تناولت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الثلاثاء 23-06-2015 في بيروت مواضيع عدة كان أبرزها قضيّة تسريب أفلام تعرّض عدد من الموقوفين في سجن رومية للضرب من قبل عناصر أمنية وردود الفعل عليها
تناولت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الثلاثاء 23-06-2015 في بيروت مواضيع عدة كان أبرزها قضيّة تسريب أفلام تعرّض عدد من الموقوفين في سجن رومية للضرب من قبل عناصر أمنية وردود الفعل عليها، التي ما زالت تتوالى فصولاً..
السفير
المشنوق يلتقي «المعنّفين».. ونادر الحريري يبلغه دعم «المستقبل»
سلام: سيكون هناك مجلس وزراء.. وقرارات
وتحت هذا العنوان كبتب صحيفة السفير تقول "ما زالت قضيّة تسريب أفلام تعرّض عدد من الموقوفين في سجن رومية للضرب من قبل عناصر أمنية وردود الفعل عليها، تتوالى فصولاً. وهذا الأمر كان محطّ النقاش خلال الاجتماع الوزاري ـ الأمني الذي ترأسه رئيس الحكومة تمام سلام، في حضور وزيري الداخلية نهاد المشنوق والعدل أشرف ريفي، والمدعي العام التمييزي القاضي سمير حمود، والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص.
وعلمت «السفير» أن المجتمعين بحثوا في أساس القضية وكيف جرت الحادثة، فتبين ان العسكريين موقوفين لدى النيابة العامة لاستكمال التحقيق معهم حول الخلفيات. كما أن هناك عنصرين فقط هما من قام بضرب الموقوفين وبدوافع فردية شخصية، وسيستمر التحقيق مع الموقوفين خلال اليومين المقبلين وسيحال الموقوفون الى المحاكمة العسكرية.
وأكّدت مصادر المجتمعين أن «القرار اتخذ بعدم السماح بأي مخالفة أو ارتكاب كالذي جرى، وأن أي عنصر أمني يرتكب مثل هذه المخالفة لن يتم التساهل معه».
وقد طلب سلام من الأجهزة القضائية والأمنية «المضي في تحقيقاتها بكل مهنيّة وشفافيّة وإنزال العقوبات الجنائية والمسلكية بحق من تثبت مخالفته للقوانين». ووصف ما ارتُكب بحق السجناء بأنه «عمل مشين وغير أخلاقي».
وأبلغ سلام وزيري الداخلية والعدل تأييده الكامل لكل الخطوات التي قاما بها، «ولما أبدياه من حكمة ومسؤولية وطنية»، داعياً إلى «التعامل مع هذا الملف برويّة وحصره في إطاره القانوني بعيدا عن الغرضية السياسية والتحريض».
كما أكّد حرصه على حماية مؤسسات الدولة وتحصينها، محذّراً من «استغلال عملٍ شاذّ وغير معهود في سلوك قوى الأمن الداخلي للاساءة إلى هذه المؤسسة الوطنيّة».
وفي إفطار جمعية «المقاصد الإسلامية»، غروب أمس في «البيال»، تناول سلام ما حصل في رومية، منوهاً بوزيري الداخلية والعدل معتبراً أنهما تصديا لمن يريد الإيقاع بالبلد ومن يريد زرع الفتنة.
وفي موضوع الحكومة أشار سلام إلى أنه «تم تأليف حكومة المصلحة الوطنية لا لنتنازع او لنتوقف وإنما لنتعاون، وقد اتفقنا منذ البداية أن الأمور الخلافية نضعها جانباً ونمضي في الأمور الوفاقية، والوفاق سيبقى رهاني. وأنني في موقعي مؤتمن على الوطن وليس على المنصب». أضاف: «لست أنا الذي سيوقف هذا البلد عن التقدم والمسيرة ولست أنا الذي سيتخلى عن مسؤولياته في هذه الظروف الصعبة، بل سأستمر وسأصارع وسيكون هناك مجلس وزراء وقرارات ومواقف لمجلس الوزراء لأن البلاد بحاجة».
المشنوق في رومية
الوزير المشنوق استقبل، عصر أمس في مكتبه في الوزارة، مدير مكتب الرئيس سعد الحريري نادر الحريري الذي اكد دعم تيار «المستقبل» له. وكان المشنوق قد تفقد، قبل الظهر، سجن رومية والتقى الضباط والمسؤولين في السجن، ثم الموقوفين الثلاثة الذين تعرضوا للتعنيف والضرب.
وأكد المشنوق أنّهم «بعد نقلهم (المساجين) الى المبنى ب لم يتعرضوا لأي اذى وهذا يدل على نجاح التشكيلات»، معلناً أنّه «إذا كانت استقالتي تمنع التطرف في لبنان فأنا مستعد لتقديمها. وأقول لكل من يتعاطى مع الموضوع من السياسيين إنهم لا يخدمون إلا التطرف وهو لا يحميهم، أيا يكن انتماؤهم، لأن التطرف سيطال الدولة وكل مؤسساتها».
وأعلن أنه «ستتم محاسبة أي ضابط أو عنصر يخالف الحقوق الانسانية لأي سجين، والضباط هم مسؤولون عن تطبيق القوانين على المساجين»، كاشفاً أنّ «التوقيفات حصلت منذ شهرين، وأن الموقوفين (من العناصر الأمنية) هم 3 مسلمين و3 مسيحيين». وشدّد على أن «الخطأ الذي ارتكبه بعض العسكريين لا يجب ان ينال من الاجهزة الامنية»، لافتاً الانتباه إلى أنّ عودة المبنى «ب» الى قبضة الإرهابيين لن تحدث.
وأكد المشنوق أنه لا يوافق على «اتهام وزير العدل اشرف ريفي بتسريب فيديو الاحداث، لأنه لا يزعزع موقعي، بل مؤسسات الدولة». وقال: «إن المعركة ليست ضمن البيت الواحد، وهناك من يرى في هذا البيت انه يجب التعاطف مع الحال الشعبية»، مضيفاً: «لن أرد في السياسة على أحد، ولكن سأرد يوما ما لأن إفراغ مؤسسات الدولة هو خدمة للتطرف، والخطأ لن يتكرر».
