الإمام الحجة المهدي المنتظر (عج) لا يمثّل مجرّد شخصية تاريخية وإنما هو بقية الله في أرضه، بمعنى أنه يمثّل الخط الإلهي, وخط الأنبياء والرسل والأولياء على مر التاريخ
رأى سماحة الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة: أن علينا أن لا نفقد الأمل بالنصر الكامل على الإرهاب التكفيري بالرغم من قساوة المعركة وصعوبتها ، مؤكداً: أن الإرهابيين التكفريين سيهزمون ولن يستمروا ولن يحميهم لا من يدعمهم بالمال والسلاح والإعلام, ولا من يغطيهم ويغطي جرائمهم ويقول عنهم أنهم ثوار..
واعتبر: أن على الدولة أن تقوم بمسؤولياتها في مواجهة الإرهاب التكفيري في جرود عرسال, ومنع تمدده, وحماية المواطنين من أخطاره وتهديداته, وعندها لن يتقدم أحد على الدولة وسنكون في المواقع الخلفية، أما عندما لا تقوم الدولة بواجباتها فإننا لن نقبل بتعطيل المواجهة تحت حجج واهية, لأن تعطيل المواجهة سيمكن الإرهاب التكفيري من التمدد والاعتداء والاحتلال وهذا ما لا يمكن أن نسمح به أو نتراخى أمامه.
نص الخطبة :
يقول الله تعالى: [ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثُها عبادي الصالحون]. ويقول سبحانه: [ونريد أن نمُنَّ على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين]. نبارك للمسلمين والمؤمنين ولادة بقية الله الأعظم الامام الحجة محمد بن الحسن المهدي المنتظر(عج) ونسأل الله أن يعجل بخروجه وظهوره ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً.
الإمام الحجة المهدي المنتظر (عج) لا يمثّل مجرّد شخصية تاريخية وإنما هو بقية الله في أرضه، بمعنى أنه يمثّل الخط الإلهي, وخط الأنبياء والرسل والأولياء على مر التاريخ, هو مدّخر لتحقيق أهدافهم وغاياتهم وما بُعثوا من أجله. وقد ورد في الرواية عن الإمام الباقر (ع) وهو يتحدّث عن الإمام الحجة (عج) وعن ظهوره: "فإذا خرج أسند ظهره إلى الكعبة واجتمع إليه ثلاثمئة وثلاثة عشر رجلاً، فأول ما ينطق به هذه الآية [بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين]. ثم يقول: أنا بقية الله وخليفته وحجته عليكم، فلا يسلّم عليه مسلم إلا قال: السلام عليك يا بقية في أرضه.
إن ظهور الإمام وما سيحققه من إنجازات كبرى على مستوى العالم , من تثبيت الحق, وإقامة العدل, ونشر الرخاء والسلام, والقضاء على الطغاة والجبابرة, وتمكين المؤمنين في الأرض.. هذا كله وعد إلهي سيحصل ويتحقق حتماً كما تؤكد بعض الآيات القرآنية ومئات بل الآف الروايات عن رسول الله والأئمة الأطهار(ع). ويقول تعالى: [ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثُها عبادي الصالحون]. فعن الإمامين الباقر والصادق (عليهما السلام) في تفسير قوله تعالى: [ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثُها عبادي الصالحون] قال(ع): "هم القائم وأصحابه".
وكذلك يقول تعالى: [أمّن يجيب المضطرّ إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أءله مع الله قليلاً ما تذكّرون]، حيث ورد في الرواية عن الإمام الصادق (ع) قال: إن القائم (عج) إذا خرج دخل المسجد الحرام فيستقبل القبلة الكعبة, ويجعل ظهره إلى المقام, ثم يصلي ركعتين ثم يقوم فيقول: يا أيها الناس أنا أولى الناس بآدم (ع)، يا أيها الناس أنا أولى الناس بإبراهيم (ع)، يا أيها الناس أنا أولى الناس بإسماعيل (ع)، يا أيها الناس أنا أولى الناس بمحمد (ص)، ثم يرفع يديه إلى السماء ويدعو ويتضرّع حتى يقع على وجهه، وهو قول الله عز وجل: [أمّن يجيب المضطرّ إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أءله مع الله قليلاً ما تذكّرون].
