذي يضمّ 40 ألف نازحٍ منهم ألف مقاتل محتمل.
لطالما شكلت منطقة القلمون رهانات داخلية وخارجية أبرزها رهانات «إسرائيلية». وبالتالي، ستترتب على سقوط القلمون في قبضة المقاومة تداعيات استراتيجية على مجمل الصراع في المنطقة.
القلق «الإسرائيلي» يتمحور حول ما يمكن أن يحصل في الايام المقبلة على مستوى المواجهة مع المقاومة. بمعنى تكرار تجربة القلمون على مستوى الجليل، هذا من جهة. ومن جهة ثانية، يتمثل القلق «الاسرائيلي» بأن تكون المرحلة المقبلة ـ إذا تمت السيطرة على المناطق الحدودية بين سورية ولبنان ـ متمثلة في توجيه جهد المقاومة العسكري وجهد الجيش السوري لإعادة السيطرة على الحدود الجنوبية، وبالتالي تكون خطوة على طريق فتح جبهة الجولان. لذلك، وبحسب محللين، تخشى «إسرائيل» أن يستعيد الجيش السوري المبادرة في هذه المنطقة، وينسف ما كان يخطط له الاحتلال من بناء منظومة أمنية على «حدوده»، عبر هذه الجماعات المكلفة بالحؤول دون إنشاء حركة مقاومة شعبية في الجولان.
انطلاق المعركة
ليل الخامس من أيار الحالي، أعلن أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله أنه «عندما تبدأ معركة القلمون ستتكلم عن نفسها وستفرض نفسها على الإعلام ومكانها وزمانها لن نعلن عنهما».
كلام نصر الله كان بمثابة ساعة الصفر لانطلاق المعركة، ومنذ ذلك الحين والاشتباكات العنيفة متواصلة بين حزب الله والجيش والسوري من جهة، ومسلحي «جبهة النصرة» من جهة أخرى، على طول خط السلسلة الشرقية من جبال لبنان.
بحسب المعلومات حتى الآن، فقد حقّق الجيش السوري وحزب الله إنجازات كبيرة في المعركة، لا تقتصر فقط على المساحات الجغرافية، إنما تتعدّاها إلى ما حوته هذه الجغرافيا. فقد دُمّرت مقرات الإرهابيين وغرف عملياتهم، وسيطرت المقاومة على المرتفعات والتلال كافة، بما فيها تلال استراتيجية يزيد ارتفاعها على 1800 متر، مثل قرنة النحلة، قرنة عبد الحق، جبل الباروح وتلة موسى وصدر البستان وغيرها، وتزامن ذلك مع السيطرة الكاملة على الكهوف والمغاور والمعابر كافة التي وقعت ضمن نطاق العملية العسكرية الجغرافي كـ: الصهريج، الدار السداد، الحفرة، البيدر، الدعسة، الفتلة وغيرها.
على رغم هذه الانجازات التي تحققت وفي وقت قصير في القياس العسكري كما يقول الخبراء العسكريون، هل يمكن القول إن معركة القلمون انتهت؟ وفي أي مرحلة نحن الآن؟ وما هي تداعياتها العسكرية والاستراتيجية على لبنان وسورية والمنطقة؟ وكيف تقرأ «إسرائيل» ما يجري على هذه الجبهة؟ وماذا عن معركة عرسال وجرودها؟
أسئلة عدّة تُطرح بموازاة هذه المعركة التي تشهد توالي فصول إنجازات المقاومة والجيش السوري، وصولاً إلى الحسم القريب.
القلمون في قبضة المقاومة
في عيد المقاومة والتحرير الخامس عشر، أعلن السيد نصر الله في خطابه أن القلمون صارت خارج سيطرة المسلحين بالكامل، باستثناء عرسال وجرودها.
الخبير العسكري والاستراتيجي العميد هشام جابر رأى في حديث لـ«البناء» أن معركة القلمون لم تنته بعد، وكان من الضروري أن تفتح ولا يمكن تأجيلها لأن النظام في سورية لديه أولويات وهي العاصمة دمشق والساحل السوري والطريق بينهما. وبعد الانتكاسة التي حصلت في إدلب وجسر الشغور، وبعدما أصبحت المجموعات المسلحة تحت مسمى «جيش الفتح» في جسر الشغور تهدّد في أي وقت الوصول إلى الساحل السوري، وبعدما استمرت الاعتداءات على العاصمة بالقصف المدفعي من الغوطة الشرقية، ولأن الطريق بين دمشق والساحل السوري مؤمّنة عن طريق المنطقة الوسطى حيث يتمركز العناصر المسلحون، تحوّلت القلمون ذات الموقع الاستراتيجي إلى شوكة في خاصرة العاصمة السورية يجب نزعها.
