تناولت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الخميس 02-07-2015 في بيروت مواضيع عدة كان أبرزها سلسلة الهجمات الكبيرة والمنسقة التي شنها تنظيم "داعش" الإرهابي، على مراكز الجيش المصري
تناولت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الخميس 02-07-2015 في بيروت مواضيع عدة كان أبرزها سلسلة الهجمات الكبيرة والمنسقة التي شنها تنظيم "داعش" الإرهابي، على مراكز الجيش المصري في أكثر محطات الصراع دموية على الارض المصرية خلال السنوات الاخيرة..
السفير
حرب على سيناء وعشرات الضحايا في هجمات منسقة
... ومصر تواجه «داعش» بدمائها
وتحت هذا العنوان كتبت صحيفة السفير تقول "إنها «حرب». هكذا اختصر مسؤول عسكري مصري ما شهدته سيناء امس بعد سلسلة هجمات كبيرة ومنسقة، على مراكز الجيش المصري في أكثر محطات الصراع دموية على الارض المصرية خلال السنوات الاخيرة، وتعكس مدى اتساع الخطر الذي بات تنظيم «داعش» يمثله، لا على هيبة الدولة المصرية فقط، بل على قدرتها على الاحتفاظ بسيادتها على بعض أراضيها.
ولم تكن «حرب سيناء» أمس مشابهة لما جرى في السابق من مواجهات مسلحة بين المسلحين الإرهابيين وقوات الامن المصرية التي لجأت الى استخدام مقاتلات «اف 16» في هجماتها المضادة. فالتكتيكات التي استخدمها تنظيم «داعش» ـ «ولاية سيناء» من حيث ضخامتها، والغارات الخاطفة على مواقع الجيش بخمس هجمات متزامنة في المرحلة الأولى، وإلحاقها بسلسلة من الانتحاريين والانغماسيين، كانت تشي بمحاولة زعزعة سيطرة الجيش على هذه المنطقة الحدودية الحساسة، أو الاستيلاء عليها بعدما نمت فيها على مدى العامين الماضيين حالة أمنية مقلقة. كما تظهر الهجمات المنسقة أن التنظيم التكفيري نقل خبرات راكمها في العراق وسوريا إلى مصر.
وتأتي هجمات، أمس، بالتزامن مع الذكرى السنوية لـ «ثورة 30 يونيو» وسقوط حكم «الاخوان المسلمين»، ثم وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي الى الحكم، في ظل التحديات الأمنية المتنامية عند الحدود الشمالية في سيناء، والغربية من الجهة الليبية التي سبق لتنظيم «داعش» أن نفذ فيها هجمات على القوات المصرية في المناطق الحدودية. وتضع هذه الهجمات الجيش المصري أمام المزيد من التحديات على المستوى الحدودي على وقع تحديات الأمن الداخلي المتواصلة التي كان آخرها، أمس الأول، اغتيال النائب العام هشام بركات.
وسارعت إسرائيل إلى استغلال الهجوم الدموي في سيناء. وأعلن الاحتلال رفع حالة التأهب على الحدود مع مصر. وقال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو «إننا شركاء مع مصر ومع دول كثيرة أخرى في الشرق الأوسط وفي العالم في النضال ضدّ الإرهاب الإسلامي المتطرِّف»، فيما قال وزير الدفاع الإسرائيلي موشي يعلون إنَّ «هناك إرهاباً إسلامياً في كل أرجاء الشرق الأوسط، وأنا من هنا بودي المشاركة في إبداء الأسى ومعانقة الشعب المصري بسبب الحادث الأليم في سيناء».
وبعد ساعات من إعلان السيسي انه سيتم تطبيق أحكام الإعدام بحق العناصر الإرهابية، أقرت الحكومة المصرية مشروعي قانوني مكافحة الإرهاب والانتخابات. وذكر مجلس الوزراء، في بيان، أنه «اتخذ من الإجراءات ما يردع تلك الجماعات الإرهابية على النحو التالي: إقرار حزمة من مشاريع القرارات بقوانين التي تحقق العدالة الناجزة والقصاص السريع لشهدائنا، والموافقة على مشروع قرار بقانون مكافحة الإرهاب الذي يحقق الردع السريع والعادل وكذا اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتجفيف منابع تمويل الإرهاب».
وقتل تسعة من جماعة «الإخوان المسلمين»، بينهم النائب السابق ناصر الحوفي، خلال عملية مداهمة نفذتها الشرطة في القاهرة حسب ما أعلنت الجماعة، فيما قالت الشرطة ان القتلى «إسلاميون مطلوبون»، مضيفة أن المطلوبين أطلقوا النار عندما وصل فريق من قوات الأمن لإلقاء القبض عليهم في شقة في ضواحي القاهرة، وقد قتلوا عندما ردت الشرطة على مصادر النيران.
واستمراراً لحلقات مسلسل الإرهاب وعنف الجماعات التكفيرية في سيناء، تعرض 15 حاجزاً وموقعاً للقوات المسلحة والشرطة إلى هجمات إرهابية مكثفة، في توقيت متزامن صباح أمس، تبناها تنظيم «ولاية سيناء»، فرع تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» - «داعش»، أدت إلى استشهاد أكثر 63 شخصاً، غالبيتهم من العسكريين، بحسب مصادر، و17 بحسب الجيش المصري، ومقتل عشرات الإرهابيين، في اشتباكات وغارات جوية.
وبعد ساعات قليلة من بدء الهجوم، الذي استمر لمدة ثماني ساعات، أصدر تنظيم «ولاية سيناء» بياناً كشف فيه تفاصيل الهجمات على مواقع الجيش المصري في سيناء، مؤكداً أن أنصاره شنوا، بالتزامن، هجمات على أكثر من 15 حاجزاً وموقعاً عسكرياً للجيش.
وقال مسؤول رفيع المستوى في الجيش المصري «إنها حرب. لم نشهد مثل هذا العدد من الإرهابيين ونوعية الأسلحة المستخدمة من قبل». وقال عقيد في الشرطة إن «مسلحين اعتلوا أسطح البنايات وأطلقوا النيران من مدافع الار بي جي على قسم شرطة الشيخ زويد بعدما لغموا الطريق المؤدي له لمنع وصول أي إمدادات للقسم». وقالت مصادر أمنية وشهود إنه سمع دوي انفجارين في مدينة رفح المصرية على الحدود مع غزة.
