يستعيض النائب وليد جنبلاط في تقويمه الوضع الداخلي «وما تبقى من الشرق العربي الملتهب» عن الصورة القاتمة بالصورة الواقعية: «انا واقف على الارض وقدماي على الارض، بينما يقيم سواي في عش النسر.
نقولا ناصيف
يستعيض النائب وليد جنبلاط في تقويمه الوضع الداخلي «وما تبقى من الشرق العربي الملتهب» عن الصورة القاتمة بالصورة الواقعية: «انا واقف على الارض وقدماي على الارض، بينما يقيم سواي في عش النسر. تعلمت من دروس الماضي». هنا الجزء الثاني من المقابلة معه:
■ كيف يمكن منع تعطيل حكومة الرئيس تمام سلام؟
ــــ لا املك جوابا.
■ ما الذي تستطيع فعله مع الرئيس نبيه بري؟
ــــ لا نستطيع ان نفرض، لا انا ولا الرئيس بري، على الافرقاء الاساسيين المسيحيين تشريع الضرورة. الرئيس بري يعتقد، ومعه حق، ان غياب مكوّن اساسي يفقد الاجتماع ميثاقيته. هو لا يريد الدخول في مغامرة غير ميثاقية.
■ اي ان ما يجري مع مجلس النواب مرشح لأن تتعرض له الحكومة؟
ــــ ربما نعم. اليوم نرى كوارث في كل ارجاء العالم. فوضى عالمية. تالياً لا احد يبالي بنا. حسنا اهتم الاميركيون والفرنسيون قليلا بتزويدنا السلاح للجيش.
■ كل هذا السجال هل هو على تعيين قائد جديد للجيش؟
ــــ قسم منه. لكن القسم الاساسي لا يزال يدور حول وهم بعض القادة المسيحيين ان احدهم سيأتي رئيساً. اقول ذلك بكل صراحة.
* ما يتحدث عنه العماد ميشال عون ان له الحق في تعيين الضباط الكبار كما تعيّن انت رئيس الاركان، وتيار المستقبل المدير العام لقوى الامن الداخلي، والرئيس بري وحزب الله المدير العام للامن العام؟
ــــ صحيح. لكن في الوقت الحاضر في وسعنا الانتظار الى ايلول، عندما يحين اوان هذا الاستحقاق. قد تكون وجهة نظر الرئيس بري بالاستمهال الى ايلول محقة، حتى موعد انتهاء ولاية العماد قهوجي. من المستحسن في هذه الظروف ان لا نتحدث كثيرا عن التعيينات داخل الجيش لانها تضرّ به وبمصلحته.
■ اذن نحن امام شغور عام في البلاد ما دام لا اجتماع للحكومة هذا الاسبوع؟
ــــ اهتمامات المواطنين في عالم آخر. همّ المواطن العادي ليس انتخاب الرئيس، بل امنه وقانون السير اذا كان سيطبق كاملا والصحة. الموضوع الرئاسي صار شأناً ثانوياً. اذا سألتني رأيي اقول صرخة إشمئزاز تجاه نقابة الاطباء. قد يكون الطبيب الموقوف ممتازاً، لكن في نهاية المطاف ماذا نقول للام والاب بعدما فقدت طفلتهما اوصالها نتيجة اهمال طبيب ومستشفى؟ تفضل ماذا تفعل النقابة! صرنا الآن في عالم الحصانات. حصانة على السياسي، حصانة على الطبيب، حصانة على المحامي بعدما شاهدنا اخيرا مظاهر العنف... للجميع حصانات تحميهم، وتعطل في الوقت نفسه دور العدالة وتعزز انتهاك القانون وممارسة العنف.
■ نذهب من هنا الى اين، ليس ثمة خارج ولا داخل؟
ــــ يجب ان نجد طريقة مع الرئيسين بري وسلام. كلاهما صمام امان. لا يمكن فرض اي امر، بل انتظار الوحي علّه يهبط على البعض. ربما يهبط عليهم الملاك جبريل.
