23-11-2024 09:44 PM بتوقيت القدس المحتلة

احذروا مستحضرات التنحيف «الطبيعية» !

احذروا مستحضرات التنحيف «الطبيعية» !

السحر كله في توليفة الأعشاب الطبيعية التي تحتويها كبسولات ذلك المنتج الذي لم يكتشف مفعولها السحري أحد في هذا العالم سوى تجّار الصحة في لبنان، فيما تقف وزارة الصحة متفرجة، بالرغم من نواقيس الخطر التي تدقّ من حين إلى آخر.

تغزو واجهات الصيدليات الإعلانات على الأدوية العشبية، وخصوصاً المنحفة التي تسوّق على أنها طبيعية ولا تحتوي على أي مواد كيمائية. لكن سوق ما يسمى «المتممات الغذائية» الذي توسع كثيراً في السنوات الأخيرة ليس آمناً، لأنه لا يخضع لآليات الرقابة نفسها التي يخضع لها الدواء الكيميائي

زينب محسن/ جريدة الأخبار

 احذروا مستحضرات التنحيف «الطبيعية» !تدغدغ تلك الإعلانات مستحضرات التنحيف أحلام الفتيات بالحصول على جسم «نحيف ومثالي»، وتعدهم بخسارة كبيرة للوزن تصل إلى 15 كيلوغراماً خلال شهر دون أي جهد ودون اتباع حمية غذائية أو تمارين رياضية! السحر كله في توليفة الأعشاب الطبيعية التي تحتويها كبسولات ذلك المنتج الذي لم يكتشف مفعولها السحري أحد في هذا العالم سوى تجّار الصحة في لبنان، فيما تقف وزارة الصحة متفرجة، بالرغم من نواقيس الخطر التي تدقّ من حين إلى آخر.

فقد حذرت الهيئة العامة للغذاء والدواء السعودية مطلع الشهر الحالي المستهلكين من مستحضر AB Slim «الذي يروج على أنه مستحضر طبيعي لإنقاص الوزن، في حين أن هذا الادعاء مضلل وليس له أي أساس من الصحة»، وأظهرت التحاليل المخبرية للهيئة احتواءه على مادة السيبوترامين “Sibutramine”، دون الإشارة إلى ذلك في النشرة المرفقة بالدواء، وهذه المادة هي مادة دوائية محظورة من المنظمة الأميركية للدواء FDA ومن الوكالة الأوروبية للدواء EMA منذ عام 2010 نتيجة لمضاعفاتها الخطيرة جداً على الصحة من ارتفاع احتمال الإصابة بأمراض القلب والشرايين، إلى خطر التجلطات إلى الوفاة، لكن وزارة الصحة في لبنان بعد مرور شهر لم تتحرك، ولم تجر فحوصاتها الخاصة على المستحضر «الأكثر مبيعاً في لبنان» كما يشير الموقع الإلكتروني للشركة التي تروّج له والمنتشر بكثافة في الصيدليات للتأكد من هذا الخبر كحدّ أدنى.

الحادثة ليست الأولى من نوعها، ففي عام 2011 سُحب 38 منتجاً من مستحضرات زين الأتات من بعض أسواق الدول العربية، بسبب تضمّنها مكونات سامة ومضرّة، كالزئبق والرصاص، اضافة الى انها تترافق مع ادعاءات طبية غير صحيحة ومضللة للمستهلك، لكن وزارة الصحة لم تتحرك وتسحب هذه المستحضرات من السوق اللبنانية إلا بعد إثارته في الإعلام، وبعد فترة قليلة من هذه الضجة، عاد زين الأتات بقوة وعادت مستحضراته تسرح وتمرح إلى أن أقفل مصنعه خلال العام الحالي.