وذكر تنظيم «داعش» أن «جنوده قاموا بتنفيذ عمليات متنوعة ومتزامنة على نادي الضباط في العريش وكميني السدرة وأبو رفاعي في مدينة الشيخ زويد، وشنوا هجمات بالأسلحة الثقيلة والخفيفة وقذائف ار بي جي والهاون على كمائن (حواجز) الماسورة وسادوت وولي لافي والوفات وأبو طويلة والضرائب وقسم شرطة الشيخ زويد وجرادة والخروبة والعبيدات وقبر عمير والإسعاف والبوابة والشلاق». وأعلن أنه «سيطر على عدة مواقع، وحصل على ما فيها من أسلحة ومعدات، كما تم استخدام الصواريخ الموجهة ضد المواقع المصرية، وقطع الإمداد والسيطرة والتصدي للطيران باستخدام مدافع الدفاع الجوي، ما أجبر الطيران على الابتعاد عن مواقع الاشتباك».
وأعلن تنظيم «ولاية سيناء»، في البيان، «مشاركة 300 عنصر في الهجمات»، بينهم ثلاثة انتحاريين، وهو العدد الأكبر الذي يشارك في عملية له. وأعلن، في بيان آخر، «محاصرة قسم شرطة الشيخ زويد وتفجير آليتين للجيش المصري»، ضمن ما أسماه «الغزوة المباركة لجيش الخلافة في 14 رمضان».
وسارعت القوات المسلحة المصرية إلى شن عمليات مكثفة في شمال سيناء، لملاحقة الإرهابيين، ونجحت في تصفية العشرات منهم في غارات شنتها طائرات «أف 16». وأعلنت القيادة العامة للقوات المسلحة، في بيان، «تصفية أكثر من 100 إرهابي خلال مداهمات للأوكار والبؤر الإرهابية في شمال سيناء».
وأوضحت أنه «في الساعة السادسة و55 دقيقة من صباح اليوم (أمس) قامت مجموعة إرهابية بالهجوم على عدد من الكمائن الأمنية للقوات المسلحة في منطقتي الشيخ زويد ورفح في توقيتات متزامنة باستخدام عربات مفخخة وأسلحة ذات أعيرة مختلفة»، مشيرة إلى أن «عناصر الجيش تمكنوا من التعامل مع هذه العناصر الإجرامية وإحباط كل المحاولات الإرهابية لتحقيق أهدافها».
وأضاف البيان «كما قامت عناصر القوات المسلحة بتدمير 20 عربة كانت تستخدمها تلك العناصر الإجرامية، وجارٍ الآن تنفيذ عمليات التمشيط بالمنطقة». وتابع أن «العمليات الإجرامية أسفرت عن استشهاد 17 من أبطال القوات المسلحة، بينهم أربعة ضباط، وإصابة 13 بينهم ضابط أثناء قيامهم بأداء واجبهم الوطني».
وقال مصدر طبي في شمال سيناء، لـ «السفير»، إن أعداد شهداء الهجمات الإرهابية، وصلت إلى 63، فيما وصل عدد القتلى في صفوف الجماعات الإرهابية إلى أكثر من 70، موضحا أن العناصر الإرهابية هاجمت الحواجز بمدافع هاون وقذائف «ار بي جي» إلى جانب ثلاثة تفجيرات انتحارية بسيارات وأسلحة ثقيلة.
وقال الخبير الاستراتيجي اللواء مجدي البسيوني، لـ «السفير»، «يجب تهجير القرى المليئة بالبؤر الإرهابية في منطقة الشيخ زويد على الفور للتمكن من إبادة الإرهاب بها، ونقل كل المواطنين إلى مناطق الإسماعيلية والعريش وبورسعيد، وحرق منطقة الشيخ زويد بالكامل، ومن يحفر نفقاً يساعد الإرهاب يجب إعدامه»، معتبراً أنه «يجب على الحكومة بناء خندق على طول الحدود مع غزة، لكشف كل الأنفاق الموجودة في المنطقة».
وطالب البسيوني الحكومة «بإقامة نقاط مراقبة دورية على طول الساحل في سيناء، الذي يبلغ طوله 300 كيلومتر، لأنه من المرجح دخول المخدرات والسلاح من البحر»، مضيفا «أقول للحكومة يجب ألا يشغلنا افتتاح المشاريع الكبرى عن مطاردة الإرهاب»، معتبراً أنه «يجب على الدولة أن تخترق الجماعات الإرهابية، وعرض مكافآت لتدعيم الدولة بالمعلومات ومراقبة حركة الإرهابيين، لتسهيل القبض عليهم، وبسرعة تنفيذ الأحكام القضائية ضد الإرهابيين، وأن يكون هناك إجراءات حاسمة ورادعة».
من جانبه، قال اللواء فؤاد علام، الخبير الاستراتيجي وكيل جهاز أمن الدولة الأسبق، لـ «السفير»، إن «السبب الرئيسي وراء الإرهاب والتفجيرات التي تشهدها مصر بصورة شبه يومية هو قدوم الإرهابيين عبر الأنفاق وحدود مصر الشرقية مع غزة»، مضيفاً «باقي حدود مصر الأخرى مؤمنة بالكامل، ولا خوف منها».
وأضاف «هناك حل لدحر الإرهاب يتمثل في وضع منظومة شاملة، لها ستة محاور، اقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية وإعلامية ودينية»، لافتاً إلى أن «كل محور يتطلب قيام الوزارات بواجبات محددة لمواجهة الإرهاب لتقليل الخسائر، وغلق الباب أمام محاولات الإرهابيين تجنيد شبان جدد ودخول التمويل إليهم».
وأكد علام أن «هذه المنظومة قادرة على منع الإرهاب، لأنها تتضمن استيعاب الشباب وتوعيتهم وتصحيح المفاهيم، ومواجهة الفكر الضال، وإثبات أن الأسانيد الفقهية التي يتبعونها لا تستند لصحيح، والمنظومة تخلق وعياً عاماً بالدولة وتجعلها تنهض في مواجهة الإرهاب وبالتالي يتراجع الإرهاب ويمنع التعاطف مع الإرهابيين».
وتابع «لست مع تفريغ الشريط الحدودي وتهجير السكان، ولكن يجب أن يكون هناك بحث فني لكيفية غلق هذه الأنفاق والسيطرة عليها، والقوات المسلحة تقوم بدور بطولي في كشف الأنفاق وتفجيرها، ونجحت حتى الآن في أداء دورها وغلق أكثر من 90 في المئة منها، والأنفاق التي يقوم الإرهابيون بحفرها أصبحت لا تشكل خطراً كالعام الماضي».
