لن يبقى لهم من اليمن سوى الرئيس المستقيل اللاجىء عبد ربه منصور هادي، إضافة الى أثمان التورُّط التي ستدفعها السعودية
أمين أبوراشد
حَضَر خالد البحَّاح بصفته رئيس الحكومة اليمنية المستقيلة ونائب الرئيس اليمني المستقيل لبضعِ ساعاتٍ الى عدن، على متن طائرة سعودية بمواكبة طيران حربي سعودي، بداعي الإشراف على توزيع المساعدات، ورُبَّ متسائلٍ أية مساعدات هذه التي تستلزم تدخُّل أحد رؤوس "الدولة" في توزيعها خلال ساعات، إلّا إذا كانت الغاية من الزيارة الخاطفة إثبات وجود شرعية لم تعُد موجودة سوى في أحلام عبد ربّه منصور هادي والنظام السعودي صاحب انتصارات "عاصفة الحزم" و"إعادة الأمل" و"السيوف القاطعة"، علماً بأن وليّ وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان صرَّح منذ بضعة أسابيع، أن هادي وحكومته وميليشياته سقطوا من حسابات المملكة التي باتت همومها محصورة بالدفاع عن نفسها في الجنوب، حيث الجحيم اليمني مفتوح على جيزان وعسير وجوارهما، وغدت المناطق السعودية التي تطالها الصواريخ والمدفعية اليمنية خالية من سكانها، إضافة الى التقدَّم البرِّي الذي يُحرزه الجيش اليمني ومعه اللجان الشعبية داخل جيزان والسيطرة على مواقع عسكرية سعودية جديدة ومعدات عسكرية ضخمة اغتنمها المُهاجمون اليمنيون.
وخلال إطلالته يوم الأحد الماضي، أكد قائد حركة أنصار الله السيد عبد الملك الحوثي، أن العدوان السعودي الاميركي فشل في كسر إرادة الشعب اليمني وصموده، ولفت الى أن هذا الشعب يخوض معركة الشرف والاستقلال والدفاع المشروع، وشدَّد على أن ما جرى في عدن هو تقدم محدود للعدوان وأن التطورات الأخيرة لا تمثل مكسباً للمعتدي بل إنزلاقاً في المستنقع، وأكد ان هذه الخطوات لا تحسم معركة على الإطلاق مع شعوب لا تقبل بالإستعباد والاذلال والهوان، وأن أي منزلقٍ أو إخفاق لا يعني أن العدو ربح المعركة، وطالما تواصل العدوان على اليمن فالعدو يتورط اكثر فأكثر، ومع إعلانه عن استراتيجية جديدة للمواجهة، رأى السيد الحوثي أن الحلول السياسية في اليمن متاحة وممكنة، وتوجَّه الى اليمنيين الجنوبيين بالقول: "إن السعودية تخدعكم ولا تريدكم الا أداة لها وكفى تأخراً في سد الفراغ السياسي الذي يستفيد منه العداون".
ومع استمرار تدفُّق التعزيزات إضافة الى المعدات العسكرية ضد الجيش واللجان في عدن، فإن هذه المدينة لن تكون تلك الجنَّة للغُزاة المُعتدين. المستنقع الذي يبشِّر به السيد عبد الملك الحوثي دول الخليج المتورِّطة باختراق اليمن من بوابة عدن، وما يُحكى عن معارك طاحنة تدور في محيط قاعدة "العَنَد" الجوية في لَحَج بين الجيش واللجان الشعبية من جهة وأنصار هادي والقاعدة والمرتزقة الخليجيين من جهة أخرى، هو التورُّط الأخطر ليس على اليمنيين بل على الغرباء الذين لا يعرفون تاريخ اليمن وطبيعة الشعب اليمني، وسوف يواجهون على الأرض اليمنية ويلات حرب العصابات التي سوف تطلع من كل دسكرة وقرية سواء من جماعات الحراك الجنوبي من ناحية ومن الجيش واللجان الشعبية من ناحية ثانية.
يُضاف الى ذلك، ما يحصل في المحافظات التي تُسيطر عليها القاعدة مثل حضرموت، أو المديريات التي عشَّشت فيها داعش وبدأت تنفيذ عملياتها منها والتي كانت آخرها تفجيرات المساجد في صنعاء، وإذا كانت دول التحالف ومعها العملاء من حزب الإصلاح اليمني يعتقدون أن معركة "تحرير" اليمن من الحوثيين والجيش هي نزهة لهم، فإن أبناء اليمن الرافضين للوصاية والعدوان لم يعد لديهم ما يخسرونه، وقد تكون الإستراتيجية الجديدة التي أعلن عنها السيد عبد الملك الحوثي تتضمن الى جانب التكتيكات العسكرية الداخلية وحرب الإستنزاف ضد الغُزاة المزيد من التقدُّم داخل الجنوب السعودي واستغلال حدود بطول 2000 كلم مع السعودية من ضمنها أكثر من 450 كلم من الجبال والمغاور في الجهة اليمنية وقد تجد دول التحالف نفسها في مواجهة استنزاف في الجنوب اليمني وغزو في الجنوب السعودي.
إضافة الى ما سوف يحصل في الداخل اليمني، فإن مشكلة السعودية و"دول التحالف" التي ترمي بقواتها في الجحيم اليمني من بوابة عدن، لا تحسِب بدقَّة خطورة تواجد ملايين اليمنيين في دول الخليج وضمن الجيوش الخليجية وردود فعل هؤلاء داخل تلك الدول، وإذا كانت السعودية أرادت من عدوانها على اليمن مقارعة إيران، فها هو الإتفاق النووي الإيراني يسمو زاهياً فوق كل الحسابات الغبيَّة لخصوم طهران، خاصة بعد الإعلان عن تفاهم إيراني – أميركي سياسي على مستوى الإقليم، ولن تكون اليمن بعيدة عن هذا التفاهم الشامل الذي ينسجم مع المبادرة العُمانية المخلصة، والتي سحبت البساط من تحت أقدام آل سعود الذين لن يبقى لهم من اليمن سوى الرئيس المستقيل اللاجىء عبد ربه منصور هادي، إضافة الى أثمان التورُّط التي ستدفعها السعودية سواء داخل اليمن أم في الجنوب السعودي الذي بات منزوعاً من السكان والمواقع العسكرية وغدا منطقة عازلة بإرادة اليمنيين...