في كل الاحوال ومهما كان سبب التفجير فإن الثابت ان وقوعه واحتمال تكرر مثل هذه الاحداث سوف يثير احتجاجات كبيرة ضد سياسة اردوغان
أحمد شعيتو
هل كانت تتوقع تركيا ان تكون يوما ما بعيدة عن تجرع كأس الارهاب الذي سهلت له ودعمته طيلة السنوات الماضية في سوريا ؟ بغض النظر عن التفسيرات المختلفة لسبب ما حصل فإن الثابت ان تركيا ذاقت امس تفجيرا قويا اتهمت به داعش في بلدة سروج الحدودية ، سيكون له تأثيره في الداخل التركي ، وسوف يحرج من تولى السلطة التركية على مدى السنوات الماضية وشرع الابواب لداعش دون قيود ، أمام الشعب الذي بدأ يعي منذ فترة غير وجيزة الحقائق حول كل الدعم وفتح الحدود الذي مارسته تركيا لدخول عشرات الاف المسلحين التكفيريين من داعش وغيره الى سوريا وهو ما ساهم في تأجيج الاوضاع والامعان في القتل واطالة الازمة، وهو ايضا ما يعتبر سياسة خطيرة اذا تفلت الارهاب من عقاله.
وقد كتبت صحيفة التايمز تحليلاً لتوم كوغلان حول ما حصل بدأه بالاشارة الى الدعم اللامتناهي من تركيا للمسلحين، وقال كوغلان أن "عشرات الآلاف من مناصري تنظيم داعش دخلوا سوريا عبر تركيا، ومن بينهم 700 بريطاني".
واضاف تحت عنوان " الجهاديون يستهدفون تركيا، انتقاماً من الانتكاسات التى ألمت بهم في سوريا" إن "تنظيم داعش تجنب أي مواجهة مع الحكومة التركية خلال السنتين الماضيتين، واستخدم الحدود التركية - السورية لتهريب الأسلحة ومناصريه إلى شمال سوريا".
وأشار إلى أن البعض اتهم الرئيس التركي رجب طيب الدين أردوغان ورئيس وزرائه أحمد داود أوغلو بأنهما "احتضنا تنظيم داعش ووفرا له غطاءً عسكرياً".
وحول افق المرحلة المقبلة توقع مزيدا من الاستهدافات وقال أن "التنظيم قد يستخدم علاقاته بالخلايا النائمة في تركيا لخلق مزيد من عدم الاستقرار في البلاد، وذلك باستهدافه المنتجعات السياحية الضخمة".
وفي هذا الاطار عنونت الوطن المصرية "تركيا تتجرع كأس الإرهاب"، وقالت صحيفة المصري اليوم ان انقرة تنال نصيبها من الإرهاب الذي دعمته، وسهلت مرور المقاتلين الأجانب عبر أراضيها، ودعمهم بالمال والسلاح".
تقول صحيفة الثورة السورية ان ما حصل ياتي نتيجة لاحتضان نظام أردوغان للتنظيمات الإرهابية وتحويل البلدات الحدودية إلى مواقع لتهريب الأسلحة لتنظيم داعش.
اما صحيفة البعث فقالت "باتت التنظيمات التكفيرية، المرتبطة بأجهزة الاستخبارات الصهيوأمريكية والمموَّلة من دول إقليمية، تستشعر خطرا حقيقيا على وجودها، لذا فإنها تحاول أن تفرض بقاءها بزرع الرعب في أكثر من دولة من دول العالم، حتى في الدول التي تموِّلها وتشغِّلها".
يرى مراقبون ان هناك عدة احتمالات لتفسير ما حصل:
-رسالة من التكفيريين الى السلطات التركية بعدم المضي في اي تغيير في سياساتها المسهلة والداعمة لهم بعد ان لمسوا بعض الاجراءات الامنية والتي لا تنم عن تغيير جوهري بل امور آنية. حيث اتى هذا الهجوم الانتحاري بعد تعزيز تركيا الاجراءات على الحدود بعد استعادة الاكراد مدينة تل أبيض.
وقد كتب موقع بي بي سي "يقول مراسلون إن تركيا تشن حملة ضد المسلحين، بعد أن كانت تتهم في السابق بغض الطرف عنهم".. رغم ان ليس هناك دلائل على حملة بمعنى الكلمة ولكن بعض الاجراءات الحدودية المحدودة.
-شعور التكفيريين خاصة داعش بالضيق الميداني جعله ينتقم من الداخل التركي -من قرية يوجد فيها اكراد في الوقت نفسه- حيث ان بعض المتابعين يشير الى ان تركيا تسهل دخول الدواعش الى سوريا ولا تسهل خروجهم منها بالوتيرة نفسها وهذا ربما ازعج الدواعش في الاونة الاخيرة في ظل التطورات.
- هناك تساؤلات حول امكانية ان يكون ما جرى تحريكا لورقة داعش في الداخل التركي من قبل اياد اجنبية من اجل الدفع نحو تغيير وتراجع ما في سياسة تركيا في الفترة الاخيرة في تسهيل امور داعش وذلك من اجل حسابات خارجية معينة في المنطقة.
-يرى بعض المراقبين ان الهدف من الضربة هو استدراج الأخيرة للتدخل في سوريا، ولكن حتى لو كان ذلك دقيقا فيبدو ان ذهاب تركيا نحو هذا القرار مستبعد في الوقت الحالي.
وفي كل الاحوال ومهما كان سبب التفجير فإن الثابت ان وقوعه واحتمال تكرر مثل هذه الاحداث سوف يثير احتجاجات كبيرة ضد سياسة اردوغان وحزبه؛ بدأت بوادرها عندما خرج الاف الى شوارع اسطنبول للاحتجاج على الحادث والتنديد بسياسة حزب العدالة والتنمية في دعم داعش ووقعت صدامات مع الشرطة ادت لوقوع جرحى.
ومهما يكن من امر فإن دعم داعش يثير حفيظة الكثيرين من الاتراك وربما يشكل التفجير تبريرا اذا ارادت الحكومة التركية تغييرا ما في سياسة التسهيل لداعش خوفا من ان يخرج التنظيم عن السيطرة ، وقد لاحظنا التصريحات الاولى من نوعها من رئيس الوزراء التركي ضد داعش بالامس، وكنا نلاحظ ان تركيا لم تهاجم داعش بشكل واضح ابدا في السابق، وقال داود أوغلو أن بلاده " اتخذت الإجراءات الضرورية ضد تنظيم الدولة وستستمر في ذلك".