■ هل يساعد سحب ترشيح هنري حلو على اجراء الانتخابات؟
ــــ لماذا اسحب هنري حلو؟ ليس هو مَن يعطل الانتخاب، ولا يؤدي سحبه الى حلحلة. اذا انسحب او اعتقد احدهما ان سحبه سيوصله الى الرئاسة، فهو لن يصل. سحبه لا يحل المشكلة لانها ليست عنده. اضف ان من حقنا نحن، ونمثل 11 صوتاً، ان يكون لدينا مرشح. اقول مجددا ان القادة الكبار المعنيين لم يقتنعوا بعد بأنهم لن يصلوا. هناك انقسام في البلاد، لا هذا الفريق سيقبل بذاك المرشح، ولا ذلك الفريق سيقبل بهذا المرشح. يكفي. عندما لا يكون هناك مرشحون آخرون، يعني اننا نهين الطائفة المارونية العريقة بالقول ان ليس هناك شخص سوى هؤلاء يمكن ان يتوافق اللبنانيون عليه. اريد ان اذكّر هنا بأيام الانتداب. اكثر من رئيس انتخب او عيّن ايام الانتداب الفرنسي كانوا مسيحيين، لكنهم لم يكونوا موارنة، مثل الارثوذكسيين شارل دباس وبترو طراد والانجيلي ايوب ثابت. ليس لدي فكرة هل ان الظروف تسمح بالعودة الى الانتداب؟ انا من الذين يدعون الى عودة الانتداب ويترحّمون عليه. سبق وذكرت، كما الرئيس بري، اننا من جيل القوميين العرب كنا رفضنا سايكس ــــ بيكو وأدنّاه لأنه مزّق العالم العربي. هذا غير صحيح، بل كان العالم العربي ولايات عثمانية ولم يكن موحدا. القى علينا الانكليز حلم المملكة العربية الواحدة الموحدة، فاذا نحن ننتهي في سايكس ــــ بيكو. صرنا نترحم على سايكس ـ بيكو. اعتقد انني عندما اجتمع بالرئيس هولاند، لاحقا، سأفاتحه في امكان اعادة الانتداب الفرنسي الى لبنان موقتا من اجل انتخاب الرئيس، ما دام الانتداب فعل ذلك قبل عقود. ما احوجنا الى انتداب موقت. يغطّ لانتخاب الرئيس ثم يطير.
■ ماذا عن صديقك جان عبيد مرشحا توافقيا؟
ــــ لا اريد الدخول في الاسماء. هناك مرشحون توافقيون، ونحن سمينا الاستاذ هنري حلو.
■ وسوريا؟
ــــ انتهت سوريا. رحم الله حكمت الشهابي الذي قال لي ثلاثة اسابيع بعد اندلاع الثورة السلمية في درعا: هذا الرجل مجنون. سيقود سوريا الى الحرب الاهلية والتقسيم. كان لا يزال في دمشق. طلب موعدا من بشار الاسد، فلم يستجب طلبه. غادر الى باريس، وكنت التقي به هناك. قبل اسبوعين من وفاته في آذار 2013 قال لي: سوريا التي نعرفها انتهت. تذكر ما كنت قلته لك قبلا. الآن النظام او ما تبقى منه يدرك انه سيخسر ما تبقى من دير الزور وحلب، ويتحضر لخطة تراجع الى الساحل وحمص والشام.
■ وعبدالحليم خدام؟
ــــ التقيت به في باريس اخيراً، وانا اراه دائما عندما ازورها. بدوره هو قلق على مصير سوريا. في نهاية المطاف هذان الرجلان، الاول رئيس الاركان والثاني وزير الخارجية ثم نائب رئيس الجمهورية، هما آخر مَن تبقى من الحرس القديم. غاب حكمت وخدام آخرهم. يقول ايضا ان سوريا انتهت.
■ أليس مسؤولا عما وصلت اليه سوريا؟
ــــ لا، ليس مسؤولا ابدا. المسؤول هو التوريث الذي حصل بعد وفاة حافظ الاسد. عندما بات امام الامر الواقع اصطدم به، اي توريث بشار. لم يكن يستطيع ان يعترض رغم انه كان على اذن الرئيس حافظ الاسد كما حكمت الشهابي. لكن التوريث وقع، وكان قد بدأ على ايام باسل الاسد قبل مقتله في حادث سيارة. ارغم الجميع على التسليم بالتوريث، فوصلنا الى ما وصلنا اليه. اذكّر بأن عبدالحليم خدام، بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، غادر الى باريس عبر لبنان وجرّب من هناك انشاء جبهة الخلاص الوطني عام 2005، لكن الفرنسيين لم يسمحوا له بذلك.
■ لا يزال صديقك؟
ــــ طبعا، اكيد. لا انكر انني كنت حليفا لسوريا، وكان مع العماد حكمت ممن حموني طوال 27 عاما في لبنان وسوريا من جراء النميمة التي تعرضت لها من لبنان. كانوا مثابة حاجز دونها، وايضا في الداخل السوري، لأن لأصحاب النميمة في لبنان رجالا داخل النظام كما حصل مع رفيق الحريري عندما نمّوا عليه ما ادى ذلك الى اغتياله. وهذا ما تحدثت عنه صراحة في شهادتي امام المحكمة الدولية.
موقع المنار غير مسؤول عن النص وهو يعبّر عن وجهة نظر كاتبه