وضعت إيران نصب عينيها قضية مكافحة الإرهاب، معوّلة على التعاون مع دول المنطقة.
نادين شلق
وضعت إيران نصب عينيها قضية مكافحة الإرهاب، معوّلة على التعاون مع دول المنطقة. هذا ما سعى إلى إيضاحه وزير الخارجية محمد جواد ظريف، خلال جولته على دول الخليج، وما أعاد تأكيده السفير الإيراني في لبنان محمد فتحعلي، أمس، مشدداً في حديث إلى «الأخبار» على أن إيران تقف اليوم «في طليعة مكافحة الإرهاب التكفيري والخطر الصهيوني».
لا حديث سياسياً في إيران من دون المرور إلزامياً بالاتفاق النووي بين طهران والدول الست الكبرى، والاتحاد الاوروبي. هذا الاتفاق محطة مفصلية في السياسة الخارجية الإيرانية، وما قبله ليس كما بعده. الدبلوماسية الإيرانية تصفه بالإنجاز. لكنها لا تستعجل استثماره في منطقة الشرق الاوسط. السفير الإيراني في بيروت محمد فتحعلي يرى أن ترجمة هذا «الإنجاز» في المنطقة وانعكاساته وتداعياته، أمر «دقيق»، وما زالت عليه علامة استفهام كبيرة.
يعقّب بالقول إن التطرّق إلى هذا الموضوع يتم «من ثلاث زوايا: أولاً ماهية الاتفاق، ثانياً تداعياته وانعكاساته وردود الفعل عليه في المنطقة، وثالثاً كيفية تنفيذه».
لا يرى السفير أن الاتفاق هو «أم الحلول»، بل إنه حلّ «لإحدى قضايا المنطقة». وعند سؤاله عن تشابك القضية النووية مع الاشتباكات في الإقليم، يشير إلى أن التهديدات والأخطار المشتركة بين دول المنطقة هي تلك «التي يشكّلها كل من الاحتلال الصهيوني واعتداءاته على الشعب المظلوم في غزة، والإجرام الإرهابي المتطرف بحق الإنسانية تحت أي عنوان، والذي تمارسه الجماعات الإرهابية في العراق وسوريا». ويشدد على أنه «لا يمكن تحت أي ظرف من الظروف أن نتخلى عن هذه القضايا»، لافتاً إلى أن هذا ما أعلنه المرشد الأعلى للجمهورية الإيراني آية الله علي خامنئي، «عن التزام إيران بالدفاع عن المقاومة وقواتها الصادقة والمخلصة، ومواجهة داعش والجماعات المتطرفة».
يؤكد سفير طهران في بيروت أن الاتفاق النووي «أتى نتيجة صمود جبهة المقاومة أولاً، الأمر الذي سيكون له انعكاسات إيجابية تتعلق بكل المنطقة»، خصوصاً في ما يتعلق بمحاربة الإرهاب ومواجهة الكيان الصهيوني. وفي رأيه، فإن ردود الفعل في المنطقة مشجعة، ربطاً بزيارة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف لدول الخليج. وقال «عملنا ونعمل بشكل جدي حتى نبيّن ونشرح التأثيرات الإيجابية لهذا الاتفاق لكل بلدان المنطقة، ونعتقد بأن إنجازنا هو إنجاز لكل المنطقة»، مضيفاً أن «إيران حالياً هي في طليعة المكافحة والتصدي للإرهاب التكفيري، وأيضاً شئنا أو أبينا في طليعة جبهة المقاومة لمواجهة الكيان الصهيوني».
بالنسبة إلى الموقف السعودي من الاتفاق، أمل فتحعلي أن «يدرك السعوديون أن هذا الاتفاق وهذا الإنجاز إنجازهم»، معرباً عن أمله في أن «تكون هناك، في المستقبل القريب، تأثيرات إيجابية في هذا الموضوع، على مسار واقعي». وقال: «أعتقد أن المنطقة برمّتها تواجه مشاكل متعددة ومتنوعة... وعلينا توحيد وتضافر الجهود لنتصدى لخطر» الإرهاب التكفيري والإسرائيلي.
في سوريا، أولوية مكافحة الإرهاب حاضرة في السياسة الإيرانية: «حالياً كل دول المنطقة وكل الأطياف وكل أحرار العالم يعلمون بأن هذه الأزمة ليست أزمة داخلية في سوريا»، مضيفاً: «أعلنّا أن هذا الخطر الإرهابي التكفيري هو خطر على كل المنطقة، وعلينا أن نواجهه». وعن التحرّك التركي الأخير في سوريا، وإعلان أنقرة نيتها إقامة منطقة آمنة «من داعش والقوى الكردية المسلحة» في ريف حلب الشمالي، جدّد فتحعلي تأكيده أن «هذا الخطر الإرهابي هو على جميع دول المنطقة»، مضيفاً: «وفق انطباع شخصي وغير رسمي، نأمل من دولة تركيا أن تعيد النظر وتعيد حساباتها».
لبنانياً، أعرب فتحلي عن تمنيه أن يتزامن «رفع العقوبات الظالمة عن إيران» مع «رفع الكثير من الموانع أمام تحسين العلاقات الاقتصادية». وعن أوجه الاستفادة في هذا المجال، فإن «لبنان يتميّز بالقطاع المصرفي الكبير وبصناعة سياحية ملفتة»، لافتاً إلى أنه «في الجهة المقابلة، فإن إيران أيضاً تتمتع بإمكانات اقتصادية متنوعة».
يرى أن ردود فعل المسؤولين اللبنانيين على الاتفاق إيجابية. يبني كلامه على اللقاءات التي جمعته بكبار المسؤولين اللبنانيين، من بينهم رئيس الحكومة تمام سلام ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس كتلة «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون والرئيس أمين الجميل، موضحاً أنهم «يعتقدون أنه يجب استثمار هذا الاتفاق».
ورداً على سؤال عمّا إذا كانت قد جرت اتصالات أو نقاشات مع طهران بشأن انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية، عاد السفير إلى كلام دبلوماسي: «هذا موضوع داخلي لبناني»، معبّراً عن اعتقاده بأنه يجب «على كل الأطراف الداخلية أن تهتم بهذا الموضوع، لأنه يمس مصالح الشعب، وليصلوا إلى توافق بهذا الخصوص».
وبالعودة إلى الاتفاق النووي، يؤكد فتحعلي أنه منذ بداية المفاوضات «انحصرت المواضيع في رفع الشبهات التي ادّعتها الأطراف المقابلة بشأن البرنامج النووي لا غير. الفريق المفاوض، على طول المفاوضات، خصوصاً تلك التي دارت مع الجانب الأميركي، لم يتناول غير هذا الموضوع». وبناءً عليه، أشار إلى أن «طرح قضية البرنامج النووي مع باقي قضايا المنطقة يعدّ عملاً غير صحيح، لأن جدار عدم الثقة بين إيران وأميركا مرتفع جداً، والخلاف على المسائل مثل مسألة المقاومة والمواجهة مع الإرهاب خلاف متجذّر في المبنى العقائدي».
وعن إمكانية انضمام إيران إلى «تحالف مواجهة الإرهاب»، تساءل فتحعلي «عن أي ائتلاف تتكلمون؟ هل يوجد اليوم فعلياً أيّ ائتلاف لمواجهة الإرهاب؟»، مردفاً بالقول إن «الشرط الأول لمواجهة الإرهاب الداعشي هو قطع موارده الاقتصادية والعقائدية والمالية».
www.al-akhbar.com
موقع المنار غير مسؤول عن النص وهو يعبّر عن وجهة نظر كاتبه