أيام ثلاثة عاشتها "اسرائيل" على وقع السيناريوهات الأسوأ التي تؤرق كل من فيها، مناورة هي الأضخم بين تلك التي نفذها الجيش في السنوات الاخيرة
أيام ثلاثة عاشتها "اسرائيل" على وقع السيناريوهات الأسوأ التي تؤرق كل من فيها، مناورة هي الأضخم بين تلك التي نفذها الجيش في السنوات الاخيرة، لاختبار قدرة الجيش على الانتقال إلى وضع حرب طارئة، وفق صحيفة "جيروزاليم بوست".
سيناريو المناورة يقوم على احتمال نجاح حزب الله في التوغّل إلى "بلدات" على الحدود، وأسر جنود أو مستوطنين، بعد تمكنه من إلحاق دمار هائل في "بلدات" الشمال وبالجسور الرئيسية، والحاق الانهيارات بالمدن الكبرى نتيجة قصف مكثف بالصواريخ، مصدره لبنان وسورية.
هذا من ناحية الجبهة الخارجية اما في الداخل الفلسطيني، فتنطلق المناورة على ان تصعيدا غير مسبوق سيقع. صواريخ تنطلق من قطاع غزة تضرب المنطقة الجنوبية، واحتجاجات لأهالي الاراضي المحتلة عام 1948، تشجع على تمدد الانتفاضة إلى الضفة الغربيّة المُحتلّة، ورصاص المقاومين الفلسطينيين سينال من المستوطنين.
الأحداث الساخنة، تستدعي اجتماعاً أمنياً طارئاً، يصدر على اثره رئيس حكومة كيان العدو تعليماته الصارمة بفعل كل شيء لإعادة الهدوء و فتح محاور الطرق الرئيسة التي أغلقها الفلسطينيون.
هذه الأحداث مجتمعة، حاكتها المناورة الاسرائيلية التي انتهت يوم أمس الأربعاء، وشاركت فيها مختلف وحدات الجيش الاسرائيلي: الجوية والبرية والبحرية، إضافة إلى قيادتي المنطقتين الشمالية والجنوبية، إضافة إلى الجبهة الداخلية.
بحسب "جيروزاليم بوست"، فقد تم استدعاء الآلاف من جنود الاحتياط للمشاركة في هذه المناورة التي تلقى خلالها مئات الآلاف من جنود الاحتياط في الجيش الإسرائيلي رسائل هاتفية وهمية تطلب منهم تأكيدًا بأن نظام الاستدعاء يعمل بنجاح، كما تم استدعاء آلاف من جنود الاحتياط للالتحاق بالقواعد في وقت قصير.
وقالت "هآرتس" إنه خلال عملية استدعاء الاحتياط وضع سلاح الجو قواعده في حالة طوارئ، ومارس سرعة ترجمة المعلومات الاستخباراتية إلى ضربات جوية. كما تم تدريب الجيش على حماية "إسرائيل" من حرب "سايبر"، حيث تتعرض، وفق السيناريو، إلى هجمات "سايبر" واسعة.
ووفق ما ينقل الإعلام الصهيوني فإن المناورات التي أتى الاعلان عنها مفاجئاً، تسعى إلى العمل على الدروس المستفادة من "حرب لبنان الثانية" (عدوان تموز 2006)، ومن عِبر "عملية الجرف الصامد" (العدوان على غزة 2014).
الاعلان المفاجئ عن المناورات أفرز العديد من التساؤلات حول الهدف من الإعلان وتوقيته، وتوقف كُثر عند تفسير رفض مصادر عسكرية صهيونية التعليق عما إن كانت هذه المناورات تحاكي أيضاً توجيه ضربات جوية لإيران.
الجيش يواجه "لوكر"
"الجيش الاسرائيلي خرج إلى الحرب ضد توصيات لجنة لوكر"، هذا ما كتبه سابقاً المعلق العسكري للقناة العاشرة ألون بن دافيد، في صحيفة "معاريف"، وهو قد يُفسر شيئاً من الإعلان المفاجئ عن إطلاق المناورة الضخمة.
