تناولت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الثلاثاء إطلالة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله عبر قناة المنار مساء امس في مقابلة مطولة تطرقت لمجمل المواضيع الداخلية والاقليمية..
تناولت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الثلاثاء إطلالة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله عبر قناة المنار مساء امس في مقابلة مطولة تطرقت لمجمل المواضيع الداخلية والاقليمية..
السفير
<نحـن مـع الأسـد... ومـع الأغلبيـة فـي سـوريـا التي تـريـد الإصـلاح>
نصر الله: ليموّل المحكمة مَن أنشأها... والقرار للحكومة
وتحت هذا العنوان كتبت صحيفة السفير تقول "مع مغادرة الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله مربع الصمت، المستمر منذ أسابيع عدة، إزاء قضايا عربية ولبنانية كثيرة ومتزاحمة، فإن واقع الاستقرار السياسي والأمني، الذي شدد نصر الله على رسوخه، لن يعكره ضجيج إعلامي حول لاسا وأخواتها في المتن أو الضاحية، ولا جدول أعمال وزاري مؤجل في انتظار عودة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وصحبه الوزراء من رحلتهم السعودية للوقوف الى جانب عاهلها، في يوم وداع ولي العهد الأمير الراحل سلطان بن عبد العزيز، جنبا الى جانب سعد الحريري وقيادات عربية وإسلامية أبرزها الوفدان الايراني برئاسة وزير الخارجية علي أكبر صالحي والسوري برئاسة فاروق الشرع.
هذا الاستقرار، أضاف اليه السيد نصر الله جرعة كبيرة، عندما أشار الى اجتماع مصالح لبنانية وعربية ودولية على تجنيب لبنان ارتدادات ما يجري في المنطقة، وأن كلمة السر الأميركية تلقتها قوى لبنانية عدة، أولها قوى 14 آذار، التي كانت قد استمعت قبل ايام الى وجهة نظر مديرة مكتب مصر والمشرق في الخارجية الأميركية ليزا كارل، وهي ستستمع اليها مجددا اليوم، على لسان نائب مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى جاكوب والز، الذي وصل بيروت ليلا، آتيا من عمان.
وقبيل ساعات قليلة من إطلالة نصر الله، تعمدت السفيرة الأميركية توجيه رسائل غير مباشرة، عن طريق الرابية، حيث عممت بعد اجتماعها بالعماد ميشال عون بيانا حذرت فيه من عواقب جدية اذا لم يف لبنان بالتزاماته للمحكمة الدولية، وهو الموقف نفسه الذي تولى وزير الدفاع السابق الياس المر «البوح» به من السرايا الكبيرة، عبر قوله ان نتائج عدم التمويل ستكون سياسية واقتصادية حساسة ودقيقة وصعبة، ناقلا عن ميقاتي التزامه بالتمويل.
ولعل إطلالة السيد نصر الله عبر قناة «المنار»، مساء امس، ستشكل قاعدة النقاش السياسي في الايام المقبلة، لما تضمنت من مقاربات لملفات ساخنة، وخاصة ملف تمويل المحكمة الدولية بإعلانه رفض الحزب القاطع والنهائي لهذا التمويل وتحت أي ذريعة.
واذا كانت إطلالة نصر الله قد قدمت على أنها «إطلالة استثنائية»، إلا انها بساعاتها الثلاث، أعادت تبويب موقف «حزب الله» من مجموعة قضايا محلية واقليمية ودولية، فكان حاسما في الموضوع السوري كما في النظرة الى سائر الحراك العربي.
وبدت المقاربة التي قدمها نصر الله للداخل اللبناني لافتة للانتباه من خلال تقديمه جرعة دعم وتقدير لحكومة نجيب ميقاتي وإنجازاتها، وإعلانه التمسك بخيار ميقاتي وعدم الندم على هذا الخيار، إلا انه حرص في الوقت نفسه على تظهير التمايز في الموقف بين مكوّنات الحكومة والأكثرية الجديدة، مشيرا الى ان الفصل النهائي في كل الامور يكون في مجلس الوزراء، وينطبق هذا الامر على موضوع تمويل المحكمة، مستبعدا في الوقت نفسه أية مفاعيل لعدم التمويل، مدرجا التهديدات التي تساق بين حين وآخر في خانة التهويل. وقال ان من يريد تمويل المحكمة فليمولها من جيبه.
وأشار الى ان ميقاتي لم يلتزم معنا بوقف تمويل المحكمة وسحب القضاة وإلغاء البروتوكول، مشيرا الى اننا لم نسمع من ميقاتي أي كلام عن استقالة، بل العكس نحن نعرف ان ما يهم الرئيس ميقاتي هو تحقيق الاستقرار في لبنان.
واتهم نصر الله قوى الرابع عشر من آذار بالضغط الدائم على ميقاتي ومحاولة إحراجه، وقال: لا تحرجوا الرجل، لان إحراجه سيدفعنا لان نقول كلاما سيحرجكم، ونقول لكم اقبلوا من ميقاتي ما تقبلونه من أنفسكم، ملمّحاً هنا الى النص التركي ـ القطري الذي التزم به سعد الحريري.
ووصف نصر الله العلاقة برئيس الجمهورية ميشال سليمان بالجيدة، ونفى وجود اية خلافات او برودة في العلاقة بين «حزب الله» و«التيار الوطني الحر»، وقال «علاقتنا بكل حلفائنا ممتازة وأحب أن أطمئن الكل ان كثيرا مما يكتب لا أساس له من الصحة. ولا برودة والعلاقة قوية وفعالة بل نحن في تواصل دائم ونقاش دائم، وفي كل الاحوال نحن لسنا حزبا واحدا».