يرجع سكرية أصل المشكلة إلى المرسوم 11710 الذي حرّر الأدوية العشبية

وتأتي دراسة أجرتها طالبات في كلية الصحة العامة في الجامعة اللبنانية تحت عنوان «العلاج بالأعشاب في لبنان»، أشرف عليها رئيس الهيئة الوطنية الصحية النائب السابق الدكتور إسماعيل سكرية لتؤكد أن «هناك مخاطر صحية كبيرة تسببها بعض الأعشاب المتداولة، وخصوصاً مستحضر Seven Slim «سافن سلم» المستعمل في خفض الوزن، حيث بينت التحليلات المخبرية وجود مادة فينولفتاليين phénolphtaléine المسرطنة وسيبوترامين الممنوعتين من الاستعمال عالمياً»، علماً أن هذه الدراسة لا تكشف شيئاً بالنسبة إلى وزارة الصحة. ففي تاريخ 08/03/2011 صدر عن وزير الصحة الأسبق محمد جواد خليفة قرار يقضي بإلغاء ترخيص هذا المستحضر وسحبه من الأسواق لاحتوائه على مادة سيبوترامين، لكن هذا المستحضر لم يسحب من التداول إلا منذ عام تقريباً!.

مستحضرات زين الاتات للتنحيفيرجع سكرية أصل المشكلة إلى المرسوم 11710 الصادر عام 1998، الذي «حرّر الأدوية العشبية المسماة متممات غذائية من الخضوع لآليات المراقبة الصحية التي يخضع لها الدواء الكيميائي»، في مخالفة واضحة لقانون مزاولة مهنة الصيدلة الذي ينظم قطاع الدواء، حيث تنص المادة 37 منه على «أن تجارة الأعشاب الطبية التي لها صفة علاجية سواء بمفردها أو مخلوطة أو التي يمكن أن تحتوي على مواد مضرة أو سامة هي كلها مختصة بالصيادلة»، فأصبح أي شخص بفعل هذا المرسوم يمكنه استيراد أو تصنيع المستحضرات والأدوية العشبية، وأوكل مهمة تنظيم هذا القطاع إلى لجنة مشتركة من وزارة الصحة ووزارة الاقتصاد فنتج من ذلك ارتفاع عدد المتممات الغذائية من 1200 إلى 4860 حتى نهاية عام 2014!.

لا تكمن الخطورة فقط في الاستيراد غير المنظم، بل أيضاً في الاستهلاك المفرط لهذه «المتممات» تحت عنوان أنها أعشاب ولا تؤثر على الجسم، «وهذه من أكبر الخدع التي استخدمها المروّجون» يشير سكرية، لأن المستحضر الذي يباع في الصيدليات كأعشاب الشاي والبابونج والزهورات «المنحفة» وغيرها، على سبيل المثال، هي مركزة بنسبة 10 أضعاف وأكثر مما هو موجود في العشبة الطبيعية، ويؤدي تفاعلها مع أدوية أخرى يتناولها المريض إلى مضاعفات واشتراكات لا تُحمد عقباها في كثير من الأحيان.

هذا من ناحية، ويؤدي استهلاكها إلى خسارة الجسم لكمية كبيرة من الماء، وبالتالي الفيتامينات، ما يؤثر على وظائفه الحيوية، من ناحية أخرى، كما تشرح اختصاصية التغذية سمية عياش. لكن الأهم هو الانتباه إلى أن هذه المنحفات تؤثر على الجهاز العصبي مباشرة لكبح الشهية عن الطعام وإعطاء الإحساس بالشبع. هذا التأثير قد تكون له تداعيات على الصحة النفسية أو الجسدية، فبعض من يتناول هذه الأدوية قد يصاب بالاكتئاب أو بحروق في المعدة واختلال في الجهاز الهضمي وقد تؤدي إلى إصابته بمرض السرطان على المدى الطويل، وتنصح الذين يعانون من وزن زائد إلى اتباع نظام غذائي متوازن وتحويل هذا النظام إلى نمط حياة حتى لا يستعيدوا الوزن الذي خسروه، لأن لا شيء يحدث بسرعة... لا تصدقوا الإعلانات..!.