النهار
سلام يُنهي التريّث وجلسة الأسبوع المقبل
احتواء عاصفة التعذيب والحريري يدعم المشنوق
وتناولت صحيفة النهار قضية رومية وكتبت تقول "مع ان تداعيات قضية تسريب شريطين مسجلين لتعذيب سجناء في سجن رومية حجبت في اليومين الاخيرين المشهد السياسي المأزوم على خلفية تمادي تعليق جلسات مجلس الوزراء، عادت الازمة الحكومية الى الصدارة مساء امس من خلال مواقف بارزة أطلقها رئيس الوزراء تمام سلام، بدت إيذانا بانتهاء مرحلة الانتظار التي التزمها منذ ثلاثة اسابيع، فيما اتجهت قضية تعذيب السجناء الى الاحتواء أمنيا وقضائيا.
وقد أعلن الرئيس سلام في كلمة ألقاها في حفل افطار جمعية المقاصد أنه "سيكون هناك اجتماع لمجلس الوزراء ... وأقول بالفم الملآن، وبضمير مرتاح لست أنا الذي سيوقف هذا البلد عن التقدم، ولست أنا الذي يتخلى عن مسؤولياته في هذه الظروف الصعبة، بل سأستمر وسأصارع وسأتعاون مع الجميع وسيكون هناك مجلس وزراء ومواقف لمجلس الوزراء". كما أطلق دعوة واضحة الى عدم تعطيل السلطة التشريعية قائلا إنه "من غير المعقول في نظامنا الديموقراطي أن تشل السلطة التشريعية وسنتعاون معها من أجل ان نسير بالوطن الى شاطئ الأمان".
وعلمت "النهار" من مصادر مواكبة أن الرئيس سلام وانطلاقا من تفاهم واسع بينه وبين رئيس مجلس النواب نبيه بري، يحضّر لجدول أعمال الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء الاسبوع المقبل بالتزامن مع انطلاق مشاورات من أجل فتح دورة استثنائية لمجلس النواب.
التحقيقات والمشنوق
أما في ما يتعلق بالتحقيقات التي أجريت مع رجال الأمن الذين أوقفوا عقب بث الشريطين، فكشف النائب العام التمييزي سمير حمود لـ"النهار" أنه تبين ان عملية التعذيب لثلاثة سجناء هي فردية وغير ممنهجة، ولم تكن بناء على طلب احد. وتوقع أن تنتهي قريبا التحقيقات الاولية التي تجريها شعبة المعلومات في قوى الامن الداخلي مع خمسة عناصر من قوى الامن الداخلي أوقفوا على ذمة التحقيق، وسيحال ملف التحقيق الاولي مع الموقوفين على القضاء اليوم. وعلمت "النهار" ان التحقيقات الاولية أظهرت ان اثنين من الموقوفين توليا ضرب السجناء الثلاثة الذين بدوا في الشريطين فيما كان موقوف ثالث يصوّر ما يحصل من غير ان يخبر السلطات الامنية المختصة. اما الموقوفان الآخران، فيحتمل ان يكونا سربا الشريطين ولم يخبرا ايضا السلطات الامنية بما حصل. ويتركز التحقيق على كشف عملية التسريب.
وقام وزير الداخلية نهاد المشنوق غداة انفجار هذه القضية بزيارة لسجن رومية حيث التقى السجناء الثلاثة الذين تعرضوا للتعذيب، وأعلن ان التحقيق مستمر لمحاسبة كل من شارك في عمليات التعذيب، مشددا على ضرورة "ألا ينال هذا الخطأ والارتكاب من هيبة قوى الامن الداخلي المسؤولة عن أمن كل اللبنانيين". وأوضح ان السجناء الثلاثة أبلغوه أنهم منذ انتقل قسم من السجناء الى المبنى "ب" لم يتعرضوا لأي أذى او خطأ، "مما يدل على ان التدابير التي اتخذناها أوقفت مخالفة أبسط حقوق السجين" وأكد انه "لن يسمح بأي خطأ من أي نوع في حق السجين مهما كانت تهمته، وتصويب الخطأ سيحصل بقسوة هذه المرة ضمن سقف القانون". كما رفض اتهامات وجهت الى وزير العدل أشرف ريفي بتسريب الاشرطة. وفي خطوة اكتسبت دلالة بارزة قام مدير مكتب الرئيس سعد الحريري السيد نادر الحريري مساء بزيارة للوزير المشنوق وأكد له دعم الرئيس سعد الحريري و"تيار المستقبل" له في موقفه من هذه القضية.
اجتماع السرايا... وريفي
ولعل اللافت في هذا السياق، كان تشبيه وزير العدل اللواء ريفي اتهامه بتسريب شريطي الفيديو اللذين يظهران التعرض بالضرب لعدد من نزلاء سجن روميه واعادته الى التنافس مع وزير الداخلية نهاد المشنوق بـ" قصة أبو عدس" وقال: "هناك من يرتكب الجريمة، ويقول إن أبو عدس هو من ارتكبها، واليوم هناك من وزّع أربعة فيديوات، وليس فقط اثنين - وهو فريق واحد، وهذا ما سيصل اليه التحقيق تماماً ليقول إنه خلاف نهاد المشنوق وأشرف ريفي، إنها فعلاً كقصّة أبو عدس".
وفي حديث الى "النهار" بعد الاجتماع الذي رأسه الرئيس سلام وحضره وزير الداخلية والمدعي العام التمييزي والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء ابرهيم بصبوص، صرح ريفي: "ان أربعة أفلام سرّبت بالأمس، وليس فقط اثنان: فيلمان لمقاتليْن من حزب الله يعذّبان أناساً سنّة على الجبهة - والأرجح في القلمون - اضافة الى فيلميْ سجن رومية، وذلك من أجل التجييش. وتلاحقت الحملة بشكل أرادوا فيه إظهار الأمور وكأن هناك صراعاً بيني وبين الوزير نهاد المشنوق، ولسنا لا أنا ولا هو في هذا الصغر أو الخفّة. الأمور أكبر من ذلك".