النهار
"داعش" يغزو شمال سيناء
مصر لـ"اقتلاع جذور الإرهاب الأسود"
وتناولت صحيفة النهار هجمات سيناء وكتبت تقول "نفذ متشددو "الدولة الاسلامية" كبرى عملياتهم في شمال سيناء، المحافظة المضطربة، فشنوا سلسلة هجمات منسقة واسعة النطاق طوال ثماني ساعات على نقاط تفتيش عسكرية وقتل فيها 70 شخصاً على الاقل، بينهم جنود. وتمثل العملية تصعيدا كبيرا للعنف في شبه جزيرة سيناء التي تتاخم إسرائيل وقطاع غزة وتطل على قناة السويس، وقد أثارت تساؤلات عن قدرة الحكومة على التصدي للإسلاميين المتشددين الذين سبق لهم أن قتلوا مئات من أفراد الجيش والشرطة.
وهذا الهجوم الكبير الثاني تشهده مصر في أسبوع، بعد مقتل النائب العام هشام بركات الاثنين في انفجار سيارة مفخخة في القاهرة.
وأعلنت جماعة "ولاية سيناء" ذراع تنظيم "الدولة الإسلامية" في مصر، مسؤوليتها عن الهجمات في بيان بموقع "تويتر" للتواصل الاجتماعي.
ومساء، أعلن الجيش المصري أنه قتل مئة متشدد في الهجمات، وأكد مقتل 17 من أفراد الجيش بينهم أربعة ضباط، علماً أن وكالات أجنبية للأنباء بينها "الاسوشيتد برس" نسبت الى مصادر أمنية ان 50 عسكرياً على الاقل قتلوا.
وأصدرت القيادة العامة للقوات المسلحة بياناً بثه التلفزيون المصري وجاء فيه أن قوات الجيش تواصل ملاحقة المتشددين "لاقتلاع جذور الإرهاب الأسود" من شمال سيناء. وأكدت "أننا لن نتوقف حتى يتم تطهير سيناء من جميع البؤر الإرهابية وينعم وطننا الحبيب بالأمن والاستقرار".
في غضون ذلك، قتل تسعة "ناشطين اسلاميين" بينهم ناصر الحوفي أحد قادة جماعة "الاخوان المسلمين" في عملية دهم قامت بها الشرطة المصرية.
وأفاد محام من "الاخوان" طلب عدم ذكر اسمه ان الحوفي، وهو عضو سابق في مجلس النواب، قتل خلال دهم شقة في حي 6 اكتوبر غرب القاهرة مع ثمانية أشخاص قالت الشرطة إنهم "اسلاميون مطلوبون".
وأوضح مسؤولان في الشرطة ان المستهدفين في عملية الدهم صدرت في حقهم مذكرات توقيف وكانوا مطلوبين لارتكابهم اعمالاً اجرامية وتخريبية.
الأخبار
مصر تدخل الحرب ضد «داعش»
كما تناولت صحيفة الأخبار التطورات الامنية في سيناء المصرية وكتبت تقول "ربما كان التعاطي مع الملف السيناوي مقابل الأزمة السياسية المصرية وصراع جماعة «الإخوان» والسلطة هامشياً في مراحل ما، سواء على صعيد القيادة المصرية أو من يعاديها. لكن «ولاية سيناء»، التي تمثل الثقل الأكبر في الجماعات المسلحة هناك، ظلت تفرض هذا الملف بقوة على صناع القرار في مصر التي وجدت نفسها بين ليلة وضحاها في أتون الحرب الإقليمية المستعرة ضد «داعش» من العراق إلى ليبيا مروراً بسوريا وتونس واليمن.
صحيح أن اغتيال النائب العام هشام بركات، قبل أيام، لم يحمل بصمات داعشية تتصل بـ«ولاية سيناء» ــ التي لا تتأخر في إعلان عملياتها، بل نقل مقاطع مصورة عنها ــ ولكنه يأذن بأن النار القادمة من الشرق بدأت تلفح وجه العاصمة. حتى في اليوم الأسود الجديد الذي ضرب بالجيش وقوى الأمن، أمس، فإن انفجارات وأحداثاً أخرى بدأت تدوي في القاهرة وضواحيها، وبات الناس يعيشون أجواء كانوا يسمعون بها في دول أخرى.
الغريب في الأمر أن ما جرى كان متوقعاً، وكان الجيش واقفاً ينتظر من يلطمه على خده، وظهر هذه المرة كما المرات الماضية، واقعاً في لعبة «صيد البط».
هذا ليس حديث الصحافة، بل ما كانت تشرحه مصادر أمنية وميدانية إلى «الأخبار»، حينما قالت إن معلوماتها تشير إلى عمليات كبيرة قريبة، فيما كانت تركز عملها على تحصين موقع الكتيبة «101» (العدد ٢٦٢٤ في ٢٥ حزيران)، التي تحوي مقر الحاكم العسكري للعريش، ومقر قائد العمليات العسكرية للجيش الثاني الميداني، وكذلك أكبر وأهم المعدات والآليات العسكرية، إضافة إلى قاعدة جوية عسكرية.
يبدو أن تلك التحصينات «المميزة» ــ ألواح إسمنتية على شكل أقواس ارتدادية ــ التي كلفت نحو ستة ملايين جنيه، حمت مقر الـ«101» من الدمار هذه المرة، ولكنه سيظل يعتبر «وجبة شهية» لـ«ولاية سيناء» التي تريد أن تدمر مركز التحقيق الشهير فيه. هل هذا يعني أن القيادة المصرية تركت باقي المقارّ والجنود فيها عرضة للموت؟ الملاحظ أنه على طول الخط الحدودي من غزة إلى الطريق الواصلة بالعريش ثم قناة السويس، يتحصن الجنود ــ غالبيتهم صغار العمر ــ في مواقعهم غالباً، ولا تظهر آثار نشاط الجيش وعيونه إلا حينما تشن الحملات على المناطق السكانية والمدنية، ما يسبب مزيداً من الآلام للناس، بينما تبقى «ولاية سيناء» تجول وتصدر الإصدارات المرئية واحدة تلو أخرى، وتنفذ إعدامات متتالية، بل تنشئ حواجز مثلها مثل الجيش على الطرقات لاغتيال واختطاف من تشاء.
هذا الأسلوب الدفاعي ــ الانكفائي، بالتأكيد، لن يجدي نفعاً في ظل تطوير الجماعات المسلحة أساليبها، بل استيراد خبراتها في المعارك التي خاضتها في العراق وسوريا إلى سيناء، في ظل أن الجيش المصري ينشئ تحصينات إسمنتية أو حديدية، تذوب مع أطنان السيارات المفخخة التي تتقدم معارك «داعش» عادة، وفي الأمس محت موقعين (كميني السدرة والشيخ رفاعي) عن الوجود وقتلت من فيهما.
