تحركت الديبلوماسيتان الروسية والايرانية بشكل أكثر فاعلية، على خط الازمة السورية، بشكل سيضطر وزير الخارجية السورية وليد المعلم إلى التأقلم مع غياب لفترات غير قصيرة خارج سوريا
زياد حيدر
تحركت الديبلوماسيتان الروسية والايرانية بشكل أكثر فاعلية، على خط الازمة السورية، بشكل سيضطر وزير الخارجية السورية وليد المعلم إلى التأقلم مع غياب لفترات غير قصيرة خارج سوريا، في حال تمكنت كل من طهران وموسكو من تحريك مسارات مفاوضات استثنائية قبل موعد انعقاد مؤتمر موسكو الثالث، واجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
ونسج الايرانيون خيوط عمل جديدة عبر أصدقائهم الاقرب في الخليج العربي، في سلطنة عمان، التي تردد إعلاميا أنها بادرت لدعوة الوزير المعلم لزيارة قصيرة من يوم واحد، يلتقي خلالها نظيره العماني يوسف بن علوي، على أن يستكمل لقاءاته في طهران لاحقا مع الجانب الايراني حول المبادرة المعدلة التي اقترحتها طهران.
ومن المحتمل أن يقود هذا المسار المعلم إلى موسكو في وقت قريب أيضا، إذا ما سمحت مواعيد الطرفين بذلك، علما أن الاخيرة بدأت تحضيراتها لعقد اجتماع «موسكو 3»، فيما ينظر إلى اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة المقبلة بعد شهر، والتي سيشارك فيها وزير الخارجية السوري، باعتبارها «المنصة المحتملة لاطلاق مسار جديد في التعاطي مع الازمة السورية يركز على الارهاب اولا».
ويعتقد ديبلوماسيون أن السلطنة ربما تكون الاقدر على تقريب وجهات النظر الاميركية والسورية من الناحية الأمنية، كما السعودية والسورية، بما يؤسس لأبعاد سياسية لاحقاً. وبحث المعلم مع نظيره الايراني محمد جواد ظريف أمس في طهران التطورات السياسية الراهنة، مؤكدا على موقف سوريا بأن «الأولوية لدينا في سوريا هي لمحاربة الارهاب والفكر التكفيري»، وبأنه «يجب بذل مختلف الجهود لتجفيف مصادر تمويله وممارسة الضغوط على الدول الداعمة والممولة له، عملا بقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة».
وأضاف المعلم وفقا لبيان رسمي سوري «إننا مستمرون في مكافحة الإرهاب حتى تخليص كل الأراضي السورية من هذا الإرهاب الذي يشكل خطراً على المنطقة والعالم». وشدد «على أن سوريا تحارب الإرهاب بالنيابة عن العالم وهي ترحب بأي جهد يبذل في إطار محاربة الإرهاب مع احترام السيادة الوطنية».
وفي ما يتعلق بمبادرة ايران السياسية نوه المعلم بأن سوريا «ترحب بأي مبادرة سياسية تتم بالتنسيق مع الحكومة السورية وتحافظ على السيادة الوطنية من دون أي تدخل خارجي». وفي الواقع لم ينص ما تم تسريبه من «توقعات» كما وصفها مسؤول ايراني عن المبادرة الايرانية على تغيرات جوهرية يمكن أن «تغري الطرف الاخر»، علما أن الثقل في طرح المبادرة هو «على طريقة تجاوب المجتمع الدولي معها»، بشكل خاص، من ناحية، و «نوع الحماس الذي تبديه دمشق» اتجاهها من جهة أخرى.
من جانبها ستقبل الحكومة السورية بالمبادرة، وفقا للشروط التي أعلنها المعلم، ولكن مع «اشتراط أن تتم كل خطوة على المستويات الكبرى بعد حصول استفتاء شعبي»، ولا سيما في ما يتعلق بأية خطوة مرتبطة بـ «تغيير الدستور»، وهو ما سبق وأبلغه مسؤولون سوريون لحلفائهم، قبل خصومهم. وكان نائب وزير الخارجية الايراني حسين أمير عبد اللهيان تحدث عن «مشاورات دقيقة مع السوريين» أولا قبل طرحها للعلن.
