أفادت منظمة "هيومن رايتس ووتش" المدافعة عن حقوق الإنسان، بأن السلطات السعودية أوقفت الكاتب الإعلامي زهير كتبي، بعد أن دعا عبر التلفزيون إلى إصلاحات سياسية.
أفادت منظمة "هيومن رايتس ووتش" المدافعة عن حقوق الإنسان، بأن السلطات السعودية أوقفت الكاتب الإعلامي زهير كتبي، بعد أن دعا عبر التلفزيون إلى إصلاحات سياسية.
وذكرت المنظمة أن الكاتب البالغ من العمر 62 سنة والمقيم في مكة، أوقف منتصف تموز "عقب مقابلة تلفزيونية ناقش فيها أفكاره عن الإصلاح السياسي".
وبحسب بيان للمنظمة، فان كتبي استجوب إلا أن أي اتهامات لم توجه إليه بعد.
وقالت "هيومن رايتس ووتش" إنه يتعين "على السلطات اتهام كتبي بجريمة معترف بها أو إطلاق سراحه فوراً".
من جهته، قال نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المنظمة جو ستورك إنه "حان الوقت ليضع الملك (السعودي) سلمان (بن عبد العزيز) حداً لهذا القمع المتصاعد، ويطلق سراح جميع النشطاء السلميين والكتاب".
وأضاف ستورك: "إذا لم يثبت ارتكاب كُتبي أي جرم، فعلى السلطات السعودية إطلاق سراحه فورًا وتعويضه عن المحنة التي عرّضته لها".
وذكر بيان المنظمة نقلًا عن أحد أفراد عائلة الكتبي أنه احتجز "بعد ظهوره مدة ساعة في البرنامج التلفزيوني (في الصميم) الذي اذيع يوم 22 حزيران على قناة روتانا خليجية الفضائية".
وأضاف هذا الشخص بحسب البيان أن كتبي "تحدث في المقابلة عما يعتبرها إصلاحات ضرورية في السعودية، منها تبني النظام الملكي الدستوري ومناهضة القمع الديني والسياسي".
وكانت السلطات قد أوقفت البرنامج مؤقتاً، في وقت سابق من حزيران، عقب قيام ضيف آخر، الناشط الإسلامي محسن العواجي، بانتقاد الملك الراحل عبد الله بشكل غير مباشر.
وقال قريب كُتبي إن 6 سيارات سوداء رباعية الدفع، تحمل 9 عناصر أمن مقنّعين على الأقل، وصلت إلى منزل كُتبي في مكة صباح 15 تموز، لافتاً الانتباه إلى أن العناصر ضربوه على ظهره بكعوب بنادقهم أثناء اقتياده إلى مركز اعتقال مجهول قبل نقله إلى سجن ذهبان في جدة ليوم واحد. في اليوم الثالث، نقلوه إلى قسم شرطة المنصور للتحقيق ، ونقلوه بين 3 مراكز احتجاز في مكة على مدار الأيام الـ 8 التالية.
وأضاف قريب كُتبي أن الأخير يعاني أمراضًا عدة، منها ارتفاع ضغط الدم والسكري. وتمكّن من تلقي الأدوية بشكل محدود في السجن، إلا أنه لم يحصل على الرعاية الطبية المستقلة رغم مطالبات العائلة.
وتابع الشخص نفسه أن كُتبي أخبر أفراداً آخرين من العائلة زاروه في الحجز، أن المُحققين أشاروا إلى احتمال اتهامه بإثارة الرأي العام، أو إهانة السلطة القضائية، أو الإساءة إلى رموز الدولة.
وعمل كُتبي سابقاً كمستشار للمجلس البلدي في مكة. وأخبر نشطاء سعوديون "هيومن رايتس ووتش" أن كتاباته أدت في السنوات السابقة إلى توقيفه 6 مرات على الأقل.
ويوم توقيف كُتبي، ظهر مقال في موقع "سبق" الإخباري يذكر أن السلطات منعته من الظهور الإعلامي، وقد تحاكمه جراء تصريحات يقال أنه أدلى بها عن الملك الراحل سعود.