وحمّل وزير العدل مسؤولية تسريب الفيديوات الأربعة لـ"جهة واحدة هي حزب الله وماكينته". وقال: "إن حزب الله وراء هذه الحملة. فهو بعدما عطّل الحكومة، يريد زرع الشقاق داخل الفريق الواحد، والهدف واضح ضرب الاعتدال السنّي، وضعضعته".
وبرزت في اطار ردود الفعل الواسعة التي أثارتها هذه القضية تفاعلات نيابية، فطالب النائب مروان حماده بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية تضع يدها على الحادث وعلى أوضاع سائر السجون اللبنانية" بما فيها سجون وزارة الدفاع والامن العام وغيرها من السجون الرسمية وغير الرسمية الحزبية وغير الحزبية التي حولت لبنان الى نقيض ما عملنا من أجله على مدى عقود". كما طالب رئيس لجنة حقوق الانسان النائب ميشال موسى بجلسة استثنائية لمجلس النواب من اجل مناقشة واقرار اقتراح الهيئة الوطنية لمناهضة التعذيب تطبيقا للاتفاقات الدولية التي وقعها لبنان. ودعا النائب سمير الجسر الى ادراج اقتراحه المتعلق بتحريم التعذيب في اطار تشريع الضرورة.
ولم تقتصر الردود على الاطار المحلي، إذ أبدت المنسقة الخاصة للامم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ "قلقها من التقارير الاخيرة في شأن خروق حقوق الانسان في سجن رومية"، وشددت على أهمية الاجراءات الفورية التي اتخذها كل من وزيري الداخلية والعدل لمعالجة ادعاءات الايذاء بما فيها فتح التحقيق الجنائي. وأكدت دعمها للحكومة اللبنانية لانهاء ظاهرة الافلات من العقوبة واستعداد الامم المتحدة لمساعدة لبنان في الوفاء بالتزاماته القانونية كدولة طرف في عدد من الاتفاقات الدولية المتعلقة بحقوق الانسان.
الأخبار
«الجهاديون» يبيحون دم المشنوق
وحول الموضوع نفسه كتبت صحيفة الأخبار تقول "فعل فيديو تعذيب السجناء الإسلاميين فعله. شدّ عصب الجماعات الإسلامية مجدداً، مُنبِئاً باستدراج ردود فعل انتقامية ستتسابق عليها التنظيمات الفاعلة في الميدان اللبناني، من «كتائب عبدالله عزام» الى «تنظيم الدولة الإسلامية» و«جبهة النصرة». أما في ما يتعلق ببنك الأهداف، فاللائحة تطول.
من «الصحوجي» و«المرتد» و«الخائن» مروراً بـ«عدوّ الله» إلى «اقتلوا جلّاد رومية»، كلها عبارات، تبعاً لدلالاتها الشرعية، تعني هدر دم وزير الداخلية نهاد المشنوق والتحريض على قتله. وهو ما يبدو أن تيار المستقبل أدرك خطورته، عقب «انتفاضة الأحد» ضد المشنوق، ما دفع مستشار الرئيس سعد الحريري، نادر الحريري، إلى لقاء وزير الداخلية مساء أمس والإعراب عن تضامنه معه.
هدر الدم طال أيضاً ضبّاطاً وعناصر من فرع معلومات في قوى الأمن الداخلي، سُرّبت أسماؤهم ونُشرت صورهم وصور أفراد عائلاتهم وأماكن سكنهم على فايسبوك، مع دعوات إلى الاقتصاص منهم. الحملة التي انطلقت عقب تسريب فيديو التعذيب، أعقبتها حملة موازية شُنّت على «الوزير العلماني المقرّب من الغرب والذي يحابي حزب الله للوصول الى رئاسة الحكومة»، انخرط فيها دعاة عرب في موازاة حملة شرسة رُصدت على شبكات التواصل الاجتماعي للتنظيمات «الجهادية». مصادر «جهادية» قالت لـ»الأخبار»، تبعاً لذلك، إن «استهداف المشنوق واجب متى أمكن ذلك وتوافرت المقدرة عليه».
الشيخ الفارّ أحمد الأسير هاجم «الصحوجي المشنوق»، فيما غرّد المتحدث باسم «كتائب عبدالله عزام» سراج الدين زريقات، على تويتر، واصفاً وزير الداخلية بـ»سجان رومية». ورأى الداعية المصري في بريطانيا هاني السباعي أن «مشكلة سنّة لبنان تكمن في عوائل علمانية محسوبة على السنّة كالصلح وكرامي والحريري ومشايخ سلفية مموّلة سعودياً دجّنوا سنّة لبنان وميّعوهم عقدياً». أما الداعية السعودي محمد العريفي فرأى أن «استهداف أهل السنّة ووحشية التعامل معهم صار حدثاً يومياً»، معتبراً أن تحرّك العلماء والولاة والهيئات الإسلامية بات «واجباً». ونُقل عن «الأمير العسكري» لتنظيم «الدولة الاسلامية» في القلمون موفق أبو السوس قوله إن «العسكريين الأسرى بخير. بس ما حيضلّوا بخير».
مصادر أمنية أكّدت أن هناك خطراً محدقاً بوزير الداخلية، مشيرة الى أن تسريب شريط الفيديو «شدّ عصب الجماعات الاسلامية وقد يدفعها الى عمليات انتقامية ربما تستهدف مراكز حزبية أو حواجز عسكرية أو عناصر أمن».
وبحسب المعطيات، فإنّ تنظيم «كتائب عبدالله عزام»، الذي تعرّض لضربات قاصمة أدت الى خسارته قيادات من الصف الأول (وفاة ماجد الماجد، توقيف نعيم عباس وجمال الدفتردار ووسام نعيم)، عاد لينمو مجدداً. وترجّح المعلومات الأمنية أن يستغل هذا التنظيم الوضع للقيام بعمل عسكري انتقامي يشدّ الأنظار إليه، علماً بأن «الكتائب» تعتبر نفسها الأحق بقيادة الساحة اللبنانية من حيث أقدمية العمل فيها.