كما أكد على العلاقة مع النائب وليد جنبلاط وقال: عندما التقينا تحدثنا، هناك أمور اتفقنا عليها وهناك أمور لم نتفق عليها، وهذا لا يعني الخصومة والنزاع والصراع، نحن حريصون على العلاقة والحوار والتعاون، اما ما يقال عن اعادة تموضع فهذا كلام يتردد في الصالونات والمقالات، لكن أنا لم ألمس شيئا من هذا القبيل على الاطلاق.
وفي سياق آخر، قارب نصر الله الحدث السوري بما يعاكس نظرية القائلين بربيع عربي هادف الى اصلاحات وديموقراطية، وجزم قائلا: ليس المطلوب الاصلاح او تحقيق الديموقراطية في سوريا، بل إسقاط النظام، كونه نظاما مقاوما ممانعا وشريكا في تحقيق الانتصارات في لبنان والعراق وفلسطين.
واكد أن الغالبية الساحقة من الشعب السوري تقف مع الرئيس بشار الاسد والقيادة السورية التي اكدت انها تريد الاصلاح وتسعى الى تحقيقه، مشيرا الى وجود مبالغات كبرى وخاصة من بعض الفضائيات. واشار الى ان النظام في سوريا تجاوز النسبة الكبرى من الخطر، ولكنه لا يزال يتعرض لضغوط.
واستبعد الخيار العسكري ضد سوريا، وحدد موقف حزب الله الصريح بأننا لسنا مع إسقاط نظام مقاوم وممانع وجاهز للاصلاح وبدأ في الاصلاح، ونحن نفعل ذلك لمصلحة الشعب السوري، لان البديل هو اما نظام مستسلم للارادة الاميركية او أخذ سوريا الى الحرب الاهلية او التقسيم. واكد مسؤولية الشعب السوري بعدم اخذ سوريا الى اوضاع لا تصب في مصلحة امنه واستقراره، ووحدته الوطنية وبالتالي المطلوب هو الهدوء والخروج من الشارع ووقف أي شكل من اشكال المواجهة، الذهاب الى الحوار والتعاون في سبيل تحقيق اصلاحات، فمصلحة الامة تكمن هنا.
ونفى السيد نصر الله نفياً قاطعاً الاتهامات التي تطلق بأن «حزب الله» يرسل مقاتلين لدعم النظام السوري، او يسلح اطرافا في شمال لبنان ويقيم مربعات امنية، وقال: هذا كلام كذب واضح وافتراء كبير جدا.
وانتقد تعاطي فريق 14 آذار مع الاحداث في سوريا، وقال ان الذي يبني حساباته على إسقاط النظام في سوريا هو مشتبه ومخطئ لا بل هو مغامر.
واكد نصر الله ان الاميركيين يحاولون مصادرة الثورات وحرفها عن مساراتها الطبيعية ومحاولة صنع انظمة بديلة، لافتا الى ان بقاء الشعوب مواكبة لثوراتها وثابتة على توجهاتها من شأنه ان يفوت الفرصة على الاميركيين والغرب عموما من تحقيق أهدافهم.
وشخص السيد نصر الله مكامن الخطر الذي يحدق بالمنطقة وشعوبها، وحدده بثلاثة مصادر، فالخطر الاول يمثله وجود اسرائيل على كل شعوب المنطقة. والثاني الخطر الاميركي الذي يسعى الى اعادة احياء مشروع شرق اوسط جديد، قائم على اعادة تقسيم المنطقة الى دول متصارعة قائمة على اساس عرقي وطائفي ومذهبي، يبقي اسرائيل متقدمة وهذا التهديد للكل، واما الخطر الثالث فهو المتأتي من التيارات التكفيرية التي تتخذ القتل سبيلا. وأعطى امثلة عن استهدافاتها التي طالت السنة والشيعة على السواء في العراق وافغانستان.
وخلص السيد نصر الله في هذا السياق الى التأكيد على ان لا اكثرية سنية تريد ان تستهدف الاقليات، فالسنة مستهدفون كما كل الاقليات الاخرى، ولذلك نحن لسنا في حاجة الى تحالف اقليات في مواجهة الاكثرية السنية، بل نحن في حاجة الى تحالف وطني عريض اسلامي مسيحي لمواجهة عوامل التهديد.
وحول الموضوع الليبي، اعرب نصر الله عن ارتياحه لانتصار الشعب الليبي وسقوط معمر القذافي، واستغرب استثناء ما يجري في البحرين عما يسمى الربيع العربي، وكأن ليس هناك شعب يتحرك ويتعرض لما يتعرض له. وقال: هناك مظلومية يتعرض لها شعب البحرين، وكل الاسباب الموجبة للثورة موجودة في البحرين، سواء بطبيعة النظام، او الاستبداد الداخلي، وقال ان الشعب البحريني نفَسَه طويل، مشددا على التماسك الداخلي والحفاظ على الوحدة، وعلى وحدة الحراك والانسجام مع القيادة الشجاعة.
النهار
مواجهات نيابية صاخبة تعطّل ملف المخطوفين
نصرالله يدعم الحكومة ويُعلّق مأزق التمويل
بدورها تناولت صحيفة النهار كلام السيد نصرالله مساء أمس وكتبت تقول "مع حرص الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله، في مقابلة تلفزيونية طويلة مساء امس، على ضخّ جرعة دعم قوية للوضع الحكومي المتصدّع، مبرزاً مجموعة عناوين لـ"انجازاتها" في أقل من أربعة أشهر منذ تأليفها، بدت مناسبة مشاركة عدد من الرسميين الكبار والوزراء في تشييع ولي العهد السعودي الراحل الامير سلطان بن عبدالعزيز وتقديم التعزية الى المسؤولين السعوديين بمثابة فسحة اضافية لأهل الحكم والحكومة للاستعداد لطرح الملفات العالقة.
ويتوجه اليوم الى الرياض رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي للمشاركة في تشييع ولي العهد السعودي ويرافقه وفد وزاري يضم الوزراء محمد الصفدي واحمد كرامي ووليد الداعوق وعدنان منصور وغازي العريضي، كما يضم مفتي البقاع الشيخ خليل الميس ممثلاً مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني ومفتي طرابلس الشيخ مالك الشعار.
