من يتابع مسار تعاطي البعض مع رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" النائب العماد ميشال عون بشأن رفض وصوله الى رئاسة الجمهورية، يرى وجها للشبه من رفض هذا البعض تعيين قائد فوج المغاوير العميد شامل روكز في قيادة الجيش.
ذوالفقار ضاهر
من يتابع مسار تعاطي البعض مع رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" النائب العماد ميشال عون بشأن رفض وصوله الى رئاسة الجمهورية، يرى وجها للشبه من رفض هذا البعض تعيين قائد فوج المغاوير العميد شامل روكز في قيادة الجيش اللبناني، ودلالات التشابه بين الامرين ليست صعبة الفهم كثيرا، فهي تتركز حول محاولة جهات سياسية منع العماد عون ومن حوله من تبوّؤ مراكز قيادية في الجمهورية اللبنانية.
وهذا الموقف غير مبرر لا في القانون ولا في السياسة ويؤكد الكيدية التي يتم التعاطي فيها مع العماد عون وخطه السياسي، ففريق رئيس تكتل التغيير والإصلاح طالما طالب بوصوله الى رئاسة الجمهورية باعتباره الاجدر من ناحية ترؤسه لاكبر كتلة نيابية مسيحية وللحيز الشعبي الذي يناله وما يزال هذا الرجل، ومؤيدو هذا الرجل طالما تمسكوا بضرورة وصول الرئيس المسيحي القوي الى قصر بعبدا تماشيا مع وصول كل من رئيس الحكومة ورئيس المجلس النواب المتفق عليهما شيعيا وسنيا في لبنان، فلماذا يأتي الدور الى المسيحيين ونحتاج الى توافق جميع القوى السياسية عليه داخليا وبعض الدول خارجيا؟، بحسب ما يقول مؤيدو عون.
لماذا استخدام المعايير المزدوجة مع العماد عون وفريقه؟
وان سلمنا جدلا ان كل ما سبق هو كلام في السياسة يحتاج الى وسائل لترجمته في القانون والدستور، فكيف يمكن فهم منع وصول العميد روكز الى قيادة الجيش رغم ان القوانين تتيح له ذلك؟ فهل غير السياسة هي التي تقف عائقا بوجهه؟ فالسياسة التي تمنع وصول عون الى قصر بعبدا يفترض انها نفسها التي تمنع روكز من تسلم قيادة المؤسسة العسكرية، ولماذا استخدام المعايير المزدوجة مع العماد عون وفريقه خاصة؟ فمرة يقال ان لا قوانين توجب وصول الرئيس الاقوى لسدة الرئاسة، وبنفس الوقت عندما توجب القوانين وصول شخصية ما الى قيادة الجيش، يمتنع تطبيق القانون بحجج واهية، فقط لان القانون إن طُبق يسمح لـ"صهر" العماد عون بالوصول الى القيادة، رغم ان الرجل لديه من الكفاءة ما يؤهله لتسلم المسؤولية والجميع يعترف انه بقدراته وجهوده وصل الى ما وصل اليه، وليس بواسطة عائلية او غيرها كالوراثة السياسية مثلا، كما يحصل مع الكثيرين في لبنان، فهل تكافأ الكفاءة في لبنان بهذا الشكل؟
رغم ان حالة شامل روكز تكاد تكون فريدة من نوعها فهذا الرجل قد تضره مسألة قرابته من العماد عون اكثر مما تفيده، ورغم ذلك فالرجل لم يتزلف ولم يطالب بمنصب بل طالما عمل بما تقتضيه مسؤولية وواجباته العسكرية، وبحسب المتابعين لم ترصده الكاميرات في مناسبات التيار الوطني الحر واحتفالاته كي لا ينظر له انه قريب للجنرال او من فريقه السياسي، فهل المطلوب في لبنان على اصحاب الكفاءة ان يكونوا تبّعا للسياسيين وان لا يتحصنوا بالاستقلالية كي يحصلوا على حقوقهم؟
ولكن يبدو ان البعض لا يريد نهجا سياسيا بعينه، وما يريده فقط هو التعاطي بكيدية مع العماد عون وكل ما قد يكون من "رائحته"، فالبعض لا يريد ان يناقش عون وتياره لا في السياسة ولا في القانون، لا شعبيا ولا رسميا، فما سر هذا الاستهداف؟، فمبادرات العماد عون وطروحاته ترفض قبل ان تناقش، فالبعض يأخذ على "التيار الوطني" تحالفه مع المقاومة وحزب الله في حين لا احد يتوانى عن فتح قنوات الحوار مع الحزب تحت مسميات مختلفة، والبعض الذي كان يأخذ على التيار خصامه مع "القوات اللبنانية" اليوم بدأ يوجه سهام النقد للحوار الذي فتح معها، وايضا هناك من كان يأخذ على العماد عون وتياره استمراره في انتقاد "تيار المستقبل" وعندما توجه عون لفتح قنوات الحوار مع الحريري وجد من داخل "التيار الازرق" من يهاجمه ويشكك بنواياه حتى وضعت الفيتوات على عون وخياراته.
