فشلت محاولات تحالف فصائل الإرهاب في الجنوب السوري المسمى بـ "عاصفة الجنوب" ، وتكسرت سفنهم على بعد ليس بقليل من متاريس الجيش السوري وثكناته في درعا.
خليل موسى-دمشق
فشلت محاولات تحالف فصائل الإرهاب في الجنوب السوري المسمى بـ "عاصفة الجنوب" ، وتكسرت سفنهم على بعد ليس بقليل من متاريس الجيش السوري وثكناته في درعا.
عاصفة الجنوب وغرفة "موك"..
يشرح الدكتور حسن أحمد حسن الباحث الاستراتيجي والعسكري لموقع المنار أن ما سمي "عاصفة الجنوب" قد تحول من خلال مجموعة من الوقائع الميدانية إلى "عاصفة الإخفاق" وإلى أعاصير لتبديد النفاق الذي حكم الأداء الإعلامي الذي هو الشق الآخر من الحرب، ألا وهو الحرب النفسية. وبرأيه "عاصفة الجنوب لم تحمل رياحها وتعود وتنحسر بل كان السد المتين الذي اعتمده الجيش العربي السوري وأهلنا في درعا، كسر اولا العاصفة، وحول اتجاهها 180 درجة".
ثم تابع الخبير العسكري الحديث عن غرفة موك وهو اختصار لثلاث كلمات باللغة الانكليزية تخلص إلى جملة معناها (العمليات العسكرية المشتركة)، حيث كانت التعليمات التي أُصدرت لزعامات العصابات الارهابية أن يتم "الاجتياح" خلال ساعات ، وبناء على هذا التصور المبدئي، بنيت الخطط العسكرية؛ إنما كانت النتيجة عكس المتوقع.
ماذا اعتمد المهاجمون في عاصفة الجنوب وكيف تعامل الجيش السوري معهم؟!
يُشير د. حسن الى عدة نقاط اعتمدها قادة "موك"، فهُم اتبعوا نموذج الخروقات التي حدثت في الشمال، واعتماد تكتيكات تكاد تكون مطابقة لها على أمل أن ما تم انجازه في تلك المناطق يمكن نقله إلى الجنوب، لكن كانت النتيجة عكسية وهذا لم يأتِ صدفة، فهناك عقل استراتيجي عسكري يشرف على قيادة العمليات، وحسب قراءة د. حسن الذاتية المبنية على التحليل العسكري والسياسي ان القائد الذي يمسك قيادة العمليات على مستوى الجغرافيا السورية اعطى توجيهات باستخلاص الدروس والعبر من الاختراقات التي حدثت أو من نقاط التعثر. إضافة لدراسة التكتيكات التي كانت تتبعها تلك العصابات الارهابية المسلحة والعمل على تفريغها من محتوياتها، وكانت تلك التكتيكات تعتمد الهجوم بأعداد كبيرة ومن عدة محاور واستباق أي هجوم بإمطار المنطقة المستهدفة بوابل من القذائف الصاروخية والهاون، بتزامن هذا كله مع حرب وهجمات اعلامية بالاعتماد على مجموعة من الطابور الخامس لنشر الهلع و الذعر والرعب في صفوف المدنيين قبل الوصول إلى المنطقة.
وهنا جاء التعامل المضاد مع النقاط التي يتبعها المهاجمون الإرهابيون كالتالي، نشر نقاط تمركز متقدمة ومفارز تقوم بالاستطلاع الدقيق وإيصال أي معلومة بشكل دقيق ومباشر لأي تحرك إلى القيادة في الجيش العربي السوري لانتقاء صنوف الأسلحة، وذلك بما يتعلق بالأعداد الكبيرة التي يتبعها الإرهابيون في هجومهم.
يضيف د. حسن "يبرز أيضاً تكامل الأسلحة من تشكيلات وصنوف إن كان الصواريخ أو سلاح الجو او بقية الوحدات، وهنا جاء الاستهداف الدقيق بما يناسب لكل نقاط تحرك تلك العصابات ولمراكز تجمعها، وبشكل مرافق يأتي التكتيك الاستخباراتي" .وتم هذا الامر عبر مرحلتين الاولى: اختراقٌ استخباراتي واختراق شبكات الاتصال الخاصة بالمجموعات الإرهابية.وهذا ما يُفسر الاستهداف الدقيق لاجتماع قيادات المجموعات المسلحة في سجن غرز جنوب شرق مدينة درعا والقضاء على أعداد كبيرة من القادة الميدانيين للفصائل الإرهابية المجتمعة فضلاً عن العشرات غيرهم .