وتكشف المعلومات عن تنسيق قوي في لبنان بين «الكتائب» و«النصرة»، مشيرة إلى أن تنظيم عزام بايع «الجبهة» «بيعة حرب» منذ نحو سنة. وهذه البيعة تعني أنه ما دامت هناك حرب قائمة، فإن «الكتائب» تسير وفق خطط «الجبهة» لكونها الفصيل الأقرب فكراً وعملاً، فضلاً عن العلاقة الجيدة التي تربط زريقات بأمير «النصرة» في القلمون أبو مالك التلي.
الساحة اللبنانية ليست لـ«الكتائب» وحدها. فمصلحة تنظيم «الدولة أن يكسب الآن الحاضنة الشعبية ويخطف القلوب المكلومة بعمل عسكري مميز»، بحسب مصادر جهادية، لما لسجن رومية من رمزية، سيما أن زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي والمتحدث باسمه أبو محمد العدناني أتيا على ذكر سجن رومية في خطبهما.
وبحسب التقارير الأمنية، فإن تنظيم «الدولة» يحاول ترتيب خلاياه في لبنان، وهو تمكن من استقطاب شباب كثر، بينهم من كان سابقاً في عداد «سرايا المقاومة» التي يشرف على عملها حزب الله.
وتكشف المعلومات أن «نائب أمير الساحة متفق عليه حالياً»، إلا أن الوالي لم يعيّن بعد. وتشير المصادر إلى أن «الدولة تشترط أن يكون الوالي عراقياً أو أجنبياً من غير أهل البلد»، كاشفة أن «الشيخ أحمد الأسير يُريد قيادة الساحة، رغم أنه لم يُبايع دولة الخلافة، لكن هناك مفاوضات وقد يقترب من التنصيب». كذلك تكشف مصادر «جهادية» لبنانية أن ممثلين عن «الدولة» عرضوا البيعة على توفيق طه، لكنه رفض. وينقل عنه «وصفه لهم بالخوارج وأن منهجهم منهج تطرف وغلوّ، ولا يتفق معهم فكرياً أو عملياً».
اللواء
سلام يَخرُج عن صمته: مجلس الوزراء سينعقد ويتخذ قرارات
موفد الحريري يؤكّد الثقة بوزير الداخلية .. وريفي لـ«اللــواء»: أنا والمشنوق في خط واحد
بدورها كتبت صحيفة اللوء تقول "قطع الرئيس تمام سلام الشك باليقين, وأكد أنه «سيكون هناك مجلس وزراء وقرارات لمجلس الوزراء ومواقف لمجلس الوزراء ودور لمجلس الوزراء، نرفع جميعاً رأسنا به».
ومضى الرئيس سلام، في كلمة له في الإفطار الذي أقامته جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في «البيال»، قائلاً وبنبرة عالية: «لست أنا الذي يتخلّى عن مسؤولياته.. وبضمير مرتاح لست أنا الذي سيوقف هذا البلد عن التقدّم».
ولم يقف جزم رئيس مجلس الوزراء على تطمين اللبنانيين بأن «السلطة التنفيذية لن تشلّ، بل أكد أنها ستتعاون مع السلطة التشريعية أيضاً لتقوم بواجباتها، لأنه من غير المعقول في النظام الديموقراطي أن تشلّ السلطة التشريعية باعتبارها العمود الفقري لهذا النظام»، في إشارة إلى عزم الحكومة على فتح دورة استثنائية لمجلس النواب.
وانطلق الرئيس سلام في الإعلان عن هذه المواقف المتقدمة، بعد لغط وتساؤلات وتسريبات عن أن مجلس الوزراء سوف لن يجتمع خلال شهر رمضان، وأن العطلة الحكومية قد تدوم إلى ما بعد رمضان، مما يعني حكماً أن الشلل سيصيب الحكومة بعد مجلس النواب والشغور الرئاسي.
لكن الرئيس سلام الذي اعتبر أنه «في موقع الأمانة في رئاسة مجلس الوزراء، وأنه مؤتمن على الوطن وليس على منطقة»، وهذا يقتضي وفقاً لما يراه المضي قدماً في اعتماد الأمور الوفاقية، «فالوفاق سيبقى رائدي وسأستمر على هذا النحو، عملاً بالآلية التي اعتمدت بعد تشكيل حكومة «المصلحة الوطنية»، الأمر الذي يعني إبعاد أي بند لا يكون موضع وفاق».
وعلى هذا الصعيد، اعتبرت مصادر وزارية أن رئيس مجلس الوزراء في هذا الموقف الحاسم رمى الكرة إلى ملعب تكتل «الاصلاح والتغيير» وحليفه «حزب الله» حيث من المتوقع أن يصدر التكتل موقفاً بعد اجتماعه اليوم، مع العلم أن وزير التربية والتعليم العالي الياس بوصعب أعلن أمس أن وزراء التكتل سيحضرون أي جلسة لمجلس الوزراء.
وتوقّع المصدر أن تنجلي المعطيات السياسية المتعلقة بتحديد موعد جلسة مجلس الوزراء لغاية يوم الجمعة المقبل، على أن يكون الرئيس سلام تلقى ردوداً مباشرة على هذا التوجه، وربما زار الرئيس نبيه برّي لهذه الغاية.
بدوره أبلغ أحد الوزراء الناشطين على خط ترميم الوضع السياسي «اللواء» أن أفكاراً جديدة أصبحت في حوزة الرئيس سلام، وتحمل في طياتها مخارج للعقد الحالية، وهو بصدد وضع الكتل الوزارية في أجوائها قبل الدعوة إلى جلسة لمجلس الوزراء في موعد لا يتعدى نهاية الشهر الحالي.
