25-11-2024 11:53 AM بتوقيت القدس المحتلة

غموض اكتنف آخر لحظات القذافي.. فكيف قُتل؟؟

غموض اكتنف آخر لحظات القذافي.. فكيف قُتل؟؟

بقي مقتل القذافي غامضا ومثار تحليلات رغم بعض المعلومات الرسمية الليبية العامة التي اشارت الى مقتله بعد اعتقاله حيا اثناء تجدد للاشتباكات.. كان لافتا تضارب الانباء حول الطاغية في اخر ايامه

بقي مقتل معمر القذافي غامضا ومثار تحليلات رغم بعض المعلومات الرسمية الليبية العامة التي اشارت الى مقتله بعد اعتقاله حيا اثناء تجدد للاشتباكات.. وكان لافتا تضارب الانباء حوله في اخر ايام حياة هذا الطاغية..

صباح الخميس في الحادي والعشرين من تشرين الاول/ اكتوبر تحرك موكب القذافي والعشرات من اعوانه ومقاتليه لمغادرة مدينة سرت التي حاصرتها نيران الثوار كآخر معاقل القذافي.. لم يعد يَحتمل البقاء في المدينة والخناق بدأ يضيق فقرر القذافي الخروج وفي موكب من السيارات العسكرية في تصرف بدا متهوراً.. وجود القذافي في سرت وليس في مكان ما من الصحراء الليبية حيث كان مرجحا ان يكون، اضافة الى خروجه المتهور بموكب كبير يترك شكوكا  حول السبب.. فهنا يمكن ان تذهب التفسيرات الى ابعد من مسار المعركة ونحو ضمانات كاذبة قد تكون اعطيت للقذافي من قبل الغرب..

خرج القذافي مع ابنه معتصم، وقائد جيشه في موكب  كبير من السيارات رباعية الدفع.. عند الساعة الثامنة والنصف صباحا هاجمت طائرات فرنسية الموكب المذكور، على بعد ثلاثة إلى أربعة كيلومترات غرب المدينة. وحسب ما أفاد الثوار، فقد دمّرت الطائرات حوالي خمسة عشر سيارة عسكرية في أقل تقدير. وأكد وزير الدفاع الفرنسي جيرار لونغيه أن الطائرات لم تدمر الموكب بل أوقفته فقط، الثوار هم من تكفلوا بالباقي.

تضارب الأنباء

بعد ذلك من المؤكد ان تبادلاً لاطلاق النار وقع بين الثوار المتواجدين في اماكن كثيرة من سرت وبين عناصر القذافي المرافقة له  حيث وصلوا وبدأوا يطلقون النار على الموكب، وخلال تبادل إطلاق النار تعرض القذافي لجروح طفيفة وهو في سيارة الجيب التي تركها، وحاول مع عدد من الأشخاص الاختباء في أنابيب الصرف الصحي.
يروي احد الثوار: في البداية أطلقنا على الموكب النار من أسلحة مضادة للطائرات، لكن ذلك لم يجد نفعا. توجهنا إليه بعد ذلك سيرا على الأقدام، فخرج أحد حراس القذافي ولوّح بسلاحه في الهواء، وعندما شاهد وجهي بدأ بإطلاق النار باتجاهي.. (هنا موجود القائد، هنا موجود القائد) أخذ يصرخ مرافق القذافي.. بعد ذلك سحب الثوار القذافي من الأنبوب وهو بحالة ذهول ويسأل: ماذا تريدون، ماذا يجري؟؟ يبدو اذاً ان القذافي كان مصاباً بصدمة مما يحصل ولم يكن يتوقع الذي جرى بل كان شبه مقتنع بأنه في طريقه الى الهروب فوجد نفسه فجأة بأيدي الثوار..