كذلك يتوجه رئيس الجمهورية ميشال سليمان غداً الى الرياض ويرافقه وفد وزاري ورسمي آخر. كما علم في هذا المجال ان عدداً من اقطاب قوى 14 آذار وشخصياتها السياسية سيتوجه غداً الى الرياض لتقديم التعازي في طائرة للرئيس سعد الحريري.
في غضون ذلك، استأثرت جلسة لجنة حقوق الانسان النيابية امس بالاهتمامات السياسية اذ بدت هذه الجلسة التي شهدت مواجهات صاخبة بين نواب "حزب الله" وقوى 14 آذار بمثابة اختصار للمناخ السياسي المحتقن على خلفية ملفات أمنية متعاقبة بعضها طرح على اللجنة وبعضها الآخر لا يزال يثير مضاعفات من دون اي معالجة.
وتميّزت الجلسة باستقطابها نحو 60 نائباً، اي ما ينقص اربعة نواب فقط عن نصف اعضاء المجلس، وهو رقم قياسي تحققه جلسة للجنة نيابية. وقد خصصت الجلسة للاستماع الى معلومات النائب العام التمييزي سعيد ميرزا عن ملف خطف مواطنين سوريين في لبنان من آل الجاسم الى قضية خطف شبلي العيسمي وجوزف صادر.
وعلمت "النهار" من مجريات الجلسة ان ميرزا ابلغ النواب تجميد ملف خطف الاخوة الجاسم بعدما قدّم وكيل العائلة تنازلاً وافاد ان الدعوى ليس فيها خطف. واذ بدأت المداخلات النيابية، احتدم النقاش ونشبت مشادات حادة بلغت ذروتها بين النائبين علي عمار واحمد فتفت لدى إثارة نواب من "حزب الله" موضوع شهود الزور. واعتبر فتفت ان هذا الملف "عطّل البلد" متسائلاً "لماذا لا يطرح اليوم؟"، مذكراً "بحوادث كانون والقمصان السود". ورد النائب عمار مهاجماً فتفت وفريق 14 آذار وقال: "انتم متآمرون، انتم القلوب السوداء، انتم كنتم في مرجعيون والشاي، انتم جماعة فيلتمان وكوندوليزا وقتل الاطفال والنساء في حرب تموز". وافادت المعلومات ان عمار همّ برشق فتفت بزجاجة مياه، لكن نواباً هدّأوه وخرج من القاعة.
ثم دارت بعد الجلسة معركة كلامية واسعة تبادل فيها نواب الفريقين الاتهامات وبدا واضحا ان اللجنة بلغت الطريق المسدود، فأوصت عبر رئيسها النائب ميشال موسى "بمتابعة كل قضايا الخطف من طريق القضاء منعا لتكرارها".
نصرالله
أما مقابلة السيد نصرالله مع محطة "المنار" مساء أمس فتميزت بثلاثة مواقف رئيسية. ففي جولته على الثورات العربية ميز الامين العام لـ"حزب الله" بين اعترافه بأن ما يجري في المنطقة "ثورات شعبية حقيقية وليست مشروعا أميركيا" في مقابل دعمه المطلق للنظام السوري. ورأى ان الهدف مما يجري في سوريا هو اسقاط "النظام الممانع والمقاوم". وقال: "لسنا مع اسقاط نظام مقاوم وممانع جاهز للاصلاح لأن البديل الذي يريده الغرب اما نظام يستسلم للارادة الاميركية او يأخذ سوريا الى الحرب الاهلية او التفتيت". وأضاف ان الحزب "ليس مع تحالف الأقليات ضد السنة نحن في حاجة الى تحالف ضد عوامل التهديد من اسرائيل وتقسيم المنطقة والتيار التكفيري".
وفي الموضوع الداخلي أشاد نصرالله بانجازات الحكومة مشيرا الى اتخاذها 1100 قرار في أقل من مئة يوم وقال: "هناك حكومة منتجة ومن النادر في تاريخ لبنان ان تنجز حكومة ما أنجزته الحكومة الحالية في الوضع القائم". وأكد ان "العلاقة بين الحلفاء ممتازة وكثير مما يقال لا أساس له من الصحة"، وإن يكن اعترف بوجود "بعض التمايز في التعبير عن بعض المواقف". وأشار الى انه "لم يلمس اعادة تموضع من جانب النائب وليد جنبلاط". كما دافع ضمنا عن البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي قائلا إن "الهجمة عليه غير منصفة لأنه وصف ولم يقل انه يؤيد أو لا يؤيد" النظام السوري وسلاح المقاومة.
أما عن موضوع تمويل المحكمة فقال ان "الحكومة تحسمه عندما يحين الوقت المناسب وموقفنا لا يحتاج الى تحليل فحزب الله لا يوافق وضد تمويل المحكمة(...) ولكن لن يقوم بسجال واذا أراد أحد ان يموّل المحكمة من جيبه "يصطفل" واذا كان سيمول من خزينة الدولة فالحكومة او مجلس النواب يتخذان القرار". وأكد "أننا نعمل للوصول الى قرار اجماعي في الحكومة واذا لم نصل اليه فقرار التصويت هو عند رئيس الجلسة وحينها يصوّت كل فريق".
كونيللي
وجاء كلام نصرالله بعد ساعات من موقف جديد للسفيرة الاميركية مورا كونيللي من موضوع تمويل المحكمة نقلته الى العماد ميشال عون أمس خلال زيارتها للرابية واتسم بتشدد واضح في ابراز محاذير توقف لبنان عن التمويل. وقالت السفيرة للجنرال استنادا الى بيان صادر عن السفارة الاميركية ان بلادها "تتوقع تلبية لبنان جميع التزاماته الدولية بما فيها التزامه تمويل المحكمة الخاصة بلبنان والتعاون معها". وأبدت "قلق الولايات المتحدة من أن فشل لبنان في الوفاء بالتزاماته تجاه المحكمة قد يؤدي الى عواقب جدية".
