اشتغلت المحركات الايرانية والروسية حول ملفات ساخنة سيما الملف السوري الذي يعتبر منطقياً اولوية اقليمية وربما دولية اضافة الى الملف اليمني الذي هو حاضر ايضا ومثله العراقي.. لكن ماذا عن الداخل اللبناني السياسي المأزوم
احمد شعيتو
في مرحلة الكباش السياسي الداخلي وتلويح بتصعيد جماهيري اضافي للتيار الوطني الحر، تنطلق في أفق السياسة والإعلام اليوم مقولة ان "لبنان ليس ضمن الأولويات".. يُقصد بها ان ملفات لبنان السياسية العالقة ليست في دائرة الاهتمام الدولي والإقليمي في هذه المرحلة، وهنا يثار التساؤل حول دقة وواقعية هذه المقولة.
وإن كان المطلوب طبعاً خلق دينامية ومبادرات داخلية واستمرار الحوارات السياسية وعدم انتظار حلول الخارج والعمل على ان "نقلع شوكنا بأيدينا"، إلا ان واقع ان البلد متأثر دوما بالاجواء الاقليمية والدولية امر لا يمكن إغفاله.
اشتغلت المحركات الايرانية والروسية حول ملفات ساخنة سيما الملف السوري الذي يعتبر منطقياً اولوية اقليمية وربما دولية اضافة الى الملف اليمني الذي هو حاضر ايضا ومثله العراقي.. لكن ماذا عن الداخل اللبناني السياسي المأزوم؟ هل هو ليس على اجندة الدول حاليا؟
يتوقع مراقبون ان التفاهم الاميركي الايراني حول النووي سيكون مفتاحا لمسار حلول في عدة ملفات ومن ضمنها لبنان والبعض الاخر يربط الامر بانتظار لتقارب ايراني سعودي . نُقل كثيرا في المرحلة السابقة ان اميركا تريد الاستقرار في لبنان فهل كان ذلك بسبب سلم الاولويات لديها ام بسبب فشلٍ ما في لبنان اسّس له دور المقاومة الدفاعي والوطني الناجح ودور الحوار؟
لقد تحدث عدد من السياسيين واكثرهم من فريق 14 اذار ان لبنان ليس ضمن سلم اولويات الدول بسبب ملفات اخرى اهم مثل سوريا والعراق واليمن وحتى مصر، بل كان بارزا قول بعضهم ان الولايات المتحدة تقوم بما يتناسب مع مصلحتها، أي ان الاساس مصلحتها وليس ارضاء اصدقاء هنا وهناك.
الكاتب السياسي اللبناني الأستاذ جورج علم يرى في حديث لموقع المنار ان "مقولة لبنان ليس اولوية ليست بمقولة دقيقة على الاطلاق بدليل ان زيارة محمد جواد ظريف الى بيروت تؤكد اهمية ومحورية الملف اللبناني في الصراع الدائر في المنطقة".
لكن علم يضيف ان "ليس هناك من حل خاص للبنان حتى الآن او تسوية او مؤتمر تاسيسي"، الا انه يعتبر ان "بوادر الحلول التي بدأت بعد الاتفاق النووي سواء في العراق او سوريا الى ما هنالك تشمل باعتقادي لبنان بالتأكيد".
لتدعيم الفكرة يستشهد علَم بأمرين أساسيين:
-"الامر الاول التعادل القائم بين الحركة السياسية تجاه الداخل اللبناني، وبين ما يجري في الجوار السوري من حراك دبلوماسي مكثف بدأ منذ اسبوعين ويستمر بوتيرة عالية.
-الامر الثاني والمهم ان هذا البلد بطبيعة الحال كما اكد ظريف سيبقى على تنوعه وعلى حواره وهذا يؤكد ان لبنان لا يزال -لا اقول اولوية- ولكن حاجة ضرورية وبالتالي اي حلول ستشمل دول المنطقة ستطاله حتماً."
لكن هل التفاهم الأميركي الإيراني الذي حصل هو الأساس ام انتظار تقارب سعودي ايراني؟ "لا احد ينكر ان للسعودية دور في الموضوع لكن باعتقادي ان الصفحة التي فتحت بعد الاتفاق النووي بين واشنطن وطهران امر مؤثر جدا على الكثير من ملفات المنطقة بما فيها الملف اللبناني".
بنظر علَم فـ "الحراك الان سواء على مستوى ما تقوم به موسكو او واشنطن او طهران انما هو منسق بشكل جيد وهذا يشكل دعامة او ركيزة لأي تسوية ستشمل لبنان دون ادنى شك وهذا الامر باعتقادي ستظهر نتائجه في الاسابيع القليلة المقبلة".
في هذه الفترة ماذا عن اهمية الحراك الداخلي، وتحرك العماد عون كيف يمكن ان يكون له دور؟ يقول الاستاذ علم "الحراك الذي يقوم به العماد عون يشكل دينامية في الداخل، لكن المسألة تتعلق بالدور السعودي الغامض حتى الآن وهو ما اربك تيار المستقبل و14 آذار ، فحتى الآن لم تتضح بعد هوية الخيار السياسي الذي ستعتمده السعودية ودليل على ذلك انه بعد ان زار اللواء علي مملوك جدة والتقى ولي ولي العهد كان هناك كلام عن فتح صفحة جديدة، نرى ان عادل الجبير في موسكو اعاد خلط الامور وكانت عودة الى المربع الاول واعتبر لافروف ذلك خلافا حول مستقبل الرئيس الاسد.. الموقف السعودي يؤخر انطلاق دينامية فاعلة لايجاد تسوية للوضع الداخلي".
لكن هل يمكن ان يكون الموقف السعودي غير هذا المعلن اعلاميا؟ "ليس هناك من مواقف نهائية.. المواقف المعلنة غير مطمئنة ولكن الدبلوماسية حراك مستمر وبالتالي هدفها تدوير الزوايا وقد يعاد النظر بهذا الموقف في المستقبل القريب وعلينا ان نتبع المستجدات اولاً بأول" يختم جورج علم.
من المنطقي القول ان لبنان ليس في اعلى سلم الاولويات الدولية ولكن هو ضمن الملفات المهمة. المواضيع الداخلية اللبنانية متروكة كأمر داخلي غير موضوع على نار اقليمية دولية حامية ومن ضمنها الملف الرئاسي وإن تم الاتفاق الداخلي -وهو مستبعد- فسيكون مفتاح حل، ولكن يظهر ان ملفات لبنان الاساسية ستوضع على سكة الحلول الاقليمية في ظل اجواء مساعي الحلول والتسويات في المنطقة، وقد يأخذ الملف اللبناني بعض الوقت. يبقى حراك العماد عون في هذه المرحلة علامة فارقة ومهمة في تنشيط وتظهير صورة الخيارات اللبنانية وفق مبدأ المبادرة وخلق جو ضاغط والمطالبة بحقوق سياسية وشعبية.