21-11-2024 06:51 PM بتوقيت القدس المحتلة

تركيا تستدير نحو داعش.. الهدف والصفقة!

تركيا تستدير نحو داعش.. الهدف والصفقة!

كانت تركيا تدير الظهر لداعش وتتغاضى بل تسهل، ومنذ ايام بدأت معالم الاستدارة لتصبح وجها لوجه

أحمد شعيتو


بعد عدة ايام من استدارة تركيا نحو مهاجمة داعش، بدأت تتبدى معالم الاهداف والاسباب الحقيقية من وراء هذه الاستدارة بعد فترة طويلة من مساندة تركيا وتسهيلاتها لهذا التنظيم الارهابي ودعمها للجماعات الأخرى.
في حديث الميدان السوري كان من الواضح الدور التركي المؤجج للازمة عبر تسرب المسلحين من داعش وغيره الى الداخل السوري. وكان المراقبون يعتقدون ان واشنطن بعد أن اعلنت تحالفا ضد داعش لم تدفع وتشجع تركيا نحو ضبط الحدود.

كانت تركيا تدير الظهر لداعش وتتغاضى بل تسهل، ومنذ ايام بدأت معالم الاستدارة لتصبح وجها لوجه مع هذا التنظيم.. لقد كان السبب المباشر الذي ستقدمه تركيا هو تفجير سروج الذي اتهمت به داعش، لكن ملاحظة وقراءة التطورات واستطلاع الاجواء السياسية والاعلامية والمواقف يوصلنا الى بعض الاجوبة حول الخلفيات الاعمق لهذا التوجه التركي المستجد نحو المواجهة وهي مواجهة ليس من الواضح حتى الان ما سيكون علها حجمها وقوتها وهل هي محدودة ام لا.

في الاسباب والخلفيات يظهر ان هناك من يقدم في الاعلام تبريرا للاستدارة التركية لأن تركيا -بعد حوالي سنتين من دعم داعش واظهار رفض الانضمام الى التحالف الدولي ضد داعش- تريد تبريرا اعلاميا لهذه الاستدارة، وفي هذا الاطار جرى الحديث في الاعلام الاميركي عن صفقة!

لم يوضح هذا الحديث مع من تمت الصفقة بالتحديد ولكن تحدث قناة اميركية كبرى هي "سي ان ان" عن هذه الصفقة وقال فيليب مد، محلل شؤون مكافحة الإرهاب بـ"سي ان ان" إن تركيا تهاجم الميليشيات (الاكراد) كجزء من صفقة ملاحقة تنظيم "داعش،" و"المعارضة المتشددة" في سوريا.
وأوضح مد: "تركيا كانت ممتنعة عن التدخل، والسبب في ذلك يعود لأمرين، الأول هو أن المعارضة السورية تقوم بدفع قوات بشار الأسد وهذا يتماشى مع رغبتهم بذهاب نظام الأسد، وعليه كانوا يمتنعون عن ضرب بعض أهداف بسوريا، والأمر الثاني أنهم كانوا قلقين من ملاحقة داعش بسبب مخاوف من دخول عناصر التنظيم عبر الحدود لداخل البلاد."
وحول الدافع الذي غير توجه تركيا، قال مد: "ما غير مسار الأمور هو الهجوم الإرهابي في تركيا الأسبوع الماضي، عندها قالت تركيا أن ذلك يكفي وسنبدأ بملاحقتهم."

تحت عنوان "تركيا تستغل فرصة استهداف داعش لتهاجم حزب العمال الكردستاني" قال تقرير بقلم ستوارت ويليامز على فرانس برس "بعد تردد طال اشهر عدة بدأت تركيا باستهداف تنظيم الدولة الاسلامية ولكنها اغتنمت هذه الفرصة لتهاجم ايضا المقاتلين الاكراد ما من شأنه ان يهدد عملية السلام الهشة.
اضاف: منذ يوم الجمعة تقصف تركيا مواقع تابعة لتنظيم "الدولة الاسلامية" في سوريا بعدما حملته مسؤولية التفجير الانتحاري الذي اسفر عن مقتل 32 شخصا في مدينة سوروتش. وايضا بعد ضغوط من الولايات المتحدة لاتخاذ موقف اكثر صرامة ازاء "الجهاديين".
 ويتابع " لكن تركيا وسعت حملتها العسكرية عبر الحدود لتستهدف مقاتلي حزب العمال الكردستاني في شمال العراق في ما يشكل اكبر حملة جوية لها منذ العام 2011 بعد هجمات دموية نسبتها الى المقاتلين الاكراد.
ونقل التقرير عن محللين ان حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا يبحث عن زيادة عدد الناخبين بعد ادائه المخيب في الانتخابات التشريعية في 7 حزيران/يونيو. وايضا منع الاكراد من اقامة معقل قوي في سوريا.