وأضاف الدكتور جابر: «لم تستكمل معركة القلمون التي بدأت منذ سنتين خلال حرب يبرود عام 2014، حيث حرّرت بعض القرى والمدن من قارة والنبك ودير عطية ويبرود وصولاً إلى صيدنايا، وبقيت منطقة الزبداني حيث المجموعات المسلحة محاصرة، ويمكن أن تهدد في أي وقت طريق بيروت ـ دمشق، وهي الطريق الدولية الاساسية والوحيدة المتبقية بين وسورية والدول المجاورة، بعدما أقفلت المعابر مع الأردن وتركيا، وسقط المعبر الأخير مع العراق».
وأشار إلى أنه حتى الساعة حُقّق إنجاز عسكري مهم جداً على مساحة كبيرة جداً في القلمون في أقصر وقت وأقل خسائر، لافتاً إلى أنّ الجيش السوري قاتل في هذه المعركة على الارض التي تسمح بتواجد دباباته، وعلى رغم ذلك، كان الجهد الأكبر للمقاومة اللبنانية.
وشرح جابر أهمية هذه المعركة، قائلاً: «أهميتها وتداعياتها من الجهة السورية إيجابية حتماً، لإنه إذا استكملت المعركة في الزبداني تنزع الشوكة من خاصرة النظام في سورية وتتنفس العاصمة الصعداء، وتسمح للجيش السوري بالتفرّغ لمناطق أخرى. أما من الجانب اللبناني، فحتماً ستكون إيجابية إذا استكملت المعركة، وإذا حاصر الجيش اللبناني وحزب الله المجموعات المسلحة في الاراضي اللبنانية».
مصير المسلّحين… والخاصرة الرخوة
تتحدث المعلومات الأمنية لـ«البناء» عن خطر يمتد من الزبداني إلى البقاع الغربي باتجاه مناطق القرعون، المرج، قب الياس، شبعا، جبل الشيخ، لا سيما مخيمات النازحين السوريين في البقاع الغربي. وبحسب المعلومات، فإن محاولات تجري لإقامة مخيم للنازحين السوريين في كفريا. كما أن عميد «الكتلة الوطنية» كارلوس إده وافق على ذلك، إلا أن النائب وليد جنبلاط تدخل لمنع ذلك بسبب خوفه من الحساسيات في المنطقة، لأنّ كفريا طريق أساسية إلى الشوف. كما نقلت معلومات عن تصنيع محلي للمتفجرات يتم في مخيم المرج في البقاع.
وعلّق جابر على هذه المعلومات موضحاً أنه في حال أُعلِنت معركة الزبداني، فهناك حلّان: إما أن يتسلل المسلحون من الزبداني عبر بعض الجرود والأودية إلى الطفيل ومنها إلى جرود عرسال، وينضموا إلى المسلحين الموجودين فيها. أو التوجّه جنوباً في المنطقة الممتدة من دير العشائر إلى منطقة البقاع الغربي وهذا خطير جداً. أولاً يحققون تماساً مع مزارع شبعا ومع مجموعات «جبهة النصرة» الموجودة في منطقة القنيطرة، كما يشكلون خطراً على لبنان عبر خواصر ضعيفة في البقاع الغربي وراشيا الوادي، لأن حزب الله غير موجود في هذه القرى الممتدة يسار طريق المصنع إلى الحدود السورية، نظراً إلى الحساسية الطائفية والمذهبية.
القلمون وأمن دمشق
الخبير العسكري العميد المتقاعد نزار عبد القادر لفت في حديث لـ«البناء» إلى أن الكلام عن سيطرة كاملة على القلمون تنقصه الدقة والمهنية، فصحيح أن حزب الله سيطر على بعض المفاتيح على الأرض، ولكن القلمون منطقة تمتد على طول 100 كيلومتر، وعرض حوالى 12 كيلومتراً، والمعركة في بدايتها. فعندما تحتلّ جزءاً من منطقة شاسعة تشكّل خُمس مساحة لبنان، لا بدّ أن تترك فيها بعض القوى، وإلا سيلتفّ عليها المسلحون نظراً إلى طبيعة الارض.
وأوضح أن تنظيف الجرود يحتاج إلى قوى من المشاة المدرّبين على القتال في الجبال، ربما أربعة ألوية، ما يعني 10 آلاف مقاتل. «ولا أعتقد ان حزب الله والجيش السوري لديهما هذا الحجم من القوات، فضلاً عن الحاجة إلى نوعٍ خاص من السلاح، والذي يجب نقله إلى القمم العالية التي يبلغ ارتفاع بعضها 2500 متر».