أما مصادر «تكتل التغيير والاصلاح» فقد نفت أن تكون هناك زيارة قريبة لأحد من وزيري التيار العوني للرئيس سلام، مشيرة الى أن التكتل ينتظر حصيلة اللقاءات التي ستعقد لمعالجة الوضع الحكومي ليحدد خطواته اللاحقة، مكررة القول بأن التحركات الشعبية هي من بين الخيارات التي يمكن اللجوء إليها.
تعذيب السجناء
وفي اعتقاد مصادر سياسية أن «قطوع» تعذيب السجناء شكل حافزاً إضافياً لإعادة لمّ الشمل الحكومي، بعدما كانت التجمعات الاحتجاجية على التعذيب والإهانة، ضربت في قلب العاصمة وطرابلس وامتدت إلى صيدا والبقاع، وسط مخاوف جدية من تدهور الوضع الأمني في المخيمات وتزايد المخاطر من تصعيد الجماعات المسلحة عند الحدود الشرقية، لا سيما في جرود عرسال ورأس بعلبك، حيث ينشغل الجيش في مواجهات ومناوشات يومية مع مسلحي جبهة «النصرة» و«داعش»، وانعكاس ذلك على العسكريين المحتجزين لدى هذين التنظيمين.
وباكر الرئيس سلام في معالجة ذيول ما نجم عن تسريب أشرطة التعذيب والضرب لسجناء رومية الإسلاميين، فاجتمع بعد ظهر أمس بوزيري الداخلية نهاد المشنوق والعدل اللواء أشرف ريفي، في حضور مدعي عام التمييز القاضي سمير حمود والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء إبراهيم بصبوص، وكان تشديد على رفض المسّ بالسجناء الذين هم في عهدة القوى الشرعية، بصرف النظر عن هويتهم وأسباب سجنهم، وفي الوقت نفسه، رفض الحملة الجارية على قوى الأمن وعلى الوزيرين المعنيين المشنوق وريفي، واعتبار أن المعالجة لا تكون في الشارع بل عبر الإجراءات التي اتخذت على صعيد التحقيق والتوقيفات ومحاكمة الدركيين المتورطين الذين ارتفع عددهم إلى ستة واتخاذ الإجراءات اللازمة في حقهم. وشدّد الرئيس سلام أثناء الاجتماع على أن لا تهاون في ما خص هيبة الدولة وسلامة القانون واحترام حقوق الإنسان.
وعلمت «اللواء» أن إجراءات اتخذت، سواء على صعيد تشكيل القوة المولجة حماية سجن رومية وتشديد الرقابة والتفتيش على عمل هؤلاء، منعاً لتكرار ما حدث في حق السجناء عمر الأطرش وقتيبة الأسعد ووائل الصمد.
وأشاد الرئيس سلام بأداء كل من الوزيرين المشنوق وريفي، واعتبر أن عملهما جاء متكاملاً في استيعاب صدمة تسريب الأشرطة ومضاعفاتها في الشارع، مؤكداً تأييده الكامل لكل الخطوات التي قاما بها حتى الآن لمعالجة هذا الملف، واصفاً ما ارتكب بحق السجناء بأنه «عمل مشين وغير أخلاقي، فضلا عن أنه مخالف للدستور الذي يكفل حقوق الإنسان، لكنه دعا في الوقت نفسه إلى التعامل مع هذا الملف بروية، وحصره في إطاره القانوني بعيداً عن الغرضية السياسية والتحريض الذي يُسيء للاستقرار».
المشنوق
وقبل هذا الاجتماع، كان الوزير المشنوق قام بخطوة كبيرة باتجاه سجن رومية، واجتمع بضباط وآمري السجن، ثم التقى السجناء الثلاثة الذين أظهرت الشرائط المصورة تعرضهم للضرب المبرح: عمر الأطرش وقتيبة الأسعد ووائل الصمد، قبل أن يعقد مؤتمراً صحفياً واضعاً فيه النقاط على الحروف، موجهاً رسائل ثلاث باتجاه مؤسسة قوى الأمن والسجناء الذين تعرضوا للضرب والتعذيب وأهاليهم، وإلى الذين قاموا بالاعتداء عليهم، مؤكداً ان هذا الارتكاب الذي قامت به مجموعة من العسكريين يجب ألا ينال ولا لحظة من هيبة قوى الأمن الداخلي ولا من سمعتها، وانه ستتم محاسبة أي ضابط أو عنصر يخالف الحقوق لانسانية لأي سجين، لافتاً النظر إلى ان الصلاحيات الموجودة لدى وزير الداخلية كبيرة ولم يسبق استعمالها، واعداً ببذل كل ما في وسعه لحماية مؤسسات الدولة.
ولم يشأ المشنوق الرد في السياسة على أحد، مشيراً إلى انه في يوم من الأيام أعرف كيف أرد جيداً، لكنه أشار إلى الذين يتعاطون مع هذا الموضوع بالطريقة التي يتكلمون بها بأنهم لا يخدمون إلا التطرف من خلال إدانة مؤسسات الدولة، لافتاً إلى ان تفريع هذه المؤسسات هو خدمة للتطرف.
ورداً على سؤال، أعلن المشنوق انه لا يوافق على اتهام وزير العدل اللواء أشرف ريفي بالموضوع. وعن المطالبة باستقالته، قال: «اذا كانت استقالتي تمنع التطرف في البلد فأنا مستعد لأن أستقيل، خاتماً بأن العودة إلى المبنى ب مثلما كان بقبضة الارهابيين لن تحدث، وكرر ذلك ثلاث مرات. ومساء، استقبل المشنوق في مكتبه في الوزارة مدير مكتب الرئيس سعد الحريري نادر الحريري الذي أكد دعم تيّار «المستقبل» له.
ريفي
ومن جهته، لم يستبعد الوزير ريفي لـ«اللــواء» أن يكون المحور السوري وراء تسريب أشرطة تعذيب السجناء في سجن روميه، بهدف إرباك الاعتدال السني وتشويه سمعة شعبة المعلومات في قوى الأمن، ومحاولة ضرب أسفين بينه وبين الوزير نهاد المشنوق، لافتاً النظر إلى من يطالع صحف هذا المحور ومواقعه الإخبارية، يلحظ أن هناك غرفة عمليات وجوقة أبواق كانت «تعزف» على هذه النغمة، لكن ليسمحوا لنا، فأنا والمشنوق أصدقاء ولا خلاف بيننا على الإطلاق، ونحن جميعاً في خط سياسي واحد.
