"إنَّ تحصين واقعنا من كلّ ما يجري، لا يتم إلا بتكتّل الجهود والطاقات وتوحيدها، وبأن يرتقي الجميع إلى مستوى المسؤوليَّة، وأن يخرجوا من أية رهانات خاطئة يستبدلون فيها بالصديق العدو
رعى العلامة السيد علي فضل الله حفل إفطار جمعيَّة المبرات الخيريَّةـ الَّذي أقامته في مبرة الإمام علي(ع) في معروب في الجنوب، وحضره عدد من الفاعليات الدينيَّة والاجتماعيَّة والبلديَّة والثقافيَّة والحزبيَّة، وممثّلون عن القوى والفصائل الفلسطينيَّة، إضافةً إلى وفد من قوّات الطّوارئ العاملة في جنوب لبنان، برئاسة مسؤول الوحدة الكوريَّة.
بعد كلمة لمسؤول العلاقات العامَّة في الجمعيَّة، جعفر عقيل، ألقى سماحة العلامة السيد علي فضل الله كلمة جاء فيها: "إننا في مرحلة نحتاج فيها إلى التكاتف على مختلف المستويات في المجال الاجتماعيّ، والذي يتحقق من خلال هذا اللقاء وكلّ لقاءات الخير، في مواجهة قضايا المستقبل والمصير في كل الواقع العام.. حيث نواجه في هذه المرحلة تحدّيين خطيرين ماثلين أمامنا على مستوى المنطقة؛ تحدي العدو الصهيوني.. هذا العدو الذي يسعى جاهداً للثأر لهزائمه.. ولهذا هو يتوعّد ويتهدد القرى والمدن... والتّحدّي الثاني هو هذا النّهج الإلغائيّ الإقصائيّ التكفيريّ الّذي بات يزحف الآن إلى كلّ مواقعنا، والّذي بتنا نجد تداعياته المروعة والأليمة في العراق، وسوريا، والسعودية، وليبيا، وتونس، والكويت، وهو قابل لأن يمتدّ إلى مواقع أخرى...".
وأضاف سماحته: "إنَّ تحصين واقعنا من كلّ ما يجري، لا يتم إلا بتكتّل الجهود والطاقات وتوحيدها، وبأن يرتقي الجميع إلى مستوى المسؤوليَّة، وأن يخرجوا من أية رهانات خاطئة يستبدلون فيها بالصديق العدو. إنَّ مواجهتنا لكلّ هذه التحديات، لا يمكن أن تنجح بالاستناد إلى أرض رخوّة، بل تحتاج إلى أرض صلبة نقف عليها.. وإلى أن نسعى لبناء واقع سياسيّ يشارك فيه جميع المكوّنات من دون ظلم أو تمييز، أن نعمّق وحدتنا الداخليَّة، كلٌ في موقعه، على أساس حفظ كلّ منا لحقوق الآخر.. أن نسعى لتأكيد الوحدة الإسلاميَّة، بفضح الأسس الهشّة لخطاب التكفير، ونبذ خطاب الإقصاء والإلغاء، وإعلان حالة طوارئ إسلامية نستعيد خلالها صورة الإسلام المشرق الّتي تم تشويهها في العالم بعدما حُوِّل هذا الدين العظيم إلى دين رعب وإجرام وقتل وسبي.. وبتثبيت نقاط اللقاء، والتشديد على أن ما يجمعنا هو أكثر بكثير مما يفرقنا... وأن نؤكّد اللقاء الإسلاميّ المسيحيّ، وأنَّ الأديان لم يرد لها الله أن تتصارع، بل أن تتكامل...
وتابع سماحة السيد: أن نتفاهم كدول عربيّة وإسلاميّة مع بعضنا البعض.. أن نؤسّس لهذا التفاهم صيغة تحفظ مصالح جميع هذه الدّول، وتزيل الهواجس المصطنعة الّتي تتحكَّم بها.. والتي تدفعها أحياناً كثيرة إلى ممارسة سياسات كيديَّة ينفذ منها الإرهاب ويتسلَّل منها العدوّ الصّهيونيّ والدّول الكبرى لضربناً جميعاً.. أن نزيل هذا الخوف المصطنع للسنّة من الشّيعة، وللشّيعة من السّنة..".
وتابع: "إنّ علينا أن نعي دائماً أنّنا في مركب واحد، إذا غرق، فإنّنا نغرق جميعاً، ولن يسلم فيه أحد، وأنَّ لا خيار لنا إلا أن نعيش معاً. لقد دعونا ولا نزال ندعو، وأمام كلّ العواصف الآتية والزلازل القادمة، إلى تثبيت دعائم هذا الوطن ومؤسّسات الدولة.. أن لا نعبث بمواقع القوّة فيها ونصوّب عليها، بل نعزّزها بقوة الجيش والمقاومة والوحدة الداخليّة.. ولا يظنّ أحد أنه سيسلم بطائفته ومذهبه.. إن لم تسلم بقية الطوائف والوطن".
وختم قائلاً: "إنّ أمانة هذه المؤسّسات وأمانة الوطن بأيدينا، فلنكن جديرين بحمل هذه الأمانة.. أن نؤدّيها ونوصلها إلى شاطئ الأمان".