وكتب طاغور هذه الأغنية في 11 كانون الأول العام 1911. وفي اليوم التالي، نُظِّم التجمع الحاشد في نيودلهي الذي يعرف باسم «دلهي ديربار» حين سُمِّي جورج الخامس إمبراطوراً للهند
بعد مرور أكثر من قرن على إنشادها للمرة الأولى في مدينة كولكاتا (كالكوتا سابقاً) شرق الهند، يحيط الجدل مجدداً بشأن الأغنية التي أصبحت لاحقاً النشيد الوطني للهند. وأثار حاكم ولاية راجستان كاليان سينغ، وهو عضو قديم في حزب «بهاراتيا جاناتا» الحاكم، هذا الجدل المتكرِّر حين قال يوم الثلاثاء الماضي، إنَّ أغنية «جانا غانا مانا» للشاعر طاغور، الحائز جائزة «نوبل»، كانت تشيد بحكام الهند البريطانيين آنذاك.
وقال كاليان سينغ إنَّ جملة «اجيناياك جاي هي» التي تعني «لنحيي القائد»، يجب إزالتها واستبدالها بكلمة «مانغالداياك» التي تعني «مانح الرفاهية».وليس سينغ أوَّل من أثار هذا الجدل، إذ إنَّ القاضي السابق في المحكمة العليا ماركاندي كاتشو كتب مؤخراً أن أغنية «جانا غانا مانا»، التي أصبحت النشيد الوطني للهند العام 1950، «أُلفت وتم غناؤها كنوع من التملُّق الذليل» للملك جورج الخامس، وهو الملك البريطاني الوحيد الذي سافر إلى الهند.
وعرض كاتشو أيضاً بعض الأدلة لدعم فكرته، قائلاً إنَّ الأغنية «جرى تأليفها بالتزامن مع زيارة» ملك بريطانيا في كانون الأول العام 1911، وهي لم «تشر إلى حب الوطن الأم».
ورأى أنَّ كلمات «اللورد والحاكم» و «من بيده مصير الهند» (وهي عبارة أخرى في الأغنية) في العام 1911، كان يقصد بها الحكَّام البريطانيون، مشيراً إلى أنَّها أُنشدت، للمرَّة الأولى، في مؤتمر عُقد في كولكاتا للترحيب بالملك.
ونالت هذه الأغنية، التي كتبت بلغة سانسكريت البنغالية، حصَّتها العادلة من الجدل الذي أُثير حولها، فالبعض يقول إنَّها تمثل إذعاناً للملكية البريطانية، وآخرون يقولون إنَّها لم تعكس تماماً الأجناس والمناطق في الهند.
لكن المؤرِّخين يعتقدون أنَّ الزعم بأنَّ هذه الأغنية التي كتبها طاغور كانت لتمجيد الحكام البريطانيين «غير حقيقي».
في هذا الإطار، يعتقد المؤرخ سابياساتشي بهاتاتشاريا، الذي ألَّف واحداً من أهم الكتب عن طاغور، أنَّ «الخرافة بشأن هذه الأغنية» ينبغي «دحضها ودفنها».
وكتب طاغور هذه الأغنية في 11 كانون الأول العام 1911. وفي اليوم التالي، نُظِّم التجمع الحاشد في نيودلهي الذي يعرف باسم «دلهي ديربار» حين سُمِّي جورج الخامس إمبراطوراً للهند.وأُنشدت الأغنية، للمرة الأولى، في 28 كانون الأول من العام ذاته في جلسة لحزب «المؤتمر» في كولكاتا.
كما أُنشدت، بحسب المؤرخ بهاتاتشاريا، في يوم إعلان برنامج «ادي براهاما ساماج» وهي حركة إصلاحية نهضوية في الديانة الهندوسية، وكان ذلك في شباط العام 1912.ويقول بهاتاتشاريا: «بعد مرور سنوات عديدة، ربط الخيال الخصب والخبيث بين تأليف الأغنية وحشد ديربار، وظهرت شائعات بأن قصيدة طاغور كان الهدف هو إنشادها في دلهي ديربار».
الحقيقة جاءت، في نهاية المطاف، على لسان طاغور نفسه في رسالة كتبها إلى رئيس التحرير الذي كان يعمل لديه، وهو بولين بيهاري سين في تشرين الثاني العام 1937، حين قال، آنذاك، «من البديهي أنه لا جورج الخامس أو السادس أو أي جورج يمكن أن يصنع مصير الإنسان عبر العصور». وأضاف: «لقد أشدتُ في أغنية جانا غانا مانا بالشخص الذي يصنع مصير الهند والذي يرشدنا عبر مراحل الصعود والهبوط، عابري السبيل، الشخص الذي يرشد الناس إلى الطريق».