وادي الحجير هو منطقة جغرافية تقع في جنوب لبنان وتمتد بين العديد من قرى جبل عامل على امتداد ما يزيد عن عشرات الكيلومترات.
ذوالفقار ضاهر
وادي الحجير هو منطقة جغرافية تقع في جنوب لبنان وتمتد بين العديد من قرى جبل عامل على امتداد ما يزيد عن عشرات الكيلومترات.
تاريخيا الوادي يرتبط بأبناء القرى المشرفة عليه وتلك غير المشرفة عليه، أما المشرفة عليه فلامتلاك الكثير من ابناء القرى الاراضي فيه او حتى حملهم لذكريات معه، فمن له أراضٍ هناك قضى ويقضي أوقاتا طويلة بحكم الاهتمام بها وزراعتها وجني محصولها، أما من يملك ذكريات فهو إما لاوقات قضاها حيث ترعرع بين اشجار الوادي وينابيعه وإما لانه قضى اوقاتا في الجهاد والمقاومة على ارض الوادي، فهو بحكم امتداده الجغرافي الكبير لعب دورا بارزا في جمع المجاهدين المناوئين للاحتلال من زمن العثمانيين الى الفرنسيين وصولا للعدو الاسرائيلي.
ووادي الحجير طالما كان مسرحا لكل ما هو جهادي ونضالي من الاعمال، ولا يغيب عن البال المؤتمر الذي اقامه إمام المقاومة السيد عبد الحسين شرف الدين حيث جمع فيه رموز المقاومة من كل المناطق اللبنانية بهدف تتظيم عملها ضد المحتل آنذاك، كما ان وادي الحجير ونظيره وادي السلوقي كان يعتبر مسرحا مهما لعمليات المقاومة المتقدمة ضد العدو الصهيوني الذي اندحر عن الجنوب في العام 2000.
ولان لـ"الحجير" قصصًا في مواجهة المحتل أبى هذا الوادي الا ان يكون مقبرة للمعتدي الاسرائيلي في عدوان تموز من العام 2006، حيث دُفنت فيه هيبة الجيش الاسرائيلي بضرب اسطورة "الميركافا" على أيدي مجاهدي المقاومة في مشهد مكرر لما جرى في سهل الخيام، واجتمع السهل والوادي في الاجهاز على آخر أحلام الخيبة الصهيونية.
لهذا ولغيره من الاسباب والارتباطات يقام هذه السنة مهرجان الانتصار الالهي في تموز في قلب وادي الحجير، فتراب هذا الوادي المقدس بدماء الشهداء وعرق المزارعين، طالما اعتاد احتضان الاشراف من المجاهدين واهل المقاومة لينطلق بهم مراحل جديدة ضد كل أنواع الغطرسة والظلم ورفض العدوان على الانسان والفكر ايا كانت أشكاله من الفكر التكفيري وارهابه الى العقل الصهيوني واجرامه الى كل ما يمكن ان يؤذي الانسان في كرامته وادميته.
وحول رمزية وادي الحجير يقول الشيخ الشاعر فضل مخَدِر إن "هذا الوادي يشكل عمق الارادة في تراثنا العاملي النابعة من رفض الظلم ومقارعته الى اقصى ما يتصور البشر في مواجهة التعسف والطغيان كما يعبر عن إرادة الحرية للارض والانسان"، واشار الى ان "ما حدث في الـ2006 بدأ منذ العام 1920 ايام السيد عبد الحسين شرف الدين بل هو أبعد من ذلك بكثير من مواقف الصحابي الجليل ابي ذر الغفاري وصولا الى سيد المقاومة السيد حسن نصر الله".
وحيا الشيخ مخدر السيد نصر الله بأبيات الشعر التالية:
قد عشقناك وانطوى فيك وعد فوق حد اليقين أصدقَ وعدا
من يحيل الحتوف مثلك مجدا هل تجيد الحياة إلّاه مجدا
كم يجوز الصراطَ والكل يرنو كيف لا يستطيل قبلا وبعدا
ايها الفارس الجنوبي مهلا قد بهرت الخيال سيفا وزندا
وخُطانا على هوينك جَهدٌ إن بذلنا على اتباعك جهدا
حسبك الفخر تسرج النجم ظَهرا وانقضى جانحا وتعبر فردا
ويبقى الحجير وادي المقاومين والابطال الذين ضحوا وما بخلوا بأغلى ما يملكون، ويبقى الحجير مدرسة تخرج الابطال وترسم الحد الفاصل بين الحق والباطل، فهذا الوادي كما يقول السيد نصر الله "هو وادي السيد عبد الحسين شرف الدين والسيد موسى الصدر وادي كل هؤلاء الرجال الكبار والقادة العظماء..."، وسيبقى كذلك في مناهضة الظلم والطغيان كرمز لكل الارض اللبنانية المقاومة من الجنوب الى البقاع مرورا ببيروت والضاحية.