الأخبار
نصر الله: من يريد التمويل من جيبه فليفعل
كذلك تناولت صحيفة الأخبار الموضوع نفسه وكتبت تقول "إذاً، وعلى نحو رسمي، حزب الله يرفض تمويل المحكمة، ولتُصدر الأخيرة «قراراتها غيابياً فلا يهمنا». هو مع سقوط الأنظمة الخاضعة للأميركي ومع أغلبية الشعب السوري.
وأخيراً أعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الموقف الذي «لا يحتاج إلى إعلان» من تمويل المحكمة الدولية: «حزب الله لا يوافق على التمويل، ومن يُرد التمويل من جيبه فليفعل، وإذا كان التمويل من الموازنة فالقرار يُتخذ في مجلس الوزراء، وإذا لم نصل إلى موقف إجماعي بهذا الشأن ننتقل إلى التصويت». وطالب في حديث إلى برنامج «بين قوسين»، على قناة المنار، الفريق الآخر بقبول ما يرتضيه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي «بناءً على ما ارتضيتموه لأنفسكم، وكي لا أضطر الى إخراج ورقة التفاهم التركية القطرية وأعرضها بالتفاصيل». ونفى أن تكون جرت مناقشة الاستقالة مع ميقاتي بسبب تمويل المحكمة أو عدمه. وقلّل من شأن التهويلات ضد الحكومة، فـ«ما دام البعض قد اعتبر عدم تمويل المحكمة لا يوقفها، فلماذا كل هذا التهويل؟»، مطالباً بدفع أموال التمويل إلى الأسر الأشد فقراً. وجزم بأن أي قرار ظني لن يؤدي إلى فتنة، «ولتصدر المحكمة قراراتها غيابياً، فلا يهمنا ذلك، فالأوضاع في المنطقة تجاوزت المحكمة».
وضحك لدى سؤاله عن «حكومة حزب الله»، مردفاً أن الحكومة الحالية وطنية تمثل أغلبية نيابية وشعبية حقيقية، وهي عبارة عن تشكيل لقوى متنوعة ومتعددة، وأشاد بما أنجزته خلال 100 يوم من عمرها. ولفتت دعوته اللبنانيين إلى التصويت لمغارة جعيتا.
ووصف علاقته برئيس الجمهورية ميشال سليمان بأنها جيدة وفيها مودة، وهناك تواصل دائم معه. وعن ميقاتي قال «كان خيارنا ودعمنا هذا الخيار ولسنا نادمين». أما العلاقة مع الحلفاء فهي «ممتازة مع الجميع»، نافياً ما يقال عن «برودة» مع التيار الوطني الحر «طبعاً نحن تيارات وقوى وأحزاب متعددة، هناك مشتركات وهناك تمايز، وقد تختلف التعبيرات وتتباين بعض الآراء، وإلا لكنّا حزباً واحداً». وأيضاً وصف العلاقة مع النائب وليد جنبلاط بأنها تحالف استراتيجي، كاشفاً أنهما في لقائهما الأخير اتفقا على أمور ولم يتفقا على أخرى، لكن من دون خصومة، وقال إنه لم يلمس أي تموضع جديد لجنبلاط.
وإذ استبعد أي حرب إسرائيلية جديدة وطمأن إلى الأوضاع الأمنية في الداخل، نفى أي تسليح من قبل الحزب في الشمال، وعزا هذه الاتهامات إلى أن «تيار المستقبل يرفض أي ثنائية وخاصة في منطقة الشمال، ما استدعى كل هذه الاتهامات». ورأى أن الحملة على البطريرك الماروني بشارة الراعي غير منصفة، وأن كلام الراعي فيه توصيف وليس تأييداً للنظام في سوريا أو للمقاومة.
وفي ما خصّ الثورات العربية، أعلن نصر الله أن موقف الحزب لم يتغيّر، فهي حراك وطني حقيقي يعبّر عن إرادة شعبية ووطنية، ولم تكن مشروعاً أميركياً، لأن الأنظمة التي طالبت الشعوب بتغييرها موالية للولايات المتحدة. ورأى أن الأميركيين «ركبوا» هذه الثورات ويحاولون حرفها عن مسارها بهدف: تقليل خسائرهم ما أمكن، تحسين صورتهم لدى الشعوب العربية والإسلامية، وليكونوا شركاء في صنع أنظمة بديلة موالية لهم، محذراً من أنهم إذا لم يصلوا إلى أنظمة موالية فسيعملون على الفوضى والفتنة. ورأى أن الشعب البحريني تعرض لمظلومية وتخلّ وتغييب لتحركه، لكنه توقع أن يتمكن البحرينيون من تحقيق أهدافهم، قائلاً إن من يراهن على تعبهم يراهن على سراب «لأن نفسهم طويل».
وعن سبب تميز الموقف ممّا يجري في سوريا، قال إن «معاييرنا من الثورات ثابتة وواحدة» تنطلق من 3 أمور: موقف أي نظام وموقعه من المشروع الأميركي، موقف هذا النظام من الإصلاح، ومطالب الشعب «نحن مع الشعب»، عازياً موقف الحزب إلى أن النظام السوري ممانع ومقاوم، والرئيس السوري بشار الأسد أبدى منذ اليوم الأول للحراك الشعبي استعداداً للإصلاح وأقرّ بوجود أخطاء وثغر «وهو جدي وبدأ بالإصلاح»، وثالثاً ان أغلبية الشعب السوري «من خلال التظاهرات» مع الإصلاحات التي أعلنها الأسد، «وأنا أقف مع هؤلاء»، و«منسجم مع أغلبية الشعب السوري الذي صمد مع قيادته في دعم حركات المقاومة». واستطرد: إذاً هناك نظام يريد إصلاحات، ولن يُقبل من هذا النظام أي إصلاح، لأن المواجهة أخذت منحى آخر، وأصبح واضحاً أن المطلوب ليس الإصلاح، بل إسقاط النظام الممانع والمقاوم والمجيء بنظام مختلف في خطابه ويكون لمصلحة السياسة الأميركية.
