كما العادة في لبنان نحاول البحث عن الحلول بعد فوات الأوان وبعد وقوع المشكلة، فهذه النفايات تتراكم في الشوارع بعد توقف شركة "سوكلين" عن إزالتها لانتهاء عقدها مع الدولة اللبنانية، وحتى الساعة لا حلول.
ذوالفقار ضاهر
كما العادة في لبنان نحاول البحث عن الحلول بعد فوات الأوان وبعد وقوع المشكلة، واليوم لدينا المثال الحي على ذلك، فهذه النفايات تتراكم في الشوارع بعد توقف شركة "سوكلين" عن إزالتها لانتهاء عقدها مع الدولة اللبنانية، وحتى الساعة لا حلول للازمة الجديدة القديمة حول الاوساخ التي تنتظر كما كل شيء في هذا البلد تسوية ما تعطي الضوء الاخضر لتنظيف المناطق منها.
فلبنان حتى نفاياته غير قادر على إزالتها، ليس لانها عصية على التنظيف بل لانها تنتظر ربما توافقا سياسيا وسمسرات وعمولات لبعض السياسيين والنافذين الذين لا يتركون شيئا إلا ويتاجرون به، وعلينا الاعتراف ان سياسيينا من أمهر التجار الذي يبرعون باختراع الطرق لدرّ الاموال لحساباتهم وحسابات حاشياتهم، فالشعب اللبناني يخدم بعض السياسيين في تراكم نفاياته كي يبرموا هم صفاقات بملايين الدولارات، بينما لا يجد هذا الشعب من سياسييه من يخدمه ليرفع عنه قرف النفايات وما خلفها من "تلوث" السياسة وبعض السياسيين واضرارهم على لبنان واللبنانيين.
مفاوضات النفايات بدأت ولا حلول حتى الآن...
وفي إطار المفاوضات الجارية حول النفايات، اعتبر وزير البيئة في الحكومة اللبنانية محمد المشنوق انه "لا يجوز أن يكون هناك انقطاع بجمع النفايات"، ولفت الى ان "النفايات ستطوف على الجميع وهذه المسألة ليست مذهبية ولا طائفية".
بدوره، سيلتقي رئيس الحكومة تمام سلام الاربعاء نواب مدينة بيروت لبحث موضوع نفايات العاصمة من دون باقي المناطق سواء في الضاحية الجنوبية ام الضاحية الشرقية لبيروت، ما يثير التساؤل حول هل البحث يجري عن حلول جزئية لمناطق دون اخرى ام ماذا؟ وكل ذلك قبيل جلسة مجلس الوزراء الخميس حيث يرجح البعض إمكانية طرح ملف النفايات كبند استثنائي من خارج جدول الاعمال، ما يربط المشكلة مع الازمة الحكومية التي تتمحور حول حراك "التيار الوطني الحر" الرافض للبحث في اي بند في مجلس الوزراء والتصويت عليه قبل البحث في ملف التعيينات الامنية انطلاقا من مبدأ الحفاظ على حقوق المسيحيين، الذي ينادي به التيار.