وقال: أما اتهامي بتسريب الافلام فهي واقعة لا أساس لها من الصحة، وذكرتني بفيلم «أبوعدس» بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري بقصد التصويب على غير الجهة الفاعلة، علي طريقة: «كاد المريب يقول خذوني». وكشف ريفي ان عدد الموقوفين من العسكريين ارتفع إلى ستة، وقد تبين ان ثلاثة منهم تولوا تعذيب السجناء، فيما قام الرابع بمهمة التصوير وأعطى الأفلام إلى اثنين من الموقوفين، مشيراً إلى ان التحقيقات القضائية قد تنتهي اليوم أو غداً. وأوضح ان اجتماع السراي كان لتقييم الوضع وضرورة متابعة الإجراءات التي اتخذت، وإن الرئيس سلام شدّد على ضرورة الانتباه في هذه المرحلة الحسّاسة.
البناء
مفاوضات النووي تتقدّم والخلافات تتقلّص قبيل أسبوع من نهاية مهلة قابلة للتمديد
جنبلاط يجمّد مساعيه بعد اصطدامه برفض السويداء... ويهدّد أهلها بـ«النصرة»
المشنوق يربح الجولة على ريفي ملوّحاً بالاستقالة في وجه الحريري
صحيفة البناء كتبت تقول "على خلفية سترسم مستقبل الكثير من المتغيّرات في المنطقة والعالم، يبدأ الأسبوع الأخير من المفاوضات الدائرة بين إيران ودول الخمسة زائداً واحداً، حول ملفها النووي، ووفقاً لمصادر الفريقين، كان أبرزها كلام كبير المفاوضين الإيرانيين عباس عراقجي بقوله إنّ الخلافات حول نصّ الاتفاق الشامل صارت أقلّ، والصياغة تتواصل على مستويات معقدة تقنية وقانونية وسياسية، كاشفاً عن اجتماعات ماراتونية نهاية الأسبوع لملاقاة موعد المهلة المتفق عليها نهاية الشهر الجاري بجهود حثيثة، بينما توقع وزير خارجية بريطانيا فيليب هاموند أن يجري تمديد المهلة إلى ما بعد الثلاثين من حزيران بقليل نظراً إلى طبيعة القضايا المعقدة التي يتناولها التفاوض، متفائلاً بتذليل العقبات، مثله مثل المتحدث بلسان الخارجية الألمانية مارتن شيفر.
المفاوضات التي لا تحتلّ مكانة الخبر الأول في المتابعات الإعلامية تحتلّ هذا الأسبوع مكانة الحدث الأول الصانع للسياسة في المعادلات الدولية والإقليمية وتحبس الأنفاس لمتابعة تطوراته، وعلى قياس درجة الحرارة في فيينا ولوكسمبورغ حيث تعقد جولات المحادثات يمكن قياس درجات الحرارة في ساحات عالمية وإقليمية كثيرة.
لبنان الذي يتأخر عادة لتلقي الإشارات، يبدو كمن دخل ساحة التطورات الحارة، على مستوى مختلف عن المستوى الأمني، حيث يبقى العامل الحاسم هو النجاحات التي يحققها حزب الله في جرود القلمون، وتتراجع فيه قدرة «جبهة النصرة» و«داعش» على اللعب بالداخل اللبناني على رغم عرض القوة الذي شهدته شوارع المناطق اللبنانية أول من أمس، وبدا أن المستهدف فيه هو وزير الداخلية نهاد المشنوق بتقاطعات التنافسات الداخلية، والصراعات بين الأجنحة الحاكمة في السعودية، مع شعور جماعات الداخل التي يشغلها تنظيم «القاعدة»، بالقلق من تداعيات اكتمال نصر القلمون وسقوط معقل عرسال في يد الجيش اللبناني، فكانت الحملة الاستباقية، باستثمار الحرب التي يخوضها وزير العدل أشرف ريفي على المشنوق، وحصوله على دعم رئيس المستقبل سعد الحريري، الذي قام فريق فرنسي بإثارة ذعره من تقدّم علاقات المشنوق بالأميركيين من جهة، وحزب الله وما يمثل من علاقة بإيران من جهة أخرى، عدا ما يحظى به من مكانة لدى ولي العهد السعودي محمد بن نايف، ما يؤهّله في حال صحة ما ينقل عن تقدّم في التفاوض على الملف النووي الإيراني، ليكون مشروعاً جدياً مهيأ لتولي رئاسة حكومة توافقية لا يملك الحريري القدرة على رفضها، خصوصاً إذا تمّ تقديم معادلة بديلة لرئاسة الجمهورية، بحيث تستبدل ثنائية العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية والرئيس سعد الحريري رئيساً للحكومة، بثنائية الوزير سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية والوزير نهاد المشنوق لرئاسة الحكومة.
كما تشجع الحريري ورسم خطاً أحمر للمشنوق، واستدعى منه التراجع عن موقفه المتشدّد تجاه حملة الفيديو المسرّب، يبدو أنّ النهار غير الليل، فهو نهار الاتصالات، التي أوصلت المشنوق إلى رمي قفاز الاستقالة في وجه الحريري، إذا كان كلّ الذي يهمّه مراضاة شارع غاضب ولو كان الشارع لـ»النصرة» و«داعش»، ليضطر الحريري أن يناوب هو ليلة أمس لاسترضاء المشنوق، بإيفاد معاونه السياسي ابن عمّته نادر الحريري مصرّحاً من عنده أنّ تيار المستقبل يؤيد وزير الداخلية.