وأعلن رفضه «جرّ سوريا الى التقسيم أو حرب أهلية. المطلوب: الهدوء، الخروج من الشارع، وقف أي شكل من أشكال الصدام والذهاب إلى الحوار والتعاون في إجراء الإصلاحات». واتهم بعض العرب بالضغط بقوة باتجاه إسقاط النظام في سوريا، وبالتحريض سياسياً وطائفياً. لكنه رأى أن تركيبة وفد الجامعة العربية فيها توازن، وقد ينتج من تحركها إيجابية. ورأى أن سوريا تجاوزت مرحلة الخطر بنسبة كبيرة، إلا أنها ما زالت تتعرض لضغوط. واستبعد أي خيار عسكري غربي بسبب تخوّف الأميركيين وحلف الناتو من أن يؤدي تجاور سوريا وإسرائيل إلى تطورات إقليمية تضرّ إسرائيل، أو تتدحرج التطورات إلى حرب كبيرة.
ورفض مقاربة قوى 14 آذار لموضوع الحدود ما سوريا «وما يسمّونه خروقات سوريا»، واتهمها بأنها «أجنبية مع خروق العدو، لأنهم في أعماقهم لا يعتبرون إسرائيل عدواً»، ورأى أن معالجة الأمور الحدودية بين دولتين صديقتين تكون بالنقاش وطلب المعالجة وليس بالحملات. وتوجه إلى هذه القوى بالقول: إذا طالبنا الحكومة بمعالجة الخروق السورية، فلنطالبها بمعالجة الخروق اللبنانية للحدود السورية لتهريب السلاح وغيره، مضيفاً أن الذي يبني حساباته على إسقاط الوضع في سوريا هو مخطئ ومشتبه.
وأبدى سعادته بانتصار الشعب الليبي، متمنياً عليه الحفاظ على سيادة ليبيا واستقلالها وثرواتها. وأعلن أن لا معلومات حتى الآن يمكن الركون إليها في موضوع الإمام موسى الصدر ورفيقيه. ووصف عملية تبادل الأسرى بين حماس والإسرائيليين بأنها «إنجاز صاف»، كذلك وصف الانسحاب الأميركي المرتقب من العراق بأنه انتصار حقيقي للشعب والمقاومة ولصمود القوى غير الخاضعة للأميركيين في العراق، ولكل محور الممانعة في المنطقة، وهزيمة تاريخية للأميركيين. وقال إن الاتهامات الأميركية الأخيرة لإيران سببها رفض طهران لطلب أميركي بفتح خط ساخن خلفيته تأمين خط انسحاب آمن من العراق وأفغانستان.
ورفض مقولة «تحالف الأقليات»، أو أن تكون هناك أكثرية سنيّة تستهدف الأقليات، معتبراً أن الجميع مستهدفون بـ3 تهديدات هي: وجود إسرائيل، المشروع الأميركي لتقسيم المنطقة على أساس عرقي وطائفي ومذهبي، والتيارات التكفيرية التي تكفّر كل الفئات حتى السنّة.
اللواء
اعتبر الإستقرار اللبناني مطلوباً دولياً في إطار رسائل محلية وإقليمية
نصر الله: لا تمويل للمحكمة... وميقاتي لن يستقيل
دبلوماسي أميركي يصل ليلاً... وكونيللي تحذّر من التنكر للقرارات الدولية
صحيفة اللواء تناولت الشأن الداخلي اللبناني ومن ضمنه كلام السيد نصرالله وكتبت تقول "في خضم الضغوطات الجارية في المنطقة على اكثر من جبهة، شهد ملف تمويل المحكمة الخاصة بلبنان، محطة تقاطع صدامي بين <حزب الله> والولايات المتحدة الاميركية، وان بدا ان الطرفين التقيا على ان الاستقرار في لبنان مطلوب اكثر من اي وقت مضى.
ودلت الاطلالة الاعلامية التي كانت اشبه باطلالة معممة (نقلها تلفزيون N.B.N و<العالم> و<الدنيا>) ان الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، قدم مطالعة سياسية شاملة، جاء الوضع في لبنان في ترتيبها الاخير، ليظهر وكأنه الممسك الفعلي بمقدرات الحركة السياسية الداخلية، وصاحب التأثير في اللعبة الكبيرة الجارية في عموم المنطقة، عشية الانسحاب الاميركي من العراق، ومقتل معمر القذافي في ليبيا، وبعد صفقة التبادل التاريخية بين حركة <حماس> واسرائيل.
وتمثلت الرسائل التي اطلقها برسم خارطة للاداء الحكومي والاضاءة على نقاط مفصلية للمشهدين الاقليمي والعربي:
1- قطع السيد نصر الله على نحو يقيني لا يقبل الاجتهاد او التأويل بأن الحزب ليس مع تمويل المحكمة، وان الرئيس نجيب ميقاتي لم يلتزم في مفاوضات تأليف الحكومة لا بعدم تمويل المحكمة ولا بسحب القضاة او الغاء البروتوكول. وتحدث بما يشبه الجزم ايضاً بأن الرئيس ميقاتي لن يستقيل اذا لم تمول المحكمة من خلال مجلس الوزراء.
2- رسم آلية للخروج من المأزق متجاوزاً الديمقراطية التوافقية بدعوة الرئيس ميشال سليمان للاحتكام الى التصويت بعد نقاشات يريدها مستفيضة بشأن وجهات النظر المتضاربة تجاه تمويل المحكمة.
