بري وفرنجية متفائلان، جنبلاط متشائم، عون ثابت.. وجعجع حذر
عماد مرمل
استراحت الملفات الخلافية الداخلية، لبعض الوقت، واتجهت أنظار الجميع، في «8 و14 آذار»، الى فيينا لمتابعة وقائع صناعة إحدى أهم اللحظات التاريخية في هذا العصر، على أيدي إيران ودول مجموعة 5+1.
ومع اكتمال «التخصيب السياسي» للاتفاق النووي، بدأ الكثيرون في لبنان يضربون أخماسا بأسداس، ويخوضون في حسابات الربح والخسارة، على إيقاع أسئلة عابرة للاصطفافات السياسية والطائفية:
كيف سيتم «تسييل» التفاهم داخليا.. ماذا عن انعكاساته على موازين القوى.. هل من منتصر ومهزوم.. ما هي احتمالات المقايضة والمساومة على الملف اللبناني.. كيف ستتصرف السعودية في ساحات التماس مع إيران ومنها لبنان.. هل ستسهل «ليالي فيينا» ولادة «الفجر الرئاسي» ام ستمدد «ولاية الظلام» في قصر بعبدا.. وأيهما بات أقرب الى القصر: الرئيس الوسطي أم القوي؟
تفاوتت الأجوبة، في طبعتها الاولى، تبعا لتباين المواقع والحسابات. بالنسبة الى البعض، حققت إيران نصراً مدوّياً ستتردد أصداؤه في المنطقة وصولا الى بيروت، ما يعني ان كفتها ستكون الراجحة على مستوى تحديد مسار الحلول للأزمات، أما البعض الآخر فقد استنتج ان طهران خضعت لمطالب المجتمع الدولي ولن تكون قادرة على استثمار الاتفاق خارج حدودها، فيما يميل آخرون الى الافتراض أن التعادل بين ايران والمجتمع الدولي سيُترجم تسوية في لبنان، على قاعدة لا غالب ولا مغلوب.
بري.. ودينامية الانفراج
فقد أكد الرئيس نبيه بري أمام زواره امس ان ايران حققت مكسبا ديبلوماسيا لا لبس فيه، لافتا الانتباه الى ان ايران بدت كفريق يخوض بلاعبيه المحليين مباراة طويلة من التفاوض ضد فريق آخر هو خليط من أقوى المنتخبات العالمية، ولذلك فإن النتيجة التي تحققت تُحسب لإيران أكثر من غيرها.
واعتبر أن ما بعد الاتفاق ليس كما قبله، مرجحا ان يساهم في تكوين شراكة دولية مع طهران ضد الارهاب، لا سيما ان الجمهورية الاسلامية هي من بين الدول التي تقاتل الارهاب فعليا.
وتوقع بري مجددا ان يكون لبنان واليمن من أوائل المستفيدين من مردود الاتفاق، لافتا الانتباه الى ان الملف اللبناني أسهل من ملفات اقليمية أخرى، لأنه يتمحور حاليا حول اسم رئيس الجمهورية، وإذا عولجت هذه المشكلة تنطلق دينامية الانفراج، لكنه استدرك بالاشارة الى ان القطاف لن يكون سريعا، كما انه لن يتأخر كثيرا.
وكشف بري عن انه طُرحت خلال جلسة الحوار الاخيرة بين وفدي «حزب الله» و «تيار المستقبل» أفكار واقتراحات لمعالجة بعض جوانب الازمة الداخلية، على قاعدة لا غالب ولا مغلوب، آملا أن تأخذ طريقها الى القبول والتنفيذ.
ووصف بري جلسة مجلس الوزراء الاخيرة بـ «الكارثة السياسية»، متمنيا من الاطراف ان تتعظ مما جرى.
وفي معرض إشارته الى ان المباشرة في تنفيذ الاتفاق تنتظر عبوره في الكونغرس الاميركي، قال بري مبتسما: لحسن الحظ، ان ابواب الكونغرس مفتوحة، وليست هناك مقاطعة من كتل نيابية، وإلا لكنا قد اقترحنا عليهم إدراج مشروع الاتفاق مع ايران في إطار تشريع الضرورة..
سلام وخفض التوترات
وأمل رئيس الحكومة تمّام سلام أن ينعكس هذا التطور إيجابا على الاوضاع في منطقة الشرق الأوسط، بما يساعد على خفض التوترات وإشاعة السلام والاستقرار.
