فشلت الجماعة المسلحة في تسويق نظريّة «تحييدها» المناطق الدرزية، بعد الترويج لخسارتها الميدانية في «الثعلة» على أنّها انسحاب بقرار سياسي.
فراس الشوفي
فشلت الجماعة المسلحة في تسويق نظريّة «تحييدها» المناطق الدرزية، بعد الترويج لخسارتها الميدانية في «الثعلة» على أنّها انسحاب بقرار سياسي. يوم أمس، اشتعلت الجبهات في القنيطرة، خصوصاً في بلدة حضر، ذات الغالبية الدرزية، لتكون نسخة طبق الأصل عن مسرح يلعب فيه الإسرائيلي إلى جانب المسلحين في مواجهة الجيش السوري وأهالي البلدات المهاجَمة.
لم تُوَفَّق الجماعات الإرهابية المدعومة من إسرائيل ووكالة الاستخبارات الأميركية ( «الأخبار»، العدد ٢٦١٥) في انتزاع أي تقدّم عسكري أو سياسي بعد فشل هجومها أمس على مطار الثعلة العسكري غرب مدينة السويداء وتعاضد أهالي المحافظة مع الجيش السوري في صدّ الهجوم. وسريعاً، وجّهت «غرفة العمليات الأردنية (الموك)» بالتعاون مع «شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان)» الإرهابيين إلى جبهات محافظة القنيطرة، فشنّ الإرهابيون هجوماً عنيفاً مع ساعات الفجر الأولى على مواقع «اللواء 90» في التلول الحمر، شمال شرق بلدة حضر المقابلة لبلدة مجدل شمس في الجولان المحتلّ.
خروج معركة مطار الثعلة عن السياق المرسوم لها لجهة صمود المطار وتكاتف الأهالي والفصائل المقاتلة إلى جانب الجيش، بدل انعكاس سقوط المطار على انفكاك أهالي المحافظة عن الجيش تدريجاً وتالياً عن جسم الدولة السورية، دفع بإسرائيل والدول الداعمة إلى توجيه الإرهابيين نحو السعي لتحقيق غايتين عبر الهجوم على مواقع الجيش، صباحاً في حضر، ثمّ استكمال الهجوم على التلال الحامية لمدينتي البعث وخان أرنبة القريبتين. أوّلاً، تبحث الجماعات المسلّحة عن انتزاع نصر عسكري في الجبهة الجنوبية بدل هزيمة مطار الثعلة وفصل القنيطرة نهائياً عن دمشق، وتعمل إسرائيل بحجّة الهجوم على حضر والخطر على أهلها من وقوع مجازر، على تسويق حاجة الأهالي إلى المساعدة الإسرائيلية، وبالتالي تبرير تدخّل إسرائيلي لم تتّضح آلياته بعد، تحت ستار العصب المذهبي واندفاع أهالي قرى الجليل والكرمل في شمال فلسطين المحتلة لمساعدة أقاربهم في سوريا.
مع ساعات الفجر الأولى أمس، شنّ المسلحون هجوماً مباغتاً على مواقع «اللواء 90» في التلول الحمر، انطلاقاً من بلدة بيت جنّ التي تسيطر عليها ميليشيات محلية مدعومة من إسرائيل، أبرزها «لواء عمر بن الخطاب»، إضافة إلى «الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام» و«جبهة النصرة» و«حركة أحرار الشام»، التي تجمّعت أمس تحت عنوان «جيش حرمون». وتمكن المسلّحون من السيطرة على المواقع عند الظهر، بعد معارك ضارية خلّفت عشرات القتلى في صفوف المهاجمين، وسقوط عددٍ من الشهداء في «اللواء 90» وشهيد من حضر يدعى غسان البصّار. وترافق الهجوم مع قصف عنيف من راجمات الصواريخ والدبابات وقذائف الهاون على المواقع وعلى بلدة حضر وحرفا وغالبية مواقع الجيش في المنطقة، من بيت جنّ وبلدة جباثا الخشب جنوب غرب حضر. مصادر عسكرية وأخرى من اللجان الشعبية في حضر شاركت في المعارك أكّدت لـ«الأخبار» أن «المسلحين لم يتمكنوا حتى الآن من التقدم نحو حضر، وهناك مقاومة عنيفة من الجيش واللجان». وأشارت المصادر إلى أنّ «المسلحين محاصرين في التلال منذ الصباح (أمس) والقوات تحاول التقدم نحوهم لاستعادتها من الجنوب والشرق، لكنّ رصاص القنص والقصف من جباثا وبيت جن يعيق التقدّم». وأشارت مصادر عسكرية أخرى إلى أن «قوات المؤازرة تمكنت قبل الغروب من الوصول إلى محيط المواقع». وأكّدت مصادر اللجان الشعبية أن «إسرائيل تسمح للمسلحين بالاقتراب من موقع المرصد واستهداف الجيش وحضر من هناك بالأسلحة الثقيلة، فيما تطلق النار على أي مجموعة من اللجان أو الجيش تحاول الالتفاف على المسّلحين». بدورها، لفتت مصادر عسكرية في جبل الشيخ لـ«الأخبار» إلى أن «مسلحي بيت جن أطلقوا النيران باتجاه مواقع الجيش في عرنة وفتحوا عدة نقاط اشتباك وهمية، لإسكات مدفعية الجيش التي تغطّي الجيش وأهالي حضر في التلول الحمر». وبحسب المصادر العسكرية، تمكّن المدافعون من أسر ستّة إرهابيين. كذلك شنّت الطائرات الحربية أكثر من 15 غارة على تجمّعات المسلحين في بيت جن ومزرعة بيت جن وخان الشيح لقطع خطوط إمدادهم.