3- تميزت لهجة السيد نصر الله بابداء الارتياح والود تجاه الرئيسين ميشال سليمان وميقاتي والنائب وليد جنبلاط، وان اعتبر مواقف الرجال الثلاثة الشركاء في الحكومة ازاء المحكمة وقضايا اخرى تصب في اطار التعددية السياسية داخل الحكومة، معتبراً ان العلاقة استراتيجية مع الحزب التقدمي الاشتراكي.
4- ومع اقراره بأن الرئيس ميقاتي هو الذي يتحدث باسم الحكومة، الا انه تولى النيابة عن الوزراء تعداد إنجازات حكومة المائة يوم، سواء لجهة خطة الكهرباء او الموازنة أو تقديم قانون الانتخابات أو الحفاظ على الأمن والاستقرار، مع استدراك بسيط أن الأمن كان من أيام الحكومة السابقة.
5 - مع دفاعه ضد مقولة أن الحكومة حكومة <حزب الله>، بدا السيّد نصر الله مطالباً بتوجيه رسالة لقوى 14 آذار إزاء ما وصفه رهان البعض في لبنان على إسقاط النظام في سوريا، معتبراً أن ذلك لن يخدم استقرار لبنان، وأن الذي يراهن هو مغامر ومشتبه وخاطئ. 6 - تولى نصر الله الدفاع عن الخرق الحدودي السوري المستمر، والذي كان آخره الخرق في وادي خالد من زاوية ما وصفه بالاعراف الدولية، وأن هذا ممكن أن يحصل بين دول صديقة.
7 - بدا انه المعني أكثر من سواه بما يجري في سوريا، معتبراً أن ردّ دمشق على واشنطن بالإسراع في استدعاء سفيرها عماد مصطفى بأنه مؤشر قوة وليس ضعفاً، مبرراً دعمه للنظام في سوريا من زاوية انه دولة ممانعة، وهو يرغب بالاصلاح، ولديه الشعبية، خلافاً لما كانت عليه الحال في ليبيا، لكنه لم يجزم بأن سوريا تجاوزت المرحلة الصعبة بنسبة مائة في المائة.
8 - حاول السيّد نصر الله في مقولة تحالف الأقليات موجهاً رسالة للسنة العرب مؤداها انهم متضررون من الحركة التكفيرية كسائر الجماعات الأخرى، ومن المشروع الأميركي - الإسرائيلي، منتقداً الحملة على البطريرك الماروني بشارة الراعي، داعياً إلى انصافه.
9 - استبعد نصر الله حصول عمل عسكري دولي ضد سوريا، معتبراً أن <الناتو> لن يهاجم سوريا حتى لا تحدث حرباً إقليمية تؤذي إسرائيل.
10- تحدث عن تقاطع معلومات في ما يتعلق بخيار حركة <حماس> ودمشق بأن الطرفين متفقان على عدم خروج قيادة <حماس> من العاصمة السورية.
11 - استبعد اقدام إسرائيل على حرب ضد لبنان، داعياً إلى استمرار الحذر.
واللافت أن الشق المتعلق بلبنان، وبالوضع الحكومي آثر أن يتركه نصر الله للجزء الأخير من المقابلة التي استغرقت ثلاث ساعات كاملة، ربما للتشويق وخصوصاً أن مقدمة البرنامج، أعلنت أن الحديث سيتطرق إلى تمويل المحكمة، ومهد لذلك بمقاربة طويلة نسبياً لانجازات حكومة المائة يوم، كاشفاً بأن الحكومة ناقشت 1100 قرار، واصفاً إياها بالفاعلة والمنتجة، وكذلك بمحض ثقته لكل من الرئيسين سليمان وميقاتي وللحلفاء، نافياً وجود برودة في العلاقات بين الحزب والتيار الوطني الحر، لكنه عزا عدم التنسيق بين الوزراء داخل الحكومة إلى كثافة الملفات التي تطرح في جدول الأعمال وضيق الوقت لمناقشتها، كما نفى أن يكون قد لمس من جنبلاط الذي عاد مساء أمس مع الوزير غازي العريضي من باريس، تموضعاً جديداً.
ورغم أن الحزب يؤثر عدم التعليق على اتهامات تسليحه بعض الأطراف في الشمال، إلا أنه خالف هذه القاعدة، مؤكداً أنها أكاذيب وافتراءات، معتبراً أن تيار <المستقبل> لا يتحمل الثنائية في طائفته.
أما في موضوع المحكمة، فقد أوضح نصر الله أن الحزب تعمد السكوت لكي لا يحرج الرئيس ميقاتي ولا الرئيس سليمان، ولأنه كان واضحاً أن الفريق الآخر يريد جر الحكومة إلى خلاف أو إيقاعها في أفخاخ، إلا أنه لم يوضح سبب خروج الحزب عن صمته وإعلان رفضه تمويل المحكمة وهو لا يوافق على هذا الأمر لا أساساً ولا جملة ولا تفصيلاً، مشيراً إلى أنه إذا أراد أحدهم ان يمول المحكمة من جيبه فهذا حقه، ولكن اذا كان الامر من خزينة الدولة، فيجب ان يتم من خلال مجلس الوزراء او مجلس النواب. لافتا الى رغبة بأن يتم التوافق في مجلس الوزراء على عدم تمويل المحكمة، ولكن لا نمانع اذا رغب رئيس الجمهورية بطرح الامر على التصويت اذا أراد ذلك.
كونيللي
وبانتظار ما سيطرأ من مواقف وردود على مواقف نصر الله اليوم، رغم إنشغال المسؤولين والقيادات السياسية، بمراسم دفن ووداع ولي العهد السعودي الأمير سلطان بن عبد العزيز، وسط الحداد الرسمي الذي أعلنته رئاسة الحكومة، بأن مصادر سياسية لاحظت ان مواقف نصر الله، أصابت الكثيرين بصدمة، وخصوصاً انه ناب عن الرئيسين سليمان وميقاتي بالقرار، وقطع الطريق أمام المساعي التي يمكن أن يقوم بها رئيس المجلس نبيه بري للوصول إلى حل وسط.