هنا يمكن العودة الى الاخبار المتوالية التي وردت حول القذافي منذ لحظة اعلان القبض عليه..
-مصادر الثوار: إلقاء القبض على معمر القذافي وأحد أولاده وعدد من قياداته في سرت
-رويترز: إلقاء القبض على القذافي مصاباً برجليه
-مصادر الثوار:إصابة القذافي بجروح خطيرة وأنباء عن احتمال مقتله
-قائد ميداني: القذافي قتل اثناء محاولته الفرار وكان مسلحا
-قيادي في المجلس الانتقالي الليبي: معمر القذافي كان مسلحاً وأصيب في رأسه بنيران الثوار وقتل على الفور
-صور تظهر معمر القذافي حياً عقب اعتقاله في مدينة سرت
-محمود جبريل يعلن ان القذافي اصيب في راسه في تبادل اطلاق النار
-المجلس الانتقالي الليبي: القذافي لم يقتل عمدا 

لم التناقض والتضارب؟؟

بحسب رئيس الحكومة المؤقتة محمود جبريل، مستندا الى التقرير الطبي، فإن الثوار "سحبوه من الأنبوب ولم يبد أي معارضة، وعندما تحركت السيارة كان مصابا في كتفه الأيمن، وعندما وضعوه على سيارة النقل لم يكن مصابا بأي جروح أخرى.. وعندما تحركت سيارة النقل هذه كان القذافي وسط تبادل جديد لإطلاق النار بين الثوار وقوات القذافي، حيث أصيب في تلك اللحظة بطلقة في رأسه". وأضاف أن الطبيب الشرعي لم يتمكن من تأكيد فيما إذا كانت الطلقة القاتلة قد أطلقت من قبل الثوار أو مناصريه.  لكن أحد الثوار يقول إنه ضُرب بالرصاص في صدره، وجرح في اللحظة الاخيرة على يد احد رجاله.
تساؤلات كثيرة تثار حول سبب ظهور القذافي حيا ثم ظهور صور جثته الهامدة، ومن الذي قتله وكيف يمكن تفسير وقوع اشتباك جديد بين الثوار ومقاتلين تابعين للقذافي ومن الذي له مصلحة في انهاء القذافي وليس اعتقاله، مع العلم ان قادة الثوار اكدوا ان مصلحتهم كانت تكمن في الابقاء عليه حيا وانهم حاولوا الخروج به حيا..

السبب الرئيس في التناقض في الاعلان عن اخبار القاذفي في يوم مقتله سببه بحسب الباحث الدكتور أياد عبيد أستاذ الرأي العام والدعاية في كلية الاعلام في حديث لموقع المنار "ان المجلس الانتقالي ليس هو الذي يدير اللعبة الاعلامية بل الجهات العليا التابعة للناتو.. واظن ان هناك رابطا سريا وناظما لهذه الامور وعملية هذا الاظهار وهذا التناقض ارى انها كانت مدروسة: يظهر القذافي اسيرا، يظهر مقتولا، يظهر معذبا، يظهر انه يتم نقله من سرت الى مصراتة.. هذه التناقضات مدروسة فالولايات المتحدة والناتو الموجودون في الصومال وافغانستان والعراق لديهم خبرات في هذا المجال والولايات المتحدة تستخدم الخبرات التي كسبتها منذ حرب فييتنام".
يؤكد الدكتور عبيد ان "التناقض واضح ويصب في مصلحة السيطرة الخارجية على الداخل الليبي وليس في مصلحة اخرى ليظهروا ان هناك شللا في التفكير الليبي وانه ليس قادرا على السيطرة على التطورات". ويضيف "هذه الصورة ظهّرت حتى يكون هناك حجج اخرى للسيطرة الخارجية على الداخل الليبي.. وقد تجلت المواقف الدولية بعد ذلك ومن لجنة حقوق الانسان التي طالبت مباشرة بتحقيقات لإشغال الليبيين بانفسهم واظهار العرب انهم غير جديرين".
ويؤكد عبيد ان "الصورة لم تكن اخلاقية وهي لعبة من الخارج ومن الغرفة الاعلامية المسيطرة في طرابلس والمدارة على نفس نموذج حرب الخليج الثانية حيث كانت هناك غرفة اعلامية تدار من قطر، فالاعلام الحربي يسير دائما بالتوازي مع الاوامر العسكرية".