لكن عبد القادر أكد في الوقت نفسه أن السيطرة على التلال والنقاط المرتفعة يسمح بجمع المعلومات عن تحركات المسلحين ورصدهم، بحيث تُمنع أي مفاجأة للقوات السورية وحزب الله، مشيراً إلى أن العملية العسكرية في القلمون دفعت المجموعات المسلحة إلى الفرار أمام الهجوم، بحيث أمّنت العاصمة دمشق لوجود مخاطر تترتب على الطريق الحيوية الدولية التي تصل دمشق بحمص، وصولاً إلى الساحل السوري، وهذا خط إمداد الجيش السوري في الشمال والجنوب.
وأكد أنّ المناطق التي بدأت فيها العملية تلك الواقعة في البقاع الاوسط لا البقاع الشمالي، وذلك للحؤول دون تسلل «النصرة» نحو الجنوب الغربي من منطقة القلمون، والاتصال بالزبداني. ولو حصل ذلك لقامت المجموعات الملسحة بقطع طريق المصنع ـ جديدة يابوس، وهذه الطريق حيوية بالنسبة إلى حزب الله.
ما بعد القلمون؟
السيد نصر الله في خطاب التحرير جزم أن معركة القلمون مستمرة حتى يتمكن الجيش السوري والمقاومة من تأمين كامل الحدود، مؤكداً أننا لن نقبل بأن يبقى إرهابيّ واحد في أرضنا.
العميد جابر رأى أن احتمال أن يشن المسلحون هجوماً على عرسال ومواقع الجيش كبير، «لأنه تبين وجود من يتعاطف معهم في عرسال فضلاً عن مخيم النازحين السوريين الذي يضم 40 ألف نازحٍ منهم ألف مقاتل محتمل. متسائلاً: كيف سيواجه الجيش المسلحين في عرسال ويتصدى لهم وظهره مكشوف للمخيم، هذا فضلاً عن الطابور الخامس الموجود في عرسال؟.
القلمون في خريطة المنطقة
لطالما شكلت منطقة القلمون رهانات داخلية وخارجية للاستثمار على المجموعات المسلحة فيها، لا سيما الرهانات «الاسرائيلية» على تواصل هذه المجموعات في القلمون مع المجموعات الموجودة في جنوب سورية، لا سيما في القنيطرة ودرعا، لتشكيل حزامٍ أمني على طول الحدود السورية مع فلسطين المحتلة. وبالتالي إن سقوطها في يد المقاومة والجيش السوري سيترك بالتأكيد تداعيات استراتيجية على لبنان وسورية، وعلى خريطة الصراع مع الارهاب في المنطقة، و«إسرائيل» معاً.
وهنا يوضح جابر أن لا علاقة لجبهة القلمون بما يحصل في الرمادي وتدمر، إنما يرى أنه إذا تمت السيطرة على القلمون، فطريق دمشق ـ حمص ستؤمّن، وستُحمى طريق حمص ـ بيروت. لكنه يشير إلى أن علاقة القلمون بالشرق السوري والبادية فقط بنقطة واحدة، أن الجيش السوري يتفرغ لتحرير شرق دمشق وصولاً إلى تدمر، لأنه لا خط واصلاً من القلمون إلى الرمادي أو تدمر.
ولفت جابر إلى أن سورية يجب أن ترتاح من معركة القلمون ثمّ تقرر أيّ جبهة ستحرّر: سهل حوران، دوما والغوطة الشرقية، تدمر، جسر الشغور أو إدلب.
وقال: «الجيش السوري وضع خط دفاع عن اللاذقية واحتل تلة النبي يونس والتلال المحيطة كلها، لكن هذا الخط لا يمكن ان يكون ثابتاً، وأي اختراق عسكري في محافظة اللاذقية يشكل خطراً على الساحل السوري لوجود مسافة 50 كيلومتراً فقط من جسر الشغور إلى اللاذقية المدينة. لذلك، تعدّ جسر الشغور أولوية لدى الجيش السوري».
وأضاف: «تتحدث المعلومات عن أن داعش يسيطر على 5 في المئة من الارض السورية، لكن ما دام النظام في سورية يسيطر على العاصمة والساحل والطريق بين العاصمة والساحل، فإنّ الدولة السورية تملك مقومات قوية. أما اذا تهدد الساحل وبقيت العاصمة مهددة من جهة الشرق وحوران، فسيبقى الخطر موجوداً».