وحاولت انقرة تبرير الهجوم المزدوج على داعش والكردستاني فكتب ابراهيم كالين المتحدث باسم الرئيس التركي رجب طيب اردوغان في صحيفة "الصباح" اليومية "بالرغم من انهما يتحركان بدوافع مختلفة. الا ان الاثنين يتشاركان اساليب واهداف متشابهة".

حول هذا التغيير التركي تقول رويترز "غيرت تركيا من موقفها بشكل مفاجئ هذا الأسبوع بعد أن احتفظت لوقت طويل بموقف متردد حيال التحالف الأمريكي ضد تنظيم داعش وأقدمت على فتح قواعدها العسكرية الجوية للتحالف وشنت غارات بدورها على تنظيم داعش وحزب العمال الكردستاني بالإضافة إلى حملات اعتقال في المدن التركية لمن يشتبه بانتمائه لهذه التنظيمات في المدن".

على الارض بدأت حملة ضد داعش اعتقلت فيها السلطات التركية المئات خلال يومين، وهذا دل بشكل اضافي على وجود الاطلاع الكافي من انقرة على حركات الدواعش. وجاءت حفلة الاعتقالات لتضم الاكراد ايضا.
في الميدان قصفت الطائرات الحربية التركية مخيمات من مقاتلي حزب العمال الكردستاني بجبال "قنديل" في شمال العراق، كما رافقها قصف بالمدفعية الثقيلة".

جاءت هذه الهجمات والاعتقالات رغم ان الاكراد ملتزمون بالهدنة التي اعلنت بينهم وبين انقرة عام 2013. لكن الغارات التركية دفعت حزب العمال الكردستاني للإعلان رسميا عن انتهاء الهدنة .
وعلى الارض السورية جرت عدة غارات ضد مقاتلي داعش وضد الاكراد وسقطت عدة قذائف أطلقتها دبابات تركية على قرية زور مغار التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب الكردية بريف عين العرب شمال سوريا، واعلنت وحدات حماية الشعب أن الجيش التركي قصف بالمدفعية مواقعها على مشارف بلدة جرابلس التي يسيطر عليها داعش.

لقد جاء التأييد الاميركي علنيا للهجمات ضد حزب العمال الكردستاني وهذا يدل على معالم الاتفاق المسبق بين الجانبين، ونقلت رويترز عن مسؤول في البيت الأبيض"ان لتركيا الحق في الدفاع عن نفسها ضد هجمات "المتمردين" الكرد، مرحبا كذلك بما وصفه "بتزايد تركيز وجهود تركيا للتصدي لتنظيم "الدولة الإسلامية"".

يبدو اذاً ان هناك مسعى اميركياً في ظل تطورات المنطقة لفرملة التسهيلات التركية لداعش وضمها الى التحالف الدولي، وفي نفس الوقت ايجاد اخراج معين لهذا الانقلاب التركي، واعطاء الاتراك مقابلا يقوم على تغطية حملة جديدة ضد الاكراد، وتستفيد تركيا من تشديد الاجراءات ومن الحملات الجوية في التخفيف من اي ردود فعل لداعش ضمن حدودها، وفي هذا الاطار يأتي الحديث عن  سعي تركيا لـ "منطقة آمنة"  على الحدود.
اذاً تركيا ادت دورها في تسهيل دخول المسلحين واتت الان مرحلة جديدة يراد ان تخفف من فلتان الحدود وذلك لحسابات اميركية وحسابات تركية داخلية خاصة بعد التراجع الانتخابي الذي مني به حزب العدالة والتنمية، وتكون بيد انقرة ايضا ورقة ضرب الاكراد.