ومثل الحريري المرتبك، يبدو النائب وليد جنبلاط متوتراً، بعدما كان متحمّساً لسرعة التحرك، فصار يتحدّث عن انتظار التوقيت المناسب، ويبشر بمصالحات كعنوان للتحرك، يعلم أنها لن تتمّ، بين محافظة السويداء السورية و«جبهة النصرة»، فقد خذله جبل العرب للمرة الثانية، وأعلن رفضه لمبادرات جنبلاط وتمسّكه بالقتال مع الجيش السوري وصار سلاح جنبلاط الوحيد، والوقت يداهم المنطقة باستحقاقات يحرص جنبلاط على رصدها ومتابعتها، أن يكتفي بانتظار أن تعاقب «جبهة النصرة» السويداء مرة أخرى على رفض يده الممدودة لسلخ السويداء عن سورية، وهو يعلم أنّ الأمر ليس الحياد ولا حماية المدنيين، ولا قيام دولة درزية مستحيلة، بل فكفكة الدولة والنسيج السوريين، ونقل العدوى إلى لبنان، كما يعلم أنّ الفشل سيعني مشهداً درزياً شبيهاً بمشهد عام 1983، عندما تصدّر جنبلاط صفوف الدفاع عن الجبل، مدعوماً من الدولة السورية وجيشها، فتوّج زعيماً لربع قرن، بينما كانت الزعامة الأرسلانية مرتبكة برحيل الأمير مجيد أرسلان، وعدم تبلور زعامتها الجديدة وظهورها بمظهر المحايد في صراع الجبل مع تصدّر الراحل فيصل أرسلان للمشهد. واليوم تدور الأمور عكسياً، فالأمير طلال أرسلان يبدو في مقدّمة صفوف الدفاع عن جبل العرب داعماً للدولة السورية ومدعوماً منها، بينما الزعامة الجنبلاطية مرتبكة، تبدو في موقع الحياد، والتهديد متشابه، «القوات اللبنانية» يومها تدخل قرى وبلدات جبل لبنان وترتكب المجازر والناس تطلب السلاح ولا تترك مكاناً لمن يتحدّث عن المصالحات والحياد ويمتدح مرتكبي المجازر كشريك لا غنى عنه، وبالصورة نفسها التاريخ يعيد نفسه، لكن مع بلوغ «النصرة» أطراف السويداء وتلويحهم بالمجازر، والخطاب الجنبلاطي الحيادي والمبشر بـ»النصرة» شريكاً، مقابل ضحايا الاعتداءات الذين يطلبون السلاح، موقف أرسلاني يتقدّم صفوفهم بشحذ الهمم تحت راية الدولة السورية وجيشها.
هكذا يلتقي فيديو قلب لوزة عن مجازر «النصرة» في ريف إدلب مع فيديو رومية المسرّب والمبرمج، على رغم الفوارق بينهما في صناعة المشهد السياسي اللبناني، حيث بدا الوزير أشرف ريفي يربح الشارع ويخسر في السياسة، وبدا النائب جنبلاط على المقلب الآخر يخسر الشارع ويخسر في السياسة.
تحضير الساحة الداخلية للحظة أمنية
أرخى تسريب الفيديو الذي يظهر تعذيب موقوفين في سجن رومية، بظلاله على المواقف السياسية، ما استدعى اجتماعاً أمنياً دعا إليه رئيس الحكومة تمام سلام لمعالجة الوضع قبل أن تتفاقم الأمور من خلال السير بالتحقيق القضائي حتى النهاية ومحاسبة الفاعلين، لا سيما بعدما شهدت المناطق اللبنانية أول من أمس قطعاً للطرقات ورفعاً لأعلام «النصرة» و«داعش» وحرق سيارات.
وقال مصدر في قوى 8 آذار لـ«البناء» «إنّ الشريط سرّب بقرار وبتوقيت مريب وبلحظة معينة، علماً أنّ عمره الافتراضي 3 أشهر منذ مداهمة المبنى د». وأضاف: «إذا افترضنا في الشكل أنه صراع بين وزيري الداخلية نهاد المشنوق والعدل أشرف ريفي، لكن المضمون بقطع الطرقات وحرق الإطارات تجاوز إلى ما هو أخطر من ذلك».
وأشار المصدر إلى «أنّ هناك من يريد تأجيج العواطف وأخذها إلى مكان أبعد من الاقتصاص من المشنوق، فهناك كلمة سرّ وساعة صفر وأمر عمليات حرك كلّ المناطق لتعزف على الوتر نفسه من وضع أعلام النصرة والقاعدة وداعش في بعض المناطق، بمعنى آخر أنّ ريفي لا يملك كلّ هذا المستوى من التخطيط والتنفيذ ما يعني أنّ ما حصل له أبعاد أخطر».
وتساءل: «لماذا تزامن تسريب الفيديو مع نشر وثائق ويكيليكس السعودية وكأنّ هناك من يريد من فيديو سجن رومية أن يسرق وجهة الأحداث، فضلاً عن تحضير الساحة الداخلية للحظة أمنية لبنانية قادمة مطلوب أن يؤمّن لها جمرات ووقود».
وأكدت مصادر مطلعة لـ«البناء» أن وزير العدل يريد من خلال تسريب الفيديو تحريك الشارع الطرابلسي ليقطف إسلامياً في الشمال ونجح في ذلك، في حين أن وزير الداخلية ليس من مصلحته تحريك الشارع، لأن العبء سيقع عليه».
واعتبر مصدر في تيار المستقبل لـ«البناء» «أن ما يحصل في سجن رومية هو فضيحة بمعزل عن الجهة التي تتولى موقع المسؤولية اليوم، إلا أنّ الشريط سرّب الآن ومن الطبيعي أن يضع المسؤول الحالي في الواجهة ويجعله مسؤولاً عن التقصير، على رغم أنّ ما حصل في سجن رومية من ممارسات قام بها بعض عناصر الأجهزة الأمنية يحصل في سجون معظم دول العالم».
وأشار المصدر إلى «أنّ ما حصل أثبت أنّ كلّ ما حاول أن يقوله تيار المستقبل لأهالي الإسلاميين الموقوفين بأنّ أبناءهم لا يتعرّضون للتعذيب والأذى والإذلال والإهانة، ظهر أنه غير صحيح».