القلق «الإسرائيلي»
لا شك أن «إسرائيل» تعيش حالة من الترقب والحذر، وتراقب عن كثب ما يجري على جبهة القلمون، لا سيما القتال المشترك بين حزب الله والجيش السوري في تلك المنطقة إضافة إلى تداعيات ذلك على مشروعها لإنشاء شريط حدودي على الحدود مع سورية بالتحالف مع «جبهة النصرة». وهذا ما تحدث عنه وزير الأمن «الإسرائيلي» موشيه يعالون في آذار الماضي، عندما قال إن وجود «المتمردين» والتنظيمات المسلحة في المناطق الحدودية السورية يعمل على منع ايران وحزب الله من إنشاء بنية تحتة تمكّنهما من شن عمليات ضدّ «إسرائيل».
ويُذكر أن يعالون قال سابقاً إن «داعش» لا يشكل خطراً على «إسرائيل»، كما إن العشرات وربما المئات من جرحى الجماعات المسلحة في الجولان السوري تلقوا ولا يزالون العلاج في المستشفيات «الإسرائيلية»، حيث زارهم مسؤولون في الحكومة وفي مقدمهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. علماً أن الجماعة المسلحة الموجودة في المنطقة الحدودية السورية مع الجولان المحتل هي «جبهة النصرة» أي فرع «القاعدة» في سورية.
هذه القدرة وهذا التقدم في القلمون أثبتا مرة اخرى قدرات المقاومة في موضوع السيطرة على المناطق، أعادت مجدداً إلى الاذهان قدرات المقاومة في تنفيذ تهديد السيطرة على الجليل من ضمن المعادلات التي تحدّث عنها تباعاً السيد نصر الله.
وهنا يؤكد جابر أن «إسرائيل حاولت إنشاء شريط حدودي على خط وقف اطلاق النار بالجولان لتثبت جبهة النصرة فيه». مشيراً إلى أنه اذا انتقل المسلحون في الزبداني إلى جنوب سورية وانضموا إلى «النصرة» هناك، يمكن لـ«إسرائيل» حينذاك ان تكرس الشريط لحماية خط وقف اطلاق النار ضمن الاراضي السورية.
وأضاف: «الحملة العسكرية التي أعلنت عنها المقاومة والجيش السوري منذ اربعة اشهر لتحرير الجنوب السوري في القنيطرة ـ درعا توقفت لأسباب عسكرية ولوجستية، لذلك إذا لم تستكمل معركة الزبداني سيصبح الجنوب السوري تحت السيطرة التامة لمجموعات النصرة والجيش الحر والمجموعات المتعاطفة معهما من خط وقف اطلاق النار إلى درعا شمالاً، إلى القنيطرة والذي يسمى سهل حوران، وهذا يعني إسرائيل بالدرجة الاولى».
معادلة الجولان والجليل
محرّر الشؤون العبرية في «قناة المنار» حسن حجازي رأى أن «إسرائيل تنظر بقلق كبير إلى ما يتشكل من محور ممتد من الأراضي المحررة في الجولان امتداداً إلى جبال السلسلة الشرقية اللبنانية المحاذية لدمشق، امتداداً إلى المناطق غرب العاصمة السورية، إلى القلمون حتى أقصى الحدود الشمالية في لبنان».
وأضاف حجازي: «إسرائيل ترى ضرورة ايجاد فاصل جغرافي بين الاراضي التي تسيطر عليها الحكومة السورية والاراضي اللبنانية على اعتبارها تشكل قاطعاً لحركة التواصل بين الحكومة السورية والمقاومة في لبنان. هذه المسألة عامل مهم لإسرائيل على المستوى الاستراتيجي، وكانت الحكومة الإسرائيلية ترى أن التحول الذي يحصل داخل سورية تحولٌ بهذا المستوى».
ويعتبر حجازي أن ما حصل في القلمون أدّى إلى ضرب هذه الرؤية وهذا المشروع «الإسرائيلي» الذي راهن بشكلٍ كبير على وجود هذه الجماعات في المناطق التي ذكرناها سابقاً، لتشكل عازلاً بين الطرفين، لمنع حركة الامداد العسكرية. «الاسرائيليون» يركزون في نشاطاتهم وعملياتهم في ما يتعلق بالحركة اللبنانية ـ السورية على مدّ المقاومة بالسلاح الكاسر للتوازن. «إسرائيل» تخشى انتقال الاسلحة المتطورة من الاراضي السورية إلى اللبنانية، ما يؤثر على التوازن الاستراتيجي القائم، والذي يسمح للمقاومة بمزيد من الامكانات على مستوى الصواريخ البعيدة المدى والدقيقة والمضادة للصواريخ.