ونفى قريب كُتبي أن يكون الأخير قد أصدر مثل هذه التصريحات. لكن كتبي قال، في المقابلة نفسها إن الملك سعود كان الملك السعودي الأول الذي اقترح تبني الملكية الدستورية، إلا أنه أُزيح من الحكم.
وكُتبي هو الأحدث في سلسلة ناشطين ومُعلقين سياسيين سُجنوا جراء تعبيرهم السلمي عن آرائهم السياسية والاجتماعية والدينية.
تستخدم السلطات عادة اتهامات فضفاضة، مُصممة لتجريم المُعارضة السلمية، مثل "نقض البيعة مع ولي الأمر". أيضاً، تستخدم ضدهم بنود قانون جرائم المعلوماتية الغامضة لعام 2007.
ومن بين النشطاء وليد أبو الخير وفاضل المناسف، ويقضيان حُكماً بالحبس مدة 15 عاماً جراء عملهما السلمي في حقوق الإنسان، وفوزان الحربي، الذي مددت محكمة استئناف عقوبته من 7 إلى 10 سنوات في تشرين الثاني 2014.
والاعتقال المُطول، من دون تهمة أو مُحاكمة أو المثول أمام القاضي، إجراء تعسفي وينتهك المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
وكانت "هيومن رايتس ووتش" أرسلت خطاباً إلى وزير الداخلية محمد بن نايف في 23 أيلول 2014، تحثه على إنهاء الاحتجاز التعسفي. وفي العام 2014، كشف تحليل لقاعدة بيانات سُجناء السعودية على الإنترنت عن وجود 293 شخصا بدا أنهم مُحبوسون احتياطياً لمدد تجاوزت 6 أشهر من دون إحالتهم إلى القضاء.
ويبدو أن 16 شخصا منهم احتُجزوا لمدد تزيد على العامين، وشخصا واحدا مُحتجز لأكثر من 10 أعوام.
وتقضي المادة 114 من نظام الإجراءات الجزائية السعودي بجواز توقيف شخص من دون تهمة لمدة أقصاها 5 أيام، تُمدد لمدة إجمالية تبلغ 6 أشهر بأمر من هيئة التحقيق والادعاء العام. بعد 6 أشهر، بموجب المادة 114، يتعين "مُباشرة إحالته إلى المحكمة المختصة، أو الإفراج عنه".
وفي سياق متصل، قرر فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي أن الاحتجاز يصبح تعسفياً إذا أخفقت سلطة الاحتجاز، كلياً أو جزئياً، في الالتزام بمعايير الحق في المحاكمة العادلة، بما فيها سرعة العرض على القضاء. كما يقرر المبدأ 11 في مجموعة مبادئ الأمم المتحدة المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن أن المحتجز يجب "أن يعطى فرصة حقيقية للإدلاء بأقواله في أقرب وقت أمام سلطة قضائية أو سلطة أخرى"، وأنه يجب أن تكون لسلطة قضائية أو سلطة أخرى صلاحية إعادة النظر حسب الاقتضاء في استمرار الاحتجاز.
ويضمن الميثاق العربي لحقوق الإنسان، الذي صدّقت عليه السعودية في العام 2009، حق أي موقوف أو مُحتجز بتهمة جنائية في سرعة العرض على قاضٍ أو مسؤول قانوني آخر، والحصول على مُحاكمة خلال مُهلة معقولة أو الإفراج عنه. وينص الميثاق العربي على أنه لا يجوز بحال أن يكون الحبس الاحتياطي هو القاعدة العامة، بحسب ما جاء في بيان منظمة "هيومن رايتس ووتش".
وتتعرض السعودية لانتقادات من قبل منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان إلا أنها ترفض أي تدخل في شؤونها في هذا السياق، بما في ذلك في قضية المدون المعروف رائف بدوي المسجون والمحكوم بألف جلدة بتهمة الإساءة للإسلام.
أ ف ب/جريدة السفير