ولكن حتى لو طرح موضوع النفايات وأقرّ في مجلس الوزراء الخميس، هل ستبدأ شركة "سوكلين" فورا بإزالة النفايات من الشوارع ام انها ستنتظر اي امر آخر؟ وهل تجديد العقد لو تمَّ سيتم بنفس الشروط التي كانت عليه ام ان هناك امورا أخرى ستطرأ من هنا او هناك على الطريقة اللبنانية لا سيما ان "سوكلين" قد تجد من مصلحتها فرض شروط جديدة باعتبار ان الحاجة لها بات بحكم الامر الواقع؟ وبعد كل ذلك ماذا عن مطمر الناعمة الذي تمَّ إقفاله من قبل اهالي المنطقة والمناطق المحيطة بدعم من أحزاب الجبل، فهل سيستمر إقفاله بشكل نهائي ام ان للقضية تتمة وسيعاد فتحه بقدرة قادر وبغطاء سياسي من أحزاب الجبل ايضا؟
والسؤال الاهم يبقى لماذا وصلنا الى ما وصلنا اليه ولماذا لم تتم معالجة القضية من اساسها قبل حلول الميعاد؟ فهل هو فقط الاهمال وسوء الادارة والعجز لدى المسؤولين ام ان للامر أبعادا اخرى لا تبدأ بالسياسة ولا تنتهي بالمال والمصالح المادية؟ وأين الشعب اللبناني من كل ذلك ولماذا هذا الصمت المدقع الذي ينتابه ومتى يستفز هذا الشعب حول مصالحه وحقوقه؟
مقلد: نحن في حفلة محصاصة بين السياسيين بينما الناس هي التي تدفع الثمن
أشار الخبير الاقتصادي الدكتور حسن مقلد الى ان "طريقة تعاطي الحكومة مع ملف النفايات يظهر انه ليس لديها خطة واضحة للأزمة وليس عندها أي بديل"، ولفت الى ان "الحكومة كانت تعد المواطنين ان مطمر الناعمة سيتم إغلاقه بينما في الغرف المغلقة كانت تقول كلاما آخر بأن المطمر لا يمكن إغلاقه لان لا بديل عنه"، وتابع "حتى جاءت ساعة الحقيقة وتبين ان كل الوعود التي أطلقت لا أساس لها وانه في المرحلة السابقة لم يعمل على حل المشكلة بشكل مسؤول".
وقال مقلد في حديث لموقع قناة "المنار" إنه "في كل العالم الدول هي التي تحدد أمكنة المطامر وأليس المستثمر أو الشركة أو المناقص وفي كل العالم الدولة هي التي تضع المواصفات وبناء عليه يجري العمل وتتم المناقصات"، وتابع "بينما في لبنان لدينا زعامات سياسية هي التي تختار المنطقة لتكون مطمرا لتقول لجماعتها محازبيها أن حلها عندها"،واضاف "بالتالي يكون الحل أجري على مقاس الزعامات التي باتت تؤسس شركات لتعمل في مجال النفايات".
واكد مقلد ان "النائب وليد جنبلاط هو أول من فتح ملف النفايات في لبنان كما انه أول من أسس شركة تعمل في هذا المجال ومن بعده بدأت الزعامات الاخرى تعمل في هذا المجال"، واضاف "اليوم في الوضعية الموجودة النائب جنبلاط هو الوحيد القادر على المفاوضة بقوة"، واسف "نحن اليوم في حفلة محصاصة بين السياسيين بينما الناس هي التي تدفع الثمن والدولة غائبة".
وشدد مقلد على "ضرورة البحث عن حل جذري عملي وعلمي في ملف النفايات ولكن الآن يجب البحث عن حل سريع مؤقت لتنظيف البلد من النفايات المتراكمة"، واعتبر ان "هذا الحل لا يمر إلا عبر مطمر الناعمة فهو الوحيد الموجود اليوم رغم كل أحقية مطالب الاهالي بضرورة إغلاقه لضرره عليهم وعلى صحتهم وعلى البيئة"، ورأى ان "حل هذه المعضلة المتعلقة بمطمر الناعمة هو بيد النائب جنبلاط".
اذا المخرج في ازمة النفايات هو سياسي بامتياز طالما ان وزير البيئة ومن خلفة الحكومة اللبنانية لم تضع الحلول المناسبة لذلك، علما ان مسألة المناقصات لتلزيم النفايات وإزالتها من المناطق كما البحث عن مطمر او اكثر كبديل عن مطمر الناعمة، ستحتاج الى فترة زمنية طويلة نسبيا قد تمتد الى اشهر ما يعني ان الازمة قد تطول اذا ما تعاطى البعض بعقلية المحاصصة والتنفيعات...