واللافت ان كلام نصر الله تزامن مع مواقف أطلقتها السفيرة الأميركية مورا كونيللي، التي أصدرت بياناً بعد لقائها رئيس <التيار الوطني الحر> النائب ميشال عون في الرابية أمس، أعربت فيه بما يشبه التحذير، عن <قلق الولايات المتحدة الخاصة بلبنان قد يؤدي إلى عواقب جدية>، مجددة إلتزام الولايات المتحدة بلبنان مستقر وسيد ومستقل.
وأوضحت كونيللي انها ناقشت مع عون الوضع السياسي والأمني في لبنان والوضع في سوريا، معيدة التأكيد على موقف الولايات المتحدة بأنه من الأهمية بمكان ضمان بأن الأحداث في سوريا لا تخلق عدم استقرار أو توتر في لبنان>.
وتزامن هذا الموقف الأميركي مع وصول نائب مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى جاكحوب ولز إلى بيروت آتياً من عمان، من دون إعلان مسبق عن المهمة التي سيقوم بها في لبنان أو المحادثات التي سيجريها مع المسؤولين.
المستقبل
نصر الله يؤكد رفضه تمويل المحكمة.. ويدافع مجدداً عن بشّار الأسد
بعد ترشيش ولاسا .. تهديد تحت قبّة البرلمان
من جهتها تناولت كلام الامين العام لحزب الله السيد نصرالله وكتبت تقول "المناخ الأمني الاستنفاري المحمي بالسلاح غير الشرعي، والذي يلفّ البلاد زارعاً المخالفات والتجاوزات والتسيب والتعدي على أملاك الدولة والأملاك الخاصة، انسحب أمس على المؤسسات الدستورية، فيما الحكومة ورئيسها آخر من يعلم. وإذا كان الغياب المدوّي للحكومة وأجهزتها دليل معبّر على هشاشة التركيبة الحكومية وصعوبة استمرارها، فإن ما لا يمكن تجاوزه هو أن هذه الحكومة قد فشلت فشلاً ذريعاً في كل الميادين، ولا سيما الموضوع الأمني، والأمثلة عن ذلك من ترشيش إلى لاسا مروراً بكل بقعة يسعى السلاح غير الشرعي إلى التمدد إليها وزرع بؤر التوتر فيها.
وفيما تستريح الساحة الداخلية نسبياً اليوم وغداً مع تعاقب المسؤولين اللبنانيين إلى المملكة العربية السعودية لتقديم التعازي بوفاة ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء الامير سلطان بن عبد العزيز آل سعود، بدا أن ضغط مضاعفات قمع مخالفات لاسا وشبكة اتصالات "حزب الله" الارضية المقموعة في ترشيش، ليس آخر مآثر حزب السلاح الضارب بهيبة الدولة والقانون عرض الحائط، وأمس شهدت لجنة حقوق الانسان النيابية تهديدين مباشرين وواضحين تلقاهما نائبان في لجنة حقوق الانسان من زميل لهما على خلفية مناقشة ملفات خطف جوزف صادر، والأخوة الجاسم وشبلي العيسمي: الاول فجّ من النائب علي عمار للنائب أحمد فتفت: "اذا بدك منلتقي برا منصفيها". والثاني ديبلوماسي للنائب اكرم شهيب: "هذا الملف لا يعالج هنا".
فخلال استكمال اللجنة مناقشة قضية المخطوفين السوريين شبلي العيسمي والأخوة من آل الجاسم في حضور وزيري الداخلية مروان شربل والعدل شكيب قرطباوي ومدعي عام التمييز القاضي سعيد ميرزا بعدما فجّر تقرير المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء اشرف ريفي في الجلسة السابقة ملفاً عاصفاً، تحول النقاش عن مساره القانوني والانساني الى اصطفاف سياسي، وكيل التهديدات من قبل نواب "حزب الله" للنائب فتفت، فشهدت القاعة هرجاً ومرجاً وصراخاً وصلت اصداؤه الى الخارج.
وفي التفاصيل أن الاشتباك الكلامي الذي كاد ان يتطور الى اشتباك بالايدي بين النائب عمار والنائب خالد ضاهر سبقه كلام مطوّل لنواب "حزب الله" "بالسياسة" عن ملفات الخطف كلها، على أساس ان "لا أساس لها وأن ما هو حاصل ليس الا كيدية سياسية واتهامات".
وأبلغ النائب فتفت "المستقبل" أنه وخلال الجلسة تحدث النائب نواف الموسوي محيلاً النقاش إلى ملفات سياسية لا دخل لها بالموضوع المطروح، من مثل الحديث مطولاً عمّا يسميه تهريب السلاح إلى سوريا، وملف الشهود الزور وتوجيه الانتقادات إلى اللواء ريفي. عندها بادر النائب فتفت، وسط هرج ومرج من نواب الحزب بهدف التشويش عليه، إلى الردّ على ما طرحه الموسوي بنداً بنداً، سائلاً طالما أنكم داخل الحكومة فلماذا لا تبتّون ملف الشهود الزور؟، لكن النائب في حزب الله نوار الساحلي طلب من رئيس الجلسة، في محاولة لتطيير الجلسة، ان يرفعها. فدخل النائب ضاهر على الخط، محتجاً على محاولة اسكات فتفت: "هذا الكلام غير مقبول ولا نسمح ان يمنعنا احد من الكلام"، صاح بهم. الا ان النائب عمار ساق تهديده لفتفت قائلاً له: "اذا بدك منتلاقى برا منصفيها"!
ولدى خروجه من الاجتماع سُئل فتفت هل ستلتقون في الشارع، فأجاب "هذا ليس أسلوبنا في العمل السياسي، ولن يكون يوماً، والجميع يعرف من هم أصحاب لعبة الشارع وتجاوز الدولة والقوانين".