إضافة الى ذلك فان الإسلام لم ينزله الله تعالى كمرحلة مؤقتة في تاريخ البشرية وإنما هو الدين الذي سيتحقّق به الانتصار والبقاء، وهو الدين الذي سيظهره الله على الأديان كلها بحيث يصبح الإسلام دين الناس جميعاً, وبحيث لا تبقى أرض إلا وينادى فيها بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. يقول تعالى: [هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون]. ومن الواضح أن الإسلام في زمن النبي(ص) لم يتحقق له هذا النصر الحاسم والنهائي، ولم يتحقق هذا النصر حتى الآن، فمتى يتحقّق هذا الهدف الإلهي؟.
ولذلك فإن الروايات تشير إلى أن الزمن الذي سيتحقق فيه ذلك هو زمن الحجة المنتظر(عج)، حيث ورد في الرواية عن الإمام جعفر بن محمد الصادق (ع) في قوله تعالى: [هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون]، قال (ع): والله ما يجيء تأويلها حتى يخرج القائم المهدي (عج).
وهناك آية أخرى تشير إلى الإمام الحجّة (ع) وما سيمُنُّ الله تعالى عليه من النصر، هي قوله تعالى [ونريد أن نمُنَّ على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين]. حيث ورد في الرواية عن الإمامين الباقر والصادق (ع) أنهما قالا: "إن هذه الآية مخصوصة بصاحب الأمر الذي يظهر في آخر الزمان، ويبيد الجبابرة والفراعنة، ويملك الأرض شرقاً وغرباً، فيملأها عدلاً كما ملئت جوراً.
هذا الوعد الإلهي وهذا الحدث العالمي بل الكوني سيتحقق حتماً مهما طال الزمان.. ومهما طال الانتظار سيأتي ذلك اليوم الموعود.هذا الوعد يجب أن يعزز الأمل في نفوس الناس، الأمل بمرحلة مشرقة يسود فيها الأمن والسلام والاستقرار والرخاء والحق والعدل، مرحلة لا مكان فيها للطغاة والظالمين والمستبدين والمحتلين والمفسدين، مرحلة يزول فيها الكفر والشرك والظلم, وتنعدم فيها الحروب والصراعات والأزمات، ولا يوجد فيها مكان للجريمة والقتل والذبح وارتكاب المجازر.
يجب أن نعزز بفكرة المهدوية الأمل في نفوس الناس وفي نفوس الشعوب, الأمل بأن هذا الواقع سيتغير ولن يستمر على ما هو عليه، الناس يواجهون اليوم أزمات كثيرة, ظلم واستبداد وقمع واقهر، ويعانون من الحروب والاعتداءات والإرهاب، ويشهدون حجم الفساد والانحراف والانحلال المتفشي في بعض المجتمعات.
الإنسان المؤمن يجب أن يتمسك بالأمل مهما كانت الظروف قاسية والأوضاع صعبة, مهما حصلت انتكاسات أو أزمات أو مشكلات، يجب أن يبقى أملنا بالله كبيراً بأن هذا الواقع لن يستمر ولن يدوم وسيتغير بإرادة الله.البعض من الناس يتأثر بالأحداث اليومية التي تجري في منطقتنا بحيث إنك تراه حينما يتحقق انتصار يكون متفائلاً ومستبشراً, وحينما تحصل انتكاسة في مكان ما تراه محبطاً ويائساً..