إذن، وقعت «صولة الأنصار 5» التي كانت تعد بها «الولاية الداعشية» علناً في رمضان، الذي شهد ولادة «داعش» وكبرى اعتداءاتها طمعاً بـ»ثواب أكبر». «صولة» أدت إلى مقتل عشرات الجنود وإصابة المئات دفعة واحدة، بينما لم يتمكن الجيش من إبداء رد فعل سريع، وفي أحسن الأحوال، فإنه صرح بقتله نحو عشرين من المهاجمين، الذين ضربوا 15 موقعاً عسكرياً في اليوم التالي لذكرى «30 يونيو»، فماذا عسى أن يفعل عبد الفتاح السيسي الذي يرأس أحد أقوى الجيوش العربية؟
قبل الإجابة عن هذا السؤال، فإن نظرة فاحصة في سنة من حكم السيسي تظهر أن استخدام القوة المكثفة، ووعد السيناويين ــ مثلما فعل حسني مبارك ومحمد مرسي من قبله ــ بالتنمية وجعل شمال سيناء كما جنوبها، لم يحققا شيئاً. عملياً، أتم الجيش المصري هدم الأنفاق مع غزة التي كانت تتهم دوماً بأنها المصدر الأول للإرهاب إلى سيناء، وكذلك بدأ بعزل 1000 متر من الحدود الممتدة لنحو 14 كلم، وهدم ما فيها من مبانٍ ومساجد ومدارس ليحيلها إلى منطقة فارغة... لكن، بقيت الاعتداءات على الجيش مستمرة، وبهذا يمكن استنتاج أن الجيش كان يواجه الناس لا المسلحين، فهو أتى على ممتلكات سكان تلك المناطق من دون أن يوقف العمليات ضده.
وبسبب الضربات الكبيرة التي تلقاها الجيش في الأشهر الأخيرة، أعاد السيسي تمديد حالة الطوارئ في سيناء، ثم ترتيب هيكلة القيادة، فوحد رئاسة الجيشين الثاني والثالث في سيناء تحت إمرة الفريق أسامة عسكر، متعاملاً مع الأمر بشخصانية عالية جداً حينما ألقى المسؤولية على عسكر أمام الإعلام والجمهور. أيضاً، هذا لم يجد نفعاً، برغم أن عسكر اتجه إلى تكوين تحالفات قبليّة وعشائرية (العدد ٢٥٨٧ في ١٢ أيار) لم تثمر شيئاً سوى زيادة الاختلاف والانشقاق بين القبائل نفسها، التي اجتمعت بالرئيس أخيراً وحملته مسؤولية التنمية ووقف إكمال المنطقة العازلة في رفح (العدد ٢٦٢٥ في ٢٦ حزيران).
كل ذلك يحيل فعلاً إلى نظرية الخارج، وأن أحداً يدفع في ظل الحرب مع «الإخوان» وأحكام الإعدام المتتالية التي يصدرها النظام بالجملة، إلى مذبحة كبرى. هذا ليس مستبعداً، بل ثبت في ليبيا وسوريا والعراق واليمن، وظهرت بوادره في السعودية والكويت وتونس، فكيف تكون مصر، التي تتوسط كل هذه البلاد، بمنأى عنه؟
الآن، لن يثمر الوعد بالانتقام شيئاً، فحتى مشاعر المصريين لم تعد مليئة بالغضب كالسابق أكثر مما هي ممتلئة اليوم بالخوف، في ظل أن «جيشاً عربياً عظيماً» وقف بجانب شعبه في أكثر من مفترق، لا يستطيع صد هجوم واحد وإحباطه، بل إن «ولاية سيناء» كانت تشرح بالتفصيل أنها استغرقت أشهراً من الإعداد والتدريب لأمر عظيم في رمضان يستهدف «جيش الردة»، ولم يفعل أحد شيئاً لمنع الكارثة.
أياً يكن، تودع مصر العشرات من شهداء جيشها أمام مجموعات مسلحة لا تستهدف إسرائيل أو حتى الوجود الدولي في سيناء الذي تتحدث عن «كفره»، والبلاد الآن في وجه استحقاق كبير أمام الهيبة العسكرية، وأمام نظرة شعبها إلى «الجيش الذي هزم إسرائيل» يوماً ما، في ظل أن جهات كثيرة تأخذ هذه الاعتداءات مادة للمزايدة السياسية، في معركة كانت يجب أن توصم بالإرهاب، والإرهاب فقط.
اللواء
حرب حقيقية بين الجيش المصري وداعش في سيناء
مطاردات جوّية تقتل عشرات المسلّحين بعد سقوط جنود وضباط.. ومقتل 9 من قيادات الإخوان
وكتبت صحيفة اللواء تقول "خاض الجيش المصري معارك شرسة مع داعش في سيناء، حيث هاجم مسلحون تابعون لتنطيم داعش الإرهابي نحو 16 نقطة عسكرية للجيش في شمال سيناء، ما أسفر عن مقتل نحو 73 شخصاً، بينهم 34 عسكرياً.
وقال المتحدث العسكري المصري إن 10 من الجنود والعسكريين و22 من العناصر المسلحة قد سقطوا، وذكرت تقارير إعلامية أن العدد وصل إلى 74 شخصًا، غالبيتهم من العسكريين المصريين.
وقال مصدر أمني ان معارك عنيفة دارت في منطقة الشيخ زويد في شمال سيناء بين قوات الجيش المصري وعناصر مسلحة، مشيرًا إلى أن قوات الجيش تستخدم الطائرات في دك المواقع المحتملة للجماعات الإرهابية. ولفت إلى أن القوات شنت هجمات ارتدادية ضد الجماعات في أعقاب الهجمات التي شنتها ضد نقاط عسكرية.
وقال مسؤولون امنيون ان طائرات اف16 مصرية قصفت مواقع لمسلحين في تنظيم الدولة الاسلامية في شمال سيناء، حيث قتل العشرات في هجمات واشتباكات مستمرة بين قوات الأمن والمسلحين المتطرفين، حسب ما افاد مسؤولون امنيون وشاهد عيان.
وشن جهاديو تنظيم الدولة الاسلامية هجمات على حواجز للجيش ومنشآت امنية اخرى في مدينة الشيخ زويد في شمال سيناء، وهي الهجمات الأكثر تنظيما وقوة منذ بداية الاضطرابات، وانسحب عناصر داعش من المدينة بعد ثماني ساعات من المواجهات، وفق ما اكد مسؤولون.
