عطيل المجلس النيابي يحمل اضرارا اقتصادية واجتماعية كبيرة على لبنان اذ يوجد قوانين عديدة تحتاج الى الاقرار ولا يمكنها الانتظار منها قانون الشراكة بين القطاعيـــن العـــام والخـــاص
حذّر تقرير صندوق النقد الدولي الاخير لبنان من مخاطر وتحديات استثنائية قد تهدد صلابته وتزعزع الثقة به نتيجة تحديات سياسية وأمنية تعود الى توترات المنطقة خاصة في سوريا، والشلل السياسي المحلي (الفراغ الرئاسي، ضعف انتاجية الحكومة، تعطيل المجلس النيابي) ونتيجة تحديات اقتصادية واجتماعية تعود الى النمو الاقتصادي المخيب للامال ( أقل من 2 % ) وتضرر القطاعات الاقتصادية ( السياحة، العقار ) وتدهور المالية العامة وتنامي الدين العام وتفاقم مشكلات البطالة والفقر اضافة الى أزمة النزوح السوري الكثيف والمتصاعد.
غازي وزني / خبير اقتصادي
ويعتبر صندوق النقد الدولي ان لبنان ليس في أزمة حتى الان ولكنه يخشى ان يكون على طريق الوقوع فيها ما قد يهدد استقراره الاقتصادي والاجتماعي، ويقترح التوصيات التالية:
1- اقرار مشروع موازنة 2015: يعزز مصداقية لبنان لدى المؤسسات المالية الدولية ولدى الستثمرين ويرسل اشارات ايجابية عن ارادة الحكومة خفض الدين العام وضبط العجز المرتفع الذي يقارب 10.5 % من الناتج المحلي ( 7700 مليار ليرة ) من خلال ادراج اجراءات ضريبية تعزز الايرادات منها: ادراج الضريبة على الربح العقاري، رفع الضريبة على فوائد الودائع وارباح الشركات، الغاء الاعفاء عن الرسوم والضريبة على القيمة المضافة على المازوت، زيادة متواضعة للضريبة على القيمة المضافة من 10 % الى 11 % . كما يعتبر ان اقرار الموازنة يتيح للحكومة تنفيذ خطوات اصلاحية على صعيد الخدمات الاجتماعية ويتيح زيادة حصة النفقات الاستثمارية الضعيفة على البنية التحتية التي لا تتجــاوز 2 % من الناتج المحلي.
أما في ملف سلسلة الرتب الرواتب فانه يجب تمويلها من ايرادات واضحة، مقسّطة ودون مفعول رجعي كما نجد انه يقضي ضمّها الى الموازنة العامة تقيدا بمبدأ شمولية ووحدة وسنوية الموازنة وافساحا للوضوح والشفافية في أرقام الايرادات والنفقات والعجز الفعلي.
2- اقرار مرسومي الغاز والنفط: نجد ان أسباب عدم اقرار الحكومة المرسومين غير واضح خاصة ان التأخير في اقرارهما قد يؤثر على مصداقية لبنان في الخارج ويخفف من اهتمامات الشركات النفطية العالمية للسوق اللبناني ويساعد على استيلاء اسرائيل على جزء من ثروة لبنان النفطية اضافة الى انه يخسّر لبنان الاسواق المحتملة لتسويق انتاجه في المستقبل…
كذلك فان تعطيل المجلس النيابي يحمل اضرارا اقتصادية واجتماعية كبيرة على لبنان اذ يوجد قوانين عديدة تحتاج الى الاقرار ولا يمكنها الانتظار منها قانون الشراكة بين القطاعيـــن العـــام والخـــاص ( مشكلات البنية التحتية )، ومشاريع قوانين مالية ملّحة وضرورية للقطاع المالي ( تبادل المعلومات الضريبية، مكافحة الارهاب، نقل الاموال النقدية ) اضافة الى ان تعطيل المجلس النيابي يتسبب بخسارة لبنان القروض الدولية الميسّرة والطويلة الاجل منها قروض البنك الدولي التي تفوق قيمتها المليار دولار المخصصة لقطاع المياه والسدود والجسور…
3- اصلاح قطاع الكهرباء وزيادة الاستثمار في القطاع لزيادة الطاقة الانتاجية: لا تتجـاوز الطاقة الانتاجية حاليا 1500 ميغاوات بينما الطلب يفوق 2800 ميغاوات. يجدر على الحكومة ان تستفيد من انخفاض اسعار النفط عالميا لتقليص عجز المؤسسة التي بلغت في العقدين الاخيرين 25 مليار دولار اي حوالي 40 % من الدين العام اضافة الى انه يجدر عليها الاسراع في معالجة الخلافات بين وزارتي الطاقة والمالية المتعلقة بموضوع الضريبة على القيمة المضافة، خلافات تسببت بتأخير الانتهاء من انشاء معمل دير عمار بقدرة 700 ميغاوات لاكثر من سنتين.
4- طلب المساعدات الدولية لتغطية احتياجات النازحين السوريين المقدرة بحوالي 1.5 مليار دولار للعام الحالي. ينعكس النزوح السوري سلبا على الخدمات العامة ( الصحة والتربية حيث يسجل وجود 800 الف نازح يحتاجون الى العناية الصحية وحوالي 140 الف نازح يحتاجون الى التعليم ) كما ينعكس النزوح سلبا على البنية التحتية خصوصا على قطاع الكهرباء حيث يتسبب النزوح بطلب اضافي للطاقة الانتاجية يقدر بحوالي 300 ميغاوات فضلا عن التأثيرات السلبية على سوق العمل والفقر…
5-اصلاح ظاهرة البطالة: اتسعت ظاهرة البطالة في الفترة الاخيرة الى أكثر من 21 % من القوى العاملة نتيجة تزايد الطلب أكثر من 50 % من قبل النازحين السوريين ونتيجة ضعف الاقتصاد على توليد فرص عمل كاف لتلبية حاجات التوظيف. يبلغ عدد النازحين السوريين الناشطين حوالي 450 الف ويمثلون نسبة 31 % من اجمالي النازحين ويؤثرون على غالبية القطاعات الاقتصادية حيث يعتبر القطاع التجاري الاكثر تضررا ثم يليه القطاع الصناعي كما يؤثرون على عمل الشباب والنساء وأصحاب المهارات العالية والشهادات الجامعية حيث تصل البطالة لدى الشباب الى 34 % والنساء الى 18 %.
يتجه لبنان نحو الازمة، أزمة قد تتيح باستقراره الاقتصادي والاجتماعي. بات على القوى السياسية تحمّل مسؤولياتها من ناحية تفعيل المؤسسات الدستورية وتنفيذ الاصلاحات التي توقف التدهور الحاصل وتحسّن الظروف الاجتماعية وتحتوي المخاطر القادمة.