"إنَّنا نريد للعراقيين أن يصنعوا عراق الوحدة، في ظلّ كلّ التنوّع الموجود فيه، فلا عراق بدون وحدة، ونحذّر من كلّ دعوات الفيدراليَّة والتقسيم الَّتي قد تدغدغ مشاعر البعض، وهي ليست سوى مشاريع فتن وحروب مستمرّة على أساس طائفي
عاد سماحة العلامة السيد علي فضل الله من العراق بعد زيارة التقى خلالها عدداً من الفاعليات الدينيَّة والسياسيَّة العراقيّة. وكان سماحته رعى الاحتفال الذي أقامه المركز الإسلامي الثقافي في العراق، وجمعيَّة التّعاون الخيريّة، لمناسبة الذكرى الخامسة لرحيل المرجع فضل الله (رض)، وذلك في بغداد في قاعة جمعيَّة التّعاون، بحضور حشد من الفاعليات الدينيّة والسياسيّة والحزبيّة والثقافيّة والاجتماعيّة.
بعد كلمة رئيس جامعة الإمام الصّادق(ع)، السيّد حسين الشامي، ألقى العلامة السيّد علي فضل الله كلمةً أشار فيها إلى عمق العلاقة الّتي تربط سماحة المرجع فضل الله(رض) بالعراق والعراقيين، مؤكّداً أنها علاقة العلم والقضيّة، من خلال النجف ومدرستها، وصولاً إلى احتضان سماحته للعراقيين وقضيتهم، بعيداً عن كلّ الحسابات الضّيّقة.
وأضاف سماحته: "إنَّنا نريد للعراقيين أن يصنعوا عراق الوحدة، في ظلّ كلّ التنوّع الموجود فيه، فلا عراق بدون وحدة، ونحذّر من كلّ دعوات الفيدراليَّة والتقسيم الَّتي قد تدغدغ مشاعر البعض، وهي ليست سوى مشاريع فتن وحروب مستمرّة على أساس طائفيّ ومذهبيّ وقوميّ".
وشدّد على اعتبار الإرهاب التكفيريّ حالة عدوانيّة شاذة لا صلة لها بالتسنّن في مضمونه العقائديّ والفكريّ، ولا تعبّر عن طموحات المسلمين السنّة، داعياً إلى موقف إسلاميّ موحّد يجمع المرجعيات كلّها سنّة وشيعة، للوقوف بوجه هذا الإرهاب الذي يتستَّر باسم الإسلام، والإسلام منه براء، ويتستَّر باسم الدّفاع عن مظلوميّة السنّة، وهو الذي فتك بالكثير من رموزهم وقياداتهم، ويكفّر أغلب فئاتهم واتجاهاتهم، داعياً إلى أن لا يكون هناك من هو ابن ست أو ابن جارية في تصنيف الإرهاب وفي التّعامل معه...
ودعا سماحته إلى إطلاق خطاب إسلاميّ جامع يعزل هذه الظاهرة، محذراً من كلّ ألوان الخطاب الاستفزازيّ، مشدداً على رفض نزعات التطرّف والغلوّ التي تنطلق من بعض الفضائيات أو المنابر، ومن مواقع التواصل الاجتماعي.
وأشار إلى أنّ الطريق الصّحيح لوأد الفتنة، وتجاوز المحنة التي يعانيها العراق وكل المنطقة، هو العمل الجاد لبناء الوحدة؛ الوحدة الإسلامية، الوحدة الوطنية، الوحدة داخل كلّ مذهب، وبأن يعي الجميع أنَّ الانقسام هو حاضن كلّ الفتن التي نعانيها، فلا يمكن النهوض بالعراق ومواجهة أعباء هذه المرحلة بهذا التشتّت والتفرّق والتنازع، فلن يقوم العراق بالشيعة وحدهم، ولن يقوم بالسنّة وحدهم، أو بالعرب وحدهم، أو الكرد وحدهم، أو التركمان وحدهم، بل بتضافر جهود الجميع، وبوحدة الجميع، وبخروج الجميع من رهاناتهم الخاصّة أو الطائفيّة أو المذهبيّة، وعدم الارتباط بهذا المحور أو ذاك.
ودعا سماحته القيادات الأساسية في العراق، والمسؤولين العراقيين، إلى تحمّل مسؤولياتهم تجاه الشّعب العراقيّ، وأن يكونوا حلاً لمشكلاته، لا سبباً لزيادة معاناته، فمن حق هذا الشعب أن يشعر بوجود دولة تنسيه معاناة الماضي وآلامه، وتشعره بالأمل بالمستقبل والأمان، ولا سيما في ظل التحديات الكثيرة التي تواجه العراق والمنطقة.
وختم: "إنَّنا على ثقة بأنَّ وعي الشّعب العراقيّ وإرادة الوحدة لديه، والّتي لطالما كنا نضرب بها مثلاً، ستفوّت الفرصة على كلّ دعاة الفتنة والتقسيم، واللاعبين على وتر العصبيّات والحساسيّات، وإلا سنقف جميعاً على الأطلال، نبكي إرثاً تركه لنا الآباء والأجداد وأضعناه".