وتعتبر منطقة شمال سيناء الواقعة شرق البلاد معقلا لتنظيم انصار بيت المقدس الجهادي الذي بات يطلق على نفسه اسم «ولاية سيناء» منذ ان بايع تنظيم الدولة الاسلامية المتطرف الذي يسيطر على مساحات واسعة في العراق وسوريا.
وقال مسؤول كبير في الجيش «انها حرب، لم نشهد مثل هذا العدد من الارهابيين ونوعية الاسلحة المستخدمة من قبل».
واعتلى مسلحون أسطح البنايات وأطلقوا النيران من مدافع «الآر بي جي» على قسم شرطة الشيخ زويد بعدما لغموا الطريق المؤدي له لمنع وصول اي امدادات للقسم، حسب ما قال عقيد في الشرطة.
وقصفت طائرات اف16 مصرية مواقع المقاتلين الاسلاميين في الشيخ زويد شرق العريش، حسب ما افاد مسؤول امني وشاهد عيان في المدينة.
وتبنى فرع تنظيم الدولة الاسلامية في مصر «ولاية سيناء» هذه الهجمات الدامية ضد الجيش. وقال التنظيم الذي ينشط في شبه جزيرة سيناء المضطربة امنيا في بيان على مواقع التواصل الاجتماعي «تمكن اسود الخلافة في ولاية سيناء من الهجوم المتزامن على اكثر من 15 موقعا عسكريا لجيش الردة المصري».
وأوضحت مصادر امنية ان الهجمات تمت باستخدام «سيارة مفخخة وقذائف هاون وقذائف ار بي جي»، مشيرة الى ان «الهجمات ادت الى تدمير كبير للغاية في حاجزي ابو رفاعي وصدر ابو حجاج في الشيخ زويد». وتجري اشتباكات عنيفة بين المسلحين وقوات الجيش تستخدم فيها مروحيات الاباتشي العسكرية بحسب نفس المصادر.
من جانبه، اوضح الناطق باسم الجيش المصري في بيان على صفحته على فيسبوك ان «قرابة 70 عنصرا ارهابيا هاجموا 5 كمائن (حواجز) في قطاع تأمين شمال سيناء بالتزامن».
وعلى ضوء هذه الهجمات، اقرت الحكومة المصرية امس قانونا جديدا لمكافحة الارهاب يطالب خصوصا بتسريع اجراءات الاستئناف، وفق وكالة انباء الشرق الاوسط.
وينتظر ان يصادق الرئيس عبد الفتاح السيسي بسرعة على القانون بعدما وعد بتشديد التشريعات من اجل «مكافحة الارهاب».
وتأتي هذه الهجمات بعد يومين من اغتيال النائب العام هشام بركات في القاهرة وقبل يومين من الذكرى الثانية لعزل الرئيس المعزول محمد مرسي على يد الجيش في الثالث من تموز 2013.
ومن جهة اخرى، قتل تسعة «ناشطين اسلاميين» بينهم ناصر الحوفي احد قيادات جماعة الاخوان المسلمين والعضو السابق في مجلس النواب المسلمين خلال عملية مداهمة نفذتها الشرطة المصرية، بحسب مسؤولين في الشرطة ومحام من الجماعة. وقالت جماعة الاخوان المسلمين على مواقع التواصل الاجتماعي ان القتلى جميعهم من قياداته.
وبعد هجمات سيناء، اعلن الجيش الإسرائيلى حالة التأهب القصوى على طول الحدود المصرية - الإسرائيلية .
وذكر موقع «واللا» الإخبارى الإسرائيلى خلال خبر عاجل له، أن الجيش الإسرائيلى نشر قوات إضافية على طول الحدود مع شبه جزيرة سيناء، كما أن آليات ثقيلة وعدداً من الدبابات قد تمركزت عند معبر «نيتسانا» الحدودى مع مصر.
وقدّم رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو تعازيه لمصر بعد هذه الهجمات، بحسب بيان صادر عن مكتبه. وقال نتنياهو بحسب البيان «تقدم اسرائيل تعازيها للحكومة والشعب في مصر، والى عائلات ضحايا هذا الهجوم الارهابي العنيف».
المستقبل
«داعش ـ ولاية سيناء» يشن هجمات منسقة والقاهرة تؤكد مقتل 100 من عناصره
الجيش المصري في حرب مفتوحة ضد الإرهاب
من جهتها تناولت صحيفة المستقبل هجمات سيناء الدامية وكتبت تقول "دخلت مصر أمس في حرب مفتوحة مع الإرهاب الدموي الذي قام بشن عدد من الهجمات المنسقة الغادرة في سيناء بعد أيام قليلة من تفجير ضخم في قلب القاهرة أودى بحياة النائب العام، حيث قُتل في هجمات الأمس 17 عسكرياً بينهم 4 ضباط. وردّ الجيش المصري بشن حملة شرسة اشتركت فيها مقاتلات الـ»اف 16» ومروحيات «الأباتشي»، ضد معاقل تنظيم «داعش - ولاية سيناء» المتطرف القريبة من الحدود مع قطاع غزة، ما أدى إلى مقتل 100 إرهابي حسب تأكيد بيان للجيش المصري.
فقد أعلنت القيادة العامة للقوات المسلحة المصرية في بيان لها أمس، أنها تخوض «حرباً شرسة» ضد الإرهاب، متعهدة بعدم التوقف عن حملتها العسكرية ضد المتطرفين حتى يتم تطهير سيناء من الإرهاب.
وقال الجيش المصري في بيانه الذي أذاعه التلفزيون عن الأحداث التي شهدتها شمال سيناء، إنه «اعتباراً من الساعة السادسة و55 دقيقة صباح (أمس) الأربعاء، قامت مجموعة إرهابية بالهجوم على عدد من الكمائن الأمنية للقوات المسلحة في منطقتي الشيخ زويد - رفح في توقيتات متزامنة باستخدام عربات مفخخة وأسلحة ذات أعيرة مختلفة. وقد تمكن رجال القوات المسلحة البواسل من التعامل مع هذه العناصر الإجرامية وإحباط كافة المحاولات الإرهابية من تحقيق أهدافها» حسب البيان.