عون: خطوة واعدة
وقال العماد ميشال عون لـ «السفير» ان التفاهم النووي يمكن ان يؤثر على الاستحقاق الرئاسي، مشددا في الوقت ذاته على ان هناك ثابتة لديه لا تتأثر بأي تحولات، وهي استعادة حقوق المسيحيين التي يحاول البعض شخصنتها أو وضعها في إطار طائفي، لتشويه صورة من يطالب بها، في حين انها في جوهرها حقوق وطنية، إذ ان الرئيس القوي يفيد كل لبنان، وقانون الانتخاب العادل ينصف كل اللبنانيين، ثم ان الاستقرار والتوازن الداخليين لا يمكن ان يستقيما من دون ان تكون هناك عدالة في توزيع السلطة بين كل المكونات.
فرنجية: إيجابيات كثيرة
وتوقع رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية ان يترك الاتفاق التاريخي انعكاسات إيجابية على لبنان والمنطقة، وقال لـ «السفير» ان الازمة المستعصية في لبنان هي جزء من الواقع الاقليمي المتأزم، وعندما تحصل حلحلة في العقدة الاقليمية، فلا بد من ان تكون الآثار إيجابية علينا.
وأعرب عن اعتقاده أن أصحاب الرهانات سيصبحون أكثر عقلانية، وربما كان البعض في المنطقة يحتاج الى ضمانات وتطمينات معينة، لكن في النهاية، الجميع سيمشي، لأنه لن يكون سهلا على أحد مواجهة قوة الدفع المترتبة على هذا الاتفاق.
وحول تصوره لكيفية تأثر الاستحقاق الرئاسي بالتطور المستجد، أشار فرنجية الى انه متفائل ببداية حل، تضع لبنان على السكة الصحيحة، من دون ان يعني ذلك انه لن تكون هناك مراحل صعبة، إلا ان القدرة على تخطيها باتت أكبر من قبل.
وعما إذا كانت التسوية النووية تُحتّم الإتيان برئيس وسطي، قال: في مرحلة الصراعات الحادة، كان يؤتى لنا برئيس توافقي، على قاعدة ان الاطراف الخارجية والداخلية متنازعة ولا تستطيع ان تتفاهم بعضها مع بعض، ونحن رفضنا ان يُفرض علينا مجددا رئيس لا لون له، ولو كان القبول به واردا لكان قد مرّ منذ فترة.
وشدد فرنجية على ان المطلوب رئيس قوي وصاحب لون واضح وحيثية تمثيلية، «وأعتقد ان مرحلة الاتفاقات والتفاهمات ستسهل انتخابه، وفي كل الحالات، نحن نتمسك بهذه المواصفات».
جنبلاط: باركوا لـ«السيد»
أما النائب وليد جنبلاط، فما ان قيل له «مبروك الاتفاق»، حتى سارع الى التعليق مبتسما: «باركوا للسيد حسن نصرالله»..
وقال جنبلاط لـ «السفير» ان الاتفاق النووي يضع المسار الاخير في نعش العالم العربي وفي نعش اتفاق سايكس بيكو. وأضاف: ان مصالح الدول الكبرى التي صنعت هذا الاتفاق أقوى للأسف مما تبقى من عرب.
جعجع: هذا حجم «حزب الله»
وقال رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع لـ «السفير» ان الاتفاق النووي سيؤدي الى تجميد مرحلي للبرنامج العسكري النووي الايراني في انتظار المستجدات، «ولا أعتقد ان هذا الاتفاق سيلقي بثقله إيجابا على الأحداث في الشرق الاوسط، بل ربما يُصعّب بعضها لان ايران ستكون في وضع أكثر ارتياحا، وإمكانياتها ستكون أكبر للتدخل في قضايا المنطقة».
وردا على سؤال عما إذا كان الاتفاق سيعزز موقع «حزب الله» في المعادلة الداخلية، أجاب جعجع: ليس بالضرورة، وحتى لو حصل على إمكانيات أكبر، فهذا هو حجمه الأقصى في لبنان، لان هناك عوامل أخرى في لبنان، لا يمكن للحزب ان يتخطاها، وفي طليعتها طبيعة التركيبة اللبنانية.
وأشار الى انه لم يراهن، لا سلبا ولا إيجابا، على حدوث الاتفاق النووي، معتبرا انه في كل الحالات يبقى الاتفاق نوويا، ولا صلة له بالازمات الاخرى، ولم يستبعد ان يصب الاتفاق النووي الزيت على نار بعض أزمات الشرق الاوسط.
assafir.com
موقع المنار غير مسؤول عن النص وهو يعبّر عن وجهة نظر كاتبه