يبدو أن الاتصالات بين تركيا وإسرائيل لبحث المصالحة بينهما عادت إلى الواجهة من جديد، في محاولة أخيرة لإنهاء أزمة سفينة «مرمرة».
حلمي موسى
يبدو أن الاتصالات بين تركيا وإسرائيل لبحث المصالحة بينهما عادت إلى الواجهة من جديد، في محاولة أخيرة لإنهاء أزمة سفينة «مرمرة».
وأشارت صحف إسرائيلية إلى أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أرسل المقرب منه المدير العام الجديد لوزارة الخارجية دوري غولد إلى روما للقاء نظيره التركي فريدون سينيرلي أوغلو سراً، بهدف إنهاء الأزمة بين الدولتين. وقد طالت الأزمة بين الحكومتين التركية والإسرائيلية رغم تدخلات أميركية على أعلى مستوى، وتعرقل إعلان المصالحة حتى الآن.
وقالت صحف إسرائيلية أن مهمة غولد للتصالح مع تركيا، عبر لقاء سينيرلي أوغلو، جرت قبل أسبوع بسرية مطلقة، لدرجة لم يتم فيها إطلاع مستشار الأمن القومي يوسي كوهين عليها. وأشارت «يديعوت احرونوت» إلى أن هدف لقاء غولد مع نظيره التركي هو محاولة تقدير ما إذا كان بالوسع حل الأزمة مع أنقرة فضلا عن عقد لقاء تعارفي.
وذكرت «معاريف» إن يوسي كوهين لم يطلع على المهمة، رغم أن المصالحة مع تركيا كانت بين مهامه المتعددة. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين رفيعي المستوى قولهم إن تكليف غولد بهذه المهمة يشهد على نفوذه لدى نتنياهو، خصوصاً أن في الوزارة نائبا وزيرا والعديد من المسؤولين المنشغلين بهذا الملف «لكن نتنياهو فضل استخدام غولد».
وأشارت «هآرتس» إلى أن الأمر أخفي، ليس فقط عن كوهين وإنما أيضا عن المبعوث الإسرائيلي الخاص للمصالحة مع تركيا المحامي يوسي تشخنوفر، الذي كان مديراً عاماً سابقاً لوزارة الخارجية، وأدار ملف المصالحة مع أنقرة.
وفي كل حال، فإن الاتصالات الجديدة تشكل استئنافاً لمباحثات توقفت منذ عام ونيف، جرت أساسا بين تشخنوفر ومسؤول الملف الإسرائيلي في الخارجية التركية سينيرلي أوغلو. ولمّحت بعض الصحف الإسرائيلية إلى أن تكليف غولد بالمهمة مع تركيا جاء بعد عدم قبول نتنياهو بما سبق أن توصل إليه تشخنوفر وكوهين من اتفاق يكشف بعض خفايا العلاقات داخل المؤسسة الإسرائيلية. ونقلت «هآرتس» عن مسؤول إسرائيلي قوله إنه قبيل سفر غولد للقاء نظيره التركي لم تجر أية نقاشات مرتبة حول وضع المفاوضات بين الدولتين.
وخلقت أزمة العلاقات الإسرائيلية - التركية مشاكل مختلفة، ليس فقط للدولتين، وإنما أيضا لراعية العلاقات بينهما، وهي الولايات المتحدة. وخلال زيارته لإسرائيل في العام 2013 عمد الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى ترتيب اتصال هاتفي بين رئيس الحكومة التركية حينها رجب طيب أردوغان ونتنياهو، اعتذر فيها الأخير عن مجزرة سفينة «مرمرة». وبدأت الأمور بعدها في الدفء، وتم تكليف لجنة مشتركة ببحث كل جوانب القضية، وبلورت صيغة لصفقة تتضمن تعويضات لضحايا الحادث من الأتراك عبر إنشاء صندوق خاص. وجرى الاتفاق أيضا على أن يقر البرلمان التركي هذا الاتفاق بقانون يمنع ملاحقة الإسرائيليين لاحقاً. وفي حينه كشفت «هآرتس» النقاب عن أن نتنياهو لم يقبل التوقيع على الصفقة ما أثار حنق الأتراك وزيادة غضبهم وتعميق الأزمة لاحقاً.
في كل حال، ليس مستبعداً أن إسرائيل بعد أن شعرت بتراجع قوة أردوغان في تركيا إثر نتائج الانتخابات الأخيرة تحركت للاستفادة من الظروف الجديدة. ومعروف أن إسرائيل استقبلت بالترحاب تراجع نفوذ الإسلاميين في تركيا، ورأت أن علاقاتها مع سواهم كانت على الدوام أساسا لعلاقات إستراتيجية بين الدولتين.
وتبلورت أيضا خطة لتطبيع العلاقات بين الدولتين، ما دفع طاقم المفاوضات الإسرائيلية لتوصية نتنياهو والحكومة بقبول الصفقة، لكن رئيس الحكومة الإسرائيلية تراجع في اللحظة الأخيرة عن إبرامها. وبعد أسابيع من ذلك حث الرئيس الأميركي أردوغان على قبول الصفقة، فتم إبلاغه بأن نتنياهو هو من عرقلها وأن «الكرة في ملعب إسرائيل».
وقد تدهورت العلاقات جداً بين إسرائيل وتركيا أيضاً بسبب الحرب الأخيرة على غزة، خصوصا بعد اتهام أردوغان لإسرائيل بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وردت تل أبيب على ذلك باتهامه بمعاداة السامية وتأييد المنظمات الإرهابية. وفي كل حال، فإن جهوداً مستمرة منذ عامين ونصف العام لمصالحة إسرائيل وتركيا لم تُجْدِ نفعاً حتى الآن. ولكن ثمة في إسرائيل حالياً جهات تقول بإمكانية حدوث المصالحة بعد أن ضعف أردوغان.
assafir.com
موقع المنار غير مسؤول عن النص وهو يعبّر عن وجهة نظر كاتبه