وتابع الجيش أن «عناصر القوات المسلحة بشمال سيناء قامت بمعاونة القوات الجوية بمطاردتهم وتدمير مناطق تجمعاتهم وقتل ما لا يقل عن 100 فرد من العناصر الإرهابية، وإصابة أعداد كبيرة منها بالإضافة إلى تدمير 20 عربة كانت تستخدمها تلك العناصر الإجرامية، وجارٍ الآن تنفيذ عمليات التمشيط بالمنطقة» حسب البيان الذي أضاف أن «هذه العمليات الإجرامية أسفرت عن استشهاد 17 من أبطال القوات المسلحة منهم 4 ضباط وإصابة 13 آخرين منهم ضابط، أثناء قيامهم بأداء واجبهم الوطني».
وخاطب بيان الجيش المصري «شعب مصر العظيم» متعهداً بأن يقود «حرباً شرسة ضد الإرهاب من دون هوادة»، مؤكداً «الإرادة والإصرار لاقتلاع جذور هذا الإرهاب الأسود، ولن نتوقف حتى يتم تطهير سيناء من جميع البؤر الإرهابية وينعم وطننا الحبيب بالأمن والاستقرار».
وفي ساعة متقدمة ليلاً، قال متحدث عسكري مصري إن الوضع على الارض في شمال سيناء مسيطر عليه تماما بنسبة 100 في المئة، وإن الامور تحت السيطرة.
وفي القاهرة، قتل تسعة من جماعة الإخوان المسلمين بينهم قيادي بارز أمس، خلال عملية مداهمة نفذتها الشرطة المصرية في القاهرة حسبما أعلنت الجماعة، في حين قالت الشرطة إن القتلى «إسلاميون مطلوبون».
وقالت الجماعة في تغريدة «قتلت الشرطة تسعة من قادة الإخوان المسلمين أثناء اجتماعهم لمناقشة الدعم الواجب تقديمه للسجناء السياسيين الشهداء».
وقال أحد محامي الجماعة طالباً عدم كشف اسمه إن ناصر الحوفي العضو السابق في مجلس النواب، أحد قيادات الجماعة بين القتلى التسعة وإن أسرته دعيت لاستلام جثته.
وقال مسؤولان في الشرطة إن المستهدفين في عملية المداهمة صدرت بحقهم مذكرة توقيف وكانوا مطلوبين لارتكابهم أعمالاً إجرامية وتخريبية. وأضاف المسؤولان أن المطلوبين فتحوا النار عندما وصل فريق من قوات الأمن لإلقاء القبض عليهم في شقة في ضواحي القاهرة، وقتلوا عندما ردت الشرطة على مصادر النيران.
وتأتي العملية بعد يومين من اغتيال النائب العام هشام بركات في القاهرة وقبل يومين من الذكرى الثانية لعزل الرئيس المخلوع محمد مرسي على يد الجيش في الثالث من تموز 2013.
وفي سياق مقارب، أفاد بيان لمجلس الوزراء المصري، أن الحكومة أقرت امس مشروعي قانوني مكافحة الإرهاب والانتخابات. ويتعين أن يصدق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على مشروعي القانونين ليصبحا نافذين.
وقال مجلس الوزراء في بيان بعد اجتماع أقر خلاله مشروعي القانونين إنه «اتخذ من الإجراءات ما يردع تلك الجماعات الإرهابية على النحو التالي.. إقرار حزمة من مشروعات القرارات بقوانين التي تحقق العدالة الناجزة والقصاص السريع لشهدائنا.. الموافقة على مشروع قرار بقانون مكافحة الإرهاب والذي يحقق الردع السريع والعادل وكذا اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتجفيف منابع تمويل الإرهاب«.
ويسمح قانون «الكيانات الإرهابية» للسلطات بالعمل ضد الأفراد أو الجماعات التي تعتبر خطراً على الأمن القومي بمن في ذلك من يعطلون وسائل النقل العام في إشارة إلى المظاهرات. ويسمح إقرار مشروع قانون الانتخابات بتحديد موعد لانتخابات عامة طال انتظارها.
البناء
إنجاز مسودّة الاتفاق النووي والوزراء يتوافدون اليوم إلى فيينا
اعترافات الفشل لقادة الحرب على سورية في موسكو.. ومصر ساحة حرب
الاختبار الحكومي لا فشل ولا نجاح بل تأجيل.. وواشنطن مهتمة بالنفط
بدورها صحيفة البناء كتبت تقول "تتسارع التطورات في الأيام الفاصلة عن السابع من تموز، الموعد النهائي لإنجاز الاتفاق بين إيران والدول الست، وفي ظلّ التساؤلات التي صاغها المراقبون والمتابعون عن سرّ الاستسهال والتهاون بجعل التمديد لأسبوع فقط، حتى اعتبرها الكثيرون مغامرة وتسرّعاً. وإذ يفاجئ الخبراء الذين يمثلون الدول السبع المجتمعة تحت سقف التفاوض، كلّ المتابعين بالإعلان عن إنجاز المسودّة النهائية للاتفاق في اليوم الأول، ورفعه إلى نواب وزراء الخارجية لوضع ملاحظاتهم ورفعه غداً لوزراء الخارجية الذين بدأوا بالتوافد إلى فيينا، مع وجود وزيري خارجية إيران وأميركا هناك، حيث بدأ يصل تباعاً وزراء خارجية الدول المتبقية ليكون يوم غد الجمعة يوماً طويلاً على مستوى الوزراء مجتمعين، بعد لقاءات ثنائية واجتماعات على مستوى كلّ وفد على حدة لرسم حصيلة المسار التفاوضي، تمهيداً لوضع اللمسات النهائية على المسودّة، التي سيترجم مضمونها اليوم في طهران بوصول رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية للحصول على أجوبة تنهي الغموض بصدد أسئلة عن أنشطة نووية إيرانية سابقة.