وفي ساعات بعد الظهر، وسّعت المجموعات الإرهابية هجومها، فاستهدفت خان أرنبة ومدينة البعث وجبا بقذائف الهاون، ما أدى إلى سقوط شهيدة مدنية و12 إصابة. وعند الغروب، بدأت الجماعات الإرهابية بقصف مواقع الجيش في تل الشعار وتل البزاق وتل الكروم التي تحمي خان أرنبة، وحاولت التقدّم من جهة كروم جبا، ليقوم الجيش بردّ الهجوم وإيقاع أعداد من القتلى بين المسلّحين. وبحسب آخر المعلومات ليلاً، استمرت الاشتباكات حتى ساعات متأخرة، في ظلّ الحشود العسكرية التي جمعتها الفصائل الإرهابية على مدى الأيام الماضية من جبهات وادي اليرموك ومنطقة الجيدور بين درعا والقنيطرة، في مقابل استقدام الجيش والدفاع الوطني تعزيزات عسكرية كبيرة.
وفي الوقت الذي تؤكّد فيه مصادر أهلية ومصادر اللجان الشعبية في بلدة حضر أن «معنويات الأهالي مرتفعة والبلدة صامدة رغم انقطاع الكهرباء وشبكات الهاتف الخلوي»، استمر الإعلام الإسرائيلي بالتهويل على واقع البلدة، و«إمكانية قدوم لاجئين منها إلى الحدود مع الجولان (المحتل)».
لكن أجواء الأهالي تؤكد أنّه «لا يمكن أن يدخل أي إرهابي إلى حضر... لدينا الإرادة والذخيرة والطعام وكل ما نحتاج إليه لردّ عملاء إسرائيل».
وأكّدت المصادر أن «الحديث الإسرائيلي عن لاجئين هو كذب موصوف، فنحن لا يمكن أن نترك بيوتنا»، موجهة رسائل إلى أهالي الجليل والكرمل والجولان المحتل «الذين يتعاطفون معنا، ما نحتاجه منكم هو منع إسرائيل من دعم الإرهابيين وعلاجهم، لا السلاح أو المشافي الميدانية»، في إشارة إلى ما قيل عن مشفى ميداني جهّزه عدد من أهالي مجدل شمس المحتلة.
وبعد الظهر، تجمّع عدد من أهالي الجليل والكرمل على مقربة من الشريط الشائك في مقام أبو ذر الغفاري بين بلدتي مسعدة ومجدل شمس لمراقبة تطوّرات المعركة، فطردتهم قوات من الشرطة وجيش الاحتلال. ثمّ انتقل المتجمهرون إلى «النقطة 105» التابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي قرب بلدة بقعاتا المحتلة، وحاولوا اقتحام المشفى الميداني الذي تقيمه شعبة المخابرات العسكرية الإسرائيلية لعلاج جرحى إرهابيي «النصرة» بعد أنباء عن وصول 7 إرهابيين أصيبوا خلال المعارك في التلول الحمر، إلّا أن عناصر الاحتلال منعوهم. وقالت مصادر من بلدة مجدل شمس المحتلة إن «أهالي الجليل والجولان إن أرادوا مساعدة حضر عليهم الضغط على إسرائيل لوقف دعم النصرة، ومعالجة جرحاها الذين نقلوا إلى مستشفى زيف في صفد ومستشفى بوريا في طبريا ومستشفى رام بام في حيفا».
موقع المنار غير مسؤول عن النص وهو يعبّر عن وجهة نظر كاتبه