25-11-2024 12:25 AM بتوقيت القدس المحتلة

نفايات لبنان ..جبال على الطرقات وحركة معطّلة

نفايات لبنان ..جبال على الطرقات وحركة معطّلة

الأزمة أكبر بكثير مما يعتقده البعض، حيث إن الوضع لا يحتمل أن يطول أكثر وذلك نظرا للحجم الهائل من النفايات التي تنتجه الضاحية لوحدها ويصل إلى نحو 800 طن يومياً.

 
 
نفايات لبنان .. أطلال عارمة وحركة معطّلة طالما حلم أبناء لبنان هذا البلد الصغير أن يكون  فريدا في نظامه واقتصاده، لتميّز موقعه الجغرافي وإبداع أبنائه العلمي.. ولكن شتّان ما بين الثريا والثرى - كما يقال-  فلليوم الخامس على التوالي يعيش اللبنانيون كابوس أكوام النفايات التي إلى اليوم هي أبعد ما تكون عن سكة الحلول العلمية والعملية الجدية الفعّالة التي تعتمدها الدول المتحضّرة التي تحترم نفسها، وذلك لأنه بكل بساطة كما يقول الخبير الاقتصادي "حسن مقلد" لموقع المنار " لا يريدون ذلك، لأنه سيحرمهم من حجم المحصاصة المالية التي يسعون خلفها من خلال المشاريع المؤقتة وغير المدروسة والتي تخضع للصفقات التجارية بعيدا عن خزينة الدولة". وأكد "مقلد" أن الحل مربوط تماماً بالاتفاقيات السياسية التي تتولاها الزعامات في المناطق.

ولا يمكن للمواطنيين أن يقتنعوا بحال من الأحوال بأي من التسويغات التي يسوقها هذا المسؤول أو ذاك في ما يتعلق بالتقصير في هذه القضية، إذ ليس هناك ما يبرر التقصير في المعالجة الاستباقية لها، كون موعدها كان معروفا من قبل، ومع ذلك فشلت الحكومة في استباق المحظور.

ليست أكوام النفايات نفسها هي المشهد المؤذي لحاسة البصر، والذي أوقف طرق السير أمام السيارات في بعض المناطق ( برج البراجنة في الضاحية الجنوبية) بقدر ما بدأت تنتشر الروائح الكريهة وتطيح بالفضاء العام ما ينذر بكوراث صحية من عمليات لحرق النفايات في بعض المناطق ينتج عنها انبعاث الغازات المسرطنة. وهي مشاهد نقلتها بعض مواقع التواصل الاجتماعي يوم أمس. ويبدو أن اليأس من انتظار حلول الدولة هو ما دفع هؤلاء المواطنيين إلى هذا الفعل، خصوصا بعد أعلن وزير البيئة محمد المشنوق يوم أمس أنه لا أفق مرتقب للحل.

فاتجهت أنظار الناس إلى دور البلديات في بيروت وضاحيتها الجنوبية، ففي العاصمة، عقد رئيس بلدية بيروت بلال حمد مؤتمراً صحافياً، يوم أمس، أعلن فيه عن حلّ موقت لأزمة النفايات ضمن نطاق بيروت الإداريّة ويقوم هذا الحل على أن "تستمر شركة سوكلين بالقيام بكل التزاماتها التي كانت تقوم بها من قبل من جمع النفايات ونقلها إلى مراكز المعالجة في الكرتينا وفرزها وتعليبها". وفي ما يخص موضوع الطمر، قال "حمد": "فقد تمكنا بعد اتصالات ساعد فيها الوزير المشنوق من اتخاذ قرار بعقد اتفاق بالتراضي مع شركة تجارية تؤمن مكب نفايات لبيروت الإدارية خارج بيروت، حتى تقوم سوكلين بنقل النفايات بعد تعليبها إليه"، موضحاً أن "البحث عن مطمر خارج بيروت يعود لعدم توفر عقار ضخم داخل العاصمة لاستقبال النفايات وطمرها".

أما في ضاحية بيروت الجنوبية، بدأ بالفعل يوم أمس محاصرة هذه الأزمة البيئة، اذ قام المواطنون بالتعاون مع البلديات بإزالة أطنان هائلة من بعض شوارع برج البراجنة والتي كانت تعيق حركة السير وتؤدي إلى ازدحام خانق، ما زاد على الناس معاناتهم. وتم نقل هذه الأطنان من النفايات إلى عقار عند الطريق القديم لمطار بيروت. ولدى سؤالنا رئيس اتحاد بلديات الضاحية محمد ضرغام عن الموضوع اكد بأن ما يجري اليوم ليس بديلاً ابدا عن الحلول المنتظرة من الحكومة والدولة. وأكد أن الأزمة أكبر بكثير مما يعتقده البعض، حيث إن الوضع لا يحتمل أن يطول أكثر وذلك نظرا للحجم الهائل من النفايات التي تنتجه الضاحية لوحدها ويصل إلى نحو 800 طن يومياً.


