تشير التحليلات الإسرائيلية إلى أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، خاض معركة خاسرة لعرقلة الاتفاق النووي،
تشير التحليلات الإسرائيلية إلى أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، خاض معركة خاسرة لعرقلة الاتفاق النووي، وأن الخط السياسي الذي قاده قد انهار، بل وتمكنت إيران من الاستفادة من الشرخ القائم بينه وبين الإدارة الأميركية، بحيث لم يعد الخيار العسكري الإسرائيلي واقعيا.
كما يتضح أنه يجري في الخفاء العمل على مواجهة مرحلة ما بعد الاتفاق، تعتمد أساسا على تعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة، بكل ما ينطوي ذلك على زيادة المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل بذريعة الاستعداد للوضع الجديد الناشئ في المنطقة، وبضمنه إمكانية حصول سباق تسلح.
في المقابل، هناك إقرار إسرائيلي بأن إيران حققت إنجازات من خلال الاتفاق، بتكريس دورها كلاعب إقليمي مهم في المنطقة كشريك شرعي في الصراعات الإقليمية، وأزالت عنها صورة الدولة 'الظلامية وغير العقلانية'، إلى جانب إزالة العقوبات الاقتصادية التي كانت مفروضة عليها.
تحت عنوان 'الاتفاق النووي التاريخي يمنح الثورة الإسلامية اعترافا دوليا'، اعتبر تسفي برئيل في صحيفة 'هآرتس' أن الاتفاق قد أزال عن إيران صورة الدولة غير العقلانية .
وكتب محلل الشؤون العربية في الصحيفة أن الاتفاق تضمن 'الضبابية البناءة' التي تبقي حيزا معينا للمرونة، سواء من قبل الدول الغربية أم من قبل إيران، مشيرا إلى تصريحات مصادر دبلوماسية مطلعة مفادها أنه بدون هذا الحيز ما كان بالإمكان التوصل إلى اتفاق، وأن الجهود بذلت لتقليص هذا الحيز قدر الإمكان، والتدقيق في وضع حدود المسموح والممنوع.
ويضيف أن نص الاتفاق لا يتضمن التفاهمات فقط، وإنما طموحات وتوقعات كل طرف. وبالنتيجة يطرح التساؤلات: 'هل سيكون الاتفاق مقدمة لمنظومة علاقات جديدة بين إيران والغرب أم أنه ليس أكثر من اتفاق تقني؟ وهل ستتحول إيران منذ اليوم إلى شريك شرعي في إدارة الصراعات الإقليمية والدولية، أم أنه سيستمر تصنيفها في خانة العدو الذي يحاول السيطرة على الشرق الأوسط؟
ويتابع برئيل أنه لا خلاف على أن الاتفاق، بحسب تصريحات الرئيس السابق، علي أكبر رفسنجاني، كسر حاجزا، حيث أنه للمرة الأولى منذ الثورة الإيرانية تجري الولايات المتحدة مفاوضات مباشرة مع إيران، كطرفين على قدم المساواة، وليس من موقع ضعف.
ويضيف أنه بمجرد إجراء المفاوضات مع إيران، والتوقيع على الاتفاق معها، فإن إيران حققت أكثر مما كانت ستحققه القدرات النووية لها، فقد تحولت إلى قوة إقليمية مساوية في قوتها وقيمتها لمجموع الدول العربية التي كانت تعتبر 'بيتا' للغرب في الشرق الأوسط.
ويتابع أنه منذ بدء المفاوضات، قبل سنتين، فإن إيران تهز التحالف العربي التقليدي، وترسم مناطق نفوذ جديدة غير متخومة في الدول التي تشهد صراعات، مثل سورية والعراق واليمن، وإنما في الساحة الدولية أيضا. فقد تمكنت، على سبيل المثال، من الاستفادة من الشرخ القائم بين إسرائيل والإدارة الأميركية بشأن برنامجها النووي، وتحييد التهديد العسكري الإسرائيلي. كما أن الاتفاق أزال عن إيران صورة الدولة غير العقلانية والتي يقودها مشرعون ظلاميون، ونالت الثورة الإسلامية الشرعية والاعتراف الدولي.
في المقابل، كتب محلل الشؤون الأمنية في 'هآرتس'، أمير أورن، تحت عنوان 'الخطر: خطوة يائسة من قبل نتنياهو في محاولة لعرقلة الاتفاق مع إيران' أن الخط السياسي الذي قاده نتنياهو في الشأن الأهم، كيفما وصفه هو، قد انهار، حيث سحق التاريخ كل تقديراته وعملياته، فالعالم كله ضده، ربما باستثناء السعودية.
ويضيف أن إسرائيل، قبل أن يصبح نتنياهو رئيسا للحكومة، عارضت حيازة إيران لسلاح نووي، وأنه لهذا السبب كان يجب عليها أن ترحب بالاتفاق باعتباره وسيلة جيدة لتحقيق هدف ضروري، وإبعاد إيران عن الرأس القتالي النووي.
وبحسبه فإنه لا يوجد خيار عسكري، إسرائيلي أم أميركي، لأنه لا يوجد عملية عسكرية ناجعة بدون المركب البري، إدخال قوات برية. وفي هذا السياق يشير إلى أن إيران جمدت برنامجها النووي العسكري عندما غزا جورج بوش العراق، حيث أن الولايات المتحدة في حينه كانت غيرها اليوم، فقد كانت تلك قريبة من هجمات الحادي عشر من أيلول/سبتمبر، ومصممة على دفع الثمن لإسقاط نظام طالبان في أفغانستان وصدام حسين في بغداد. وبعد ذلك فتر الحماس واقتطعت ميزانيات البنتاغون، ولم يعد يرغب أحد بالقتال، في حين ثبت أن العقوبات الاقتصادية ناجعة أكثر من التلويح بالقوة العسكرية.
ويقول أورن إن مصطلح 'الفشل الإستراتيجي' يلائم سقوط خط نتنياهو إزاء إيران، وأنه يخوض الآن معركة خاسرة، فالولايات المتحدة لن تتنصل من الاتفاق، وإذا تفككت شراكة الدول العظمى الست، فعندها لن يكون هناك إجماع على فرض عقوبات اقتصادية على إيران مرة أخرى. كما أن التراجع الأميركي يعطي لإيران الفرصة للخروج من اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية، وعندها ستلجأ إلى تطوير أسلحة نووية كما تشاء.