فلماذا كل هذا الاستهداف؟ وماذا عن امكانية تعيين العميد روكز في قيادة الجيش؟ وما هي الاسباب الحقيقية وراء منع وصول الرجل الى المنصب الاول في المؤسسة العسكرية؟
حول ذلك يقول عضو تكتل "التغيير والاصلاح" النيابي النائب نبيل نقولا ان "السبب الحقيقي لعدم تعيين قائد جديد للجيش اللبناني هو ان العميد شامل روكز هو صاحب الحق بذلك بحسب القانون"، ولفت الى ان "الاعتراض على تعيين روكز هو انه صهر الجنرال عون رغم ان روكز يشهد له الجميع باستقلاليته وقدراته كما انه لا يقدم اوراق اعتماده لدى اي من السياسيين"، واكد ان "مشكلة روكز لدى البعض في لبنان انه صاحب كفاءة".
ودعا نقولا في حديث لقناة المنار "الجميع الى احترام القانون وعدم الغاء احد لا سيما المسيحيين الذين يشكلون نصف البلد"، واكد ان "المسيحيين سيحصلون على حقوقهم ومن غير المسموح التعدي على حقوقهم بعد اليوم فهذا الامر انتهى"، واضاف "أما ان هناك مشاركة في هذا البلد وإما ان البعض يريد ان يلغي الوجود المسيحي في لبنان على طريقة الجماعات الارهابية انما من الناحية السياسية"، واعتبر ان "الحديث عن انتخاب رئيس للجمهورية قبل تعيين قائدا للجيش فهو نوع من الحجج الواهية والتبريرات غير الكافية".
ورأى نقولا ان "المسألة ليست مسألة تعيين موظف في الادارة اللبنانية بل المسألة هي عملية قانونية دستورية متكاملة تهم كل البلد بما يدل على تقصير في عمل الحكومة ورئاستها"، وسأل "لماذا انتظر رئيس الحكومة والحكومة للبحث في موضوع التعيينات في اللحظة الاخيرة؟"، واضاف "لماذا تبسيط وتسخيف الامور بهذه الطريقة من قبل البعض؟"، ولفت الى ان "طريقة التعاطي من قبل البعض في موضوع التعيينات هو محاولة ابتزاز والغاء سياسي لفريق معين من اللبنانيين وان طريقة تعاطي التيار الوطني الحر تأتي دايما في اطار رد الفعل على محاولات الالغاء هذه".
نقولا: "التيار الوطني الحر" يخوض معركة الدفاع عن الدستور والقوانين
وشدد نقولا على ان "موقف التيار الوطني الحر اليوم في موضوع التعيينات الامنية هو معركة الدفاع عن الدستور واعادة الصلاحية لاصحابها بحسب القوانين لان هناك تعطيل للقوانين والانظمة التي تحكم التعيين في قيادة الجيش وقيادة قوى الامن الداخلي"، وسأل "لماذا كل شي ضد مصلحة التيار الوطني الحر يجب القبول به ولماذا استهداف التيار يجب ان يمر مرور الكرام"، وتابع "في السابق جرى التمديد للعماد قهوجي بشكل مخالف للقانون واعتبر وقتها هذا الامر مسألة امر واقع واليوم تتكرر القضية مع البصبوص وقد تعاد الكرّة مع اللواء قهوجي باعتبار انها امر واقع".
وقال نقولا إن "التمديد للواء بصبوص هو نوع من الحشر في الزاوية لفريقنا السياسي فلماذا لم يبادر الوزير نهاد المشنوق في السابق الى طرح هذا الموضوع ولماذا انتظر حتى اللحظة الاخيرة حتى تمَّ بت هذا الامر؟"، واضاف "ربما وزير الدفاع الوطني سمير مقبل سيحاول القيام بنفس الخطوة على صعيد قيادة الجيش بالتمديد للعماد جان قهوجي منعا لتعيين قائدا جديدا للجيش"، وتابع "هكذا قرارات بعدم تسريح قائد الجيش او التمديد له تتضمن مخالفة واضحة للقانون"، داعيا "لتطبيق القوانين التي تحكم قيادة الجيش وقوى الامن الداخلي".
وأسف نقولا ان "البعض في لبنان يراهن على متغيرات في المنطقة ويرهن مستقبل البلد والاستحقاقات الدستورية رهنا بمجريات المنطقة"، وسأل "كيف ان حكومة ليس لديها القدرة على إجراء تعيينات في الادارة سيكون لها القدرة على حماية الوطن والمواطن في لبنان"، ورأى ان "هكذا حكومة باتت بحكم حكومة الامر الواقع"، رافضا "تحميل التيار الوطني الحر مسؤولية تعطيل او شل عمل الحكومة"، وتابع "هذه الحكومة مشلولة اصلا ولم تقم بالمهام الاساسية الملقاة على عاتقها وفي طليعتها المحاسبة والتعيينات".
أيا تكن المواقف السياسية التي ستتخذ من ملف التعيينات الامنية داخل الحكومة وخارجها، يجب ان يبقى التركيز من الجميع على الاخطار المحدقة بالبلد وان لا تضيع البوصلة بضرورة دعم الجيش والقوى الامنية كمؤسسات بعيدا عن الاسماء التي تكون على رأسها، كي تستطيع كافة الاجهزة اولا واخرا من القيام بدورها على اكمل وجه في حماية لبنان واللبنانيين..