22-11-2024 12:52 PM بتوقيت القدس المحتلة

عون يستطلع "المعركة" بالشارع.. اي افق للتحرك؟

عون يستطلع

بعد التطورات على الصعيد الحكومي انتقل رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" النيابي النائب العماد ميشال عون الى مرحلة جديدة من الحراك في سبيل تحصيل حقوق المسيحيين.

ذوالفقار ضاهر

في محاولة جديدة منه لتحريك المياه الراكدة في أزمة الشغور الرئاسي، وانطلاقا من مبدأ الحفاظ على حقوق المسيحيين في لبنان، بث رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" النيابي النائب العماد ميشال عون فكرة جديدة تتمثل باستطلاع رأي الشارع المسيحي حول الاستحقاق الرئاسي وبعض الاسماء المرشحة لمعرفة مدى حضور هذه الاسماء وثقلها الشعبي.

ولكن بعد التطورات على الصعيد الحكومي انتقل العماد عون الى مرحلة جديدة من الحراك في سبيل تحصيل حقوق المسيحيين، وبدأ بمرحلة استطلاع في الشارع عندما راح يحضر جمهور التيار الوطني الحر بالنزول الى الارض لاتخاذ خطوات عملية وذلك انطلاقا من العنوان الاساس لكل التحرك أي الحفاظ على حقوق المسيحيين.

وهنا يبدو ان العماد عون الذي تمرس بخوض المعارك العسكرية اراد ربما استطلاع رأي المسيحيين على الارض كمن "يستطلع بالنار على خطوط التماس"، فهو رغم كل التحذيرات التي سبق ان اطلقها لم يلق التجاوب المطلوب من بعض الاطراف اللبنانية المشاركة في الحكومة وفي طليعتها "تيار المستقبل" الذي يريد الاستئثار بصلاحيات رئيس الجمهورية وحصرها فقط برئيس الحكومة دون مجلس الوزراء مجتمعا.

حلفاء العماد عون نسقوا معه مواقفهم و"المستقبل" لن يستطيع الاعتماد على حلفائه في هذه المعركة

هذا ما دفع بالعماد عون الى الاعلان ان "الكوب امتلأ" من الممارسات التي تمنع المسيحيين من الحصول على حقوقهم، فلم تعد القضية هي مسألة إعطاء حصول المسيحيين على "مسكنات موضعية" من الشغور الرئاسي او اتمام التعيينات الامنية او اقرار قانون جديد للانتخاب، إنما باتت القضية قضية نكون أو لا نكون.. كل ذلك جعل العماد عون يذهب بعيدا في خياراته من دون وضع سقوف معينة للتحركات على امل عودة البعض الى "رشدهم السياسي" ومعرفة ان لبنان منذ ولادته لا يطير الا بجناحيه المسلم والمسيحي، او بانتظار مبادرات تعيد الوضع التسووي في لبنان الى حالاته الطبيعية.

واللافت هنا انه عندما عزم العماد عون خوض غمار التصعيد، صحيح انه لم يتحمس اي من الافرقاء المسيحيين للنزول معه الى الشارع للتظاهر سواء من الحلفاء او الخصوم، وكل فريق انطلق في ذلك من حسابات يقدرها، الا ان كل الافرقاء المسيحيين: إما نسقوا مع عون مواقفهم كـ"تيار المردة" وحزب "الطاشناق"، وإما أنهم ليس بوارد الوقوف بوجه "التحرك العوني" الرافع راية "حقوق المسيحيين" كمسيحيي "14 آذار"، لان من سيقف منهم ضد هذا التحرك سوف يخسر بشكل او بآخر، والافضل بالنسبة لهم التزام الصمت او الحياد لاحراج "التيار الوطني الحر" اولا، وتاليا لمشاركته في الحقوق التي سيحصلها للمسيحيين مجتمعين.

لذلك يرى البعض ان "تيار المستقبل" لن يستطيع الاعتماد على حليفيه "القوات والكتائب اللبنانية" للوقوف هذه المرة بوجه خيار العماد عون بتحصيل حقوق المسيحيين بأي شكل او اسلوب، لا سيما ان العماد عون نسق مواقفه مع حليفه الدائم حزب الله في هذا الاطار، فيما برز اتصال النائب وليد جنبلاط بالعماد عون حيث شدد على ايجابية العلاقة بينهما وضرورة استمرارها، ما قد يراه البعض محاولة جنبلاطية لفتح ثغرة في جدار التحرك كمقدمة للتوصل الى حل للازمة، كما قد تدلل خطوة جنبلاط على وجود اشارات معينة حول "صوابية وفرص نجاح" خيار العماد عون بالتصعيد ضد الطبقة السياسية اللبنانية التي يعتبرها مانعة للمسيحيين من الحصول على حقوقهم وقدرته على كسب النزال بوجههم وعلى رأسهم "تيار المستقبل".