من قتل القذافي؟؟

"الذي قتل القذافي - كما يرى عبيد- هي مجموعة من العناصر التي كانت مولجة بالقاء القبض عليه.. حصل  تخبط في الاوامر الميدانية من المحاربين الذين هم محملون باقصى حالات القضاء على القذافي ونقلوا الصور بهواتف نقالة.. لقد قتل من اعلى مراكز القيادة الاميركية ولفرنسا دور واضح في هذا الامر لأن فرنسا اول من اوضح بعض تفاصيل عن مقتله".

ويعتبر عبيد ان "هناك مصلحة اميركية واطلسية في قتله لانه كنز معلومات تفضح الغرب خاصة الولايات المتحدة اخيرا وكذلك مع بريطانيا  وايطاليا وفرنسا وبعض الشيء مع المانيا.. هو كنز كان سيؤدي الى اشكالية كبرى خاصة الصفقات النفطية والامنية والعسكرية وحتى السياسية".

وفي سياق متصل أعلن المتحدث باسم "المجلس العسكري" في مصراتة فتحي بشاقة ان "جثة معمر القذافي الذي قتل الخميس في سرت شرحت صباح الاحد"، ولفت الى انه "لم نكن ننوي تشريح الجثة لكن المجلس الوطني الانتقالي في طرابلس طلب منا ذلك"، واضاف "نريد ان تجري الامور بشكل صحيح"

في المقلب الاخر ظهر المستغلون كالعادة.. في الخارج بدأت التصريحات المصوبة على صورة اعتقال القذافي حيا ثم مقتله الغامض.. ففي لندن صرح وزير الحرب البريطاني فيليب هاموند ان "سمعة" المجلس الوطني الانتقالي "تلطخت بعض الشيء" اثر مقتل القذافي.. بدورها، قالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون إنها تؤيد الدعوة الى اجراء تحقيق من جانب الامم المتحدة فى ملابسات مقتل القذافي ..

_________________________________________________

الدكتور عبيد

ــ  مواليد القلمون 1960. حائز على دكتوراه في الاعلام والاتصال الجماهيري ــ جامعة جوسيو ــ باريس  1987

• الأبحاث والكتب:
1 ــ مفاتيح الدعاية الصهيونية.
2 ــ في سيوسيولوجية وسيكولوجية ودينامية العمل اليهودي.
3 ــ الميكانيزم السياسي والفكري للدعاية اليهودية.
4 ــ أبحاث ومقالات قومية.
5 ــ محاضرات في الاعلام والصراع القومي.
6 ــ ندوات في العديد من الفضائيات حول القضايا التي تجابهها الامة والطريقة الانجح لذلك.
7 ــ كتاب عنوانه: «صهيونية القرن 21 ــ استمرار ايديولوجية الحرب والدعاية والاستيطان.
8 ــ «اعلام الحرب الاميركي وتأثيره على الرأي العام اللبناني ــ نموذج: حرب احتلال العراق».

• الخبرات:
ــ مستشار اعلامي لوزير الاعلام فريد مكاري من 1996 ــ 1997.
ــ مستشار وزير التربية جان عبيد 1997 ــ 1998.
ــ استاذ مساعد متفرغ في كلية الاعلام ــ الجامعة اللبنانية منذ العام 1995.
ــ رئيس قسم الصحافة في كلية الاعلام ــ الجامعة اللبنانية للعامين الدراسيين من 2001 الى 2003.
أصدر رئيس الجامعة اللبنانية د. زهير شكر قرارا حمل الرقم 1519، تاريخ 9 حزيران 2011، كلف بموجبه الدكتور عبيد بمهام مدير كلية الإعلام والتوثيق - الفرع الأول.