أما الإمطار الصاروخي الذي اتبعه المسلحون فكان الرد عليه من خلال التحصين الذي اتقنه الجيش السوري في نقط عديدة من مواقع تلك المنطقة حيث لو تم استهداف المنطقة بعشرات او مئات القذائف الصاروخية يبقى المقاتل مطمئناً الى انه سيبقى بأمان طالما هو ممسك بسلاحه ويتعامل مع عدوه.
وفيما يتعلق بالحرب الإعلامية ، يُشير د.حسن الى ان الإعلام السوري إلى جانب إعلام محور المقاومة كان له دوراً رئيسياً في تفريغ القدرة على التأثير لهذه الحرب الاعلامية والنفسية الممنهجة التي اتبعها مشغلو الإرهاب.
النقطة الحاسمة في كسر "عاصفة الجنوب" يأتي من خلال تكامل دور القيادة العسكرية في الجيش السوري مع المواطن، حيث يؤكد د. حسن أن المواطن في العديد من بلدات درعا تحول إلى رجل استطلاع أي عين للجيش والاهم كان إيصال أي معلومة في الوقت المناسب إلى الجهات المختصة ، كل هذا مجتمعا بالإضافة إلى المهارة والقدرة والثقة اتقان تنفيذ المهام والتميز في الاداء وذلك عند الحديث عن دقة فائقة في استهداف مثل مقر الاجتماع لقادة الإرهاب في تلك الجبهة. إلى جانب الدقة في نوعية السلاح كله انعكس على ارتداد العاصفة وانكسارها.
أما محاور هجوم (عاصفة الجنوب) فكان عددها سبعة، ورغم ذلك جاء التكتيك المضاد المعتمد من قبل الجيش السوري بإقامة سدود نارية محكمة تمنع المجموعات المسلحة المهاجمة بالرغم من تسليحها وأعدادها من الوصول إلى الهدف أو التواصل فيما بينها ، خاصة ان هناك ثمة تكتيك رديف اتبعه الإرهابيون، فإضافة لغرفة العمليات "موك" كان هناك سبع غرف فرعية موزعة على كل من المحاور السبعة ومرمزة برقم "عاصفة" من واحد حتى سبعة.
توزيع المهام في هذه المرحلة من الهجمة مكن وحدات الجيش من استهداف المجموعات المسلحة بمنتهى الدقة، فكان مقابل المحاور العدة تقاطع بالنيران التي يسلطها الجيش السوري فكل وحدة عسكرية سورية مكلفة بتغطية محور معين تتقاطع نيرانها مع الوحدة الاخرى يمينا ويسارا ، وبذلك تم افقاد ما سُمي بعاصفة الجنوب كل مفاعيلها.
بناء على ما تقدم يصف الباحث حسن حسن نتائج فشل الجماعات المسلحة "بالهستيريا" التي أصابت غرف العمليات الفرعية للمجموعات المسلحة ، تبعها التخوين وتبادل الاتهامات والانقسامات الداخلية ، حيث يلقي كل فصيل باللائمة على فصيل آخر؛ ومنه يكمل الخبير العسكري انه "في العلم والمنطق العسكري تكون نتيجة فشل عاصفة الجنوب مسؤولية مشتركة على كل الفصائل وعلى من يشغلّهم" ، والسبب أن لو تم النظر من منطلق التحليل الاستراتيجي العسكري الميداني، يدرك ان هناك ثمة تغيرات جوهرية وانجازات ميدانية للجيش السوري تلوح في الأفق، وهنا يرى الدكتور حسن انه إذا هم أرادوا مما أسموه "عاصفة الجنوب" مقدمة للدخول إلى دمشق، فنتائج عاصفتهم ستكون مقدمة لتعميم انكفائهم وانحسارهم على امتداد الجغرافيا السورية.