في قلب هذا التحوّل لم يعد مستغرباً أن تتصرف الدول المعنية بجدية تجاه الاستعداد لمواكبة وملاقاة تغييرات هيكلية في التحالفات والخصومات والمواقع والأدوار على مستوى المنطقة. وفيما تبدو واشنطن مهتمة أساساً بكيفية معالجة الأعراض الجانبية التي تصل حدّ الكارثة بالنسبة إلى حلفائها في المنطقة، السعودية وتركيا و»إسرائيل»، تتصرف موسكو بصفتها الجهة المؤتمنة على إعادة رسم الخريطة الجديدة، وقد بادرت استباقاً للمتغيّرات، إلى التواصل مع أطراف حلف الحرب على سورية لتنقل إليهم المشهد الجديد، فبعدما استقبلت الرئيس التركي رجب أردوغان، وصل إليها وزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان، واستقبلت أخيراً الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي، وهي تصغي إلى ما لديهم من خيبات، وصولاً إلى الحصول على اعترافات واضحة بالفشل، أكدها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بما عرضه أمام وزير الخارجية السوري وليد المعلم من دعوة إلى حلف إقليمي لمواجهة الإرهاب، بعدما أبلغت واشنطن لموسكو تسليمها بأن لا بديل في سورية للرئيس بشار الأسد، وأعلنت أن لا مبرّر للحديث عن مناطق عازلة على حدود سورية روّجت لها مصادر أردنية وسعودية وتركية و»إسرائيلية»، بينما قادة حكومات هذه الكيانات يبلغون موسكو إقرارهم بالفشل في الحرب على سورية وخشيتهم من التحوّلات من جهة، ومن تعاظم الخطر الإرهابي من جهة أخرى، من دون امتلاك خريطة طريق لكيفية مواجهة المأزق، فهذه الحكومات تحمل على ظهرها تحالفات مع جماعات مسلحة تريد لها بوليصة تأمين مستحيلة كحال «جبهة النصرة» وسواها من التسميات المموّهة لجماعات إرهابية، ويختصرون المسألة بالاستعداد لمصالحة مع الحكومة السورية، والتعاون معها يبدأ من الحديث عن حلّ سياسي ويتكشف أخيراً عن محاولة لتفخيخ سورية. لذلك تحمل موسكو هذه الاعترافات، وتستمع إلى أصحابها كمثل قول نبيل العربي عن رغبته بلقاء الوزير المعلم وإعلانه أن سورية لا تزال عضواً في الجامعة العربية، لكن سورية كما تفيد المصادر الروسية التي واكبت زيارة الوزير المعلم، ليست في وارد منح جوائز ترضية لأحد، وتنتظر الأفعال بوقف الإمداد للإرهاب مالاً وسلاحاً ورجالاً وإعلاماً، والإعلان عن أنّ الحرب على الإرهاب هي الأولوية التي تحكم كلّ شيء في مقاربة الوضع السوري، وبعدها لكلّ حادث حديث، لأنّ هذه موجبات تنص عليها القرارات الأممية وليست موضوع صفقات ثنائية لتسدّد سورية مقابلها فواتير، إلا إذا كان هؤلاء يرغبون برؤية ما شهدته باريس وتونس والكويت وتشهده مصر بصيغة حرب مفتوحة، ينتشر ويتسع، بعدما بدا أنّ المشهد المصري يدخل حالة حرجة في حرب حقيقية تمتدّ على مساحة سيناء والعريش ويسقط فيها العشرات قتلى وجرحى، ويشارك فيها الجيش المصري بدباباته ومشاته وطيرانه الحربي.
لبنان الذي يستقبل معاون وزير الطاقة الأميركي أموس هوشتاين في مسعى تبريد النزاع مع «إسرائيل»، حاملاً رسالة الاهتمام والتشجيع على البدء باستخراج النفط والغاز والبحث في كيفية ترسيم المناطق المتداخلة ومساعي «إسرائيل» لسرقة حقوق لبنان، يشهد أول اختبار لمسعى الرئيسين نبيه بري وتمام سلام لتحريك العجلتين النيابية والحكومية، في ظلّ فراغ رئاسي لا يبدو في الأفق أنه يتجه نحو حلحلة قريبة.
التوقعات الحكومية لا توحي بفرضيات النجاح في بت بنود جدول الأعمال، بل بالدخول في نقاش حول آليات عمل الحكومة بين عقدتي الفراغ الرئاسي والفشل في إنجاز التعيينات الأمنية والعسكرية، وسيكون إنجازاً أن تخرج بتكليف رئيس الحكومة مواصلة التشاور لتحديد القضايا التي يمكن وصفها بقضايا الضرورة ليجري بتها من خارج الانقسام حول التعيينات.
جلسة رفع عتب
يلتئم مجلس الوزراء اليوم برئاسة الرئيس تمام سلام في جلسة رفع عتب ستبحث في آلية عمل الحكومة في ظل الفراغ الرئاسي الذي جعل كل وزير رئيساً للجمهورية في الحكومة، كما ستبحث الجلسة في بعض الأفكار التي سيطرحها وزراء تكتل التغيير والإصلاح، تلاقي الكتاب الذي أرسله وزير التربية الياس بو صعب إلى رئيس الحكومة باسم «التغيير والإصلاح» يعترض فيه على جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء اليوم.
ولفت بوصعب لـ«البناء» إلى «أننا ننطلق في مقاربتنا لملف الحكومة من صلاحية رئيس الجمهورية المناطة بمجلس الوزراء مجتمعاً التي تنص على وجوب أن يطلع على جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء ويبدي الملاحظات عليه».
وأشار إلى «أن لرئيس الحكومة الصلاحية في الدعوة إلى جلسة ووضع جدول الأعمال، لكن في ظل الفراغ الرئاسي كل وزير بالوكالة عن رئيس الجمهورية، يجب أن يطلع على جدول الأعمال ويبدي ملاحظاته».
وتابع بوصعب: نحن بالوكالة عن رئيس الجمهورية بحسب ما ينص الدستور في شأن الحكومة الانتقالية أثناء شغور المنصب الرئاسي اعترضنا على جدول الأعمال الذي تسلمناه قبل 72 ساعة، وأبدينا ملاحظاتنا، لكننا لم نلق جواباً»، مشيراً إلى «أن الجلسة اليوم ستبدأ بنقاش هذه الآلية».
وتوقع وزير العمل سجعان قزي لـ«البناء» أن تشهد جلسة مجلس الوزراء اليوم نقاشاً صاخباً»، مشيراً إلى أن رئيس الحكومة قد يلجأ إلى رفع الجلسة إذا ارتفعت حدة النقاش وتحوّل إلى سجال بين الوزراء».
ولفت قزي إلى «أن موقف حزب الكتائب واضح في شأن عمل مجلس النواب، فنحن أعلنا مراراً «أن لا تشريع قبل انتخاب الرئيس»، لافتاً إلى «أننا توافقنا في اللقاء التشاوري الذي عُقد في منزل الوزير ميشال فرعون أول من أمس، على عدم التوقيع على فتح دورة استثنائية لمجلس النواب».
وتمنى وزير الاقتصاد آلان حكيم في حديث لـ«البناء» أن تكون جلسة اليوم انفراجاً وليس انفجاراً، وأكد أنّ الأهمّ في هذه الجلسة هو الحفاظ على آلية عمل الحكومة وطريقة العمل داخل مجلس الوزراء والاحترام المتبادل بين الأطراف كافة».
