خليل يخشى عدم دفع معاشات التقاعد وتعويضات نهاية الخدمة
عماد مرمل
يكاد دخان الإطارات المحروقة في الطرق احتجاجا على انقطاع الكهرباء والمياه وتراكم النفايات، يغطي على «الانبعاثات السياسية» السامة التي ينتجها الخلاف حول التعيينات الأمنية وآلية عمل مجلس الوزراء.
وإذا كانت الحكومة ستجد نفسها اليوم منشغلة باستحقاق نهاية ولاية رئيس الأركان في الجيش وما يطرحه من احتمالات، فان هموم الناس تبدو في واد آخر، تختلط فيه النقمة على العتمة وشح المياه بالغضب من عجز الدولة أمام النفايات.
وحيال هذا الواقع، لم يتردد الرئيس نبيه بري في القول أمام زواره أمس: لولا الطائفية لوجب ان تندلع ثورة تكتسحنا جميعا، لان الوضع أصبح لا يطاق، وكل قضية من القضايا العالقة كافية لتكون شرارة الثورة، من المماطلة في إقرار سلسلة الرتب والرواتب، مرورا بتعطيل مجلس الوزراء وشلّ مجلس النواب وصولا الى التسبب بأزمة النفايات..
خليل ينبّه
وإذا كانت رواتب القطاع العام لشهر ايلول مهددة، فقد أضيفت اليها عقدة جديدة، كشف عنها وزير المال علي حسن خليل الذي قال لـ«السفير» ان لديه خشية من عدم امكانية دفع تعويضات نهاية الخدمة ومعاشات التقاعد، للموظفين المدنيين والعسكريين على حدّ سواء، ما لم يتم فتح اعتماد إضافي من قبل مجلس الوزراء او مجلس النواب.
وأكد خليل انه شخصيا لن يرتكب أي مخالفة في مسألة دفع رواتب الموظفين وتسديد التعويضات، مهما اشتد الضغط عليه، مشيرا الى أن صرخة الناس يجب ان تكون موجهة الى من يعطل مجلسي الوزراء والنواب، وليس الى من يصر على التمسك بالاصول والقوانين.
واعتبر أن هناك العديد من المغالطات الفادحة في مواقف بعض أعضاء «التيار الوطني الحر» حيال الملفات المالية، «ويؤسفني ان أحد الذين يتولون الرد علي في هذا المجال لا يقرأ جيدا المعطيات، ويجهل او يتجاهل الحقائق على هذا الصعيد».
وسيعقد خليل اليوم مؤتمرا صحافيا لتوضيح كل الملابسات المتعلقة بالملفات المالية، وللرد على الانتقادات والاستفسارات في هذا الشأن.
نظاريان: لا حل قريبا للكهرباء
أما على مستوى أزمة الكهرباء المستفحلة، بالترافق مع موجة الحر الشديد، فليس في الأفق ما يؤشر الى حل جذري لها، بل أن الطموح بات يقتصرعلى تأمين «نصاب» التقنين، بعدما تراجعت معدلات التغذية السابقة، تحت وطأة الأعطال المتلاحقة.
وقال وزير الطاقة آرتور نظاريان لـ«السفير» ان من واجبه مصارحة اللبنانيين بتعذر إيجاد حل لأزمة الكهرباء في المدى القريب، مشددا على ان «زمن المعجزات والأعاجيب ولى، وأنا واقعي جدا، ولا أريد ان أطلق وعودا لا أستطيع تحقيقها، خصوصا انه ليست بحوزتي الأدوات الضرورية». وتساءل: «هل آتي بالكهرباء من بيت بيّي؟».
ورسم نظاريان صورة قاتمة عن واقع قطاع الكهرباء قائلا: أعطال متراكمة، حر شديد، زيادة في الطلب، سرقات وتعليق على الشبكة، تعثر في بناء معامل جديدة، استهلاك إضافي من قرابة مليون ونصف مليون لاجئ سوري، والنتيجة لا انتاج منتظما للطاقة يتناسب مع الاحتياجات، في حين يُفترض بنا ان نملك القدرة على انتاج كميات احتياطية من الميغاوات لمواجهة الازمات الطارئة كتلك التي نواجهها حاليا.
وتوجه الى المواطنين بالقول: أنا أتفهم مشاعركم وغضبكم، لكن من واجبي أن اصارحكم بانه ما من حلول سحرية او سريعة لأزمة الكهرباء، وأقصى ما نستطيع فعله في الوقت الحاضر هو الاسراع في إصلاح الأعطال المستجدة حتى يعود التقنين الى وضعه السابق.
وتابع: ربما كان قطع الطرق وحرق الدواليب وسيلة لـ«فشة خلق»، لكنهما لن يفيدا على المستوى العملي، ومن لديه حل فوري، انا مستعد ان أستقبله وأستمع اليه، حتى لو زارني بعد منتصف الليل.
وواضعا أصبعه على الجرح، اعتبر نظاريان ان معالجة أزمة الكهرباء جذريا تحتاج الى «صدمة» مرفقة بقرار سياسي حاسم، وبعد ذلك يهون الاتفاق على الآليات التنفيذية، لافتا الانتباه الى ان التجاذب السياسي هو الذي أدى حتى الآن الى التعثر في مسار المعالجة، بحيث أصبحنا عام 2105 في حالة مزرية بدل ان تعود الكهرباء 24/24.
واضاف: يجب ان يكون الجميع شركاء في الحل حتى يكونوا شركاء في تنفيذه وحمايته، أما إذا ظل هذا الملف مادة للصراع، فانه سيبقى عالقا على خط التماس، وعرضة لمزيد من الإصابات جراء تبادل إطلاق النار السياسي بين القوى الداخلية المتنازعة.
وتابع: ينبغي تحييد الكهرباء عن الصراع الداخلي وخطوط التوتر العالي، والتعامل معها كقضية وطنية، لا كورقة للضغط او الابتزاز في لعبة المصالح السياسية او المحاصصة.
وحين يُسأل نظاريان عما إذا كانت الحلول قد انعدمت كليا، يجيب: أعطوني مليار دولار وخذوا الكهرباء، مضيفا: انا أعرف ان أموالا طائلة أنفقت من دون جدوى على هذا القطاع، لكن مبلغ مليار دولار سيسمح لنا بالحصول على 1200 ميغاوات، الى جانب زيادة التعرفة على المواطنين الذين سيتجاوبون مع الزيادة إذا كانت لديهم ثقة في انها ستندرج ضمن حل جذري لمعاناة الكهرباء، بدل ان يستمروا في تسديد فاتورتين، واحدة للدولة وأخرى لاصحاب المولدات الخاصة.
وخلص نظاريان الى القول: ضميري مرتاح.. هذا هو الاهم بالنسبة إليّ.
assafir.com
موقع المنار غير مسؤول عن النص وهو يعبّر عن وجهة نظر كاتبه