وأضاف: «النقطة الثانية، متمثلة في القلق الإسرائيلي من التجربة التي تخوضها المقاومة على المستوى العسكري في القلمون، ونجاحها في هذا المجال بعد السيطرة على مساحات واسعة. هذا القلق الإسرائيلي انعكس على ما يمكن ان تواجهه إسرائيل في الايام المقبلة على مستوى المواجهة مع المقاومة، بمعنى أن التجربة التي تحصل على الحدود السورية ـ اللبنانية قد تتكرر في المستقبل في حال حصلت مواجهة، ستستفيد منها المقاومة على مستوى المواجهة مع الاحتلال في ما يسمى عملية الدخول إلى الجليل».
وأشار حجازي إلى أن «الإسرائيليين ينظرون ويراقبون كل تفصيل في هذه العملية. التكتيكات التي تستعمل، ونوعية الاسلحة التي تستخدم، والخبرات وطبيعة انتشارها وقدرة المقاومة على جمع المعلومات وتنسيق حركتها النارية، وحشد اعداد كبيرة من المقاتلين. إسرائيل تعتبرها بروفا عما يمكن ان يحصل في الجليل. هم يخشون السيناريو الذي صار مقلقاً، واليوم سمعنا عن مناورت تحوّلات 15 التي يجريها الكيان الإسرائيلي لإخلاء عددٍ كبير من المستوطنات الشمالية كمحاكاة لما يمكن أن يحصل في الحرب المقبلة إن وقعت مع حزب الله، واضطرار الاحتلال لإخلاء منطقة الشمال خشية أن يدخلها حزب الله، وأن يصبح المستوطنون والمواقع العسكرية وكل ما تحمله المنطقة من أعدادٍ بشرية في قبضة المقاومة في المواجهة المقبلة».
وأوضح أن «الإسرائيليين» ينظرون إلى المسألة بهذا البعد الاستراتيجي. لذلك، على المستوى الاعلامي، نرى نوعاً من التجاهل والتعتيم لأنهم يعتبرون أنهم اذا عرضوا في وسائلهم الاعلامية هذه التجربة الناجحة للمقاومة التي تحصل في القلمون، قد يوجّهون رسالة سلبية إلى جمهورهم الذي يخشى بشكلٍ كبير حصول مواجهة مع المقاومة في عمليات دخول واسعة في منطقة الجليل شمال فلسطين المحتلة.
وقال: «منذ الحديث السابق عن عمليات الجيش السوري في ريف درعا والقنيطرة، كان هناك قلق إسرائيلي من استعادة الجيش السوري السيطرة على هذه المناطق، على اعتبار أنها تشكل منطقة آمنة للاحتلال. فهناك تعهدات كشفت عنها وسائل اعلامية آخرها صحيفة هاآرتس التي تحدثت عن تعهدات الجماعات المسلحة بشكلٍ قطعي بأنها تشكل حزاماً أمنياً للاحتلال مقابل ان يتيح لها السيطرة على منطقة جنوب سورية».
وأضاف: «القلق الإسرائيلي بأن تكون المرحلة المقبلة إذا تمت السيطرة على المناطق الحدودية بين سورية ولبنان، بأن يتوجه جهد المقاومة العسكري وجهد جيش السوري لإعادة السيطرة على الحدود الجنوبية. الإسرائيليون يرون هذه الخطوة على طريق فتح جبهة الجولان، لا سيما أنهم رصدوا عدداً من المؤشرات والمعطيات، ولمسوا ايضاً عدداً من العمليات التي حصلت مؤخراً التي تؤكد جميعها على عزم الحكومة السورية والمقاومة بوجود حركة مقاومة شعبية تستهدف الاحتلال في الجولان».
ورأى أن «هذه المسألة يخشاها الإسرائيليون، وأكثر من عملية عسكرية شنتها إسرائيل سواء في القلمون أو العمق السوري أو في مواقع الجيش السوري في القنيطرة التي لا تزال تحت سيطرة الجيش. هذه العمليات كان يستفيد منها المسلحون على المستوى الميداني فضلاً عن عمليات إمداد للمسلحين على المستوى الاستخباراتي والإمدادات العسكرية ومعالجة الجرحى وتقديم المساعدات. لذلك تخشى أن يستعيد الجيش السوري المبادرة في هذه المنطقة، وينسف ما كان يخطط له الاحتلال من بناء منظومة أمنية على حدوده عبر هذه الجماعات المكلفة بالحؤول دون إنشاء حركة مقاومة شعبية في الجولان».
http://www.al-binaa.com/?article=47819
موقع المنار غير مسؤول عن النص وهو يعبّر عن وجهة نظر كاتبه