ان إيران «إما سوق مغرية، أو مغرية جدا» لاسيما في قطاعات الأنشطة البحرية والطاقة. وطلبت رويترز الاجابات على أساس عدم الكشف عن أصحابها لحساسية الموضوع.
يرى العاملون في صناعة التأمين في الغرب والشرق الأوسط في إيران سوقا مغرية حجمها ثمانية مليارات دولار في أعقاب الاتفاق النووي الذي أبرمته مع القوى العالمية، وذلك رغم أن الغموض الذي يلف موعد رفع العقوبات السارية على طهران يلزمهم توخي الحذر.
وقال ثمانية من بين 11 متخصصا في صناعة التأمين وإعادة التأمين ردوا على أسئلة أرسلتها لهم رويترز بالبريد الإلكتروني ان إيران «إما سوق مغرية، أو مغرية جدا» لاسيما في قطاعات الأنشطة البحرية والطاقة. وطلبت رويترز الاجابات على أساس عدم الكشف عن أصحابها لحساسية الموضوع.
وبينما قال عدد منهم انهم يتوقعون دخول السوق الإيرانية في نهاية العام 2016، قال آخرون إن من الصعب تحديد إطار زمني لاستمرار المخاوف بشأن كيفية إلغاء العقوبات والموعد الذي سيحدث فيه ذلك.ويقضي الاتفاق الذي تم التوصل إليه في فيينا في 14 يوليو/تموز بخضوع البرنامج النووي الإيراني لقيود مقابل إلغاء العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وسيفتح ذلك أبواب سوق حجمه ثمانية مليارات دولار، يتمثل في أقساط تأمين للشركات العالمية التي تتطلع للمشاركة في التأمين من مخاطر كبيرة في مجال التصدير. كما أنه يبشر شركات التأمين الاقليمية بتحديد معيار تحتاج إليه بشدة.
ومازال الاتفاق بحاجة لموافقة الكونغرس الأمريكي الذي يعارض فيه جمهوريون متشددون الرئيس باراك أوباما. كما أنه يواجه اعتراضات من جانب المحافظين المتشددين من ذوي النفوذ في إيران.
ومع ذلك بدأت الأنظار تتجه إلى إيران، صاحبة ثاني أكبر اقتصاد في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والتي تتمتع بقطاع ضخم للنفط والغاز وارتفاع نسبة الشبان المتعلمين بين سكانها.وقال لودوفيتش سوبران، كبير الاقتصاديين في «يولر هيرميس» للتأمين على الائتمان «الدفعة الاقتصادية الرئيسية لإيران ستأتي في 2016 رغم أن ثقة المستهلكين والمستثمرين المحليين ستشهد دفعة في الأجل القريب.»
ومن المحتمل أن تبدأ عملية رفع العقوبات نحو نهاية العام الجاري. وستصبح الجمهورية الإسلامية أكبر اقتصاد يعاود الانضمام للنظام المالي والتجاري العالمي منذ تفكك الاتحاد السوفيتي العام 1991.ويتطلع المستثمرون بالفعل لتأسيس صناديق استثمارية خاصة بإيران، التي يصفها البنك الدولي بأنها من الدول ذات دخل أعلى من المتوسط ويبلغ عدد سكانها 78 مليون نسمة.
وتأتي الأنشطة البحرية والطاقة على رأس القطاعات التي تهتم شركات التأمين بالعمل فيها، سواء للمشاركين في استطلاع رويترز الذين ردوا على الأسئلة أو لغيرهم من العاملين في الصناعة.وقال بن أبراهام، رئيس قسم التأمين البحري بشركة «ويليس» للوساطة في قطاع التأمين «من الناحية التاريخية تعاملنا مع إيران وما يحدث هناك يثير الاهتمام.» وأضاف أن الشركة ستلتزم بنظام العقوبات لكنها ستراقب الوضع تحسبا لأي تغيرات. وتابع «من الناحية البحرية يوجد بعض من كبار ملاك السفن في إيران. ويوجد كذلك الكثير من الشحن البحري والمرافئ».
الرغبة في العودة إلى إيران
على المستوى العالمي يتم التأمين على الأنشطة الكبرى مثل النفط والنقل البحري محليا، على أن تشارك شركات إعادة التأمين في أوروبا أو سوق لويدز للتأمين في لندن في تحمل عبء أي مطالبات تأمينية، مقابل جزء من أقساط التأمين.
وقال ماهيش ميستري، مدير التحليلات في شركة «إيه.إم بست» للتصنيفات التأمينية انه منذ فرض العقوبات تولت شركات محلية عمليات التأمين وإعادة التأمين إلى حد كبير في سوق التأمين الإيرانية التي يبلغ حجمها ثمانية مليارات دولار. وأضاف «لويدز دعمتهم (الشركات الإيرانية) في الماضي وسيرغب البعض بشدة في العودة.» غير أن عدة شركات تأمين، من بينها شركة «بيزلي» في سوق لندن للتأمين، قالت انها لم تبدأ بعد إجراء أبحاث حول السوق الإيرانية. وقال أندرو هورتون، الرئيس التنفيذي للشركة «إيران بلد لم نستطع إجراء تعاملات فيه بسبب العقوبات ولذلك نحتاج لمزيد من الوضوح.»
وقال أحد العاملين في صناعة التأمين ان شركات التأمين الغربية ستواجه أيضا منافسة من شركات هندية وروسية ومن جنوب شرق آسيا أجرت بالفعل تعاملات في إيران.غير أن اختراق قطاعي النشاط البحري والطاقة يعتبر أسهل في سوق جديدة لمن يتعجل دخول السوق من القطاعات الاستهلاكية مثل السيارات وذلك لانهما لا يتطلبان وجودا في السوق المحلية.
لكن الإجابات التي تلقتها رويترز أظهرت كذلك أن بعض شركات التأمين تهتم بمجالات مثل السيارات والصحة. كما أن احتياجات إيران في قطاعي الطيران والبنية التحتية تعتبر أيضا من المجالات الواعدة.
وقال ساسان سلطاني، مدير تطوير الاعمال الاقليمية في شركة إيران للتأمين ومقرها دبي «لقد شهدنا بالفعل بعض الشركات المتعددة الجنسيات التي يرتبط نشاطها بالتأمين من سماسرة وشركات تعهيد تبدي اهتمامها بالدخول (الي إيران) وبعضها دخل بالفعل.» وأضاف أن إيران تحتاج أيضا لتيسير القواعد التنظيمية التي تعوق عمل الشركات الأجنبية.
غير أن من عوامل القلق الرئيسية عدم الاستقرار السياسي والصراع المسلح في كثير من دول الشرق الاوسط، بالاضافة إلى الغموض الذي يكتنف التوقعات الاقتصادية لإيران. كذلك ثمة مخاوف من رد فعل اإقليمي معاكس للاتفاق النووي من جانب خصوم إيران مثل السعودية واسرائيل، أو فشل إيران نفسها في الوفاء بشروط الاتفاق.