زجت تركيا،أمس، بتعزيزات عسكرية كبيرة على الحدود مع العراق، في إطار استعداداتها لشن عملية عسكرية واسعة النطاق ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني في جبال قنديل، رداً على الهجوم الذي نفذه المقاتلون الأكراد.
زجت تركيا، أمس، بتعزيزات عسكرية كبيرة على الحدود مع العراق، في إطار استعداداتها لشن عملية عسكرية واسعة النطاق ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني في جبال قنديل، رداً على الهجوم الذي نفذه المقاتلون الأكراد في إقليم هاكاري، والذي أدى إلى مقتل 26 جندياً وجرح 18 آخرين، فيما بدأت وحدات "كوماندوس"، مدعومة بطوافات هجومية عملية توغل داخل أراضي العراق، الذي سعت حكومته إلى احتواء الموقف، عبر التنديد بهجوم "الكردستاني" والتعهد بالتعاون الأمني مع أنقرة، في حين توجه مسؤول كردي عراقي إلى أنقرة لتهدئة الوضع.
وأعلنت هيئة الأركان التركية، في بيان، أن "عمليات برية واسعة النطاق بدأت في خمس نقاط في شمال العراق من قبل 22 فوجا بدعم من الطيران". ولم يوضح البيان عدد القوات التي أرسلت إلى الأراضي العراقية، لكن محللين عسكريين أشاروا إلى ان عديد الوحدات المشاركة في هذا الهجوم الذي يتركز في محافظة هاكاري التركية (أقصى الجنوب الشرقي) ومناطق كردستان العراق، يتراوح بين عشرة آلاف و15 ألف عنصر.
وقدرت مصادر عسكرية تركية أن ألف عنصر من القوات الخاصة، مدعومين بطوافات هجومية، يقومون حالياً بعملية عسكرية داخل العراق، من دون أن يتضح إلى أي مسافة بلغها هذا التوغل، وإن كان محللون قد قدّروا أن نطاق التوغل لم يبلغ حتى الآن أكثر من ثمانية كيلومترات.
وقتل جندي تركي وأصيب ثلاثة آخرون في انفجار لغم أرضي، فيما ذكرت مصادر عسكرية تركية أن 24 من عناصر حزب العمال الكردستاني قتلوا خلال الساعات الماضية.
وقال رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إن "العمليات البرية والجوية بدأت، وهي مستمرة حالياً"، مشيراً إلى أن "الهدف من الهجوم هو تحقيق نتائج" ضد حزب العمال الكردستاني، من دون أن يقدم مزيدا من التفاصيل.
يذكر أن آخر عملية توغل تركية كثيفة في العراق تعود إلى شباط العام 2008 واستمرت وقتها ثمانية أيام.
وكانت مصادر أمنية تركية في ديار بكر، كبرى المدن في جنوب شرق الأناضول، الذي تسكنه أكثرية كردية، أوضحت في وقت سابق أن المقاتلات التركية تواصل قصف معسكرات حزب العمال الكردستاني في الجبال العراقية. وبحسب مصادر في كردستان العراق فقد قصفت الطائرات التركية منطقة حفتنين في قضاء زاخو، التابع لمحافظة دهوك في العراق.
وفي تعقيبه على العملية العسكرية التركية في العراق، قال مسؤول الإعلام في حزب العمال الكردستاني إنه "حتى الآن لا يوجد توغل بري للقوات التركية في أي منطقة... لكنهم إذا أتوا فليأتوا... نحن نرحب بهم هنا".
وأقيمت مراسم عسكرية صباح أمس في مدينة فان التي تبعد 150 كيلومتراً شمالي مناطق المعارك لتكريم الجنود الذين سقطوا في هجوم حزب العمال الكردستاني. وتم تحميل النعوش التي لفت بالعلم التركي على متن طائرات عسكرية تمهيداً لنقلها إلى مسقط رأس الجنود حيث سيوارون الثرى.
وشهدت مختلف أنحاء تركيا تظاهرات عفوية للتنديد بالهجمات. وعلق الكثير من المواطنين العلم التركي على شرفاتهم أو منازلهم حدادا. وألغيت حفلات موسيقية كانت مقررة مسبقا. وأعرب آلاف الأشخاص، من بينهم عدد كبير من طلاب الثانويات، عن حزنهم بتوجههم إلى ضريح مؤسس تركيا الحديثة مصطفى كمال أتاتورك في أنقرة. وردد المتظاهرون "الشهداء لا يموتون والأمة لا تنقسم".
وأسفر النزاع المسلح بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني، الذي بدأ في العام 1984، عن سقوط أكثر من 45 ألف قتيل. ولا يلوح في الأفق أي حل للقضية الكردية برغم إطلاق إصلاحات والتعهد بإعداد دستور جديد يكون أكثر ليبرالية لصالح الأكراد الذين يقدر عددهم بـ15 مليونا من أصل 75 مليونا هم عدد سكان تركيا. وقد عقدت لجنة في البرلمان التركي، يوم أمس، أولى جلساتها المخصصة لمناقشة التعديلات الدستورية.
بغداد تتعهد بالتعاون الأمني مع أنقرة
ونددت الحكومة العراقية بالهجوم الذي شنه المقاتلون الأكراد، متعهدة بالتعاون مع أنقرة على الصعيد الأمني. وأجرى وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري اتصالا هاتفيا بنظيره التركي أحمد داوود أوغلو، أدان خلالها زيباري هجمات "الكردستاني". وأبدى زيباري استعداد الحكومة العراقية للتعاون البناء لمنع تكرار مثل هذه الأعمال على "قاعدة علاقات حسن الجوار والاحترام المتبادل للسيادة والقانون الدولي". واعتبر أن هدف هذه العمليات هو تهديد أمن الحدود وتقويض الثقة والإساءة إلى العلاقات العراقية التركية.
واستقبل داود أوغلو في مقر وزارة الخارجية مساعد رئيس الحزب الديموقراطي الكردستاني في العراق نجرفان البرزاني. وذكرت شبكة "أن تي في" التركية أن المسؤول العراقي أشار إلى أن رئيس إقليم كردستان العراق مسعود برزاني سيقوم بزيارة لتركيا في أقرب وقت ممكن. وأدان نجرفان البرزاني، في تصريحات صحافية عقب اللقاء، الهجوم الذي نفذه مقاتلو "الكردستاني"، مشيراً إلى أن الدســتور العراقــي لا يسمح مطلقا باستخدام أراضي العـراق ضد الدول المجاورة.
في هذا الوقت، نظم أعضاء من الحزب الشيوعي التركي تظاهرة احتجاجية في بلدة بودروم السياحية، اعتراضا على وصول سفينة حربية أميركية على متنها 290 عسكريا إلى السواحل التركية. وبحسب قناة "أن تي في" التركية فإن السفينة ستبقى في بودروم لمدة يومين ثم تتجه إلى مياه البحر المتوسط، من دون أن تتطرق إلى تفاصيل بشأن مهمتها.