الاعتقاد بقضية الإمام المهدي (ع) يجعل الأمل ثابتاً في نفس الإنسان مهما اشتدت الأزمات ومهما كثرت التحديات، لأن الإنسان المؤمن ينظر إلى الأحداث التي تجري في العالم ضمن معادلة التنافس والتجاذب والتدافع البشري, حيث قد يحصل انتصار هنا وانتكاسة هناك, تقدم هنا وتراجع هناك [ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيراً ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز]. الحج ـ 40. هذا التدافع يبقى قائماً بين الناس ولكن الله ينصر من ينصره في نهاية المطاف.
المؤمن لا بد أن يحافظ على هذا الأمل, أن يتطلع دائماً إلى رحمة الله وإلى وعد الله بالنصر والتمكين ووراثة الأرض، أن يتطلع دائماً إلى الفرج. فقد ورد عن علي (ع): انتظروا الفرج ولا تيأسوا من روح الله, فإن أحب الأعمال إلى الله انتظار الفرج. ولذلك ينبغي أن تكون قضية الإمام المهدي (ع) وما سيحققه الله على يديه وسيلة لتعزيز التفاؤل والأمل في مقابل حالة اليأس والقنوط وفقدان الأمل والانهزام والانكسار والإحباط الذي يمكن أن يعيشه الإنسان أمام المشاكل والتحديات والظروف الصعبة التي يواجهها..
اليوم في مقابل ما نواجهه وتواجهه الأمة من الصهاينة والمعتدين والتكفيريين من خراب ودمار وقتل وذبح وارتكاب مجازر مما نشاهده في أكثر من بلد, خاصة على أيدي الجماعات التكفيرية الإرهابية, في مقابل كل ذلك.. لا ينبغي أن نفقد الأمل بنصر الله، هؤلاء التكفريون لا مكان لهم في هذا العالم.. لن يستمروا, لا مستقبل لهم بيننا.
صحيح أن المعركة معهم صعبة وقاسية ، لكنهم سيهزمون, ولن يحميهم من يدعمهم بالمال والسلاح والإعلام , ولا من يغطيهم ويغطي جرائمهم ويقول عنهم أنهم ثوار.. بينما هم مجموعة من القتلة والمجرمين والعصابات الذين استباحوا كل شيء, واعتدوا علينا وعلى قرانا وبلداتنا في البقاع, وأرسلوا لنا السيارات المفخخة الى الضاحية الأبية التي ذهب ضحيتها العشرات, واعتدوا على الجيش والقوى الأمنية واختطفوا عدداً منهم فذبحوا البعض ولا يزال البعض الآخر مخططفين عندهم.. ومع كل ذلك يأتي البعض في لبنان وبكل وقاحة وبلا حياء ولا خجل ليصف هؤلاء المجرمين القتلة بأنهم ثوار! وليضع خطوط حمر لقتالهم! لا, ليس هناك من خطوط حمر أمام المقاومة لمواجهة الإرهاب التكفيري, نحن مستمرون في مواجهتهم وفي هذه المعركة.. ولن نتوقف حتى تحرير كل جرود البقاع من وجودهم.
هذه المواجهة يجب أن يشترك فيها الجميع، من موقع المسؤولية الوطنية ومسؤولية حماية لبنان التي هي واجب على الجميع بلا استثناء، ولا تحتمل التراخي أو التقصير.والحكومة مسؤولة عن القيام بواجباتها على هذا الصعيد .. على الدولة أن تقوم بمسؤولياتها في مواجهة الإرهاب التكفيري ومنع تمدده وحماية المواطنين من أخطاره وتهديداته, وعندها لن يتقدم أحد على الدولة وسنكون في المواقع الخلفية، أما عندما لا تقوم الدولة بواجباتها فإننا لا نقبل تعطيل المواجهة تحت حجج واهية, لأن تعطيل المواجهة سيمكن الإرهاب التكفيري من التمدد والاعتداء والاحتلال وهذا ما لا يمكن أن نسمح به أو نتراخى أمامه.