ليون: المعركة وجودية بالنسبة إلينا والحركة المطلبية لم تبدأ لتتوقف

حول كل ذلك، قال الوزير السابق والقيادي في "التيار الوطني الحر" غابي ليون إن "الامور داخل جلسات مجلس الوزارء فيما يتعلق بجدول الاعمال وإصدار القرارات يبدو انها قد استقامت"، واضاف "في مجلس الوزراء لن يكون هناك اختزال لصلاحيات رئيس الجمهورية بيد رئيس الحكومة ولن يتم تجاوز رأي اكبر تكتل مسيحي في لبنان لانه امر لا يصح وفيه كسر للتوازنات السياسية ويبدو ان الجميع بات لديهم قناعة بذلك"، واضاف ان "جدول الاعمال مجلس الوزراء سيتم بالتوافق وقد طلب الرئيس سلام فترة للقيام بالتشاورات السياسية اللازمة".

وأكد ليون في حديث لموقع "قناة المنار" ان "ما جرى اليوم هو نجاح على قدر الخطوة التي قام بها التيار الوطني الحر في هذه المرحلة وإن لم يكن كافيا بالتأكيد"، واضاف "لذلك سيكون هناك استمرار بالتحرك وسيكون هناك خطوات اضافية لضمان الحصول على حقوق المسيحيين بشكل كامل"، وشدد على ان "المعركة هذه هي معركة وجودية فكما ان المقاومة تقوم بحرب وجودية على الجبهات فإن التيار الوطني الحر يقوم بحرب وجودية في السياسة"، موضحا انه "إذا تم إلغاء أي مكوّن في السياسة سيكون نتائجه مدمرة على المستوى الاستراتيجي"، ولفت الى انه "اذا ضربت المكون المسيحي في لبنان تكون قد انهيت سبب وجود لبنان".

وقال ليون "نحن بعد هذا اليوم الطويل في فترة استراحة محارب ولكن الحركة المطلبية لم تبدأ حتى تقف هنا"، وتابع "فحصنا نبض الشارع والشارع لم يعد باستطاعته تحمل كل ما يجري في البلد"، واكد "نحن بانتظار طلبات قيادة التيار الوطني وعلى رأسها العماد عون للقيام بالخطوات والتحركات التالية المطلوبة"، رافضا "الاعلان عن التحركات او الخطوات الممكن القيام بها"، لافتا الى ان "الخطوات سيعلن عنها في ساعتها وفي وقتها".

وأسف ليون ان "البعض في لبنان يتنفس طائفية وخرج اليوم ليزعم ان التيار الوطني الحر يريد الطائفية والصحيح ان ما نريده هو الشراكة الحقيقية"، ولفت الى ان "الموضوع بالنسبة للتيار الوطني الحر هو مسألة تطبيق القانون والانظمة سواء في مجال تعيين قادة للاجهزة الامنية ومنع تعميم التمديد في مؤسسات الدولة من مجلس النواب الى قادة الاجهزة الى غيرها من المراكز"، وشدد على ان "كل هذا الوضع غير قانوني"، واكد ان "الرأي العام بات واعيا لكل ما يجري وجمهور التيار الوطني على جهوزية تامة لكل الخطوات الواجب القيام بها في سبيل الحفاظ على حقوق المسيحيين وفرض تطبيق القوانين".

وحول موقف باقي الاطراف المسيحية في لبنان، اكد ليون انه "لا احد من الاطراف المسيحية يستطيع الوقوف بوجه مطالب التيار الوطني الحر المحقة حيث يطالب بتحصيل حقوق المسيحيين والحفاظ عليها ويطالب بالتلاقي والحوار لبناء دولة فيها شراكة وطنية وعدم تهميش لاحد وخصوصا المسيحيين"، مؤكدا ان "يد العماد عون والتيار الوطني الحر ممدودة للجميع لبناء دولة القانون والشراكة الوطنية وعدم اقصاء احد".

اذاً يعتبر "التيار الوطني" انه حقق ما يريد من تحركه لجهة تعبئة الشارع واطلاق الصوت عاليا لمن يهمه الامر، كما ان التيار سيستمر بتحركاته غير المعلنة سلفا، وصولا لتحقيق الهدف المنشود بالحفاظ على حقوق المسيحيين، ولو بطريقة "القضم" وتثبيت النقاط، علما ان العونيين لم يغلقوا الباب لمن يريد الانضمام إليه كما أعلن صراحة العماد عون، فكيف سيكون عليه المشهد السياسي اللبناني؟ هذا ما ستظهره الايام المقبلة التي نأمل ان تحمل معها انفراجات طيبة ببركات عيد "الفطر السعيد"...