من جانبه جدد ظريف موقف بلاده «الداعم لسوريا وصمودها في محاربة الإرهاب». وقال «إننا نقف إلى جانب الشعب والحكومة في سوريا ونعمل مع كل الاصدقاء في هذا المجال»، وأكد أن «الحل الوحيد للأزمة في سوريا هو الحل السياسي الذي يقرره الشعب السوري من دون أي تدخل خارجي، داعيا إلى ضرورة استمرار التشاور والتنسيق لتعزيز التعاون المشترك بين البلدين الصديقين وخصوصا في مجال التصدي للإرهاب وتنظيماته المختلفة».
وحصل المعلم، أمس، على دعم مشابه، بعد لقائه أمين المجلس الأعلى للمجلس القومي الإيراني علي شمخاني، الذي ركز بدوره على «أن طريق الحل في سوريا هو بذل الجهود المضاعفة لتحرير المناطق الخاضعة لاحتلال الارهابيين بغية اعادة الامن والاستقرار للمواطنين ومتابعة مسار الحوار السوري ـ السوري وصولا الى الوفاق الوطني».
وأوضح شمخاني «أن أي تدخل عسكري من قبل الدول الاجنبية في الازمة السورية أمر مرفوض، ومن شأنه أن يؤدي إلى إضعاف مؤسسات الدولة المدعومة من الشعب وتصاعد حدة الازمة واتساع نطاق الارهاب واضطراب الامن».
من جهته رفض المعلم تعبير وجود معارضة «معتدلة». وقال «بالنسبة لنا في سوريا لا توجد معارضة معتدلة وغير معتدلة وكل من يحمل السلاح ضد الدولة السورية هو إرهابي.. والولايات المتحدة اتصلت بنا قبل ادخال هذه المجموعة وقالت إنها لمحاربة داعش وليس الجيش السوري إطلاقا، ونحن قلنا اننا مع أي جهد لمحاربة داعش وذلك بالتنسيق والتشاور مع الحكومة السورية وإلا فإنه خرق للسيادة السورية».
وتتزامن التطورات الاخيرة مع دعوة الخارجية الروسية لوفد من الائتلاف الوطني المعارض لزيارة موسكو الاسبوع المقبل، للقاء وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف. والاخير التقى منذ أيام برئيس الائتلاف الوطني المعارض الاسبق أحمد معاذ الخطيب في الدوحة، وشجعه على حضور «موسكو 3» المزمع عقده نهاية أيلول المقبل. وبالرغم من عدم حماس دمشق للخطيب، إلا أن موسكو على خلاف ذلك، تعتقد بأن إمام المسجد الاموي السابق يمكن «أن يكون شريكا في الحوار الذي يسبق التسوية السياسية، كما أنه يمكن ان يكون مؤثرا نظرا لخطه المعتدل وشعبيته».
ووفقا لديبلوماسي عربي متابع لمسار الأزمة السورية، فإن التحركات الاخيرة، «تجري تحت رقابة الاميركيين ومن دون إعاقتهم. وترغب واشنطن على ما يبدو في اختبار قدرة الروس والإيرانيين على التوصل إلى نتيجة في موضوعي «تكوين حلف إقليمي لمكافحة الارهاب، وإيجاد تسويات يمكن ان تقبل بها دمشق». وتبقي واشنطن على موقفها المبهم من موضوع إقامة «منطقة عازلة أو آمنة» في شمال سوريا، كـ «ورقة ضغط سياسي» على ما يبدو على طرفي الصراع، المتمثلين بإيران وروسيا من جهة، وتركيا وقطر من الجهة الاخرى.
من جهتها تعتقد دمشق، وبالرغم من قلقها من «المشروع التركي» في الشمال، أن تنافس قوى الصراع الموجودة في الشمال الشرقي من جغرافيتها، بما فيها قوى المعارضة المختلفة، والجيش السوري والقوات الكردية، ستعيق تنفيذ هذا المشروع في المدى المنظور.
assafir.com
موقع المنار غير مسؤول عن النص وهو يعبّر عن وجهة نظر كاتبه