وحمّل المصدر وزارة الداخلية مسؤولية ما حصل في السجن ومتابعة القضية والتأكد من صحة الشريط ومن سرّبه وكيف سرّب ولماذا؟ كي لا تشعر فئة من اللبنانيين بأنها تتعرّض للأذى دون غيرها.
وكان تسريب الفيديو استدعى اجتماعاً أمنياً في السراي حضره إلى رئيس الحكومة والوزيرين المشنوق وريفي، قادة الأجهزة الأمنية والقضائية. وأبلغ سلام وزيري الداخلية والعدل «تأييده الكامل لكلّ الخطوات التي قاما بها حتى الآن لمعالجة هذا الملف، ولما أبدياه من حكمة ومسؤولية وطنية وحرص على القوانين»، داعياً إلى «التعامل مع هذا الملف برويّة وحصره في إطاره القانوني بعيداً عن الغرضية السياسية».
ورأى المشنوق في مؤتمر صحافي بعد لقاء السجين وائل الصمد وكتيبة الأسعد وعمر الأطرش في سجن رومية: «أن نشر أشرطة لا يزعزع موقعه بل مؤسسات الدولة». وقال المشنوق: «عودة المبنى «ب» إلى قبضة الإرهابيين لن تحدث، وإذا كانت استقالتي تمنع التطرف في لبنان فأنا مستعدّ لتقديمها».
وترافقت الحملة التي يتعرّض لها المشنوق وحرب الشوارع التي حرّكها ريفي ضدّه، مع زيارة قام بها نادر الحريري إلى المشنوق في مكتبه موفداً من الرئيس سعد الحريري، مؤكداً دعم تيار المستقبل له.
الأهالي: تصعيد موجع
في غضون ذلك، تعقد اللجنة الوزارية لملف العسكريين المخطوفين اجتماعاً اليوم لمتابعة البحث في القضية بعدما تلقى الأهالي رسائل تهديدية من «التنظيم» توعّد فيها بمعاملة أولادهم كما يعامل الإسلاميون في روميه. وبعدما نشر زعيم كتائب عبد الله عزام الشيخ سراج الدين زريقات صورة على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» لعناصر قوى الأمن الداخلي الذين خطفوا في آب الماضي بعد حوادث عرسال وللسجناء في سجن رومية الذين تعرّضوا للضرب، قائلاً: «أسرى الأمن الداخلي اللبناني لدى أهل السنة، وأسرى أهل السنة لدى الأمن الداخلي اللبناني».
وعشية الاجتماع قطع أهالي العسكريين المخطوفين لدى «داعش» و«النصرة» طريق عام راشيا الجنوب – المصنع بالإطارات المشتعلة عند مثلث ضهر الأحمر، مطالبين بحلّ أزمة أبنائهم.
وتحدّث نظام مغيط شقيق العسكري المخطوف لدى «داعش» إبراهيم مغيط لـ«البناء» «عن مشاورات تجرى بين الأهالي استعداداً للتحرك الذي سينفذ»، مشيراً إلى «أنّ التحرك سيكون شاملاً وموجعاً، وانّ قطع الطرقات لن يقتصر على قطع طريق واحد، إنما سنقوم بقطع عدد من الطرقات في الوقت نفسه». ولفت مغيط إلى «أنّ تقاعس الحكومة عن القيام بواجباتها تجاه أبنائنا الذين يحمون الوطن، كان السبب الأول وراء تصعيدنا الذي سنلجأ إليه، فنحن نحاول الاتصال بالمعنيين في خلية الأزمة منذ أن تلقينا رسائل تهديدية من «داعش»، ولكن أحداً لا يجيب أو يحرك ساكناً»، معتبراً «أن المسؤولين وللأسف هم غير مسؤولين إلا عن الكراسي التي يجلسون عليها».
وتابع: «كيف لوزير أن يطلب منا فك الاعتصام كرمى للتجار الذين تعرّضت مصالحهم لخسارة بسيطة، ويغضّ النظر عن معاناة الأهالي، مضيفاً: «إنّ المسؤولين في لبنان أكبر خسارة على الوطن».
في المقابل، لفتت مصادر مطلعة لـ«البناء» إلى «أنّ المسلحين يحاولون الضغط على أهالي العسكريين المختطفين في محاولة استفزازهم للنزول إلى الشارع، وباتجاه الجيش في منطقة رأس بعلبك القاع، وفي الوقت نفسه يقومون بعمليات عسكرية على الأرض في محاولة لفك الطوق عنهم في منطقة جرود عرسال».
وفي السياق، استهدف مجاهدو المقاومة والجيش السوري بقذائف المدفعية مقراً لمسلحي «داعش» أثناء اجتماعهم عند معبر ضهر علي في جرد قارة بالقلمون ما أسفر عن مقتل عدد من المسلحين عرف من بينهم أبو مصعب لحاف وأبو كتابة وأسامة شعاره وأحمد وردة إضافة إلى إصابة سبعة مسلحين. وواصل الجيش استهداف تحركات المسلحين التكفيريين في جرود عرسال وجرود راس بعلبك بالمدفعية.
حوار عين التينة
في وقت تعقد الجولة الرابعة عشرة للحوار بين تيار المستقبل وحزب الله الأربعاء في الأول من تموز المقبل، في عين التينة لمتابعة البحث في المواضيع المطروحة على طاولة الحوار والمتعلقة بالوضع الأمني والاستحقاق الرئاسي والملف الحكومي، لا تزال المشاورات الحكومية تراوح مكانها. ورأى وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور «أن الأزمة السياسية متمادية»، مشيراً إلى «أنه لا يبدو أن حلاً ما يلوح في الأفق». ولفت وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب إلى «أننا سنشارك في جلسة مجلس الوزراء عندما يدعو إليها رئيس الحكومة، وأنه علينا التحاور والاتفاق إذا كانت هناك شراكة وطنية حقيقية»، قائلاً: «لا أفهم ما الذي يمنع إقرار التعيينات ولا أفهم أسباب الشغور في المؤسسات ونريد حلاً».