حاول تقرير اللجنة الصهيونية، التي ترأسها ضابط الاحتياط في جيش الاحتلال يوحنان لوكر، وضع حلول للأزمة الاقتصادية لكيان الاحتلال، فطالب بتقليص قوام الجيش بـ 11%، تقليص مدة الخدمة الاجبارية في الجيش الاسرائيلي لمدة سنتين بدءاً من العام 2020، وأوصى التقرير بتقليص ميزانية الدفاع ورواتب الجنود النظاميين بنسبة 14% وإلغاء راتب التقاعد من باب البحث في قضية نجاعة الانفاق وترشيده.
وهو ما اعتبره الجيش الصهيوني ووزارة "الحرب" مع تقرير اللجنة الصهيونية بأنه حرب من شأنها تهديد الامبراطورية العسكرية، وتمس بـ "البقرة المقدسة"، بحسب توصيف كتاب "جيش له دول"، في إشارة إلى انه لم يكن مسموحاً بتوجيه أن نقد لجيش العدو في الداخل الصهيوني.
المعلق العسكري في "يديعوت احرونوت" أليكس فيشمان أن توصيات "لوكر" لن تنفذ، بسبب وقوف وزير الحرب موشيه ورئيس الأركان غادي ايزنكوت ضدها. فالأول وصف التقرير بالسطحي و"الحقير" والذي يقامر بأمن مواطني اسرائيل"، محذراً من أنه سيحول دون تصدي الجيش للتهديدات وقد يدفع نحو استقالة جماعية. أما أيزنكوت فأكد أنه "لن يسمح بالمساس بالجنود النظاميين".
المواقف الرافضة لـ "لوكر" خلقت انقساماً جدياً في الداخل الصهيوني، فطالبت "هآرتس" رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بصم أذنيه عن تهديدات يعلون وايزنكوت وتبني التوصيات،"بسبب العبء المالي والاجتماعي".
حربٌ ضد من؟
إلى جانب التمرد الداخلي ضد امتيازات المؤسسة العسكرية، يقف التوقيع على الاتفاق النووي مع ايران هاجساً يؤرق كل الصهاينة.
سبق لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أن وصف الاتفاق بأنه "خطأ تاريخي للعالم". وزير الحرب الصهيوني موشيه يعلون نعته بـ "المأساة".كما زعم الوزير داني دانون بأن "المال الذي سيتدفق إلى ايران سيُشعل أولاً الارهاب في شوارع القدس وواشنطن ولندن".
ورغم أن العديد حاولوا تصوير المناورات الأخيرة على أنها بمثابة رسالة تهديدية لايران، نقل مراسل "هآرتس" أن ضابطاً رفيعاً في جيش العدو رفض التعليق عمّا إذا كانت المناورة تحاكي أيضاً توجيه ضربات جوية الى إيران.
المحلل العسكري في "هآرتس"، عاموس هارئيل، اعتبر انه في أعقاب توقيع الاتفاق النووى مع إيران، باتت احتمالات شن "إسرائيل" هجوماً ضد المنشآت النووية فى إيران "غير ذات صلة بالواقع". واعتبر أن المناورة تحاكي حرباً ضد منظمات (حزب الله، حماس، الجهاد الاسلامي، ...) وليس ضد دول، معتبراً أن الجبهة الأكثر حساسية هي الضفة الغربية وشرقي القدس، التى تتبوأ مكانة هامشية فى المناورة.
إلى جانب الخوف الذي يُلازم "اسرائيل" من أي عملية قد تنفذها المقاومة، يجد الجيش الاسرائيلي نفسه اليوم، يخوض صراعاً داخلياً يمس امتيازاته، ما يستدعي رداً، قد يتمظهر في إعادة تحريك ورقة المخاوف من التهديدات الخارجية في زمن الاتفاق النووي السيء الذكر اسرائيلياً!