إلا أن مصادر نيابية واسعة الاطلاع قالت لـ "المستقبل" إن تصرف نواب "حزب الله" كان يهدف إلى تطيير الجلسة، خشية تحول المحاضر الرسمية النيابية الى وثائق ترفع الى الامم المتحدة لاحقا تدين سوريا بأعمال خطف معارضين، كاشفة أن "ملف الأخوة الجاسم ملفٌ دسم بمعطياته، وهو يكشف بشكل مفصلّ وبالأدلة والبراهين أن ثمة عملية خطف موصوفة قد حصلت، بتواطؤ وترتيب، فيما هناك قرائن ذات مصداقية تتصل بملف خطف السياسي السوري شبلي العيسمي".
نصر الله وتمويل المحكمة
وسط هذه الصورة، جدد الأمين العام لـ "حزب الله" حسن نصر الله تأكيد موقفه الرافض لتمويل المحكمة الدولية الخاصة، وقال خلال مقابلة مع محطة "المنار" أمس، إن "موقف الحزب لا يحتاج إلى إعلان، وهو موقف معروف. الحزب ضدّ تمويل المحكمة، وهو غير موافق عليها لا أساساً ولا تفصيلاً". مضيفاً "من يريد تمويلها من جيبه فله الحق، لكن قرار التمويل من خزينة الدولة يحتاج إلى قرار، وعندما يطرح الموضوع سيطرح كل طرف رأيه، وسنعمل على أن نصل إلى موقف إجماعي، وإذا لم نصل فإن قرار التصويت هو بيد رئيس الجلسة".
ولفت نصر الله إلى أن "رئيس الحكومة ليس ملكاً ولا أميراً، ونحن من دعاة الديموقراطية التوافقية، والأصل أن نصل من خلال النقاشات إلى قرار، وعندما يطرح الموضوع على مجلس الوزراء نتكلم فيه".
نصر الله الذي تجنّب إرسال أي إشارات سلبية باتجاه مكونات الأكثرية الجديدة، قلل من شأن الخروقات السورية للسيادة اللبنانية، ورأى أن "بعض أطراف 14 آذار لا ترى في إسرائيل عدواً، فيما تعتبر سوريا عدواً".
في الشأن السوري، جدد نصر الله دفاعه عن النظام في سوريا، معتبراً أن الحراك الحاصل إنما هو "مؤامرة اميركية"، ومؤكداً بأن "غالبية السوريين مع النظام"، واتهم المعارضة بـ "العلاقة مع الإدارة الأميركية، وأنها لا تمتلك خطاباً سياسياً"، وقال "لسنا مع اسقاط النظام الممانع لأن البديل الذي يريده الغرب، إما نظام مستسلم له، أو حرب أهلية أو تقسيم". كما اتهم وسائل الإعلام بتضخيم ما يجري "من خلال تصوير أحداث وصدامات وتظاهرات بشكل غير صحيح(..)".
سليمان و"الدستوري"
إلى ذلك، طرح رئيس الجمهورية ميشال سليمان خلال رعايته أمس الجلسة الافتتاحية لدورة "اتحاد المحاكم والمجالس الدستورية العربية للعام 2011" مادة سجالية على الساحة الداخلية سياسياً وقانونياً تتمثل بإقتراحه "إناطة مهمة تفسير الدستور الى المجلس الدستوري وفقاً لما نصت عليه وثيقة الوفاق الوطني" وهذا يتطلب تعديلاً دستورياً، ودعوته الى "تحرير المجلس من التسييس من خلال تعديل إنشاء المجلس الدستوري لإعادة النظر في طريقة تعيين أعضائه التي تتم اليوم مناصفة بين مجلس الوزراء والمجلس النيابي". كما جدد تمسكه باعتماد النسبية في قانون الانتخابات قائلاً "إن قانون الانتخاب هو أساس الإصلاح، وان الإصلاحات التي نصت عليها وثيقة الوفاق الوطني لم تقترن بقانون انتخاب ملائم لها". كما شدد على "أهمية القضاء الدستوري كمرجعية تحول دون الشطط في التشريع وتقود الى احترام الأسس التي قام عليها الدستور"، مؤكداً "ان دور هذا القضاء يتكامل مع دور رئيس الجمهورية المؤتمن على الدستور"، لافتاً الى "أن العدالة الدستورية ركن أساسي في بناء الدولة الحديثة". وأكد الرئيس سليمان انه "آن الأوان لاعتماد قانون انتخاب يفسح في المجال أمام تمثيل كافة شرائح المجتمع تمثيلاً صحيحاً وعادلاً، ويؤدي الى تجديد الحياة السياسية، وتفعيل أداء المؤسسات الدستورية، وتطوير تجربة لبنان الديموقراطية، وذلك للخروج من الدوامة التي ندور فيها"، وأشار الى أن "القضاء الدستوري لا يهمل المواثيق الدولية، ولا يهمل أيضاً، كما هي الحال عندنا، مقدمة الدستور التي نصت على أن لبنان عضو مؤسس وعامل في منظمة الأمم المتحدة وملتزم مواثيقها والإعلان العالمي لحقوق الإنسان".
واعتبر وزير العدل شكيب قرطباوي في حديث الى "المستقبل" أن "طرح رئيس الجمهورية مهم خاصة أن مهمة تفسير الدستور كانت تتوزع بين مجلس النواب والمجلس الدستوري"، مضيفاً إن "رأيي الخاص يجب أن تعطى هذه المهمة كاملة الى المجلس الدستوري، كما أن أسلوب تعيين أعضاء المجلس الدستوري "مش كتير زابطة" لأنها تفسح المجال أمام التدخل السياسي وهذا ما يولد إشكالات وبالتالي أنا مع تغيير الطريقة لكني لم أتوصل الى طرح نهائي في هذا الموضوع".