المواطن يسأل : ماذا علي أن أفعل إلى أن تحلّ المشكلة؟!

نفايات لبنان .. أطلال عارمة وحركة معطّلة في ظل هذا الغياب المزري للدولة عن حل تفاقم مشكلة النفايات بعد انتهاء عقد سوكلين، هل يتحمّل المواطن أي مسؤولية محدّدة تجاه التخفيف من حدة هذه الأزمة في انتظار الحل؟!.. الخبير البيئي الدكتور ناجي قديح يقول لموقع المنار، إنه يخاف أن يثقل على المواطن في هذه الأزمة، فالمطلوب منه أمر متصل ومرتبط عضوياً بعملية خطة استراتيجية طويلة تبدأ من الهرم الأعلى في الدولة التي من المفترض أن توكل الجمعيات والبلديات والمؤسسات إنشاء ثقافة التنظيف البيئي والمقصود بها عملية الفرز لأنواع النفايات التي تبدأ من البيوت لتصل إلى شركة سوكلين، كونها هي المتعهد الوحيد بملف النفايات، على أن تلزمها بتتمة هذه الخطوات بشكل علمي في إعادة الفرز وتحويل ما يمكن إعادة تدويره إلى المعامل المختصة. وهنا تخفّ بشكل كبير جدا عملية انتاج الأطنان الهائلة من النفايات في بيروت وضواحيها.

غير أن هذا لا يعفي المواطن من دور أولي في المرحلة الحالية وهي الانتباه بشدة إلى التخفيف من كمية انتاجه للنفايات فيمكنه في هذه الفترة طمر المواد العضوية في باحة منزله تحت التراب أو في الحديقة، وهذه الحالة يمكن لاهل الريف والقرى اعتمادها بشكل أكبر. وأن يخفف من شراء المعلبات العديدة التي هي مواد الانبلاج والتي تزيد من حجم النفايات في المنزل، وأن ينتبه إلى أن هناك العديد من الأغراض والأشياء من الممكن له اعادة استخدامها مجددا مثل قوارير الزجاج وعلب الحليب وغيرها ..فلتنظر سيدة البيت يومياً كيف يمكنها التخفيف من انتاج النفايات ستكتشتف أنها أقل بكثير من السابق.. وهنا يقول الخبير قديح أن ليس كل ما تنتهي خدمته يتحوّل حكما إلى نفاية فالتعريف العلمي للنفايات هي المواد المطلوب التخلص منها، وما دمنا قادرين على اعادة استخدامها فهي ليست بنفاية. ويؤكد الخبير "قديح" في الختام على أهمية إقفال كيس النفايات بشكل محكم وأن لا يكون فيها أي مادة سائلة تزيد من خلق الحشرات الضارة. 


بلدة "عربصاليم" نموذجاً  

تقدّم بلدة "عربصاليم" تجربة فريدة من نوعها للدولة اللبنانية ورجالاتها وهي قائمة منذ سنوات طويلة، بعيدة عن أعين من مفترض أن يطلع عليها من أهل الخبرة والحل. إذ تقوم هذه البلدية بالتعاون مع جمعية "نداء الأرض" بتعميم ثقافة فرز النفايات من مصدرها الأساسي وهو البيوت والمنازل وغيرها، الأمر الذي يخفّض كمية النفايات المنزلية التي ترمى في المستوعبات أو على الطرقات. فالجمعية، كما يقول رئيس بلدية عربصاليم محمود حسن لموقع المنار، مهتمة بعملية فرز النفايات، بشكل علمي وحضاري مدروس.

نفايات لبنان .. أطلال عارمة وحركة معطّلة إذ إنها توزّع خبيرات على سيدات المنازل لتوجيهين حول كيفية عملية الفرز، مثال أن يكون الكرتون، والزجاج، والبقايا العضوية، كل في مستوعب خاص بها. فالبقايا العضوية تطمر في الأرض، أما بقية أنواع النفايات فأنها تحوّل إلى مؤسسات خاصة بها ليعاد تدويرها وانتاجها من جديد. "ولكن قبل ترحيل هذه النفايات للتدوير تقوم الجعية بالتعاون مع البلدية بتكبيس هذه النفايات عبر فرامات كبيرة موجودة لدينا في البلدة".

وأعلن "حسن" للموقع المنار أن هناك مشروع في عملية حل مشكلة النفايات وهو يعدّه اختراعا مبدعاً قدّمه المهندس الشاب الميكانيكي محمد فرحات، وهو عبارة عن معمل لتفحيم النفايات متصل بمكبس يوضع فيه تقريباً ستة أو سبعة براميل من النفايات المفرزة لتتحول بعد ذلك إلى تنكة صغيرة تحوي ثلاث أو أربع كليو من البودرة. ويؤكد رئيس بلدية عربصاليم أن المشروع يعمل عليه حالياً بهمة عالية وبات على وشك الانتهاء منه، وأنه من المقرر دعوة جميع وسائل الإعلام لتغطية هذا الافتتاح الكبير في البلدة.
 
تصوير : وهب زين الدين