وأشار حكيم إلى «أنّ التيار الوطني الحر لا يزال يتمسك ببحث ملف التعيينات كبندٍ أول على جدول الأعمال، لكنه شدّد على أنّ عقد الجلسة وحضور كافة الفرقاء خطوة ايجابية إلى الأمام وتفسح المجال أمام الجميع للتشاور للوصول إلى حلّ للأزمة».
ونفى حكيم أيّ اتفاق أو تنسيق مسبق بين الأطراف السياسية لحضور الجلسة، واعتبر «أنّ الدعوة إلى الجلسة واجب على رئيس الحكومة تمام سلام وحضور الوزراء بمن فيهم وزراء الوطني الحر واجب أيضاً»، وأشار إلى «أن الجلسة طبيعية وروتينية وستبحث الملفات الخلافية في مجلس الوزراء بالتشاور بين جميع الأطراف وليس في الإعلام أو بالخطابات السياسية».
وأوضح رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي أنّه «سيدعو إلى جلسات تشريعيّة بعد فتح الدورة الاستثنائية»، لافتاً إلى أنّ «فتح الدورة يتمّ بمرسوم عادي من رئيس الحكومة والنصف زائداً واحداً ولا يحتاج لمجلس الوزراء». وشدّد برّي على أنّ «الظرف اليوم يقضي بتفعيل عمل المؤسسات وليس تعطيلها».
إلى ذلك يلتقي بري اليوم المبعوث الأميركي الخاص ومنسق شؤون الطاقة الدولية آموس هوشتاين متابعة البحث في ملف التنقيب عن النفط والغاز اللبناني. وكان بري جدد أمس التأكيد «أنّ الموقف اللبناني واضح وهو مع ترسيم الحدود البحرية بإشراف الأمم المتحدة ووفق القرار 1701 ولا تنازل عن أي قطرة مياه أو شبر واحد من حدودنا البحرية كما البرية».
قطع طريق الساحل إلى صيدا
وبالتزامن مع جلسة مجلس الوزراء، أعلن أهالي العسكريين المخطوفين أمس أنهم سيعمدون اليوم إلى قطع بعض الطرقات، لكن الجديد في هذا التصعيد هو قطع طريق الساحل إلى صيدا التي تشكل حساسية أمنية، إذ أعلن الأهالي أن قطع الطرق سيشمل طريق الصيفي وسط بيروت وطريق صيدا عند مفرق الجبل – الدامور، احتجاجاً على التأخير والمماطلة بملف أبنائهم. وأشار حسين يوسف والد المخطوف حسن يوسف لـ«البناء» إلى أنّ «تحرك الأهالي هدفه إعادة إبراز الملف كأولوية بعد أن بات منسياً ويكتنفه الغموض على رغم الايجابيات التي تحدث عنها البعض». وأكد احترام الأهالي للرئيس سلام وثقتهم بخلية الأزمة والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، إلا أنّ هناك قطبة مخفية لا أحد يملك الجرأة على الحديث عنها». وكشف يوسف انه «أجرى أمس اتصالاً باللواء إبراهيم وأبلغه أن الدولة تنتظر الإشارة الأخيرة لتنفيذ المقايضة». وأشار إلى أن «التواصل مع تنظيم داعش مقطوع حتى الآن، إلا أن اتصالاً جرى منذ نحو أسبوعين عبر إحدى القنوات أعطى الأهالي نوعاً من التفاؤل وتأكدنا من أن أبناءنا بصحة جيدة وموجودون في منطقة قريبة من جرود عرسال وليسوا في الرقة كما يشاع».
سيناريو السعديات يشبه سيناريو عبرا
إلى ذلك، لا يزال إشكال السعديات الذي وقع مساء أول من أمس محور متابعة لا سيما أن سيناريو إشكال السعديات يشبه سيناريو عبرا حين زعم الإرهابي الفارّ أحمد الأسير بوجود أسلحة في إحدى سرايا المقاومة.
وأكدت مصادر مطلعة لـ«البناء» «أن حزب الله لا يريد أن ينعكس الإشكال اشتباكاً في الداخل، لا سيما أنّ الجيش تولى مسألة متابعة موضوع الاعتداء على الأهالي». ولفتت المصادر إلى «أنّ إطلاق المعاني والعبارات والعناوين من قبيل القول إنّ المصلى عبارة عن مركز عسكري لحزب الله، عار عن الصحة جملة وتفصيلاً، فلو كان المصلون مسلحين، لكان حصل اشتباك، ولما تمكن المهاجمون من الإفلات، وأكثر من ذلك لو كان المركز عسكرياً لكانت العوائق الأمنية منعت المعتدين من الهرب». وأشارت المصادر إلى «أنّ الاعتداء على المصلى له دوافع مذهبية لإشعال نار الفتنة»، معتبرة «أنّ امتناع حزب الله عن الردّ أو التعاطي بالموضوع، كان بدافع رفض الإنجرار إلى الفتنة التي يسعى إليها أكثر من طرف في الداخل». ويرى حزب الله وفقاً لبعض المصادر أنّ المسؤولية هي على عاتق تيار المستقبل والدولة على حدّ سواء».
وفي سياق المواجهة مع الإرهاب، حقق الجيش اللبناني تفوّقاً استخبارياً على مقاتلي «جبهة النصرة»، من خلال استهدافه مجموعة لهم حاولت التسلل من جرود عرسال باتجاه البلدة، ومراكز وتحصينات المجموعات المسلحة ومقرّاتها في وادي حميد ووادي العويني والعجرم، ما أدّى إلى مقتل عدد من الإرهابيين نقلت جثثهم إلى مستشفى الهرمل الحكومي عرف منهم أحمد محمد غصن، أحمد ديب غصن، عبد الله حسين غصن، غالب سعيد غية. ويؤكد هذا التطور تغلغل مسلحي «جبهة النصرة» في عرسال. كما استهدف الجيش من مواقعه في البقاع الشمالي بالمدفعية الثقيلة البعيدة المدى تجمعات وتحركات لآليات المسلحين المزودة بالمدافع المضادة والمتوسطة التي كانت تتحرك في جرود مرطبيه المقابلة لبلدة الفاكهة باتجاه الأراضي اللبنانية. وأفيد عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف المسلحين وتدمير آلياتهم.
واستهدف حزب الله بدوره بقذائف الميدان تحركات مسلحي «النصرة» في منطقة الكسارات في جرود عرسال تزامناً مع اشتباكات متقطعة يخوضها مع المسلحين. واستهدف بقذائف الهاون والميدان تحصينات ومراكز مسلحي «النصرة» في الزبداني بالتزامن مع غارات للطيران السوري على المنطقة.